الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ندبة

تسنيم مولود

2020 / 7 / 3
الادب والفن


ندبة/ تسنيم مولود

صمت...الجو بارد، مظلم
صوت حذاءٍ يدنو منّا
كالأحجار، نحاولُ الافلات من الخوف والكلمات وأي صوت.
يدي تعرقت، وانا اكممُ فمَّ طفلتي، ذاتِ الاربعة اعوام، ويدي تغلق فمها بكل قوة، خائفةً ان يسمعوا لنا صوتا، علهم يرحلون، يتركوننا خلفهم، ولا يصحبونا دروعاً بشرية، لنبقى هنا، بلا ماء، بلا طعام، بلا اي شيء، حتى يطل الخلاص بضوئه وصوته، والمرقط، وحقيبة لُفَّ على حزامها عَلمُّنا، ثلاثي اللون، امل ونقاء بالتضحية الملونة (بالله أكبر)

انهم يقتربون، مقاتلون باللون الاسود، وشعرهم الاشعث، اشم رائحتهم من بعيد! إنهم هنا الان، قرب الخزانة التي اختبئ خلفها انا وابنتي، خوفي ان يرموها بالرصاص ليتأكدوا ان لا احد فيها............ انهم يفتحون ابوابها واحدا تلو الاخر، وفي كل مرة اضغط بقوة اكبر على فم ابنتي كي لا تتنحنح فيسمعونا، اسفة ابنتي، حقا اسفة، لكن لا اريد ان نموت!
انهم يبتعدون... قلبي يتنفس الامل من جديد، وعرقي الذي صُبَّ مني... تفائل

مضت ساعة، وانا لازلت مختبئة بأبنتي خلف تلك الخزانة، لا هواء يكفينا، بدأت اشعر بضيق تنفس!، كيف تشعر ابنتي الان، هي طاوعتني وصمتت، لم تتحرك، خائفة صغيرتي...

ايها الفجر، اطلع وخلصني...
بدا وإن الليل اطول من عمري الذي عشته اجمع!، لم اعد احتمل، وصغيرتي نامت هي الاخرى، هل اخرج؟، هل نصبوا لنا كميناً؟، هل لا زالوا موجودين؟..
تفكري يطول، ونفسي المضطرب، لا يسدُ حاجة لي..
لا زلت احاول كتمه! ، لم اعد قادرة على الصمود..
تتقطع انفاسي اكثر ...
الله اكبر....... انفجر شيئا بقربنا، شعرت بعصف اقتلع باب الغرفة
اسمع صوت دبابة، هل هم قادمون؟
"انقذونا" اريد ان اصرخ لكن لاقوة! ، داخلي يصرخ، قلبي يصرخ، روحي تستنجد، لكن قواي خائرة، لا صوت، يجب ان اصرخ لاجل طفلتي، كل ما فعلته لاجلها هي، يجب الا استسلم، قبلت ان اكونَ سبية، قبلت ان انتهك الاف المرات، فقط لاجلها ، قبلت ان اموت جوعا وحصارا كي احافظ على بيت بغرفتين، ان حافظ على ما تملك تلك اليتيمة الوحيدة، قالوا: إن نحنُ خرجنا سينتهكون المنزل، يفجرونه، ودون شك سأضيعُ...
اين ارحل؟، لا املك تذكرة الخروج منهم، ولا تذكرةً للدخول الى هناك!، احتاج صوت دبابة، ورجل عراقي بالمرقط ينادي "لاتخافوا"

كلما تذكرت ذلك الموقف....اتمنى لو انهم وجدوني وابنتي وقتلوني، اتمنى لو رشقوا تلك الخزانة بالرصاص ومتُّ، ليتني ما كتمت فمها تلك الصغيرة، خفت عليها فقتلتها بيدي!
انا مجرمة ، انا مجرمةٌ منذ البداية.

طالما تسائلت كم عدد النساء اللواتي يشابهنّني؟، كم طفل كُمّم فم طفولته حتى كبّر، تشوهت معالم الطفوله!، عندما اوصلوني ملائكة الوطن الى مخيمات الاستقبال، كنت احملها بلا جدوى. تلك الفوضى القدرية التي مّرّت بها اوصلتني الى هنا، الى بيت لمؤى الايتام، أظن بأن ذنوبنا وان غفرها الله؛ فأن ضمائرنا لا تغفر، لكن لن اسمح بقتل طفل اخر، مادام ضوء الرب ينادي الانسانية.
#تسنيم_مولود
#sandyalani








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب