الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هشام الهاشمي ... مفكر وشهيد الوطن ؟

غدير رشيد

2020 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


في البداية لابد أن نؤكد على إدانة الجريمة البشعة في إغتيال السيد هشام الهاشمي ونطالب بأقصى العقوبات لكل من حشد وخطط ونفذ الجريمة لأن تكرارها سيفقد الوطن خيرة أبنائه.
قرأت الكثير من المقالات في الحوار المتمدن عن الحادث، وكلها تصف المرحوم الهاشمي بالمفكر / الشهيد / الوطني ....إلخ من نعوت إعتدنا على إطلاقها كعراقيين عاطفيين يهزنا الحدث فنكتب مايمليه علينا لساننا دون أن نتوقف قليلا للتفكير.
أغلب المقالات إتهمت الحشد الشعبي بتنفيذ الجريمة وكأن القاتل قد تم تحديده بل وكإننا لدينا أدلة وبالتالي لاداعي للتحقيق والقضاء وهو إستنتاج غريب إعتدنا عليه كعراقيين فيما لا يحصل ذلك في الدول المتقدمة سواء من الحكومات أو من المواطنين ،وهي الدول التي يعيش فيها أغلب الكتاب الذين كتبوا عن المرحوم الهاشمي في الحوار المتمدن.
لدي سؤلان أرجو أن لا تفهم خلاف ماأقصده، ولكني أجد من الضروري أن ينتبه العقل العراقي لها كي لانكون أداة بيد قوى دولية كما فعلنا بعد تموز 1958 وقبل تموز 1968 من ترديد لما كانت تبثه الماكنة الإعلامية الأميركية ضد نظامي قاسم وعارف وفي الحالتين إستلم البلد بعدهما الأوباش مع التأكيد إنني لا اشبه النظام الحالي بنظامي قاسم وعارف فالفرق كبير.
السؤال الأول : كيف عرف الكتاب أن مليشيات الحشد الشعبي هي من إغتالت الهاشمي، لأنهم يتحدثون وكإنهم متيقنين، في حين يجب أن نكون جميعا وخصوصا المثقفين ومنهم شخص مثل الدكتور كاظم حبيب المعروف بتاريخه السياسي الكبير والذي حفزني مقاله عن الهاشمي لكتابة هذا المقال، أن نكون أكثر حنكة في تحليل الواقع أوعلى الأقل ننتظر إلى أن تظهر نتائج التحقيق ثم نبدأ التحليل، لأننا أمام حدث تاريخي لايمكن القطع به ومعرفة كافة أولياته إلا بعد حين خصوصا في بلد منتهك السيادة مثل العراق.
الهاشمي تم تهديده من داعش ومن بعض فصائل الحشد فلماذا التركيز على إتهام الحشد فقط وننسى داعش ...ألا يعرف المثقفون العراقيون بخبرتهم السياسية الواسعة أن هنالك لاعبا خطيرا يملك قوة خارقة وهي أميركا وهي المهيمنة على الساحة العراقية ، وهي من نصفها بأنها عدوة الشعوب والتي يؤكد تاريخها إنها لا تمانع في قتل الصديق إذا كان يخدم مصلحتها وإغتيال الهاشمي من مصلحتها بالتأكيد لأن الفوضى تصب في مصلحتها أيضا ، سؤالي لماذا غاب عن تلك المقالات هذا الإحتمال ولو لمجرد الإشارة إليه، أم إن كرهنا للأحزاب الإسلامية يجعلنا ننسى النظر لكامل المشهد.
الإعلام الأميركي يدفع بإتجاه إتهام الحشد وإيران لأن إيران هي العدو الأول لأميركا ، وهنا لا أدافع عن إيران لأنها بالفعل تسيء للعراق ولكن ألا تدفعنا وطنيتنا العراقية بعيدا عن الأميركان والإيرانيين وتدعونا إلى أن نتأمل بتأن لنعرف إن الإثنين هم أعدائنا بل إن العدو الأكبر هو أميركا بتاريخها العدواني على العراق منذ 1958 ولحد الآن وكلنا نعرف أساليبها في تغيير الحقائق وتلفيق الأكاذيب والتي يبدو إننا نسيناها بسبب خطايا الأحزاب الإسلامية في العراق.
السؤال الثاني : هل كان المرحوم هشام الهاشمي مفكرا فعلا حتى إن أحد الكتاب في الحوار قرنه بكامل شياع الذي قضى عمره مناضلا، هل لدينا دليل إنه كان مفكرا وهي صفة لا تطلق إلا على شخصيات لها تأثير فكري في المجتمع مثل علي الوردي ، فهل كان الهاشمي كذلك أم إن عاطفتنا تدفعنا لذلك مثلما تدفعنا عاطفتنا للتقليل من شأن شخصيات كبيرة لأننا لانحبها، لم أقرأ في أي مقال إنجازات الهاشمي الفكرية وتأثيراتها المجتمعية التي إستحق عليها هذا الوصف الكبير ولاحظو إنه نفس وصف بومبيو للمرحوم الهاشمي،لذلك أتمنى أن يوضح لنا الكتاب إنجازات الهاشمي الفكرية.
كما وصفه الدكتور كاظم حبيب مثلا في مقالته بأنه الشهيد الوطني دون أن يقدم دليلا على إستحقاقه هذه الوصف أو يعلمنا بالمعيار الذي إستخدمه للوصول إلى هذه النتيجة من خلال إستعراضه مثلا لمواقف وطنية شجاعة وهو ما لم نسمعه عن المرحوم الهاشمي ، أللهم إلا إذا كانت لديه معلومات شخصيه عنه لانعرفها، وعلينا أن نسأل أنفسنا هل إن كل من يعادي المليشيات هو وطني ؟ ألا تعادي أميركا المليشيات فهل أهدافها وطنية، ألا يعادي القادة الشيعة المليشيات السنية وبالعكس تعادي القيادات السنية المليشيات الشيعة والإثنان يعادون البيشمركة، فهل هم وطنيون أم سبب رئيسي لما وصل إليه حال العراق بسبب صراعهم على المكاسب.
ثم لماذا لم يذكر أحد تاريخ المرحوم الهاشمي الإرهابي الذي إستمر به منتسبا وقائدا من 1995- 2009 ( أكثر من 14 عاما) لعدد من التنظيمات الإرهابية وبالتأكيد كان له دور في إشاعة القتل بعد 2003،بل بالتأكيد كان له دورا كبير كمفتي أو فقيه في كسب المئات من الشباب المخدوعين الى المنظمات الإرهابية والذين قتل كل واحد منهم العشرات من العراقيين وبالتالي فهو يتحمل وزر من عمل بفتاواه وقد يكونوا لازالو إرهابيين.
ولماذا لم يتوقف أحد أمام قضية إطلاق سراحه من سجن بوكا وهو إسلوب كان يفعله الأميركان مع من يتعاون معهم أو من يصبح قياديا في المنظمات الإرهابية، والمرحوم الهاشمي كان من المتعاونين وعلى الأغلب إستمر في تعاونه معهم ، فهل يحق لنا إطلاق صفة الشهيد الوطني عليه دون تمحيص وتدقيق في كل هذه المعلومات، وإذا كان متعاونا مع الأميركان فعلا ألا يدفعنا هذا لوضع علامة إستفهام عليه أم إن أميركا لم تعد محتلة كما يتوهم الكثير من المثقفين الذين ينتظرون الضربة الأميركية للحشد معتقدين إنها ستفعل ذلك ليعود العراق حرا مستقلا متناسين إن من حطم الدولة هم الأميركان أنفسهم وليس غيرهم وبالتالي أصبح المتعاونون معها في نظر البعض وطنيين وليس عملاء كما كنا نصفهم، هل إن توبته من الإرهاب تعفيه من أفعاله وتمسح خطاياه، لأن الإلتحاق بالإرهابيين وقيادتهم ولمدة أربعة عشر عاما خطيئة بحق الوطن خصوصا من مثقف وليس من مواطن بسيط وليست خطأ أو جهلا أو زلة وبالتالي من الصعب شطب كل ذلك لمجرد توبته، نعم قد نسامحه ليعود مواطنا ولكن أن نعتبره شهيدا وندعوا إلى تسمية شارع بإسمه فهذا مايتطلب من الجميع التوقف والتفكير....لو تاب البغدادي مثلا قبل موته وغير فكره ثم قتل هل يحق لنا أن نسميه شهيدا ؟؟؟؟
ومن الملاحظ على مثقفينا تجاهل الدوافع الشخصية النرجسية للأشخاص في تبنيهم لأفكار معينة أو تقلبهم بين الأفكار ولايأخذون هذه الدوافع بنظر الإعتبار عند محاولتهم فهم سر هذه التقلبات، ولو راعينا هذه الدوافع عند تحليل شخصية المرحوم هشام الهاشمي ، لوجدنا إن المرحوم كان من الشخصيات القلقة، فقد تحول من المذهب الشيعي إلى السني وهذا موقف فكري من حقه،ولكنه غير لقبه دون مبرر،علما إنه غير مذهبه في تسعينات القرن العشرين عندما كان النظام يمنح مكافئات مالية لمن يتحول من التشيع إلى التسنن، وإنتقل بين المذاهب السنية ثم أصبح سلفيا، ثم جهاديا، بل إنه إنتقل بين التنظيمات الجهادية وكان يسعى للأتصال بها وبفترات قصيرة لايمكن تبريرها بتغير في المنطلقات الفكرية التي تحتاج لوقت طويل ، ثم تعاون مع الأميركان وتجسس على رفاق الأمس وكلنا نعرف إن التعاون مع الأميركان لايمكن للشخص أن يقرر إنهائه بنفسه، وبعدها تعاون مع أجهزة الأمن العراقية، وكان ينتقل من قناة فضائية لأخرى دون أن يدقق في إتجاهاتها أو رصانتها،وبالتالي قد تؤشر هذه المعلومات خفايا شخصية أخرى يجب أن نتعمق بها قبل إطلاق النعوت سلبا أو إيجابا.
ثم ألا تلاحظون البعد الطائفي في تسمية الشهيد كما حصل مع المرحوم أحمد راضي الذي لم يتوان البعض في وصم كامل المنظومة الصحية بإغتياله لأسباب طائفية يروج لها الفاسدون لتغطية فسادهم، ألا تلاحظون إن القوى السياسية لم يكفها المتاجرة بالأحياء من العراقيين فألتجأوا الى الموتى للمتاجرة بدمائهم من أجل إبتزاز الخصم، ولا أعتقد إنكم لم تنتبهوا إلى طبيعة القوى التي تاجرت بدماء الهاشمي وقبله أحمد راضي وبطريقة مشينة مثل الكرابلة الذين يمثلون أسوأ الفاسدين ،ولاحظتم كيف تتقاذف القوى السياسية التهم دون حياء أو إحترام للموتى، وصدقوني سينسى الجميع الهاشمي وأحمد راضي كما نسوا المئات قبله.
لكي ننصف الرجل يمكننا وصفه كونه محللا متميزا للأحداث وقد يكون موضوعيا وعلميا ،ولكنه في نفس الوقت كان يغير تعليقاته حسب القناة الفضائية التي يظهر فيها.
أعتقد من الصعب أن تضعه في مصاف شهداء الوطن الكبار.....
نحن العراقيون لازلنا لم نتعلم التفكير النقدي في تحليلنا للأحداث ولهذا نجد عدد غير قليل من يصف صدام بالشهيد...
مرة أخرى أدين الجريمة ولكن علينا الإنتباه بأن لا نكون جزء من الماكينة الإعلامية الأميركية الهائلة الإمكانيات التي تستخدم أي حدث صغير لتهويله وتجييره لمصلحتها ،خصوصا المثقفين المحترمين أمثال من يكتب في الحوار المتمدن خاصة وإن المرحلة التي يمر بها العراق هي مرحلة حاسمة يتوقع البعض فيها وصول سيناريو الصراع الإيراني – الأميركي إلى نهايته وسيدفع العراقيون فاتورة هذه النهاية.
تحياتي للجميع والرحمة لكل شهداء الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق على كاتب
د.فرح صابر ( 2020 / 7 / 9 - 17:21 )
قد اتفق مع الكاتب فيي بعض الجوانب، لكن يبدو انه(الكاتب) انطلق في تفسيره للحادث ولللشخصية المغتالة من نفس المنطلقات التي يعيبها على الاخرين، فهو يذكر ايران بالسوء، ولكن بشكل خجول مقارنةبشيطنة امريكا المحتلة، متناسيا او قافزا فوق حقيقة ان الاحتلال الايراني اليوم للعراق ،وان بدا الوصف مجازيا،ابشع واقسى بكثير من الاحتلال الامريكي بكل شروره ومآسيه. ويشير الى الاتهامات الموجهة الى الحشد بانها فرضيات تتطلب التتبع والتفسير في حين، ومن نفس الزاوية التي ينتقدها على الاخرين، يكيل الاتهامات للهاشمي بسبب مااعتبرها تقلبات سياسية وفكرية في مسيرته الشخصية دون ان يفسر لنا سبب هذه التقلبات او مدى صدقيتها. وقد امتلك الجرأة لان اعزو هذه الظاهرة الى هذا التخندق الفكري او السياسي الذي يجد المثقف العراقي نفسه محشورا فيها، الا ماندر.في كل الاحوال الجميع ممن يؤمن بحرية الكلمة لايمكن الا ان يدين ويستنكر عمليات الاغتيال البشعة لمجرد الاختلاف في الرأي او الموقف.


2 - نداء للمهتمين الجديين في شاءننا العراقي المعقد وال
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2020 / 7 / 9 - 18:41 )
والمحزن لقراءة هذه المقالة التي تتضمن معلومات-جديدة علي مثلا-ومناقشات جديرة بالنظر اليها بعقلانية والمقالة جهد مشكور كذالك للتنبيه الى ضرورة ايلاء الكتابة السياسية ولو بعضا من متظلبات البحث العلمي-مثلا التوثيق-ولو لا وضعي العمري والصحي وتفاقمات الحجر لحوالي اربعة اشهر بسبب بايروس كورونا لكتبت خصوصا في التنبيه لاضرار مقالات متسرعة وغير موثقه كمقالتي كاظم حبيب الاخيرتين-ان خطورة وحساسية الكتابة السياسية تستلزم ايضا من الحوار المتمدن بصفته منبرا للفكر العلمي والثافة التقدميه ان يمحص-ولا اقول ان يراقب -في النصوص التي تنشر على صفحاته-مثلا مقالة تنشر اليوم بقلم امي في العلوم الطبيه يعلن فيها ان فايروس كورونا عمل بشري-تماما كما يردد داعية الشر ترامب دون سند علمي-تحيات خاصه للكاتب الاستاذ غدير رشيد على هذه المقالة العقلانية والمسؤله-تحياتي

اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في