الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فنّ إرسال المثل في ديوان الإمام الشافعي (ت204ه)

همسة خليفة

2020 / 7 / 13
الادب والفن


مُلخَّص البَحث
فنُّ (إرسال المثل) أحد أبرز الوسائل المعبّرة عمّا يدور في ذهن المتكلّم، واستعمالُ هذا الفنّ ظاهرةٌ واضحةٌ نجدها في الشّعر والنّثر، وفي كلام العامّة والخاصّة؛ لذا وجدتُ ضرورة إلقاء بعض الضّوء على جانب من السّمات البلاغيّة المُميّزة لهذا الفنّ، والّتي منحته قوة في الانتشار وسيرورة في الزّمان والمكان.
وتناول البحث توضيح معنى (إرسال المثل)، والفرق بينه وبين (المثل)، وبيان سماته الفنيّة؛ وطبيعته، وأهميّته في إيصال المعنى المناسب، ومدى ملاءمته للقول والموقف، ومن ثمَّ استخراج عبارات (إرسال المثل) من ديوان الإمام الشّافعي، وتوصيف تركيبها البلاغي؛ وكان لا بدَّ من تقديم سيرة موجزة عن الإمام الشّافعي رحمه الله، حتى يتعرّف القارئ الشَّخصيَّةَ الّتي استقى البحث مادّته العلميّة من علمِها.
وانتقيتُ في هذه الدّراسة ما شأنه أنْ يُمثل عيّنة محدّدة بما يقارب خمسين عبارة مَثَليّة؛ مأخوذة من ديوان الشّافعي، وقمتُ بدراستها بلاغيًا مُتّبعةً بذلك المنهج الإحصائي، الّذي يعمد إلى رصدِ درجة توافر فنِّ (إرسال المثل) في أسلوب الشّاعر رصدًا علميًا دقيقًا بعيدًا عن الملاحظة العابرة، وكذلك المنهج التّحليلي الوصفي، إذ إنَّ التّحليل من أهم الأدوات للكشف عن مواضع (إرسال المثل)؛ ولأنّه أنسب المناهج وأكثرها ملاءمةً لتوجيه القارئ إلى معرفة الفنّ البلاغي الّذي سيَقرأ عنه، وأهمّ أساليبه، وذلك من خلال التّحليل البلاغي بما تيسر من علوم البلاغة الثّلاثة ( المعاني، والبيان، والبديع).
وأظهر البحث توافر الأساليب البديعية، ومباحث علم البيان، في عبارات الشّاعر، وميله إلى الصّوغ الإنشائيّ، بأسلوب بلاغيّ مشرق، فقرّب إلى الأذهان كلّ صعب وغامض.
الكلمات المفتاحية: (إرسال المثل، الشّعر العربي، الأمثال والحكم


المُقدمة
إنّ أبناء العلم والمعرفة يجدون في الحكم والأمثال فائدة فكريّة، وشاهدًا رفيعًا في الخطابة والكتابة والإقناع وغيرها، ممّا يتطلب كثيرًا من الجهد والقوة والتّبصّر، وقد أكثَرَ الأدباءُ من التّأليف في الأمثال العربية ؛ فنجد أجناس النّاس كافّة يجعلونها في أحاديثهم منتهى الحجّة وموضع الحكم، ولضرب العرب الأمثال، واستحضارهم المثل شأن ليس بالخفي في إبراز خبيئات المعاني، ورفع الأستار عن الحقائق.
وإرسال المثل جاء على ألسنة كثير من الكتّاب والأدباء والشّعراء، ولم ينلْ حظه من الدّراسة والتّفسير كالأمثال، لذا اتّبعتُ طريقة ممهدة للخوض في هذا الجانب، وعليه وَجَدَ البحث أن تكون أمثلته من أشعار الإمام الشّافعي لأنّه خير من يمثّل هذه الظاهرة؛ وذلك "لانفراده من بين فُقهاء الأمصار بحسن التّأليف، ما أدّى إلى رغبة علماء عصره ومن بعدهم في كتبه، والاقتباس من علمِه، والانتفاع به، وحسن الثّناء عليه." ولأنّه "يحاول أن يُجسد بشعره تعاليم الإسلام وقيمه الرّفيعة؛ فنرى دعوات متكرّرة إلى الصّدق والحبّ والوفاء والكرم وغير ذلك من الشّيم الإنسانيّة السّامية" ، ولأنّ المبرّد قال فيه: "رحم الله الشّافعي فإنّه كان من أشعر النّاس.. وكان أكثر شعره في المواعظ والأدب مع التّذكير والأمثال" ، ولذلك كانت أشعاره في المحصلة محطة اختيارية لهذه الدّراسة الّتي عُنونت بـ (فـنّ (إرسال المثل) في ديوان الإمام الشّافعي)، الّتي تقوم على تحليل عبارات فنّ (إرسال المثل) المستخرجة من ديوانه بلاغياً؛ لمعرفة أسباب التّأثير والتّنوع والأصالة في المعاني والأفكار...
ترجمة الإمام الشّافعي:*
هو "محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبيد، وُلد بغزة بفلسطين، سنة (-150ه) ومات سنة (204ه)."
عُرف الإمام الشّافعي "برفعة خلقه، فلم تُعرف له صبوة في شباب ولا كهولة" ، وقال هو عن نفسه: "كنت يتيماً في حجر أمي، ولم يكن معها ما تعطي المعلّم، وكان المعلّم قد رضي مني أخلفه إذا قام، فلما ختمت القرآن دخلت المسجد، فكنت أجالس العلماء، فأحفظ الحديث، أو المسألة، وكان منزلنا بمكة، في شعب الخيف، فكنت أنظر إلى العظم يلوح فأكتب فيه الحديث والمسألة ..." . وممّا قيل في علمه ما ذكره إسماعيل بن يحيى الّذي قال: "سمعت الشّافعي يقول: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عَشر سنين." ووصفه ابن النّديم بأنّه "شاعر مُقلّ بلغ ديوانه نحو مئة ورقة." كما وَجَدَ البحث تعدد آراء العلماء حول عِلم الشّافعي، واعترافهم له به، وحسن ثنائهم عليه، وجميل دعائهم له. فقد شهد للشّافعي علماء عصره بالفضل والعلم "كابن حنبل وأبي ثور وأبي عبيد القاسم بن سلّام" . وأمّا عن شعره، فقد شهد القدماء بشاعريّته فذكر الصّولي عن المبرد أنّه قال: "كان الشّافعي من أشعر النّاس، وآدب النّاس..." وقال عنه ابن رشيق القيروانيّ: "كان من أحسن النّاس افتنانًا في الشّعر."
تعريف فـنّ (إرسال المثل):
(إرسال المثل) فنٌّ من ألوان الفنون البديعيّة اللفظيّة، وهو من الفنون الّتي لها طابع وتأثير فنّيّ نظرًا لما تمثّل من خبرة استقاها المتكلّم من تجربته في الحياة، وعليه فإنَّ هذا الفنّ يُعدُّ من أبرز الفنون الّتي تحقق مرجعًا مهمًا للمتكلّم والمتلّقي، فقد ورد تعريف (إرسال المثل) في غير كتاب من الكتب البلاغية ، وقد كان من أبرزها تعريف ابن حجّة الحموي (ت837ه) الّذي عرّفه بقوله: "(إرسال المثل نوع لطيف من البديع ... وهو أن يأتي الشّاعر في بعض بيت بما يجري مجرى المثل من حكمة أو نعت أو غير ذلك مما يحسن التّمثيل به)" ؛ فإرسال المثل يكون بعضاً من بيت ممّا يسهل جريانه بين النّاس لحسن فيه ولطف، وهذا يدلّ على أنَّ بعض الشّعراء قد يذكرون العبارة الأخيرة من البيت مغفلين بذلك أساس البيت، وعلى ذلك كان لا بدَّ من العودة إلى بديعيّة الشّيخ صفي الدين الحلي (ت750ه) والاطلاع على شرحها للإشارة إلى ما ذكره عن فنِّ (إرسال المثل) "حيث بدأ تعريفه بذكر بيت من الشّعر مقدّمةً توضيحيّةً لمعنى إرسال المثل في الشّعر مشيرًا إلى موضع المثل في قول الشّاعر، كما أنّه ذكر بعض أنواع المثل كالحكمة، فذكر قول أبي الطيب المتنبي:
لأنّ حلمكَ حِلمٌ لا تكلّفهُ (ليس التّكحُّل في العينين كالكحل)"
وهذا ما جعله محط أنظار بعض الباحثين، وبذلك وَجَدْتُ أنَّ لإرسال المثل درجة عالية من الأهميّة، فكان لا بدَّ من إعطائه تعريفًا واضحًا يدفع الباحث إلى التّعمق فيه؛ لمعرفة سماته ودلالاته الفنّيّة.
فإرسال المثل من الفنون البديعيّة الّتي تعبّر عن قدرة وتمكّن في انتقاء تعبيرات تصلح لأن تكون حكمة وموعظة سارية في الزّمن، وهذا ما يعطي الفنّ قيمته الكبيرة بين الفنون البديعيّة، ولأنَّ كثيرًا من كتب البلاغة قد أغفلت ذكره، هذا مّا جعل منه مادّة خصبة للدّراسة والبحث.
الحضور البلاغي لعبارات فنّ إرسال المثل في ديوان الإمام الشّافعي:
إنَّ القيمة الفنّيّة والإبداعيّة في ديوان الإمام الشافعي -رحمه الله- تكمن في الموضوعات الّتي أوردها ضمن أشعاره، الأمر الذّي جعل من فنِّ (إرسال المثل) حاضرًا بقوة فيه، إذ إنَّ تنوّع الفنون البلاغيّة أسهمت في سيرورة هذا الفنّ، وسهولة تداوله في الزّمان والمكان؛ فبعد العودة إلى عبارات هذا الفنّ تبيّن لنا أنَّ الحضور البلاغي فيها كان طاغيًا، وقد تمثّل في وقوع فنون بلاغيّة بعينها، كان على رأسها استعماله الخبر في موضعه، والإنشاء في محلّه، والتّشبيه الضمنيّ، الّتي شكّلت معًا قاعدةً أساسيّةً في التّشكيل البلاغيّ لها.
وأوّل ما يلفت الانتباه هو كثرة استعماله للجمل بنوعيها (الخبريّة والإنشائيّة)، واستعمال الجمل الخبريّة والإنشائيّة ركنان مهمان من أركان البلاغة، فالكلام عند القزويني (ت739هـ) هو خبر أو إنشاء، "لأنَّه إمّا أن يكون لنسبته خارج تطابقه، أو لا تطابقه، أو لا يكون لها خارج، الأوّل الخبر، والثّاني الإنشاء..." وحضور الخبر والإنشاء كلٌّ في موضعه اللائق عند الشّافعي يدلّ على جمال أسلوبه، وقدرته على تقوية أحكامه بأساليب مختلفة تُمكّن المعنى المراد في نفسه.
أولًا: الخبر
منَ المعروف أنّ الخبر كما عرّفه البلاغيون هو: "ما يحتمل الصّدق والكذب لذاته، دون النّظر إلى المخبر أو الواقع؛ إذ لو نظرنا عند الحكم على الخبر بالصّدق أو الكذب إلى المخبر أو الواقع، لوجدنا أنَّ من الأخبار ما هو مقطوع بصدقه لا يحتمل كذبًا، وما هو مقطوع بكذبه لا يحتمل صدقًا"
وللخبر أنواع: "يُسمى النّوع الأوّل من الخبر ابتدائيًّا، والثّاني طلبيًّا، والثّالث إنكاريًّا، وإخراج الكلام على هذه الوجوه إخراجًا على مقتضى الظاهر."
وقد وجَدَ البحث أنّ أسلوب الخبر قد غَلَبَ على عبارات فنّ (إرسال المثل) لدى الشّافعي، فقد ظهر لنا أنّه استوعب الجزء الأكبر من شعره، وقد تبيَّن أنَّ نوعي الخبر الابتدائي والطّلبي هما الحاضران بقوة في شعره.

1- الخبر الابتدائي
أكثر نوعٍ تراءى في عبارات الشّافعي هو الخبر الابتدائي، " وهو النّوع الّذي تستغني فيه الجملة عن مؤكّدات الحكم." ومن أمثلته لدى الشّافعي:
- وَلَكِنَّــني أسعـى لأنفع صاحـبي (وعارٌ على الشَّبعان إنْ جاع صاحبه)
إرسال المثل في عبارة (عارٌ على الشّبعان إن جاع صاحبه) حيث يُوصل هذا المثل لثقافة دينية إنسانيّة تدعو للحثِّ على مكارم الأخلاق.
تكوّن التّركيب من جملة اسميّة لدلالة الثّبات والدّوام للمعنى، وقيّد حدوث العار بأسلوب الشّرط (إن جاع صاحبه)، واستعماله لحرف الشّرط (إنْ) يدلّ على أنّ المعنى محتمل الوقوع، ومشكوك في حصوله.
- و(الجِـدُّ يُدْنــي كُلَّ أمـــرٍ شاسـعٍ) (والجِـــدُّ يَفْتَـــحُ كُلَّ بـــابٍ مُغلــــقِ)
في هذا البيت إرسال مثلين الأوّل في عبارة (الجِدّ يُدني كلَّ أمرٍ شاسع) والثّاني في عبارة (الجِدّ يفتح كلَّ باب مُغلق) فهاتان العبارتان تعبران عن أهميّة الجِدّ والاجتهاد للوصول إلى الغاية، وتحقيق الهدف. بحيث يمكن استعمال العبارتين معًا للتّعبير عن هذا المعنى، كما يمكن استخدام إحداهما منفصلةً عن الأخرى لتؤدي الغرض نفسه.
صاغ الشّاعر العبارتين بأسلوب واحد، حيث تكون كلّ شطر من جملة اسميّة اسمها (الجدُّ)، وخبرها جملة فعليّة فعلها مضارع لدلالة التّجدد والاستمرار، وقد يكون التّكرار الحاصل في الأسلوب المتّبع هو ما أعطى العبارتين جمالاً وسيرورة في الزّمان والمكان، وأكّد مضمون الخبر.
- تستَّـــرْ بالسّـــخـاءِ فـ(ـكُــلّ عيـبٍ يُــغـطيــــــه، كـــمـــا قيـــــل، السَّــــخــاءُ)
صيغ التّركيب من جملة اسميّة مبدوءة بكلمة (كلّ) لإفادة الشّمول والعموم، وجاء الخبر جملة فعلية فعلها مضارع (يغطيه) لإفادة التّجدد والاستمرار، فالكرم يُغطي كلّ عيب قد يُوصف به الإنسان.
- ليس حبُّ النساء جهداً ولكـن (قربُ من لا تحــبُّ جهـــدُ البـلاء)
جاء في شرح الدّيوان الجهدُ "بالفتح والضّم الطّاقة والجهد بالفتح المشقّة. وجهد: (بالفتح) الرّجل بكذا جدّ فيه وبالغ وبابهما قطع."
يرى البحث إمكان استعمال عبارة (قرب من لا تحبّ جَهْدُ البلاء) كمثل حكميّ يدعو للابتعاد عن مصاحبة الثّقلاء، وهو خبرٌ ابتدائيّ مباشر فهذا الأمر ليس في حاجة إلى أن يُشكّك فيه، فالمتلقي ليس في حاجةٍ إلى التّأكيد، وهذا يشير إلى أنَّ المتلقي يثق بكلامه.
- وأخبــــــرنــي بـــأنَّ العِلْــمَ نُـــوْرٌ (وَنُـــــوْرُ الله لا يُهــــدى لعــــاصي)
عبارة (نور الله لا يُهدى لعاصي) خبر ابتدائي فالعبارة لا تتضمن أي مؤكّد، وفي هذا دليلٌ على أنّه ممن لا يشكّك فيه، وأنَّ الرّأي فيه عامٌ متّفق عليه فالله لا يُهْدِي العاصي العِلْمَ.
- رأيْــتُ (القناعــة رأسَ الغِنـــى) فَصِـــــرْتُ بِأذيالِهــــا مُمْتَسِــــكُ
فعبارة (القناعة رأس الغنى) تّعدُّ من أضراب المثل الحكميّ الّتي تدلّ على أنَّ القناعة كنز، وليست مجرد كلمة تُقال ولكن القناعة هي سرُّ السّعادة؛ لأنّ الشّخص القنوع دائماً يشعر بالرّضا بما يقسمه الله له، وقد أكّد الإمام الشّافعي على ذلك بقوله في موضع آخر:
(العبـــدُ حــرّ إذا قنـــع) والحــرّ عبــد إذا طمـــع
(القناعة رأس الغنى) خبر ابتدائي فالعبارة لا تتضمن أي مؤكّد.
- وأَحسن إلى الأحْرار تَمْلك رِقابهُم فـ(ـخيرُ تجاراتِ الكرامِ اكتِسابُها)
عبارة (خير تجارات الكرام اكتسابها) خبر ابتدائي، بمعنى أنَّ خير ما يُتاجر به الكرام اكتساب رقاب الأحرار بالإحسان إليهم. فهذه العبارة أكّدت مضمون العبارة الأولى فخرجت بباب (التّذييل) الجاري مجرى المثل.
- (سِهامُ الليل لا تخطي)، ولكـــنْ لهـــا أمـــدٌ وللأمــدِ انقضــاء
موضع فنّ (إرسال المثل) في العبارة (سهامُ الليل لا تُخطي) يدلّ على أنّ هذا الفنّ البديعيّ لا يقتصر إتيانه على شطر من البيت؛ بل قد جاء عند الشّافعي في جملة أيضًا، وعبارة (سِهام الليل لا تُخطي) خبر ابتدائي فالعبارة لا تتضمن أي مؤكّد، واعتمد فيها الشّاعر على أسلوب التّقديم والتّأخير لتوضيح المعنى وبيان أهميّة المقدّم، لأنّه يدلُّ على أثر الدّعاء وضرورة اجتناب دعوة المظلوم.
2- الخبر الطّلبي
منْ أنواع الخبر الّتي وُجِدَ لها حضور في ديوان الإمام الشّافعي هو (الخبر الطّلبي)، "وهو الخبر الّذي يتردّد فيه المخاطب ولا يعرف مدى صحته فيحسن عندئذ أن نؤكّد الكلام بمؤكّد واحد لنزيل منه الشّكّ ونمحو التّردّد ويتمكن الخبر من نفسه" ؛ فالخبر الطّلبي يكون بمؤكّد واحد، ووظيفة هذا المؤكّد إبعاد الشّك بصدق الخبر أو كذبه، وإذا عدنا إلى مصادر النّحو فسنجد أنَّ أدوات التّوكيد فيها محدودة، وقد جمعها الغلاييني تحت عنوان (أحرف التّوكيد)، وهي: "إنّ، وأنَّ، ولام الابتداء، ونونا التّوكيد، واللام الّتي تقع في جواب القسم، وقد." وأمّا في المصادر والمراجع البلاغيّة فنجدها أكثر بكثير من هذا، مثل: " أنّ، وإنّ، ولام الابتداء، واسميّة الجملة، والقسم، ونونا التّوكيد، وألّا وأمّا الاستفتاحيتان، والتّنبيهيّتان، وتكرار الجملة، وأمّا الشّرطيّة، وحروف الزّيادة، وضمير الفصل وتقديم المسند إليه على خبره الفعلي واليًا لحرف النّفي أو بدونه." ومنها "السّين وسوف الدّاخلتين على فعل في مقام وعد أو وعيد، وقد التّحقيقيّة، وتكرير الفعل، وإنّما" . وغيرها كثير "إذ استغرق الكلام على (مؤكّدات الخبر) عند أحدهم عشر صفحات!"
ومن أمثلة الخبر الطّلبي عند الشّافعي ما يأتي:
- أكثرَ النّاسُ في النّساء وقالـوا (إنَّ حــــبَّ النّــسـاء جَهـــدُ البــلاءِ)
موضع فنّ (إرسال المثل) قوله: (إنَّ حبَّ النّساء جهدُ البلاء) تقع العبارة تحت ما يُسمّى بالخبر الطّلبي، وقد صِيغ هذا التّركيب في جملة اسميّة مؤكّدة بمؤكّد واحد هو (إنّ) لتعميق المعنى وتقويته، واسم إنَّ (حبَّ) وخبرها (جهد) نكرتان، وعُرِّفا بإضافتهما إلى إحدى المعارف، وتعريفُ النّكرات مما يُضفي على العبارة وضوحًا وبعدًا عن الإبهام.
- ولا تَخطُــر همــوم غــدٍ بِبالــي فـ (إنَّ غــداً لــهُ رزقٌ جَدِيــدُ)
فعبارة (إنَّ غداً له رزق جديد) إرسال مثلٍ يدلّ على أنَّ قائله ينبغي أن يكون صحيحَ التّوكُّل على الله لأنَّ الغد أمره موكول إلى الله.
وهذا التّركيب قد صِيغ في جملة اسميّة خبريّة خبرها طلبي مؤكّدة بـ (إنّ) لتعميق المعنى وتقويته فدخول (إنّ) على الجملة أكّد المضمون، وأزال الشّكّ والارتياب لدى المتلقي.
- وأخبــــــرنــي بـــ (أنَّ العِلْــمَ نُـــوْرٌ) وَنُـــــوْرُ الله لا يُهــــدى لعــــاصي
هذا البيت يحتوي على مثلين الأوّل في عبارة (أنَّ العلم نورٌ) والثّاني في عبارة (نورُ الله لا يُهدى لعاصي) وهذه الأخيرة تحدّثنا عنها في دراستنا للخبر الابتدائي، أمّا عبارة (أنَّ العِلْمَ نُوْرٌ) فهي من العبارات المثليّة السّيارة في كلّ زمان ومكان، فخير العلم ما أهدى إلى النّور وأضاء دروب التّقوى.
هذا التّركيب قد صِيغ بجملة اسميّة مؤكّدة بـ (أنّ) لتعميق المعنى، فدخول أنَّ على الجملة أكّد المضمون، واسم أنَّ (العلم) عُرِّف للتّعظيم وخبرها (نور)؛ ويرى البحث أنَّ أهميّة هذه العبارة البلاغية تأتي في دلالتها المجازيّة الّتي تُلْحَظ في سبك العبارة، وكأنَّ العلم مصباح منيرٌ، على حين أنَّ المعنى العميق لمضمون العبارة يدلّ على أهميّة العلم في الارتقاء بفكر الإنسان.
- واخــــترْ لِنَفسِـــــكَ حَظَّهــــا واصــــبرْ فــ(إنَّ الصَّــــبْرَ جُنـــّة)
عبارة إرسال المثل في قوله: (إنَّ الصّبر جنة) تدعو إلى التّمسك بالصّبر والتّحلي به، فالصّبر مفتاح الفرج، وهو على صعوبته طريقٌ للفوز والنّجاح.
بدأ الشّاعر عبارته بجملة اسميّة مؤكّدة بـ(إنَّ) لتعميق المعنى وتقويته، واسم إنَّ (الصّبر) عُرِّف بأل الجنسية لبيان حقيقة أثره، وخبر إنَّ (جنّة) جاء نكرة ليفيد تعظيمها.
- أَمَــتُّ مطامعـي فأرَحْـتُ نفسـي (فــإنَّ النَّفـــسَ ما طمعـت تهـــونُ)
عبارة (إنّ النّفس ما طمعت تهون) مؤكّدة بـ (إنّ) لتعميق المعنى وتقويته، وجاء اسمها (النّفس) معرفاً بأل للتّعظيم، وخبرها جملة (تهون) فعلها مضارع للدّلالة على التّجدد والاستمرار.
- لوْ كـانَ حُبُّـكَ صَادِقـاً لأَطَعْتــــَهُ (إنَّ المُحــبَّ لِمــنْ يُحِــبُّ مُطيـــــعُ)
فعبارة (إنَّ المحبّ لمن يحبُّ مطيع) إرسال مثل يدلّ على أنَّ الإنسان عندما يمتلك نعمة الحبِّ الصّادق ينقادُ وراء محبوبه، فمن علامات المحبّة إطاعة المحبوب والولاء له، وَوَجَدَ البحث أنَّ الإمام الشّافعي ضَمَّن ما قاله النّابغة الذّبيانيّ فأصبحت هذه العبارة سائرة في كلِّ زمان ومكان، حيث قال النّابغة الذّبيانيّ:
لو كنت تُصدُقُ حبَّه لأطعْتَهُ، إنَّ المحـبَّ، لمــن يُحـبُّ مطيــعُ
نلحظ في هذه العبارة أنَّ دخول الحرف المشبه بالفعل (إنَّ) أكّدَ مضمون الجملة، واسمها (المحبَّ) معرّف بأل الجنسية للتّعظيم، وخبرها (مطيع). كما يرى البحث أنَّ الشّاعر اعتمد في عرض فكرته على أسلوب تأخير ما حقّه التّقديم، حيث قدّم شبه الجملة (لمن يحبُّ) على مُتَعَلَّقه الخبر وهدفه من ذلك بيان أهميّة الحال على صاحب الحال.
- احفظ لشيبك من عيبٍ يُدنّسهُ (إنَّ البياض قليل الحمل للدَّنس)
فعبارة (إنَّ البياض قليل الحمل للدّنس) يمكن أن تُعدَّ من أضراب المثل في الدّلالة على أنَّ التّقدم في السّن يجعل الإنسان في حذر دائم من اقتراف الذّنوب، وهذه العبارة مؤكّدة بـ(إنَّ) لتعميق المعنى وتقويته.
- ولا تُـــــــرِ للأعـــــادي قــــــطُّ ذُلًّا فـــ(ــإنَّ شـــــمــــاتَـــــةَ الأعــــــدَا بـــــــلاءُ)
(إنّ شماتة الأعدا بلاء) جملة اسميّة مؤكّدة (بإنَّ) لتعميق المعنى وتقويته.
3- الخبر المنفي:
من أساليب الخبر الّتي وجدناها لدى الشّافعي أسلوب النّفي:
يعدُّ النّفي واحدًا من الأساليب الخبريّة وعُرّف بأنّه: "بابٌ من أبواب المعنى، يهدف به المتكلم إلى إخراج الحكم في تركيب لغويّ مثبت إلى ضدّه، وتحويل معنى ذهني فيه الإيجاب والقبول إلى حكم يخالفه إلى نقيضه، وذلك بصيغة تحتوي على عنصر يفيد ذلك، أو بصرف ذهن السّامع إلى ذلك الحكم عنه طريق غير مباشرة من المقابلة أو ذكر الضّدّ، أو بتعبير يسود في مجتمع ما فيقترن بضد الإيجاب والإثبات." " والنّفي كالخبر المثبت يحتمل الصّدق والكذب لذاته، ولذلك تقبل الجملة الاسميّة النّفي دائمًا، ولا تقبل الجملة الفعليّة النّفي إلّا إذا كان الفعل ماضيًا أو مضارعًا، أمّا إذا كان فعلها أمرًا فإنّه لا يُنفى مطلقًا."
وتشيع في عبارات فنّ (إرسال المثل) الأدوات الّتي تحملُ في معناها النّفي، وأدوات النّفي الّتي وجدناها في عبارات الإمام الشّافعي هي: (لا، ما، ليس) ويعدّها النّحاة "من الحروف العوامل إذ لا تؤثر في آخر الفعل الّذي يتبعه وتدخل على الماضي وعلى المضارع، وقال جمهور النّحاة على أنّها نفي المستقبل، إلّا أنّ نفرًا منهم ينظر إليها بوصفها المطلق النّفي حتى ترد في الجملة ما يفيد الزّمن أو يواجهه". وهذه الأدوات ودلالاتها موضحة في الأمثلة الآتية:
- ولا تجــــزع لحـادثـــة الليـــالـــــي فــ(ـمـــــا لحـــــوادث الـدّنـيـــــا بقــــــاءُ)
أسلوب نفي الجملة الاسميّة بـ(ما) العاملة عمل ليس.
- ورزقُـــك ليـــسَ يَنْقُصـهُ التّأنـي و(ليــس يَزيــد في الــرّزق العَــناء)
تكوّن التّركيب من جملة فعليّة منفيّة بـ(ليس) وهو حرف نفي بمنزلة (لا) النّافية لا عمل له.
- ولا تَـرْجُ السّـماحة منْ بخيل فـــ(ـمــا فــي النّـــار للظمــــآن مَــــاء)
استعمل فيه أسلوب النّفي، بـ(ما) العاملة عمل ليس، كما كان لتقديمه شبه الجملة (في النّار) على الاسم (ماء) أثرٌ في إظهار أهميّة المقدّم، حيث قدّم ما حقّه التّأخير للإبانة وإفادة التّخصيص والتّشويق.
- دَعِ الأيَّــام تغْــــدِرْ كُـــلَّ حِــــيـنٍ (فَمَــــا يُغْنــــي عــنِ الموتِ الدّواء)
جملة فعلية منفية بـ(ما) العاملة عمل ليس، ودخول ليس على الفعل المضارع دلالة على نفي الفعل من الاستقبال.
- (مــا حــكَّ جِلْــدَكَ مِثــلُ ظُفـرِكَ) فَـتَــــوَلَّ أنـــــتَ جَميــــعَ أَمــــرِكَ
وهو قولٌ سائرٌ؛ وذلك لما بين الجلد والظفر من علاقة قرابة في التّركيب، والمثل يحثُّ الإنسان على مباشرة أموره بنفسه.
- قضــاء لديّـــان الخلائــقِ سابـــقٌ و(ليــس على مُرِّ القضـا أحــدٌ يقــوى)
فعبارة (ليس على مرِّ القضا أحدُ يقوى) عبارة فيها من الحكمة ما يجعلها جارية مجرى المثل، في طاعة الله الواحد، فهو وحده من بيده أقدار عباده، وعلى الإنسان ألّا يأمن الدّهر، وأنْ يتحلى بالصّبر على المحِن والبلوى.
صِيغ هذا التّركيب من جملة اسميّة منفيّة بعمل الفعل الماضي النّاقص الجامد (ليس) الّذي ترك أثره المعنوي في الجملة فنفى اتصاف الاسم بالخبر؛ أي لا أحدَ يقوى على الاتصاف بالصّبر على مرِّ القضاء؛ بل على الإنسان الإيمان التّام والتّسليم التّام لقضاء الله، وتقديمه شبه الجملة على الاسم (أحد) يدلّ على رغبة الشّاعر في إبراز الغرض الحقيقي للمعنى.
- تَعَلَّمْ فليـسَ المرءُ يُوْلَـدُ عَالِمـاً (وليـسَ أَخـو علمٍ كَمَنْ هوَ جـاهلُ)
فعبارة (ليس أخو علمٍ كمن هو جاهل) تدلّ على أنَّ الإنسان الجاهل لا يوضع في منزلة أصحاب العلم والدّراية.
(ليس أخو علم كمن هو جاهل) استخدم الشّاعر أسلوب النّفي بـالفعل الماضي النّاقص الجامد (ليس) الّذي دخل على الجملة الاسميّة فنفى منها صفة الثّبات والدّوام؛ أي نفى اتصاف اسم ليس (أخو) بالخبر المحذوف الّذي نابت عنه شبه جملة (كمن هو جاهل)؛ والمتأمل في هذه العبارة يرى أنّ حذف الخبر لم يغير من قيمتها الدّلالية؛ وذلك لوجود قرين وهو لفظ (علم) دلَّ على المحذوف وحفظ للسياق خاصيته، وهذا ما جعل العبارة بليغة موجزة؛ وعن أهميّة الحذف كواحد من خصائص إرسال المثل قال ابن جني في خصائصه: "لا يكون الحذف إلّا عن دليل عليه، وإلّا كان فيه ضرب من تكلّف الغيب في معرفته."
- حَسْــبي بِعِلْمــــي إنْ نَفَـــــــعْ (مـــا الـــــذُّلُّ إلّا فــــي الطَّمَــــــعْ)
إرسال المثل في عبارة (ما الذّل إلّا في الطّمع) وتدلُّ هذه العبارة على أنّ الطّمع من العادات السّيئة الّتي تؤثّر سلبًا في حياة الأشخاص الّذين يتّصفون بهذه الصّفة، فمن المعروف أنَّ الطّمع يُضرّ بصاحبه ولا ينفعه، وفي هذه العبارة دعوة إلى ترك الطّمع في الدّنيا؛ لأنّ الطّمع يجعل صاحبه ذليلاً منفيًّا بين النّاس.
(ما الذّل إلّا في الطّمع) صاغ الشّافعي تركيبه هذا مستخدمًا أسلوب النّفي بـ (ما) العاملة عمل ليس، والّتي دخلت على الجملة الاسميّة فنفت اتصاف الاسم بالخبر، إلّا في حالة واحد ة إن كان مع الطّمع، وما دلّنا على ذلك هو استعماله أسلوب الحصر بـ (إلّا).
- إذا لــمْ يكـنْ صَفْو الودادِ طبيعــةً (فلا خيــــرَ فــي وُدٍّ يجـــيءُ تَكَلُّفا)
موضع إرسال المثل في عبارة (لا خير في ودٍّ يجيءُ تكلّفا) هذه العبارة تُقال للتّعبير عن جفاء المحبوب، وانقطاع صلة الوصل الحميميّة بين المحبين، وتُعَدُ هذه العبارة من روائع الإمام الشّافعي، فنجدُها على كلِّ لسان وفي كلِّ زمان ومكان.
(لا خير في ودٍّ يجيء تكلفا) صِيغ التّركيب من جملة اسمية منفية بعمل (لا) النافية للجنس، واسمها (خير) جاء نكرة للتقليل، وخبرها الجملة الفعلية (يجيء) فعلها مضارع لدلالة التّجدد واستمرار الحدث؛ والبلاغة في هذه العبارة تكمن في الصّفة الحركيّة الّتي ألصقها الشّاعر في (الودّ)، بقوله: (يجيء تكلفا).
يُلْحَظُ في هذه الأمثلة أنَّ أسلوب الّنفي ظاهرة لغويّة كرّرها الإمام الشّافعي، فتعددت أدواته فيها، وتنوّعت مظاهر التّعبير فيه، كطريقة لإنكار أو نقض فكرة أو حجة، ويريد به نفي جملة أو دليل وهو ضد الإثبات.
ثانيًا: الإنشاء
الإنشاء ضربان:" طلب، وغير طلب" وعُرّفت الجملة الإنشائيّة بأنّها: "الجملة الّتي لا تحمل خبرًا يُراد نقله أو إيصاله، وتحمل جملة الإنشاء صورة نمطين: إنشائي طلبي، وإنشائي غير طلبي."
ويشتمل النّوع الأوّل خمس صور معروفة هي: النّداء، والاستفهام، والأمر، والنّهي، والتّمني، وهذا النّمط من حيث طبيعته التّركيبيّة مناسب لطبيعة فنِّ إرسال المثل الحكميّة، وهو شديد الوضوح، أمّا النّوع الثاني فيشتمل على صور هي: القسم، والتّعجب، والمدح، والذّم، وهذا النّوع لم يقف البحث على أمثلة له.
ومن صور الإنشاء الطّلبي في ديوان الشّافعي ما يأتي:
1- أسلوب الأمر:
أسلوب الأمر من الأساليب الإنشائيّة الطّلبيّة، وقد وَجَدَ البحث أنّ عبارات فنّ (إرسال المثل) عند الشّافعي تحفل بها؛ إذ تكثر العبارات المبدوءة بفعل الأمر الصّريح، ويعني الأمر بمعناه الصّريح: "طلب حصول الفعل من المخاطب على وجه الاستعلاء مع الإلزام" ، وتبيّن الأمثلة المستخرجة أنّ صيغ الأمر في عبارات هذا الفنّ البديعيّ كثيرًا ما تخرج عن وظيفتها الأصليّة إلى الدّلالات البلاغية الّتي تمنحها خصائص جماليّة تُسهم في سيرورتها وبقائِها؛ فاستعمال الشّافعي لأسلوب الأمر أعانه على تأدية النّصح والإرشاد، وأغراض أخرى متنوّعة. ومن أمثلته عند الشّافعي ما يأتي:
- (دَعْ الأيّــــامَ تَفعـــلْ ما تشـــــاءُ) (وَطِـــبْ نفْســـاً إذا حكـــم القضـــاءُ)
أسلوب الأمر خرج بغرض التّوجيه والإرشاد والنّصيحة.
- مــا حــكَّ جِلـــْدَكَ مِثــلُ ظُفـرِكَ فَـ(تَــــوَلَّ أنـــــتَ جَميــــعَ أَمــــرِكَ)
(تولّ أنت جميع أمرك) فالإنسان أدرى بما يضرّه وبما ينفعه، ولا سيما أنَّ الآخرين لا يستشعرون مدى حساسيّة المسألة الّتي نوكّلها إليهم، وأهميّتها، كي لا يتحملوا مسؤولية مشكلاتنا؛ وفي هذه العبارة استعمل الشّاعر أسلوب الأمر بغرض توجيه النّصيحة والإرشاد.
- (تَعَلَّمْ فليـسَ المرءُ يُوْلَـدُ عَالِمـاً) وليـسَ أَخـو علمٍ كَمَنْ هوَ جـاهلُ
عبارة (تعلّم فليس المرء يولد عالمًا) خرج الأمر هنا بغرض الاحتراس والنّصح.
- و(أَحسن إلى الأحْرار تَمْلك رِقابهُم) فــخيرُ تجاراتِ الكرامِ اكتِسابُها
عبارة (أحسن إلى الأحرار تملك رقابهم) بمعنى أنَّ من يجعل المعروف في أهله لا يندم أبداً، وصِيغ تركيب هذه العبارة بأسلوب أمرٍ خرج بغرض الإرشاد.
- سافـرْ تَجِـدْ عِوضـاً عمَّنْ تُفارِقُهُ و(انصبْ فإنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَّصَبِ)
انصب: فعل أمر من نَصَبَ نَصَبًا: جدَّ في الأمر واجتهد فيه.
فعبارة (انصب فإنَّ لذيذ العيش في النّصب) يُمكننا استعمالها في الحثِّ على السّعي والاجتهاد في الأمر حتى حدوثه، ففي ذلك يحصل الإنسان على لذيذ العيش.
(انصب فإنَّ لذيذ العيش في النّصب) بدأ التّركيب بأسلوب أمر، ثمَّ أكّده بالحرف المشبه بالفعل (إنّ) لتعميق المعنى وتقويته، فالأمر هنا جاء مُعلّلًا، فهو يُعلل سبب الحثّ على السّعي.
2- أسلوب النّهي:
أسلوب النّهي هو الوجه السّلبي لأسلوب الأمر، فإذا كان الأمر طلبًا بفعل أمر معين، فإنّ النّهي طلب الامتناع عن فعل ما فالمعنى الأصلي للنّهي طلب الكفّ وصيغتُه المضارع المقترن بلا الناهية.
والنّهي كغيره من الأساليب الإنشائيّة الطّلبيّة يأتي بصور حقيقيّة وأخرى مجازيّة، فقد يخرج عن معناه الحقيقي إلى معانٍ مجازيّة تفهم من سياق الكلام، وهذه المعاني المجازيّة هي الّتي تعطي المعنى إيحاءات فنّيّة تمتع الفكر، فهو يفتح أمام الأديب مجال الخلق والابتكار، وهذا ما سيوضحه المثال الآتي:
- و(لا تَـرْجُ السّـماحة منْ بخيل) فـــ(ـمــا فــي النّـــار للظمــــآن مَــــاء)
(لا ترجُ السّماحة من بخيل) أسلوب نهي الفعل المضارع عن التّجدد والاستمرار، وقد أجاد الشّافعي إجادة كبيرة حيث أكّد هذا المعنى في صورة تشبيهيّة ضمنيّة رائعة.
ثالثًا: أسلوب الشّرط:
تمتاز الجملة الشّرطيّة بإمكانات تواصليّة، وطاقات إيحائيّة، وإمكانيّة للتّوسع الدّلالي، ويَعُدُّ بعض الباحثين الوظيفة الشّرطيّة "من ضمن القضايا الأسلوبية الّتي أثارت اهتمام الدّارسين النّحوي والبلاغي في سياق الجمل المركبة". وأدوات الشّرط الّتي تظهر في عبارات فنّ (إرسال المثل) عند الشّافعي أبرزها: (إذا، مَنْ)، فـ (مَنْ) " تتضمن معنى العموم لجميع من يعقل، فضلاً عن أنّها تقتضي العموم من غير تكريرٍ، فلذلك استعملت في باب الجزاء" ، وأمّا (إذا) فالأصل في استعمالها أن تدخل على الّذي تيقّن وقوعه أو رجح، ومِنَ الباحثين من توصّل إلى أنَّ "الأمثال العربية عمومًا تميل إلى التّركيب الثّنائي الّذي يكون في صورة مقدّمة ثم نتيجة، وأسلوب الشّرط يتيح للأمثال قالبًا ثنائيًا متميّزًا، لأنّه يقوم أساسًا على وحدتين، الأولى جملة الشّرط والثانية جوابها". كما هي في الجدول الآتي:
عبارة فنّ (إرسال المثل) أداة الشّرط فعل الشّرط جواب الشّرط دلالة الأداة
إذا نزل القضا ضاق الفضاء إذا نزل ضاق تفيد تحقق الشّرط
مَنْ هابَ الرّجال تهيّبوه مَن هاب تهيّبوه لبيان العاقبة
من حقر الرّجال فلن يُهابا مَنْ حقرَ فلن يهابا لبيان العاقبة
مَن طلب العلا سهر الليالي مَنْ طلبَ سهرَ التّرغيب للوصول إلى الهدف
نستنتج ممّا سبق أنّ دراسة تركيب عبارة (إرسال المثل) تُعدّ من مستويات التّحليل اللّغوي الّتي تبين من خلالها ما يتسم به هذا الفنّ البديعيّ من إيجاز وتكثيف للمعاني في آن معًا، فالجمل الشّرطيّة هنا أسهمت في إيصال المعنى الكثير باللفظ القليل، وما يميّزها عن غيرها من الجمل أنّها جمل مختزلة يمكن استخدامها في كلِّ زمان ومكان.
رابعًا: التّشبيه:
وهو رأس علم البيان، عرّفوه بأنّه: "الدّلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى." ؛ أي هو علاقة مشاركة بين المشبه والمشبه به في صفة ما، ولعلّ التّشبيه الضّمنيّ أبرز أنواع التّشبيه الّتي ظهرت لنا في شعر الشّافعي، وقد عرّفوه بأنّه:" تركيب يُعقد فيه الشّبه بين الطّرفين عن طريق التّلميح دون التّصريح فهو تشبيه مضمر في النّفس" أي هو تشبيه خفيٌّ غير صريح، ولا يَردُ فيه المشبه والمشبه به صراحة؛ بل يُفهمان فهمًا ضمنيًّا من تضاعيف الكلام؛ "ويأتي المشبّه به برهانًا على إمكان ما أسند إلى المشبه، ويعمد المتكلّم إلى هذا الأسلوب عندما يَعْرِض فكرة يأنس أنَّ مخاطبه قد يخالفه فيها، وينكر عليه مذهبه إزاءها فيأتي بعدها بأمر يعرفه المخاطب ويسلم به." ومن أمثلته في ديوان الشّافعي:
- احفظ لشيبك من عيبٍ يُدنّسهُ (إنَّ البياض قليل الحمل للدَّنس)
فعبارة (إنَّ البياض قليل الحمل للدّنس) يمكن أن تُعدَّ من أضرب المثل في الدّلالة على أنَّ التّقدم في السّن يجعل الإنسان في حذر دائم من اقتراف الذّنوب؛ وتأتي أهميّة هذا التّركيب البلاغية في توظيفه التّشبيه الضّمنيّ لبيان جمال الصّورة، إذ شبه حال من يرتكب المعصيةَ وقد فاته قطار العمر، واشتعل رأسه شيبًا، بحال من يُدنّسُ اللون الأبيض النّاصع الذّي لا يحتمل الدّنس مهما صغر حجمه؛ فالشّطر الثّاني (الّذي أخذ موضع المشبه به) جاء بفيض من المعاني الدّقيقة الّتي يصحّ أن تسري مثلًا، وهذا يختصّ به التّشبيه الضّمني دون كثير من أنواع التّشبيه؛ لأنّه من المعروف أنّ التّشبيه يأتي ودليله معه، ولا يكون ذلك بالتّدليل على ما جاء بالمشبه حتى لا يترك أي اعتراض لمعترض.
ومن أمثلة التّشبيه الضّمني لدى الشّافعي قوله:
- (ســافــرْ تَجِــــدْ عِوضـــــاً عمّـــَنْ تُفــارِقُــهُ) و(انصبْ فإنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَّصَبِ)
- و(الأُسد لولا فِراق الأرض ما قنصتْ) و(السّـهـمُ لـولا فـــــراق القـــــوس لـــم يُـصــبِ)
- و(التّبـــر كالتُّـــــربِ مُـلْقًـى فـي أماكِنِــهِ) و(العــودُ فــي أرضــه نــوعٌ مـــن الحطــب)
فكلُّ عبارة بين هلالين هي تشبيهٌ ضمنيٌّ يفهم من السّياق، وقد تعدّدت فيه صور المشبّه وهو (الإنسان المسافر) فمرّة شبهه بشجاعة الأسد الّذي لم ينلْ فريسته لو بقي في أرضه، ومرّة بالسّهم الّذي لمّا يُصب هدّفه لولا مفارقته قوسه، ومرّة بقيمة الذّهب الّتي ستضيع إذا بقيت مدفونة في أرضها الأصليّة، ومرّة بعود البخور الّذي إذا لم يفارق موطنه أصبح رمادًا بلا عطرٍ، وفي تعدادها دليلٌ على براعة الشّافعي وقدرته على استحضار صور عدّة لمشبه واحد، كلُّ ذلك بغيّة التّأثير في المتلقي وإقناعه.
