الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الازمة السياسية في الاقليم الكوردي

سامي عبدالقادر ريكاني

2020 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


للمهتمين بالاسلوب البحثي والاكاديمي: ورقة حية تحاكي ازمة الاقليم اليوم تعود لعام 2016
وهي ورقة مختصرة تحضيرية القيتها في المؤتمر الذي اقيم في اربيل في مثل هذا اليوم، وكان لنا لقاء تلفزيوني بعدها حول الموضوع.
حيث تم اختيارنا للتطرق الى ملف الازمة السياسية والذي ناقشناه في هذا المؤتمر حيث شارك فيه شخصيات مختارة من المحافظات الكوردية الاربع وركز كل ورقة ضمن تخصصها عبر لجانات مشكلة من كل التخصصات الاقتصادية والسياسة والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني.
وكانت الخطة هي التطرق الى الازمة بذكر اسبابها وتحولاتها ومن ثم وصف الحالة الموجودة ومن ثم التطرق الى العواقب المستقبلية وبعدها تنتهي بايجاد الحلول، ورفعت نتائج المؤتمر حول هذه القضايا الى الجهات المعنية من برلمان وحكومة واحزاب سياسية ومنظمات دولية الذين كان لممثليهم حظور في هذا المؤتمر.
وباعتقادي ان المشكلة والرؤية والتشخيص والحلول لازال حيا كانها كانت تحاكي اليوم مع كل التطورات السريعة التي مرت بها المنطقة بعد ذلك التاريخ واليكم الورقة

اولا: نبذة تاريخية سريعة للتحولات السياسية في الاقليم

مرت القضية الكوردية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بعدت مراحل اثرت على الوضع السياسي في الاقليم الكوردي وعلى فترات منها:
فترة التسعينيات الى 11سبتمبر 2001 ونستطيع ان نسميه بمرحلة التعاطف الانساني العالمي مع القضية الكوردية، وكانت فترة المخاض العسير للعملية السياسية ، ولعدم وضوح الرؤية عند الامريكيين حول مستقبل القضية الكوردية في الاستراتيجية المتبعة لولايتي بوش الاب وكلنتون، وجزء من مرحلة بوش الابن الى سقوط بغداد، حيث تسببت هذه المرحلة بولادة عسيرة ومشوهة للعملية السياسية في الاقليم.
فترة 2001-2011 ازداد الاهمية الامريكية للاكراد في هذه المرحلة لبناء عراق مابعد صدام 2003 وزاد من هذه الاهمية حتى 2011 حيث مر الاقليم بمرحلة الاستقرار الامني النسبي ولكن رسخ من السيطرة الحزبية على كل مناحي الحياة وعلى راسها مؤسسات الدولة وساعد على ذلك الاهتمام الاقليمي والدولي بالاقليم لحاجتها اليها بسبب الاضطرابات الدولية والحرب على الارهاب وتغيير السياسات الامريكية في المنطقة وكرس ذلك واقعا سياسيا في الاقليم تمثل في ترسيخ استراتيجيتين اقليمييتين بعد صعود النفوذ الايراني وصعود حزب العدالة والتنمية في تركيا الى الحكم وسميت هذه المرحلة بمرحلة الاستخدام الدولي للقضية الكوردية اقليميا ودوليا.
فترة 2011- 2016 وهي مرحلة الحاجة الاقليمية والدولية واصبحت القضية الكوردية تدخل ضمن الاستراتيجيات المتعددة والمتضاربة والمتغيرة: واتسم بعدم الاستقرار السياسي في الاقليم بسبب الربيع العربي وانعكاساتها الاقليمية والدولية على مستقبل القضية الكوردية في المنطقة ولكن ازداد الاهمية الدولية والاقليمية للاقليم وذلك بسبب الصراعات الطائفية والقومية على المستوى الاقليمي بين المثلث العربي والايراني والتركي وكذلك على المستوى الدولي بين اوروبا وامريكا من طرف وروسيا وحلفائها من طرف اخر .

ثانيا: وصف الواقع السياسي للاقليم بعد هذه التحولات:

1- الوضع السياسي الداخلي وتاثيرها بهذه التحولات:
اتسم الواقع الكوردي في هذه المراحل الى مايسمى بضياع الهوية بين عدة جدليات
ا- هوية واقع الاقليم ، وضياعها بين الوضع القانوني وواقع الحال: حيث ضاعت بين الفدرالية،كونفدرالية،مستقلة،تابعة.
ب- هوية الواقع السياسي الداخلي:وضياعه بين قانون القوة وقوة القانون
ح- حدود الوعي السياسي وتطبيقاتها: وضياعها بين الوعي البدوي والمدني، بشقيه العلماني والاسلامي، وبين الدستوري واللادستوري.والتفتت الجغرافي والاداري الداخلي الذي يعاني منه الاقليم بين الواقع والقانون، وبين حلم تحقيق الوحدة الذي يترنح بين الشعارات والاعلام والمزايدات السياسية، وبين فقدان الرؤية والاستراتيجيات الواضحة والصادقة حول هذه المسالة .
ج- ضياع هوية الاقليم: بين الولائات الحزبية والمناطقية والقومية والوطنية والاقليمية والدولية.
د-ضياع الواقع البنيوي للاقليم بجمبع مناحيها بعد مسيرة التحول من الدكتاتورية والنمط الاشتراكي لفترة النظام البعثي البائد الى التحول نحو بناء اسس الديمقراطية وترسيخ نمط الراسمالية بعد التحرر .

2- الوضع السياسي الخارجي وتاثيره على الواقع السياسي للاقليم:

تاثر الواقع السياسي للاقليم بالتحولات الخارجية التي جعلت من القضية الكوردية والاقليم ذات اهمية استراتيجية لمصالح تلك الدول ومنها:

أ‌- الاهمية الاستراتيجية للقضية الكوردية ومن النواحي السياسية والاقتصادية والدينية والجغرافية والاجتماعية والقومية وعلى المستويات الاتية: المستوى العراقي، المستوى الاقليمي، المستوى الدولي، كل ذلك زاد من التدخلات الخارجية واثر ذلك على الواقع السياسي الكوردي .
ب‌- تدويل القضية الكوردية واهميتها الاستراتيجية في الحرب على داعش ، وفي اهمية وجودها لضبط التوازنات القومية والدينية في المنطقة وفي ضبط المصالح الاقليمية والدولية كل هذا زاد من دخول الاقليم في المعادلات الخارجية مما اثر على الواقع السياسي الكوردي .
ت‌- اهميتها الجيو عسكرية والجيو اقتصادية والجيو سياسية والجيوقومية لضبط الواقع الجيواستراتيجي للاهداف الدولية والاقليمية.
ث‌- تاثير امتداد الواقع السياسي لاقليم كوردستان وربطها بالواقع الكوردي مع بقية الدول التي يتواجد فيها الاكراد كسوريا وتركيا وايران، وانعكست على مستقبل العملية السياسية في الاقليم.
ج‌- ارتباط درجة التطور السياسي في الاقليم بطبيعة التحولات في واقع العلاقات بين الدولية والاقليمية وبدرجة صراعهم ضد بعضهم البعض وبتطور اوضاعها وتقلباتها السياسية حيث دائما كانت تنعكس تلك المتغيرات على طبيعة العلاقة بين الاحزاب الكوردية وعلى العملية السياسية في الاقليم.

ثالثا: النتائج السلبية للتاثيرات الخارجية وانعكاساتها على طبيعة التحولات الغير مستقرة والنمو الغير طبيعي للعملية السياسية، اذ برزت عدة ظواهر وامراض مهددة للعملية السياسة برمتها وهي :

أ. نشر الفساد والاعتزاز بها وحمايتها حتى بات امرا طبيعيا بسبب عسكرة المجتمع وتفضيل الولاء الحزبي على الولاء للقومية والوطن وامتداد جذور هذه الظاهرة حتى غطت جميع مناحي الحيات في الاقليم.
ب. فقدان العدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وعدالة توزيع الفرص الوظيفية الحكومية والمؤسسية ورتبها .

ج. انتشار الامراض الاجتماعية والثقافية والنفسية من المحسوبية والفئوية وظاهرة التملق والمداهنة، والكذب، والخداع،والتضليل للحقائق والنفاق الاعلامي وبيع الذمم، واولها فقدان الحريات، واخرها قتل روح الانتماء للجماعة او القومية والارض، وبروز الفردية والانعزالية والمصلحية والحزبية والانتهازية والدونية وحب الظهور الناتج من تلك الدونية، واخرها الهروب الى التدين الفردي الانعزالي او المتشدد للخلاص من الواقع الذي بات علاجها من المستحيلات وللترفيه عن النفس بربطها بجنة مرتقبة في الاخرة بعد فقدها في الدنيا وعلى الارض.

ح. انتشار اللجوء الى ظاهرة اتهام الاطراف لبعضها البعض بالخيانة والعمالة كتبرير للخلافات والتصرفات اللامسؤولة وعدم الرغبة بالتنازلات لبعضهم البعض او لارادة الشعب واللجوء الى قانون القوة بدل اللجوء الى تحكيم القانون والدستور وارادة الشعب، وهذه الظاهرة دليل على افلاس وتفريغ الاقليم من أي مرجعية قانونية او دستورية تتحدد على ضوئها محددات السيادة القانونية والقواعد العامة التي تحدد على ضوئها الحفاظ على الامن القومي للاقليم بحيث تصبح المساس باي منها تدخل أي طرف ضمن الخيانة العظمى .

خ. شلل في المنظومة السلطوية من تشريعية وقضائية وتنفيذية

ع. ضياع الطبقة الوسطى بسبب انهيار البنية الاقتصادية، وفقدانها لاي استراتيجة سليمة وصحية، مما تسبب توسيع الهوة بين الاغنياء والفقراء خاصة بين الطبقات المتنفذة المحتكرة للواقع الاقتصادي وبين الطبقات الادنى الفقيرة المحرومة من أي امتيازات، ومما زادة من الهوة، الازمة الاخيرة بعد قطع وتاخير الرواتب التي تحاول تحطيم الطبقة الوسطى نهائيا لتضيف الى الطبقات السفلى. اضافة الى عدم استفادة اصحاب المواهب والطموح التجارية والعاملين في القطاع الحر او الخاص من المشاريع الاستثمارية وفق نظام الخصخصة او المشاريع التي تتيح للشخص صاحب الافكار والابداعات او الرغبات التجارية من الاستفادة من السوق المفتوحة وفق المنافسة العادلة.

رابعا: مستقبل العملية السياسية ونتائجها:

** في أسوء الاحتمالات ستكون الاتي:

أ‌- سينعكس الواقع المتازم في الاقليم من الناحية السياسية والاقتصادية الى تقسيم الاقليم جغرافيا واداريا قسرا او طوعا بعد ازدياد الفجوة بين الاطراف الكوردية وتاخر الاصلاح السياسي والاقتصادي اذا بقي الحال على هذا المنوال.
ب‌- سيتحول اقليم كوردستان الى ساحة تصفية الحسابات الاخيرة بين الاطراف الاقليمية والدولية لاسامح الله وذلك اذا لم يتدارك الاطراف الكوردية الى معالجة الوضع المتازم.
ت‌- سيوزع الاقليم على الاطراف الاقليمية عبر الوصاية عليهم وبرضى دولي بعد فقدان الامل والثقة من الاطراف الدولية والاقليمية من ان يكون الاطراف الكوردية في ذلك المستوى من القدرة والاهلية في ادارة دولة خاصة بهم وعاملة على الحفاظ على الاستقرار والمصالح الدولية، خاصة وان والاتفاقا والتقاربات الدولية والاقليمية الاخيرية تشير الى تحول في الصراع من السلبي الى الايجابي في ادارة مصالحهم في المنطقة .

** في احسن الاحتمالات ستكون كالاتي:

أ- واقع الاقليم مع كل مافيها من سلبيات الى ان تزايد الاهتمام الدولي والاقليمي جعل منها ومن وجودها الجغرافي والقومي والديني عنصرا مهما للتوازنات الاقليمية والدولية بحيث وصل الى درجة ارتباط امنها بامن مصالحها في المنطقة.

ب- استطاع الاطراف الكوردية الحفاظ على التوازن في المصالح والامن لكل من الاطراف الدولية والاقليمية خاصة من الناحية الامنية والاقتصادية.

ج- حافظ او ارغم الاطراف الكوردية مع كثرة الخلافات الداخلية والتدخلا الخارجية الى تجنب الاقتتال الداخلي.

ح- استطاعت الاطراف الكوردية اثبات ان الاكراد كقوة وعقيدة عسكرية مؤهلون بان يكونوا في طليعة الاهتمام والاعتماد الدولي وان يكونوا القوة الموثوقة بها كبديل تحل محل القوات الدولية والاقليمية في محاربة داعش وضبط التوازن العسكري والجغرافي على الارض .

خ- الاهمية الجغرافية للمنطقة الكوردية فرض على جميع الاطراف الحفاظ والابقاء على التواصل والعلاقات الودية مع الاطراف الكوردية مما اعطى لها عاملا امنيا مستقرا.

و- حرص الاكراد والاطراف الدولية خاصة امريكا وحتى الاقليمية على عدم انجرار الاقليم او الانخراط في الحرب الطائفي والقومي في المنطقة لحد الان نسبيا.

ي- ازدياد الاهمية الدولية للاقليم في الاونة الاخيرة خاصة بعد اثباتها كونها اكثر منطقة ضمت عددا كبيرا من اللاجئين مع اختلاف انتمائاتهم الطائفية والدينية والقومية وحرصت على التعائش السلمي البعيد عن العصبات المتعددة في الموجودة في المنطقة.

ن- العلاقات الدولية في تعاملها مع المنطقة للوصول الى ضبط مصالحها ضمن واقع مستقر وامن تتحتم تقسيم الدول الى وحدات اما فدرالية او كونفدرالية او مستقلة فمع كل مايزاع عن حرصهم الاني على ابقاء تلك الدول كالعراق وسورية موحدة الا انها على المدى البعيد لاتستطيع الابقاء على مصالحها عن طريق هذه الوحدة.

خامسا: الحلول الواقعية البعيدة عن المثالية والكلام الخطابي، للخروج من الازمة السياسية في الاقليم ولتجنب انهيارها لابد من العمل سريعا على :

1-- تاسيس مجلس اعلى يقوم بمهام التصالح الوطني لاسترجاع الواقع الى ماقبل الازمة مهامه اما :
أ- تحديد الموقف الكوردي وواقع هوية الاقليم الفدرالي الحقيقي من بغداد والعراق، ورسم طبيعة العلاقة مع الاطراف الاقليمية والدولية.والانطلاق نحو الشفافية السياسية والاقتصادية والاستراتيجية وبالاخص استقلالية مؤسستا العسكر والمالية ومسالة الدستور ووضعها القانوني فعليا.

ج-او العمل على تقرير المصير(كونفدرالية) والبدء بعدها مع بغداد كخطوة اولى لتحقيق ذلك المسعى.

2-- تحديد الهدف من التحركات على ان تكون مبنية على:

أ- وضع واقع اللامركزية الادارية او الفدرليات المتعددة في الاقليم سواء بشكلها الفدرالي او الكونفدرالي وعلى ان يكون مع بغداد وليس اي جهة اخرى .

ب-وان يكون حل ازمة المناطق الكوردية التي تسمى بالمناطق المتنازع عليها من اوليات مهام الاطراف الكوردية في مسعاهم لتحقيق تلك الغاية وان تكون عبر بغداد وباشراف دولي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