الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبعاد العلاقات التركية الإيرانية في المنطقة!

فهد المضحكي

2020 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تعتبر المنطقة العربية كنز استراتيجي ضخم للقوى العالمية العظمى التي تنظر إليها كأنها بمثابة قطعة اللحم الشهية التي يجب أن تضع يدها عليها، وتمنع الأطراف الأخرى من مجرد التفكير في الاقتراب منها، فقبل ما يسمى بالربيع العربي الذي بدأ في عام 2011 كانت تلك البقعة الاستراتيجية مثار تنافس تلك القوى الهادفة للهيمنة – وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا – والسيطرة على ثرواتها النفطية والمعدنية، حيث تستحوذ المنطقة على 62% من إجمالي احتياطي النفط في العالم بالإضافة لمواردها الطبيعية، وشرايينها الملاحية التي تربط نصف الكرة الأرضية الشمالي بالجنوبي، إلا أنه بعد سلسلة الانتفاضات العربية حدث تحول استراتيجي في مسار الأمور، وبعد أن كانت المنطقة مثارًا للتنافس الدولي دخلت أطراف إقليمية وكان أبرز تلك الأطراف تركيا وإيران اللتان تحاولان باستماتة استخدام المنطقة كورقة ضغط من أجل تحقيق مصالحهما مع الدول الغربية، وايجاد موضع قدم لهما ضمن خريطة القوى العظمى المؤثرة في العالم، ولإيضاح ثمة ورقة أعدها عمرو سليم (مدير المستقبل للدراسات الإعلامية والاستراتيجية) نشرها المركز الديمقراطي العربي قبل عدة شهور تتحدث عن المشروع التركي القائم على محاولات أنقرة الدخول للمنطقة العربية من خلال عدد من الأبواب المختلفة أبرزهم الباب التاريخي عن طريق محاولة إحياء زمن الأمبراطورية العثمانية، وهو ما يتضح بقوة في الدراما التي تصدرها للعالم العربي بمختلف أنواعها، فضلاً عن تصوير نفسها كنموذج إسلامي في نفس الوقت يتبع المنهج العلماني في التفكير ويحارب السيطرة الاسرائيلية ويدافع عن الدين الإسلامي والمقدسات العربية مستغلة في ذلك الأزمة الفلسطينية، وتطوراتها المتلاحقة فضلاً عن محاولاتها المستمرة للتوغل وبسط النفوذ داخل الأراضي العراقية والسورية مستغلة اشتراكها في مياه نهر دجلة والفرات مع كلتا الدولتين، ولا ننسى أن هناك رغبة مشتركة عربية تركية في عدم قيام دولة كردية بالشمال السوري أو بالأراضي العراقية لما يمكن أن يسببه ذلك في إحداث مزيد من التوترات والنزاعات في المنطقة الساخنة، أي أن تركيا تحاول أن تصور نفسها كصانع للسلام والتعاون الاقتصادي صاحبة التاريخ الإسلامي والفكر الأوروبي الحديث المستنير، وفي نفس الوقت القوة الاقتصادية والسياسية القادرة على مساعدة الشعوب العربية لتحقيق أحلامها في مستقبل أفضل!

أما مشروع ملالي إيران فإنه يلعب دور الممثل الوحيد للشيعة في المنطقة والحامي والحافظ على الطائفة من القضاء عليها من جانب الدول المحيطة لها.. بل تحاول السلطات الإيرانية التواصل مع الأطراف الشيعية المختلفة بالعالم العربي وإقامة جسر اتصال معها لتستخدمها لمصالح طهران، وايضًا كنقطة تفاوض إذا لزم الأمر، فضلاً عن قيامها بدعم الأنظمة والحركات الشيعية التي تلعب أدوارًا سياسية وعسكرية في ذات الوقت، مثل حزب الله في لبنان والحركات الشيعية في العراق وجماعة الحوثي في اليمن كمحاولة للسيطرة على أنظمة تلك الدول وبسط نفوذها بشكل غير مباشر واستخدام تلك الأطراف كوسيلة للتفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الدول الغربية.

ورغم اختلاف كلٍ من المشروعين التركي والإيراني في طريقة وصولهما الى غرضهما الرئيسي في المنطقة العربية إلا أنهما تشتركان في نفس الهدف، وهو السيطرة والتحكم والهيمنة وفقًا لمصالحهما القومية والسياسية والاقتصادية والعقائدية، ومن الأمثلة التي يسوقها على ذلك ملف العراق، حيث تشترك كلتا الدولتين في أنهما تريدان منع عودة نهوض الدولة العراقية لمنع أي نفوذ عراقي إقليمي من جديد لتتمكنا من استمرار السيطرة على مقاليد السلطة في المنطقة وتوجيه الدفة للاتجاه الذي يراعي مصالحهما، فضلاً عن منع قيام دولة كردية ستسبب لهما أزمة داخلية وربما مخاطر لسلطة أردوغان وخامنئي، وأيضًا منع توغل أي عناصر إرهابية مسلحة إلى أراضيهما من خلال الحدود العراقية والسورية، إلا أنهما في نفس الوقت قد تختلفان في عدد من النقاط الأخرى مثل العلاقات مع الجانب الاسرائيلي، فتركيا تربطها علاقات قوية ومصالح مشتركة معها عكس ايران، كذلك العلاقات التركية الواسعة مع الولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو على عكس العلاقات الايرانية المتأزمة مع تلك الأطراف.

وإذا كانت العلاقات التركية الايرانية كما يراها البعض في تناغم وتناسق مشترك، إلا أنها تشهد توترًا في بعض الأحيان، ونرى ذلك في الملف السوري.

وقد تباينت الرؤى حول العلاقات التركية الإيرانية، إلا أن من المتوقع أن تزداد تطورًا إذا تزايدت الضغوط الأمريكية والأوروبية على تركيا وكذلك إيران لتكون كلاهما حليفًا مشتركًا للآخر ضد المحاولات الخارجية الرامية إلى تقويض سيطرتهما على مقاليد الأمور بالمنطقة، وهو ما يعلمه القادة الأتراك والإيرانيون أنه سوف يصدر إلى داخل دولتيهما في صور أزمات تضرب جبهتهما الداخلية، إلا أنه ربما يحدث العكس ويتحول ذلك التعاون لصراع ومشاحنات ساخنة، وذلك في حال حاولت القوى العظمى إعطاء الضوء الأخضر لتركيا وهي الحليف الأقرب سياسيًا للولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو واسرائيل لقيادة المنطقة خلال المرحلة المقبلة.

الخلاصة، إذا كانت العلاقات التركية الايرانية شهدت تطورًا خاصة بعد فترة الانتفاضات العربية عام 2011 بشكل كبير، وأصبحت في بعض الملفات تقترب من الوصول لتحالف مشترك تجاه عدد من القضايا في المنطقة العربية أبرزها مقاومة أي محاولات لإقامة دولة كردية بجانب حدود الدولتين، فإن هذه العلاقات لم تخلُ من التجاذبات ومحاولات التنافس بينهما من أجل الظهور بدور المسيطر والقائد للقضايا الساخنة بتلك المنطقة، فتركيا تحاول التلاعب بسيطرتها الإقليمية مع الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا خصوصًا عند استقبالها المهاجرين السوريين، كورقة ضغط وتهديد في رسم مسار مصالحها الخارجية مع القوى العظمى، أما إيران تحاول تخفيف الضغط الواقع عليها والعقوبات الامريكية والدولية المفروضة ضدها بالاشارة لنفوذها المتزايد في لبنان وسوريا والعراق واليمن والذي من الممكن أن تستخدمه إذا فرض عليها ذلك لإشعال المنطقة في صراعات متعددة تهدد المصالح الامريكية والاوروبية بها.. ولكن المشترك بينهما هو استخدام جماعات الإسلام السياسي في الصراعات الداخلية بدول المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية