الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليلة سوداء في حياة امرأة

محمد أبو قمر

2020 / 7 / 11
الادب والفن


كلما خرجت من بيتي كان جاري يتحرش بي ، أحيانا يتلفظ بألفاظ خارجة ، وأحيانا أخري يستوقفني بحجة سؤالي عن شيء ثم لا يلبث أن يمد يده ليلمس أجزاء من جسدي ، ليس هو وحده الذي أعاني من تحرشاته ، فرحلتي اليومية من بيتي إلي مقر عملي هي رحلة معاناة وخوف ورعب من أن يتطور التحرش إلي محاولة اختطافي حيث يجري اغتصابي وتصبح حياتي بعد ذلك مستحيلة.
جاري هو أكثر الناس تحرشا بي ، ولأنه جاري وبيتي ملاصق لبيته فإنني أقضي الليل يقظة مرعوبة فلربما يهاجمني وأنا وحيدة لا أستطيع المقاومة.
فعلت كل شيء لكسب وده وإثنائه عن تحرشاته التي جعلتني أتمني الموت خلاصا من هذا العذاب والألم الذي يسببه لي دون جدوي.
كنت أبكي طوال الليل وأقول لنفسي لماذا لم يخلقني الله علي هيئة فرخة ، أو حمامة ، أو حتي بومة كي لا أعاني كل هذه المعاناة.
في الليلة الفائتة استلقيت علي فراشي وأنا مرهقة ومعذبة ومقهورة ومرعوبة ، حين غطست في النوم حلمت أنني ذهبت إلي ساحر المدينة وطلبت منه أن يحولني إلي بطّة ، وبالفعل بعد أن أحرق الساحر كمية كبيرة من المستكة والحبهان وبودرة العفريت والبخور والشبّة وبعد أن قرأ عدة تعاويذ حولني إلي بطّة جميلة ، غير أنني حين خرجت إلي الشارع ورحت أسير معجبة بجمالي التقطني جاري فجأة وراح يلاطفني وهو يقول لي : أنت بطة جميلة وسمينة ومن المؤكد أن شوربتك ستكون لذيذة ، حينئذ ارتعبت ودق قلبي هلعا فقد عرفت أنه سيذبحني ويطبخني ويأكلني ، انتفضت بقوة وطرت متخلصة من قبضته واتجهت مسرعة إلي الساحر مرة أخري وطلبت منه أن يحولني إلي قطة حتي لا ينتهي بي المطاف مأكولة في معدة أي متوحش حقير.
بعد أن تحولت من بطة إلي قطة سيامي جميلة خرجت من بيت الساحر وفي نيتي البحث عن قطة أخري لتكون رفيقة لي أثناء نزهتي في شوارع المدينة ، غير أن جاري التقطني هذه المرة أيضا وأخذني إلي بيته ، كان رجلا ساديا قميئا يريدني أن ألاعبه طوال اليوم ، يقذف الكرة ثم يأمرني بإعادتها إليه ، وحين أتعب وأريد التوقف لكي أرتاح لبعض الوقت يزعق ويصرخ ويمتنع عن تقديم الطعام لي ، في النهاية أردت الخروج من هذه الدار اللعينة والتخلص من قهر هذا المتسلط الغبي ، لكنه قال لي : القطط مكانها البيت لا تخرج منه إلا حين تموت ، لكنني كنت قد وصلت إلي حد اليأس ، لذا فقد غافلته وقفذت من النافذة واتجهت بأقصي سرعة إلي بيت الساحر الذي حين رآني علي هذه الحالة من الإنهاك والضمور والحزن أشفق عليّ وأراد أن يفعل من أجلي أي شيء يخلصني من عذاباتي ، حينئذ طلبت منه أن يعيدني كما كنت امرأة جميلة ثم يبذل كل ما في وسعه ويحول هذا الرجل الذي يرعبني إلي صرصار .
كانت ليلة سوداء ، وكان حلم مليء بالقهر ، لكنني لا أعرف لماذا صحوت في الصباح سعيدة نشطة ومتفائلة ، أخذت حمامي وأنا أغني ، ثم ارتديت أجمل فستان لدي ، ومشطّ شعري ، ثم لبست أجمل وأبهي وأقوي حذاء لدي ، وتناولت حقيبتي وخرجت من بيتي وفي نيتي أن أدهس بحذائي كل صرصار في الطريق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث