الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرثر ميللر وعقدة اوديب. 1 الثمن

صباح هرمز الشاني

2020 / 7 / 8
الادب والفن


أرثر ميللر وعقدة اوديب
1ـ الثمن

كتب ارثر ميللر مسرحية (الثمن) عشرين عاما بعد مسرحية (كلهم ابنائي) اي في عام 1968. وتتكون من اربع شخصيات وهي: (فيكتور فرانز) ضابط شرطة، (ايسترفرانز) زوجته، (جريجوري سولومون) تاجر في بيع وشراء الاثاث المنزلية القديمة ، و(ولتر فرانز) شقيق فيكتور ، يعمل طبيبا.
يتناول فيها المؤلف نفس الموضوعات التي تناولها في مسرحيته (كلهم ابنائي) و (وفاة بائع متجول) .اذ مثلهما يدفع الابناء ثمن اخطاء الاب . فاذا كان الاب في الاولى قد اشترك مع زميله في جريمة قتل احد وعشرين طيارا وتملص منها، وان الاب في الثانية انشأ اولاده على التربية السيئة والغش والكذب ، فان الاب في هذه المسرحية الذي لايظهر على خشبة المسرح لانه ميت ، يفقد الثقة بين ولديه لانه كان يفقد الثقة بهما وبالتالي بالمجتمع ككل، وذلك من خلال تكديس المال والعيش على حساب ابنه فيتكور.
وتتميز هذه المسرحية عن سابقتيها ، في ظهور شخصية (سولومون) التاجر، بمثابة الاب وبديلا ً عنه (وان لايشير المؤلف الى هذا الشيء ) الا ان سعيه خداع فيكتور لشراء الاثاث منه باقل سعر يؤكد ذلك.
ومع ان الاثاث المتكدس في الحجرة ليس لفيكتور وحده، وانما يشترك معه في هذه الملكية شقيقته وولتر ، كون الاثاث عائد لوالده، الا ان فيكتور يقرر بيعه دون استشارة شقيقه، بالاحرى اراد ان يستشيره ، واتصل به هاتفيا اكثر من مرة، الا انه لم يرد عليه، سيما انه قد جعل مستقبل وولتر ممكنا، بالتحاقه كلية الطب، مع ان فيكتور كان اكثر تفوقا منه في الدراسة،لهذا يجد نفسه اكثر استحقاقا بالاثاث من شقيقه ،ذلك ان وولتر لم يكن يمكنه ان ينهي دراسة الطب لولا تفرغ فيكتور لرعاية والده. الا ان زوجته (ايستر) ترفض ذلك ، وتصر على الاتصال بـ وولتر حتى اذا كان عن طريق رسالة او دق بابه للحضور الى حجرة الاثاث ، لان ذلك قد يساعد زوجها على اتخاذ قرار بشان استيداعه.
وتتكون المسرحية من فصلين ، وتدور حوداثها في حجرة عتيقة مزدحمة بالاثاث القديم ، وفيكتور وزوجته(ايستر) ينتظران بفارغ الصبر قدوم التاجر (سومولون) البالغ التاسعة والثمانين من عمره ، لبيعه اليه، وبعد ان يحضر متاخرا بعض الشيء عن موعده وتذهب ايستر الى المصبغة، يبدأ الخلاف بينهما من البداية على بيع الاثاث ، باصرار فيكتور على بيعه كله ، وعزم سومولون على شراء كل قطعة على حدى، ولكن عندما يخاطبه فيكتور بلهجة تهديد واضحة ، نفاذ وقته لمناقشة هذا الموضوع ، يرضخ لشراء كل الاثاث، ويقدر ثمنه بـ الف ومائة دولار،واثناء دفع هذا المبلغ الى فيكتور يدخل شقيقه وولتر فيرتبك فيكتور، فينقل النقود في يده اليسرى بينما يسلم عليه باليمنى. ومن هنا يبدأ النقاش الابسني بين الشقيقين حول ماضيهما الدائرفي انقطاع علاقاتهما لستة عشرعاما ، وعدم تسليف فيكتور خمسمائة دولار، لاستمراره في الدراسة ، وهروبه من تحمل مسؤولية اعالة والده لتنفيذ رغبته بالدراسة في كلية الطب ، وتولي هذه المسؤولية.
يلتقي الشقيقان وجها لوجه في هذه الحجرة ، وكل منهما يعتمل في داخله كومة من الملاحظات تجاه الاخر،هذه الملاحظات التي تطورت بمرور الزمن لتتحول الى حقد دفين.
ولان الحدث يدور في الزمن الماضي ، ماضي الشقيقين، لذلك فقد ارتاى المؤلف ، ان ياتي ديكور المسرحية منسجما مع مضمونها ماضي الشقيقين هو الثقة المفقودة بينهما وهذا هو مضمون المسرحية ويجمعهما مع هذا الماضي الاثاث القديم الذي تعاملا معه منذ طفولتهما ، والاثاث هو شكل هذا المضمون
وانطلاقا من هذا الفهم لحبكة المسرحية المبني على استرجاع الماضي من خلال الاعتماد على نقاش الشخصيات لوضع الحلول او ترك المعالجة مفتوحة فان وقوع المؤلف تحت تاثيرات ابسن مثلما في موضوع المسرحية كذلك في اسلوبها الدرامي واضحة.
وبهدف ترسيخ هذا الاسلوب وتطبيقه وجعله نهجا لمسرحيته ، يفيضها بالنقاشات ، والعودة الى الماضي . اذ يبدأ في المنحى الاول بعد مرور اكثر من ثلاثين صفحة من النص ، تحديدا في الجملة التي ينطقها فيكتور وهو يقول لشقيقه وولتر: ولكني لا اتكلم بالتلفون لمجرد تمضية وقت. كان صوت ممرضتك كأني وباء ما.. كان ذلك اذلالاً لي.
والمنحى الثاني باستخدامه عشر مرات، ابتداءً من الصفحة(175) الى (256) مجموعة من مفردات الاثاث ، كالكرسي، والسيف،والقيثارة، والثوب، لترمز كلا منها الى المعنى الذي يهدف ان يلعب دوره في المسرحية رامزا السيف الى الخلافات القائمة بين الشقيقين ، او كما يسميها ميللر(سباق الثعالب) ، والكرسي الى الاب حيث مصدر المشاكل وتكديس المال, والقيثارة باعتبارها رمزا لسعادة الماضي وتحفة نادرة لهدية زواج جده، والثوب رمزا لاجمل يوم في حياته، وهو زواجه، اذ ارتدته والدته بهذه المناسبة.
وابتداءً من وصف المقدمة يكشف المؤلف عن موضوع مسرحيته هذه الدائر حول فقدان الثقة بين افراد الاسرة الواحدة وافتقارها الى الاحترام المتبادل فيما بينهما ، لتقديرها النجاح المادي ، وخشيتها من الفشل، مثلها مثل النظام الراسمالي الامريكي المبني على استثمار الاموال واضطهاد شعبها والشعوب الضعيفة لاستغلال قوة عملهما لصالحه، اذ يتكرر وصف مفردة (الكرسي) في المقدمة مرة في نفس الجملة باعتباره يمثل الاب ، ومرة اخرى للخواء اي تاثيره بشكل سلبي على اولاده ، وذلك من خلال جملة (كرسي منتفخ الحشو) في الثانية و(في منتصف المسرح) بالنسبة للاولى ومرة اخرى للدلالة على عدم احتكاك الاب بالمجتمع وعدم معرفته ذات الاخرين عبر جملة ( ان الحياة تجري فيما حول الكرسي فقط).
وتتكرر من قبل (سولومون) للجلوس عليه، دلالة الى حب المال واشارة الى شخصية الاب.
ولو راجعنا عدد المرات التي جاءت فيها هذه المفردة وهي عشرين مرة بغض النظر عن المرات الاربع التي جاءت فيها في مقدمة الفصل الاول لراينا انها غالبا ما تقترن بالمفهومين السالفي الذكر، معبرة عن هذين المعنيين بطرق مختلفة احيانا بالايحاء الى حب المال وتقمص شخصية الاب كما في جملة (يشير سولومون بالشكر يجلس على الكرسي الذي يتوسط الحجرة) واحيانا اخرى بشكل مباشر بحب المال وهو يقول :( الان سنتكلم عن النقود) واحيانا ثالثة ورابعة لطموح فيكتور الوصول الى الكرسي وهو يتماسك نفسه وينظر الى كرسي الوسط ثم الى وولتر وتاخذه الذكرى في الواقع، وخامسة الى عدم الثقة بالاخرين عبر جملة (لاتوجد رحمة في اي مكان) وهو ينظر الى الكرسي في نهاية المائدة.
وتعود المسرحية الى ماضي شخصياتها اكثر من عشر مرات وتبدأ من الحوار بين فيكتور وزوجته حول زمن الحجرة التي مضى عليها (150) عاما متذكرا اياها فيكتور بالعودة الى طفولته وهو يشير الى جانب منها قائلا : الا انها كما كانت دائما كان مكتبي في هذا الجانب وسريري ، اما الباقي فكما كان.
والمرة الثانية باعتقاد فيكتور ان الناس كانوا سابقا اكثر مودة مذكرا زوجته باخوات ماكلوفين حين كن يقدمن خدمات الالة الكاتبة في حجرة النوم الامامية ، وكان والده دائما يقول: في هذا المكتب للالة الكاتبة تحصل على النسخة الواحدة بدولارين.
والمرة الثالثة اثناء حديثهما عن الاسطوانة التي كان لها نجاح كبير في عشرينات القرن الماضي وكان فيكتور حينئذ ٍ في الخامسة او السادسة من عمره .
والرابعة بتذكر ايستر، وهي في التاسعة عشرة من عمرها صعودها لاول مرة درجات المنزل لتفتح الصندوق الذي يحتوي بداخله الزي الرسمي لزوجها، وحينما لبسه لاول مرة ضحكا كثيرا، وكان يقول زوجها لو حدث اي شيء ستطلب البوليس وفي الخامسة تذكر صمامات الراديو والسادسة انفجار البطارية والسابعة في حديثهما عن القيثار مع سومولون الذي كان في حالة جيدة قبل ستة عشر عاما اما الان فهو ليس على مايرام وذلك بسبب الزمن وهو يشير الى القيثار ويقول : لوحة الصوت مشقوقة اتدري ؟ ولكن لاتقلق عليها انها مازالت لطيفة .
وفي الثامنة عندما يتحدث سولومون عن زوجاته الاربع، والتاسعة حديث فيكتور الى سومولون عن شقيقه وولتر والعاشرة يقول وولتر: كانت امي تحب ان تراقبه وهو يبارز (قاصدا ً فيكتور).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف