الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء في استوكهولم 7

شهناز أحمد علي

2020 / 7 / 12
الادب والفن


نساء في استوكهولم ـ 7 ـ
آخر أيام شهر آب، هنا " لا شيء يشبهنا" كما قال والد أحد طلابها المهجَر من حلب حيث تفكك معمله و ونقلت قطع ماكيناته إلى تركيا لتباع. وأباه في ديرك ما زال صامداً يغني مواويل الحزن في كل نيسان لدجلة و لذكرى المجزرة هناك بعيداً في ما وراء الحدود حيث آهات أجداده الأرمن تأن ثانية، يقولها وآثار الغربة تحوم حوله، نعم .....إنها بلد لا يشبهنا.
كان يوماً جميلاً، فهي تعشق الخريف ذاك الخريف البعيد .... حيث رائحة إعداد مونة "البرغل" بطريقة يدوية من قبل والدتها والجيران، تفوح وتحتضن البراري ... ذاك الخريف البعيد ... القريب حيث جامعة حلب .... عشق الحياة وأحلامها الصعبة المنال , صديقات وأصدقاء لم يكن ينتظرنا هذه الحرب المجنونة.
حدث معها شيء جميل في ذاك اليوم الخريفي , في مدينة لا تشبهها ولا تشبه ذاك السوري المهاجرالذي ترك مدينته مرغماً، فقد اقتربت منها والدة إحدى التلاميذ متحدثة بلهجة جزراوية محببة على قلبها "كل حبيتوكي كتير أنتي معلمة تعمل من قلبها". لم يغريها الإطراء بقدر ما شعرت بأن قناعاتها المتعبة ستنتصر مهما طال الزمن. سورية هي المرأة ومن نفس منطقتها لكنها كانت تأتي بإبنتها وتأخذها من وإلى المدرسة وتتجنب الحديث معها. نعم إنها آثار الحرب وما قبلها ... إنها مرض الطوائف والأعراق والأديان ولكن وبعد مدة ليست بقصيرة رأت كيف إنها تعشق إبنتها وتساعدها في تعلم اللغة السويدية وتغزل قصائد الفرح لتلك الطفلة الجميلة بعيداً عن أي مرض من الأمراض السابقة الذكر.
خرجت من المدرسة والتعب يلفها، عند نزولها من المترو لم تكن تحس بشيء آخر سوى التعب ... التعب. عند إقترابها من موقف الباص سمعت صوت إمرأة تتحدث بلهجة سورية شعرت بنبضات قلبها تدق وكأنها في العشرين من العمر والتقت بحبيبها. أمعنت النظر فيها رأت قلق و خيبات و الحزن واشياء لا يستطيع الإنسان وصفها صعدتا نفس الباص معاً، وكانت المفاجأة بأن المترجم الذي يساعدهم كان من أحد معارف زوجها. سلما على البعض وسألته هل العائلة من مدينة حلب أجابها لا من درعا، استمرت بأسلتها القلقة "شو اسم المرأة ؟ أريد الحديث معها، جاوبها ميرفت. أقتربت منها قائلة: " مرحبا , كيفك؟ إيمت وصلت ؟ أجابتها: " البارحة كنا من خمس سنوات بمخيمات اللجوء بالأردن، مخيم "رمثا" ومبارح وصلنا بالطائرة إلى استوكهولم. نظرت اليها بصمت لوهلة، عيناها إغرورقتا بالدموع ثم أردفت: "الحمدالله على السلامة إن شاء الله، أوراقك وأمورك وأمور أولادك يمشي الحال وتكونو بخير."
يبدو جاء دورها لتجاوب على أسئلة المرأة، أقل ما يقال عنها إنها قلقة ومتعبة، سألتها ميرفت منذ متى هاجرت؟ هل تتحدثين السويدية؟ هل تعودت على الغربة؟ لا لم أتعود على الغربة، قاطعتها، وأنا، هل سأتعود!!! أبتسمت بحزن ربما، أما بالنسبة للأولاد فهم صغار سينسجمون مع هذه البلاد الجميلة التي لا تعرف الحروب والمخيمات والهجرة.
شعرت بأن ميرفت التي لم تلتقيها لا في قامشلو ... ولا في ديريك .. ولا في حلب.. ولا في درعا ... بل في استوكهولم، أنها أختها..جارتها.. صديقتها ... تأثرت لدرجة لم تستطع وصف مشاعرها .. وصل الباص للموقف القريب من بيتها ودعت ميرفت وقالت لها خذي عنواني من المترجم إنه من معارفنا أريد التواصل معك والإطمئنان عليك وعلى الأولاد، سلما على بعضهما البعض بحرارة، نزلت من الباص وفي رأسها ألف سؤال؟ أولها لماذا لم نلتقي مع بعضنا البعض في مدننا وقرانا؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض