الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا حل لمشاكل تركيا خارج حدودها

اسماعيل شاكر الرفاعي

2020 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


اذا لم تفكر تركيا بالخارج ، وتركز في تفكيرها على ايجاد الحلول لمشكلاتها الداخلية تكون بلد : سلام وإنتاج وعلمانية وسعي حثيث صوب الديمقراطية ، وهذا هو قدرها الجيوسياسي الذي أثبتته احداث ما بعد الحرب العالمية الاولى وتأسيس دولة تركيا الحديثة .
اما اذا وقعت ضحية تفكير الإخوان المسلمين وترسمت خطاهم ( كما يفعل اردوغان الان ) في العمل على بعث " الخلافة الاسلامية " واسرها ضوء الخارج ونفطه وغازه فان تركيا تكون بالضرورة بلد : حرب وارهاب واحتلال ، وهذه هي الحقيقة التاريخية وراء انتقال الأتراك من امارة تابعة للسلاجقة عام 1299 الى امبراطورية مترامية الأطراف تمتد من الغرب الأوربي الى المشرق العربي ، ويأمر سلاطينها بنقل الأموال على شكل ضريبة " خراج " على الأراضي الزراعية في مصر وشمال أفريقيا وبلاد الشام والعراق ، وعلى شكل ضرائب أخرى : كالزكاة والجزية على رؤوس المسيحيين واليهود وكل فرد غير مسلم ، مثلما أمروا كذلك بنقل المهارات الحرفية والهندسية والفنية من جميع العواصم العربية : القاهرة وبغداد ودمشق وأرسلتهم الى إسطانبول : وهذا النقل للثروات والكفاءات من بلدان العالم العربي الى مركز الإمبراطورية العثمانية سبق به العثمانيون : مرحلة الاستعمار الأوربي او تزامنوا مع مرحلة الاستكشافات ...

لا حل لمشاكل تركيا ولا لأي بلد إسلامي او عربي خارج حدوده : حل مشاكل بلدان العالم الثالث توجد داخل اسوار دولها وليس خارجها . خارجها توجد حروب وسبي وتهديم مدن ، قبل تركيا حاول جمال عبد الناصر ذلك ، وحاوله صدام ، وتحاوله الان : ايران عبر استراتيجية خاصة ، وتحاوله السعودية في اليمن وتحاوله قطر والأمارات : وجميع هذه البلدان سيصيبها ما اصاب العراق الذي انتهت حروبه الخارجية بابتلاع النظام الصدامي نفسه ...

حل مشاكل هذه البلدان يكمن داخل هذه البلدان : وأول هذه المشاكل التي تتطلب حلاً سريعاً في تركيا وفي ايران وفي البلدان العربية : تتمثل بمشكلة المواطنة ، وهي مشكلة لا حل لها في المستقبل المنظور طالما ان جميع ساسة بلدان الشرق الأوسط يفكرون ببعث إمبراطوريات قديمة ومحاكاة المرحلة الاستعمارية الأوربية . ان التطلع الى الخارج واستغلال الفرص السانحة على طريقة صدام حسين الذي أراد ان يستغل زمن الثورة في ايران ويختطف الكثير من آبارها النفطية وموانئها ، ستقود تركيا وايران والسعودية الى الاصطدام بالنظام الدولي ( نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي لم يمت بعد ، ) ...

لا يوجد بلد قوي في الشرق الأوسط ، لا تركية قوية ولا ايران ولا السعودية : طالما انها تستورد القوة جاهزة من الدول الصناعية او تستورد موادها الخام . ولم تكن هكذا اقطاب الحربين العالميتين من الأوربيين التي لم تعتمد في تسليحها الأساسي على الخارج بل كانت تصنعه داخلياً ، ولهذا استمروا في قتال وحشي لسنوات ، وتستطيع مصانعها ان تمدها بالأسلحة لسنوات أخرى . . لا تستطيع تركيا ان تحارب لأسابيع من غير استيراد سلاح وكذلك ايران والسعودية : وهذا ما يفسر لنا حضور روسيا الكثيف في احداث الشرق الأوسط ، بسبب من حاجة هذه البلدان الماسة الى شريك دولي عسكرياً ودبلوماسياً ، ومع ذلك : لا يستطيع الطموح التركي ولا الإيراني ولا السعودي والإماراتي والقطري : اخراج سايكس بيكو جديدة الى الوجود مجدداً اذا لم تكن تتجاوب مع مصلحة الإمبراطوريات المالية والصناعية المعروفة ...

حل مسألة المواطنة في بلدان الشرق الأوسط عملياً وليس نظرياً هو الطريق لبناء شرق اوسط خال من أسباب ومسببات الحروب ( حقوق الأقليات القومية والدينية ، ) . اذ تختفي في هذا الحل كل الشوفينيات وملامح الاستعلاء القومي : التركي العربي الفارسي الكردي ، وتتوقف معه هذيان الحديث عن افضلية ديني او افضلية طائفتي : لكن تطبيق مفهوم المواطنة يتطلب الإيمان العميق بالديمقراطية كنظرة الى الكون والحياة وكمنهج في التعامل مع مشكلات الحياة ، وهو ما يقاومه الآن حتى الذين يتغنون بالديمقراطية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة