الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رُسلُ الأرضُ وَفَلسَفَةُ لاَ لِلعَنُفِ فِي سَبِيل التْغِير المنشُود-2

عادل محمد العذري

2020 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


إن ثورة حقيقية في القيم ، هي تلك الثورة التي تعمل على الأقرار بقدسية النأس جميعاً ،تلك العقيدة الثورية ببعدها الأخلاقي ،هي العقيدة الوحيدة، التي يمكن ان تستمد من التشريعات السماوية أو الأرضية المختلفة ،والتي تجعل الإنسان محورها،بحيث يكون أسمى من كل عقيدة زايفة تنزع عنه تلك الصفة المحورية ،فتضمن حريته،وتصون كرامته،وتعمل على عزته ،وتحافظ على وجوده،وتخلق واقعه الإنساني في ظل نظام عالمي جديد ووحيد.وتللك المهمة الثورية، تعترضها عوامل الشرور، ومنها عامل النزعة العسكرية ( ( Militarism في فلسفة مارتن لوثر كنج، كل قوة تسيطر على مقاليد الأمور،وتتحدث عن الحرب،كوسيلة وحيدة لِتصفية الخلافات ، هذه الوسيلة التى تحرق البشر والأرض والإنسان ،وتمتلئ من خلالها منازل المجتمع بالأرامل والأيتام،ويتم من خلالها حقن أفراد المجتمع بالكراهية ،والعدوانية إتجاه بعضهم، وتستمر سنة بعد أخرى تلك القوى، بالإنفاق العسكري عليها ، وتتجاهل برامج النهوض والتنمية في المجتمع، تلك القوى تقترب من الموت الروحي.ويموت معها أفراد المجتمع رويداً رويدا. ومِن هٌنا يقدم مارتن لوثر مبادئ فلسفته للتغير ومقاومة الشر- فلسفة اللاعنف- في المبادئ الستة في كتابه الأول بعنوان ( Stride Toward Freedom) وتتمثل المبادئ في المفاهيم التالية:
1. اللاعنف هو أسلوب ( أو منهج) حياة للاشخاص الشجعان،مقاومة نشطة وغير عنيفة إزاء الشر. وهو عدواني روحياً وعقلياً وعاطفياً.
2. يهدف اللاعنف إلى كسب الصداقة أو الأخوة والتفاهم ، وتكون المحصلة النهائية له التسديد والتقارب والمصالحة وغرضه إنشاء مجتمع قائم على المحبة.
3. يسعى اللاعنف إلى إلحاق الهزيمة بالظلم وليس بالناس. يدرك اللاعنف أن الأشرار هم أيضًا ضحايا وليسوا أشرار و تسعى المقاومة اللاعنفية إلى هزيمة الشر وليس البشر.
4. من يؤمنون باللاعنف يعلمون أن المعانة التى تواجهم،يمكن أن تتحول عبر العلم بها ،ويقبلونها لكنها لا تولد لديهم الإنتقام وإنها تخلق فيهم إمكانيات تعلمية لِتغيرات هائلة.
5. اللاعنف يختار الحب بدلاً من الكراهية، و يقاوم عنف الروح والجسد. الحب السلمى ،عفوي وغير مدفوع وغير أناني وخلاق.
6. من يؤمنون باللاعنف ،يدركون أن الله إله العدالة ،وأن إرادته الكونية تقف إلى جانبها ،ويؤمنون بأن العدالة ستنتصر في نهاية المطاف.
لم تكن تلك المبادئ مثالية وغير قابلة للتحقيق على أرض الواقع،فَقدَّمَ لها مارتن لوثر، آلية عمل للتغير الفردي والمجتعى من خلال تجربته النضالية، بست خطوات للتغير،كما جاء في رسالته من سجن برمنجهام
( Letter from Birmingham Jail” in Why We Can’t Wait ) نذكرها بإختصار،جمع المعلموات عن القضية ، والتعليم المتمثل في إعلام واشراك الاخرين في قضيتك – حتى معارضيك لكسب التعاطف والدعم،وسوء الفهم.الإيمان بعدالة قضيتك،وإلتزامك الشخصي ،وتقبل المعانة في مجال عملك ،من أجل العدالة التى تريد تحقيقها. المناقشة والتفاوض ومواجهة الطرف الأخر بقائمة المظالم ،وخطة معالجة لها، بحيث لا تسعى إلى إذلال الخصم ،بقدر ما تنادي بجانب الخير فيه. الإجراءات التي يتم اتخاذها عندما لا يرغب الخصم في الدخول في مناقشة أو تفاوض وكيف تمارس ضغطًا معنويًا على خصمك للعمل معك في حل الظلم.المصالحة من خلال السعى إلى الصداقة والتفاهم مع الخصم وليس هزيمته، وان اللاعنف موجه ضد الأنظمة الشريرة ، والقوى ، والسياسات القمعية ، والأعمال الظالمة ، ولكن ليس ضد الأشخاص، من خلال التسوية المنطقية والعادلة – ذاك من بذور فلسفة مارتن كما قال- بعيداّ عن العنف الذ يولد عنف ،وعن الدماء التي تولد الدماء - كما نراه- لقد كان مارتن مسيحياً ،ومؤمن بموعظة الجبل للمسيح عليه السلام ،وتمثل تلك الموعظة روحاً وعقلاً ووجداناً ،وسلوكاً إجتماعياً، إتجاه الشر.ولم يتاثربتعاليم الكنيسة التى بررت العنف كمنهج أرتبط بالسلطات لتبرير الحروب تحت مفهوم حماية الدولة أو الحروب الدينية أو الأستعمارية – وهو ما حدث في تشريعات مماثلة- وإن لم أتجاوز الصواب، فقد كان هابيلي المنهج والفلسفة - نسبة لِهَابِيل- فهو المؤسس الأول في الوجود المادي لِفلسفة اللاعنف ،كما وصفتها الكتب المقدسة. فقد وردت قصته مع أخوه قابيل ( قَايِينَ ) فالورود الأول في سِفرالتكوين،الأصحاح الرابع ( 1وَعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ امْرَأَتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قَايِينَ. وَقَالَتِ: «اقْتَنَيْتُ رَجُلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ». 2ثُمَّ عَادَتْ فَوَلَدَتْ أَخَاهُ هَابِيلَ. وَكَانَ هَابِيلُ رَاعِيًا لِلْغَنَمِ، وَكَانَ قَايِينُ عَامِلاً فِي الأَرْضِ. 3وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ أَيَّامٍ أَنَّ قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ، 4وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ، 5وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدًّا وَسَقَطَ وَجْهُهُ. 6فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «لِمَاذَا اغْتَظْتَ؟ وَلِمَاذَا سَقَطَ وَجْهُكَ؟ 7إِنْ أَحْسَنْتَ أَفَلاَ رَفْعٌ؟ وَإِنْ لَمْ تُحْسِنْ فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ، وَإِلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا».وَكَلَّمَ قَايِينُ هَابِيلَ أَخَاهُ. وَحَدَثَ إِذْ كَانَا فِي الْحَقْلِ أَنَّ قَايِينَ قَامَ عَلَى هَابِيلَ أَخِيهِ وَقَتَلَهُ. 9فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟» فَقَالَ: «لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟» 10فَقَالَ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ. 11فَالآنَ مَلْعُونٌ أَنْتَ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا لِتَقْبَلَ دَمَ أَخِيكَ مِنْ يَدِكَ).وجاءت في سياق القرآن فِي سورة المائدة بقوله تعالي ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ(30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ( 31)). هذان النصًّان،يجسدان دليلاً على وحدة التشريع عن الله ، وعن لعنة الأرض لكل من يسفك الدماء، ويسلك ذلك السبيل ، فيصبح من الخاسرين،وأن هُناك منهج آخر للحياة ،يمكن من خلاله التعامل ،مع كل قوة الشر والظلام كما تم التعبير عنه من الله ( لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) لم يذكرعبثاً من الله،وخبراً لِتسلية والقصص عن بدء الوجود الإنساني ، بقدر ما هو منهج وطريقة للتعامل الإنساني ،عمل به مارتن لوثر في قضيته ضد العنصرية في التعامل مع البشرة السوداء ،ودفع عمره ثمن لِذلك على يدك تلك العنصرية البغيضة والمنافية للقيم اللإنسانية، ونال منزلته تلك أمام الله ،كما كتب على قبره بقوله( حراً في النهاية ! حراً في النهاية ! شكراً يارب العالمين ،أنا حراً في النهاية ) فما أجمل الموت في سبيل الحرية ،والخلاص مِن كل أنواع العبودية !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا