الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام في دائرة النار .. أي مؤتمر تحتاجه سوريا .. ؟

بدر الدين شنن

2006 / 6 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ينعقد بدمشق في هذه الأيام " ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي " . وقد سبقه إنعقاد أكثر من مؤتمر " قومي " خلال عام واحد ، إن على مستوى مهني " مؤتمر المحامين العرب " أو المؤتمر القومي العربي .. وغيرها من المؤتمرات المشابهة . القاسم المشترك فيما بينها جميعاً ، أنها تضم قوى وشخصيات من بلدان عربية عدة ، وأنها تحمل لافتات " الدعوة لإحياء المشروع القومي " والعمل التضامني مع ما تراه في النظام السوري ، من " مقاومة وممانعة " للمشروع الإمبريالي الصهيوني الذي يستهدف الأمة " . أما النواقص المشتركة ، التي لم تولها الإهتمام الجاد لتلافيها ، أنها تنظر بعين واحدة للمخاطر الخارجية المحيقة ب " الأمة " ، وتغمض العين الأخرى عن المخاطر الداخلية الأشد خطورة .. ترى آليات العدوان التي يهدد بها الخارج " الأمة " ولاترى آليات الاستبداد التي تنسف الداخل لمصلحة هذا العدوان .. ترى وتعدد المآسي التي سوف تستتبع العدوان .. ولاترى المآسي التي ا ستتبعت وتستتبع الاستبداد . وهي بذلك تقع في تناقض صارخ يفضي إلى أنه بالإمكان أن يتوحد الصف الوطني للتصدي للمهام الوطنية دون التصدي للاستبداد الذي يمزق ويدمر مقومات الفعل الوطني . وتجافي المنطق ، عندما تطالب القوى الوطنية الديمقراطية المقموعة بمهادنة النظام ، والإلتحاق به مجاناً ، ولاتطالب النظام بإنهاء استبداده مع ما يتطلب ذلك من خطوات فورية ، مثل رفع حالة الطوارئ وإلغاء الأحكام العرفية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين .. ألخ . والمبادرة الجادة للإلتزام بما يطرح من على منبر المؤتمر من مهام وطنية وقومية ، وإشاعة الديمقراطية الدستورية والسياسية والاجتماعية

ففي الوقت الذي كان يعد فيه لهذا المؤتمر ، وتوجه الدعوات ، وتحجز الغرف في فنادق الخمس نجوم لأعضائه ، كانت تجري التحقيقات وتوجه إدعاءات الإتهام من قبل المحاكم الكيدية لعدد كبير من معتقلي الرأي ، وكانت كادرات حزب النظام تتدارس توجيهات القيادة القطرية للحزب القاضية بالتشدد بممارسة دور " البعث " القيادي في مختلف المجالات ، مع التذكير بتمثل المسؤولية الحزبية وفق المادة الثامنة من الدستور ، التي تقضي بتملك الحزب حق قيادة الدولة والمجتمع " حق الاستبداد " . أي الامعان في الضغط على حراك الآخر المختلف .. المعارض وا ستشراس الأجهزة الأمنية في علاقتها بالمجتمع . وقد كان انسجاماً مع ما عبر عنه الخطباء الآن وفي السابق عما أسموه " أهمية الآنفتاح على الداخل " .. وكي لايشوه عنوان مؤتمرهم المنتهي ب " الديمقراطي " .. أن لا يقبلوا انعقاد مؤتمرهم في دمشق إلاّ بعد الإفراج عن كل معتقلي الرأي ، والبدء الجاد بخطوات عملية لإنهاء الاستبداد

بناء عليه .. فإن " ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي " .. مع الاحتفاظ بحق حسن النية للمشاركين به .. طالما لم ينتقل بعد إلى التمسك بأولوية التغيير الديمقراطي جدياً لتحصين الداخل ، فإن ما يعلنه من أهداف ، ليس أنه لن يبلغها فقط ، وإنما هو يضحي بها على مذبح أنظمة الاستبداد ، التي ينبغي أن يكون ا سقاطها من أولى أولوياته . بمعنى آخر .. إن حركية هذه المؤتمرات ، الجارية حتى اشعار بالجديد الهام ، رغم البلاغة الخطابية السياسية التي يتقنها القوامون عليها ، فإنها شبه عبثية لاتفيد بشئ ذي قيمة ، كما توحي شعاراتها والدعاية التي تكتنفها ، فلا هي قادرة أن تتحول إلى حركة سياسية " قومية " مؤثرة فعلاً بالعملية السياسية بالمنطقة ، ولاهي قادرة أن تسوق النظم السياسية التي تحتضنها . ذلك أنها تشتغل على رؤى وأفكار تجاوزتها الزمن إلى ما هو أعمق وأبعد ، وتفتقد مقومات تجذرها في الشارع السياسي ، الذي سبقها بمسافات طويلة .. وبشكل خاص ، كما يبدو ، لم تدرك بعد فوات سياسة ا ستبدال الديمقراطية بالاستبداد " الوطنية " .. !! .. مهام التحرير سابقاً وخطر الخارج لاحقاً لاستعباد الداخل .. أي عدم التحول إلى ربط الوطنية عضوياً بالديمقراطية .. واعتبار أن وطنية أي حاكم مستبد هي وطنية ناقصة أو كاذبة .. يقابله اعتبار أن الديمقراطية اللاوطنية هي ديمقراطية ناقصة وكاذبة أيضاً . هذا من طرف ، ومن طرف آخر ، فإن عملية تسويق النظام هي عملية فاشلة ، لاعتبارات عدة أهمها بامتياز ، أن النظام يحاصر نفسه ضمن دائرة نار صنعها بنفسه باستبداده وسياساته وقوانينه التعسفية وممارساته القمعية ، ولاختراق هذه الدائرة ليس هناك من أحد يقوم بهذه المهمة سوى أهل النظام نفسه . فالآخر الصديق " المصدق " سيضرم النار حوله أكثر والآخر الطامع باستغلال العجز العام سيدمره

التجربة الملموسة في العقود الثلاثة الماضية قدمت معطى مطلقاً ، أنه ليس بمثل هذه المؤتمرات تصنع معجزات إعادة إنتاج " ممانعة " بوجه خارج طامع ، وإنما بمؤتمر ، إذا كان مازال هناك بقية من صبر ومن أمل بالتغيير الوطني الذاتي ، يضم كل القوى الوطنية الديمقراطية السورية ، لإنهاء الاستبداد وكل متفرعاته التعسفية ووضع برنامج وآليات بناء نظام وطني ديمقراطي بديل ، وتحصين الوطن بوجه كل العتاة الطامعين

أليس إذا صدقت النوايا ، أن ممثلي قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية هم أقرب وأسهل إتصالاً من المدعويين إلى .. ملتقى ..أو مؤتمر .. عناوينهم منتشرة في أقاصي المساحات العربية .. وهم المعنيون أكثر ومن أهل البيت .. للقيام بالعمل الجاد .. لتحصين البيت وإعادة بنائه ؟ .. أم أن هذه السهولة لاتلحظ إلاّ عندما يتقرر اعتقالهم وزجهم في غياهب سجون الاعتقال الذميمة ؟

هذا السؤال ليس مطروحاً أمام النظام السوري .. بقدر ما هو مطروح أمام المؤتمرين في " ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي " .. ولعله السؤال الذي يعبر عن حقيقة هكذا مؤتمرات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيادة كبيرة في إقبال الناخبين بالجولة الثانية من الانتخابات


.. جوردان بارديلا ينتقد -تحالف العار- الذي حرم الفرنسيين من -حك




.. الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية: تابعوا النت


.. إسرائيل منقسمة.. ونتنياهو: لن أنهيَ الحرب! | #التاسعة




.. ممثل سعودي يتحدث عن ظروف تصوير مسلسل رشاش | #الصباح_مع_مها