الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نحو ثقافة علمانية معاصرة ؟
احمد مصارع
2006 / 7 / 1ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
العلمانية حكم العقل وسلطته .
من أجل أن تكون العلمانية ثقافة للعصر , لابد من تخليص مفهوم العلمانية , من كل ما علق به من شوائب تاريخية , غير مخصبة , والتوجه نحو تحميل المفهوم معان جديدة , لتكون أكثر فائدة للحياة الإنسانية عامة , وفي سياق تطور المفاهيم في كل العلوم , أن تتجمع الأرصدة حول المعاني الأحدث من تطور تعريف المفهوم.
ليس للعلم القداسة المطلقة , فهو خاضع لعملية تطور مستمر , ولكنه جدير بالاحترام والتقدير , والعلم محاط بأخلاقية نافعة للغاية , وله روحانياته بالمعنى الضيق للكلمة , ولكنها روح تنافسية على مستوى عال من الرصيد ألعرفاني .
التنافس ضروري بكل أشكاله الإبداعية , في مختلف مجالات الحياة , وعندما يوجد تنافس حقيقي نزيه , غايته الحقيقة الصادقة , فلا من تحكيم مرجعي , فلانور كشاف , ولاصافرة عادلة , توازن بين الجمال والحق , بين المتعة الخاصة والعامة , من سوى المرجعية العقلية العلمية , التي يمكن مساواتها بالعلمانية , التي تتمثل بالنزاهة والحيادية , والموضوعية والعدالة , من الموازين المقبولة بشكل مقاربات فلسفية فكرية ,حقوقية سياسية, اقتصادية اجتماعية, خصوصية فردية , نظرية وعملية , بل وأخلاقية سلوكية , وهي مقاربات تستمد أصوليتها , من البنية الايزومورفيزمية , لابستيمولوجيا العلم ذاته , في إنتاج الفكر والعمل , بل وفي كل ما يتعلق بشؤون الحياة المعاصرة , فهل من السهل تصور قبول اللاعبين - الأنانيين غالبا- سماع صفارة الحكم , والتوقف عن متعة اللعب , لمخالفته لإشارات العقل السليم , وضوابطه التي من المعتقد أنها ستحقق أكبر قدر من المتعة والجمال والتناسق والجمال , لأننا نحاكي هارمونية العقل العلمي الذي لم يترك شيئا مفيدا في الحياة إلا وأخذ من حسناته , وهو ما دعا أحد علماء الرياضيات في وصفه لنظرية المجموعات بالقول : لقد خلق لنا جورج كانتور جنة نعيش بها , ومن القول نلمح ليس الدقة العلمية الصارمة فحسب , بل وحتى النزعة الصوفية المثالية .
علمانية الماضي القريب , هوجمت دعائيا , وتشكل حولها مواقف غوغائية , حتى في البلاد التي أنتجتها , بل وحملت بعض أبعادها التاريخية , بعيدا عن حالة النهضة والتنوير الأخطاء السياسية الرجعية , العنفية , غير المسترشدة بالاحتكام الى مبادئ العقل العلمي ؟
يقال بالعربية : الحق يعلو ولا يعلى عليه ؟ حسنا , ماهو الحق ؟ , ماهو منطق الحق ؟ هل هو صادر عن النزوات والرغبات أو الأهواء , أم أن منطقا علوميا عقلانيا , مقاربا للعلمانية كثقافة هو المرجعية في التفريق بين ممكنات الخطأ أو الصواب , والمسألة ليست مزاجية أو أخلاقية , بقدر ماهي محاولات صادقة , كثقافة عامة لعموم المجتمع أينما كان , وحيثما كان , للاقتراب من العقل العلمي لعلماء العصر الذين قدموا أعظم الخدمات للبشرية الصاعدة نحو الاندماج والتكامل , ليس بسخف التعصب والتزمت بل بفضل المرجعية العلمية , والعلمانية ليست دينا جديدا للتحكم بمرحلة زمنية في هذا العصر ؟
الديمقراطية من وضع الفيلسوف الحكيم سولون كأحد أعمدة الحكمة السبعة , وهو ليس أقل شأنا من الرسل الأهم في التاريخ البشري , بينما من غير المقبول اعتبار ما يتصوره عن الحياة السياسية المجتمعية , مطلقا ونهائيا , فما الديمقراطية غالبا سوى الاستبداد والطغيان للأكثرية , وحين نقر بذلك فسيكون ذلك , إقرارا غير عادل , ينفي حق الأقلية النسبية , بدون أدنى احترام أو اعتبار لضرورة مناصرة الأحقية العلمية , ومن هنا يمكن مصادرة ديمقراطية الفلسفة بأكملها , بالقول بكل بساطة وسذاجة أريحية : لا يستفتى على الحقيقة العلمية أبدا , الشكلانية تبقى دائما عاجزة عن توليد المضمون المناسب ؟.!.
إذا كان السيد العظيم فولتير سيدفع روحه ثمنا , من أجل أن يقول خصمه كلمته ورأيه , وهو في ذلك يعتقد مبدأ واحدا , يتمثل في صيانة حق كل البشرية في التعبير عن نفسها بدون كبت , وهو في ذلك يمنع الحبوب البشرية من أن تصب وتنطحن -فيما بعد- في طاحونة العالم النفساني فرويد, وهذا يعني جوهريا عدة أسئلة , فالديمقراطية يمكن لها أن تكون مثالية متعالية عن الواقع , كما يمكن لها أن تكون فجة لكونها مجرد حالة طغيان أو استبداد ؟.
العلمانية كثقافة علمية موضوعية , لاتقبل الانحياز لأي دين أو مذهب أو طائفة , لأن كل هؤلاء متفرقون بينما العقل البشري واحد وتوحيدي , ولا يقبل الانعزال , بل الموضوعية العلمية التي لايمكن لها إلا أن تكون اندماجية وتكاملية .
العلمانية جوهريا رفض بات لكل مسبقات تفريضية بدعوى الإجبارية , مع تنافيها مع سياقات العقل السليم , فعلى سبيل المثال , على من يحب الصيد أن يكف عن الشراهة , وأن يحمي موضوع صيده حين تحل سعة التكاثر , وهو في ذلك إن فعل فقد يكون قد اعترف بحق الأجيال القادمة في البقاء في بيئة صالحة , والبيئة الصالحة ستنفع أجيال يتصالح فيها الجميع , فلا هو وحده في هذا العالم , ولا الآخر كذلك , مهما تعددت الذرائع والحجج , لأن الأهم أن تمضي الحياة , بدون تحد للقدر , وبالتوازن أي بدون استسلامية مقيتة ؟.
الحرية أهم المفاهيم المطلقة , لن تجري فوضوية هكذا بدون حدود , أي بدون روح للمسؤولية , ونعود بذلك لصفارة الحكم , وهنا الثقافة العلمانية , ولنتذكر الجملة القاسية , التي تقول بأن حدود حريتك ستنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين ؟.
العلمانية وعقلية العجائز :
الجميع أبناء , والجميع أحرار , بل وكل ميسر لما خلق له , ولابد من منطق أو ثقافة تضمن للجميع من الأحفاد امكان الحياة في شروط أفضل , في ظل التوازن العقلي المنطقي والعلمي فيما بين الأنانيات البشرية , بحثا عن المنطقية العلمانية التي تكفل حق كل البشر في حياة أفضل , من الضعيف الى القوي , من المجنون الى العبقري , ومن الخطأ أن ، يعبد العجل الذهبي ,ذو الذكاء المتوسط ؟!..وفي نظرية العجائز فالكل متضمن في العلمانية كثقافة , الصغير والكبير , العظيم والحقير , كي تمضي الحياة , بسلام ووئام .
من يعادي العلمانية ؟
الكافر الساحر , والمكهون المجنون ,والمشعوذ بغير حق يتعوذ , والأشرار لا يعيشون بغير الطلاسم والأسرار ؟.
العلمانية والدولة :
الدولة طبيعية كما يشهد بذلك عموم المجتمع الطبيعي على المستوى الدولي , وفي هذا يظهر الترابط الوثيق , بين الماضي البعيد والحاضر القريب , بين ماكان ويكون وما ينبغي أن يكون ,من ترابط عميق , ولكن من يستطيع ردم الفجوة الحقيقية , مابين النظرية والواقع سوى المنطق العلماني العقلي , ليس في إنتاج النظريات فحسب , بل وفي مقاربة التطبيقات العملية , للتخفيف من الأضرار المرافقة للإنتاج العلمي ,فإذا كان لكل علم مختص بيداغوجياته ,فان الثقافة العلمانية العقلية العلمية هي بيداغوجيا كل العلوم ,أي المشترك الأعظم في كل ميادين الحياة .
من الحكم السياسية المسترشدة بالثقافة العلمانية , الحكمة التي تقول : من أجل سياسي واحد فعال , لابد من دعمه بألف تقني , كل ذلك من أجل اتخاذ القرار من بين الممكنات المتاحة , وليكون الأكثر جدوائية , وفائدة مابين المدى المنظور في جميع أوضاعه النسبية الممكنة .
الدولة العلمانية , هي التي تنشر الثقافة العلمانية , خارج المغلقات الإيديولوجية , والمنعزلات القومية أو الدينية , المذهبية , والطائفية , أي تمنع كل أشكال الاستبداد المطلق الدغمائي , والخاص ألاعتقادي الانعزالي , بحيث تفرق الجميع تحت السيادة , بغرض التجميع على المشتركات التنموية التنافسية , في تحديد علماني مستقل ودقيق , لمجالات التنافس , يشجع العام ويدعمه , ولا يحارب الخاص , بمعنى : لا يحب ولا يكره ..ولكن الأفضلية لكل من هو أريحي وشفاف , ومنفتح على المصالح العامة .
الدولة طبيعية , و مبادئ حقوق الإنسان أيضا ,وصفت في إعلان الثورة الفرنسية 1789 بأنها حقوق طبيعية , بل ومقدسة , ولعموم البشرية والإنسانية ,مؤكدا على أن من واجب الدولة أن تحمي حقوق الإنسان ,وكذلك حق الإنسان بالحرية , والمساواة لكل البشر , ناهيك عن كل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية , وجعل المشروعية للدولة في صيانة وتوفير تلك الشروط , وبدون تخصيص نذكر حق العمل , والصحة والعون المادي ,للمرضى والعاطلين عن العمل ,وبذلك تم رسم حدود الدولة الطبيعية , بإخلاصها التضامني مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
ليس بالعقل العلمي وحده يحيا الإنسان , ولكنه حل وسط ومعقول مابين الغريزة أو النفسانية الكهوفية, وبين العاطفة أو الروح الطهورية المتسامية ؟!..
فهل ستنتخب العلمانية في العصر الحديث مرشحا عن اتجاه الوسط الذهبي ؟.
من سيقود الآخر , فقد لا يتم الاحتفال بدون اتزان واعتدال ؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تغطية خاصة: قيس سعيد رئيسا لتونس لولاية ثانية بـ90.69% من ال
.. التداعيات الكبرى.. كيف غير 7 أكتوبر المشهد الجيوسياسي في الش
.. أتراك يحيون ذكرى مرور عام على طوفان الأقصى بإسطنبول
.. مراسل الجزيرة يرصد اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مخيم
.. مسيرة داعمة لفلسطين ولبنان في شوارع ميونخ الألمانية