فإذا نظرنا إلى الأمثلة السّابقة، ودقّقنا في كلّ شطرٍ منها نرى أنَّ كلًّا منها يصحّ أن يكون حكمة سارية في الزّمن؛ فمن منّا يُشكك مثلًا بأنّ اللون الأبيض لا يحمل الدّنس، وأنّ الحصول على لذيذ العيش في الاجتهاد...
ومن خلال المثالين السّابقين نلحظ أنَّ التّشبيه الضّمنيّ يحتاج إلى تأمّل وتدقيق نظر حتى يُتَوصّل فيه إلى فهم الأواصر الّتي تربط طرفي التّشبيه، أو فهم التّشبيه نفسه، وكأنّ الشّافعي عمد إلى استعمال هذا النّوع من التّشبيه دون غيره "فقد ينحو الكاتب أو الشّاعر منحًى من البلاغة يوحي فيه بالتّشبيه من غير أن يُصرّح به في صورة من صوره المعروفة، يفعل ذلك نزوعًا إلى الابتكار، وإقامة للدليل على الحكم الّذي أسنده إلى المشبّه، ورغبةً في إخفاء التّشبيه؛ لأنَّ التّشبيه كلّما دقّ وخفي كان أبلغ وأفعل في النّفس" ؛ أي إنّ الشّافعي استعمل التّشبيه الضّمني لإيثار التّلميح دون التّصريح به وبذلك ارتقى في سُلّم البلاغة درجات.
وقد لا نبالغ إذا قلنا: إنّ استعمال الشّافعي لهذا النّوع من التّشبيه دون غيره أعطى العبارة قيمة فنّيّة وإبداعيّة تكمن في صورة المشبه به الّتي استحقت أن تكون مثلًا ساريًا لكلّ زمان ومكان.
خامسًا: المحسّنات البديعيّة
لشعر الشّافعي حظٌّ من المحسّنات البديعيّة من غير تصنع أو تكلّف، فهي مبثوثة متناثرة في أثناء شعره، لا يعمدُ إليها، أو يلحّ في طلبها، وإنّما تأتي على نحو يتّفق مع طبعه وسليقته، ومن خلال جمع عبارات فنّ (إرسال المثل) من ديوانه، وجَدَ البحث كثرة المحسنات البديعيّة الّتي اعتمدَ عليها في استحضار اللفظ المناسب للمعنى المطلوب، والتّعبير عمّا في نفسه بسلاسة ودقّة، ومِن هذه المحسّنات:
أ‌- الجناس: لفنّ الجناس حظٌّ من شعر الإمام الشّافعي؛ حيث يُعدّ الجناس من الظواهر الّتي تمنح النّص الّذي ترد فيه إيقاعًا واضحًا، والجناس في الاصطلاح: "تشابه الكلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى" ، وقد استعمل الشّافعي هذه الظاهرة لتكون مِن الرّكائز الّتي تقوم عليها بنية المثل، بما يضمن لمعانيه إيقاعًا يُسهم في تداولها وسيرها، ومن أنواع الجناس الّتي وُجِدت عند الشّافعي:
- الجناس التّام: " هو أن يتّفق اللفظان في أنواع الحروف، وأعدادها، وهيئاتها، وترتيبها".
- جناس الاشتقاق: وهو مُلحق بالجناس ويقوم على "أن يجمعَ اللفظين الاشتقاقُ ...كقول الشّافعي وقد سُئل عن النّبيذ: (أجمع أهل الحرمين على تحريمه)"
ب‌- ردّ العجز على الصّدر: وهو في الشّعر: "أن يكون أحد الّلفظين في آخر البيت، والآخر في صدر المصراع الأوّل، أو حَشْوه، أو أخره، أو صدر الثاني" ، وهذه المحسّنات موضحة في الجدول الآتي:
عبارة فنّ (إرسال المثل) موضع المُحسّن البديعيّ نوعه
انصب فإنّ لذيذ العيش في النّصب (انصبْ والنّصبْ) جناس اشتقاق (مُلحق بالجناس)
و (ردّ العجز على الصّدر) حيث جاء أحدهما في آخر البيت والثّاني في أوّل المصراع الثّاني.
لقمةٌ منْ العيش تكفيني إلى يوم تكفيني بين (تكفيني الأولى، وتكْفيني الثّانية) جناس تام
إنّ المحبّ لمن يحبُّ مطيع بين (المحبّ ويحبّ) جناس اشتقاق
وخلاصة القول إنّ هذه العبارات اكتسبت التّوازي والتّوازن من الإيقاع الّذي شكّله استخدام الشّافعي للجناس، وردّ العجز على الصّدر، فهذه المحسنات جعلت العبارات محبّبة إلى النّفس ممّا سهّل حفظها.
الدّراسة الإحصائيّة للأنماط البلاغيّة في عبارات إرسال المثل المدروسة في ديوان الإمام الشّافعي:
الأنواع البلاغيّة
الجملة الخبريّة الجملة الإنشائيّة أسلوب الشّرط التّشبيه
الضّمنيّ الجناس ردّ العجز على الصّدر
الابتدائي الطّلبي النّفي
11 8 9
أمر نهي
6 1
4 7 3 1
النّسبة المئويّة 22% 16% 18%
12 2%
8% 14% 6% 2%
يُلحظ في الجدول ما يأتي:
1- الجملة الخبريّة من أكثر عناصر التّراكيب استعمالًا، وقسّمت إلى الخبر الطّلبي، والخبر الابتدائي.
2- آثر الشّاعر الأسلوب الابتدائي أكثر من الأسلوب الطّلبي، وقد يكون ذلك ليمكّن الحكم في نفسه من غير الحاجة إلى مؤكّدات، وهذا يفيد أنَّ ما ساقه مما لا يُشكّك به، وأنَّ المتلقي يتلقاه بقبول، فسدّ كلّ منافذ التّردد أمامه؛ كما أكثر من الجمل المنفيّة ليدلّ على حتّميّة وقوع الحدث ونفيه، بينما لوحظ استعماله لأسلوب الشّرط في الجمل لما لها من أثر في إيجاز المعنى وتكثيفه.
3- أقل أنماط التّراكيب المستعملة كانت في أسلوب النّهي؛ لأنّه يختص بدخوله على المضارع ولم نجد عند الشّافعي إلّا عبارة واحدة تخدم بحثنا؛ كما يبين الجدول قلّة استخدام الشّافعي للمحسّنات البديعيّة، وهذا يدلّ على الأسلوب الحكميّ الّذي خرجت به عبارات فنّ (إرسال المثل) دون السّعي وراءها وتكلّفها.
4- يبين الجدول حضور التّشبيه ولا سيما التّشبيه الضّمني في بناء عبارات إرسال المثل، ونسبته بين التّراكيب المستعملة.

الخاتمة
توصّل البحث إلى النّتائج الآتية:
1- إرسال المثل فنٌّ بلاغيٌ حظي باهتمام العديد من البلاغيين القدماء والمحدثين، وقد اجتمع تعريفهم له على أنّه: نوع لطيف من البديع وهو أن يأتي الشّاعر في بيت أو بعضه بما يجري مجرى المثل السّائر.
2- تناول الإمام الشافعي فنون البلاغة ببراعة ودقّة، وذلك من خلال الأساليب التي استعملها في الصّياغة والتّصوير.
3- اتخذ فنُّ إرسال المثل عند الشّافعي أشكالًا بلاغيّة عدّة أبرزها:
أ-الخبر، وقد غلب فيه الخبر الابتدائي، وهذا دليلٌ على أنّ عباراته مما لا يُشكّ فيها، فالرّأي فيها عام متّفق عليه.
ب-الإنشاء، وقد وقعنا على أشكال عدّة أبرزها (الأمر)، وتأكّد لنا أنّه لم يكن أمرًا صرفًا؛ بل كثيرًا ما يخرج عن وظيفته الأصليّة إلى الدّلالات البلاغيّة الّتي تمنح العبارة خصائص جماليّة.
ج-الشّرط، واستعماله أسهم في إيصال المعنى الكثير باللفظ القليل؛ فهي جمل مختزلة يمكن استعمالها في كلّ زمان ومكان.
د-التّشبيه، استعمال الشّاعر للتّشبيه ولا سيما التّشبيه الضّمنيّ، جعل عباراته تمتاز بجماليات متنوعة لما لها من تأثير في النّفس، وتنشيط للذّهن للبحث عن المعنى المتواري وراء اللّفظ الظّاهر.
4- ميله إلى الصّياغة الإنشائية بما فيها (الأمر، والنّهي) يدلُّ على ولع الشّاعر بأسلوب إثارة الانتباه والتشويق؛ ليجعل القارئ مشاركاً له في إحساسه ومشاعره.
5- استعمال بعض الأساليب البديعية اللفظية (الجناس وردّ العجز على الصّدر) مما يظهر غزارة فكر الشّاعر وسعة عقله، وقدرته على استحضار اللّفظ المناسب؛ فالمحسّن البديعي أسعف الشّاعر ليتمكن من التّعبير عمّا في نفسه بسلاسة ودقّة، وهذا ما أكسب شعره إشراقاً وجمالاً.


المصادر والمراجع:
1- أسلوب النّفي والاستفهام في العربيّة: خليل أحمد عمايرة، جامعة اليرموك، إربد، 1980م.
2- الأمثال العربية القديمة: أماني سليمان داود، المؤسسة العربية للدراسات، بيروت، ط1، 2009م.
3- الأمثال العربية القديمة: ردولف زلهايم، ترجمة د. رمضان عبد التواب، دار الأمانة، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، ط1، 1391هـ.
4- الأمثال والحكم المستخرجة من نهج البلاغة: محمد الغروي، مؤسسة النشر الإسلامي، إيران، 1407ه.
5- الأمثال: أبو عبيد القاسم بن سلّام (ت224ه)، تحقيق د.عبد المجيد قطامش، دار المأمون للتراث، دمشق، ط1، 1980م.
6- الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء: ابن عبد البر (ت463ه)، دار الكتب العلمية، بيروت، (د.ط)، (د.ت).
7- أنوار الربيع في أنواع البديع: السيد علي صدر الدين بن معصوم الحلبي (ت1120ه)، تحقيق شاكر هادي شكر، دار الكتب الوطنية الظاهرية، دمشق، 1983م.
8- الإيضاح في علوم البلاغة: الخطيب القزويني (ت739ه)، وضع حواشيه إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان، ط1، 1424هـ -2003م.
9- بحوث المطابقة لمقتضى الحال: علي البدري، مطبعة السعادة، القاهرة، ط2، 1984.
10- البلاغة العربية في ثوبها الجديد: بكري شيخ، دار العلم للملايين، بيروت، ط9، 2004.
11- البلاغة العربية وعلم المعاني: محمود أحمد نخلة، دار المعرفة الجامعية، مصر، 2002م.
12- البلاغة الواضحة: علي الجارم ومصطفى أمين، دار المعارف، (د.ط)، 1999م.
13- بناء الجملة العربية: محمد حماسة عبد اللطيف، دار الغريب، القاهرة، 2003م.
14- تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، تحقيق بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1422ه-2001م.
15- تفسير التحرير والتنوير: محمد الطاهر بن عاشور، الدار التونسية للنشر، 1884م.
16- جامع الدروس العربية: مصطفى الغلاييني، المكتبة العصرية، بيروت، د.ط، 2004.
17- جواهر البلاغة في المعاني والبديع: أحمد السّيد الهاشمي، دار الكتب العلميّة، بيروت، ط6، (د.ت).
18- حدائق السحر في دقائق الشعر: الوطواط (ت573ه)، إبراهيم أمين الشواربي، مكتبة الثقافة الدينية، ط1، 1424هـ-2004م.
19- حسن التَّوسُّل في صناعة التَّرسُّل، شهاب الدين محمود الحلبي (ت725ه)، تحقيق أكرم عثمان يوسف، دار الرشد للنشر، العراق، (د.ط)، 1980م.
20- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: أبي نعيم الأصفهاني (ت430ه)، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 1416هـ-1996م.
21- خزانة الأدب وغاية الأرب: ابن حجة الحموي (ت837ه)، شرح عصام شعيتو، دار مكتبة الهلال، بيروت، ط2، 1999م.
22- دروس في البلاغة العربية: الأزهر الزناد، المركز الثقافي العربي للنشر والتوزيع، بيروت، الدار البيضاء، ط1، 1992م.
23- ديوان الإمام الشّافعي رضي الله عنه: أبي عبد الله محمد بن إدريس الشّافعي (ت204ه)، جمعه وشرحه أ. نعيم زرزور، قدم له د. مفيد قميحة، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 1404هـ-1984م.
24- ديوان النابغة الذبياني: تحقيق كرم البستاني، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 1383هـ-1963م.
25- سير أعلام النبلاء: الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت748ه)، تحقيق محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، ط11، 1417هـ-1996م.
26- شرح الكافية البديعية في علوم البلاغة ومحاسن البديع: صفي الدين الحلي (ت750ه)، تحقيق د. نسيب نشاوي، دار صادر بيروت، ط2، 1412هـ-1992م.
27- طبقات الشافعية: تاج الدين السبكي (ت772ه)، تحقيق د. عبد الله الجبوري، بغداد، ط وزارة الأوقاف، 1390هـ.
28- علل النحو: أبو الحسن محمد بن عبد الله الوراق (ت381ه)، تحقيق د. محمود جاسم محمد الدرويش، مكتبة الرشد، الرياض، ط1، 1420هـ-1999م.
29- علم البيان والبديع: بسيوني عبد الفتاح، مؤسسة المختار للنّشر والتّوزيع، ط3، 2004م.
30- العمدة: ابن رشيق القيرواني (ت456ه)، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الجيل، ط4، 1972م.
31- الغيث الهامع في فضائل محمد بن إدريس بن شافع: لمجهول، مكتبة الحرم المكي، برقم (3/94).
32- الفهرست في أخبار العلماء المصنفين من القدماء والمحدثين وأسماء كتبهم: محمد بن إسحاق النديم، تحقيق رضا تجدّد المازنداري، (د.ط)، (د.ت).
33- اللغة الشّعريّة دراسة في شعر حميد سعيد: محمد كنوني، دار الشؤون الثّقافيّة العامة، بغداد، ط1، 1997م.37
34- -مجمع الأمثال: أبو الفضل أحمد بن محمد النيسابوري (ت518ه)، تحقيق محمد محي الدّين عبد الحميد، مطبعة السنة المحمّديّة، القاهرة، 1955م.
35- مرآة الجنان: أبو محمد عبد الله بن أسعد اليافعي (ت768هـ)، بيروت، ط مؤسسة الأعلمي، 1970م.
36- معجم البلاغة العربية: د. بدوي طبانة، دار العلوم للطباعة والنشر، القاهرة، ط2، 1402هـ-1982م.41
37- -مفتاح العلوم: السكاكي (ت626ه)، تحقيق نعيم زرزور، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1983م.
38- المفصل في علوم البلاغة العربية (المعاني-البيان-البديع): عيسى العاكوب، دار القلم، دبي، ط1، 1996.
39- مناقب الشافعي: أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت458هـ)، تحقيق السيد أحمد صقر، مصر، ط دار التراث، 1390هـ-1970م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب


.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي




.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت


.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري




.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض