الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في العاشرةِ من العُمْر .. كنتُ أقرأ

عماد عبد اللطيف سالم

2020 / 7 / 12
الادب والفن


في العاشرةِ من العُمْر
في الثالثِ الإبتدائي
في بدايةِ الستّينيّاتِ منَ القَرْنِ "المَيّت"
كُنّا أطفالاً
نستَمِعُ إلى نجاة الصغيرة ، وهي تُغنّي قصائدَ "نزار" ،
وإلى أم كلثوم ، وهي تغنّي كُلّ شيء ،
في مقهى "الكيتاوي" ، في سوق حمادة ،
مُقابلَ "حَلْقومَةٍ" ، وعشرةَ فلوس ،
للمساء الواحد.
في الرابع الإبتدائي ، في مدرسةِ "الخيزران" ، في "حَصّانةِ" الكرخِ القديمة
كانت السِتْ "سِرِيّة" ، تتحدّثُ لنا عن كلكامش وعشتار
يومَ كانَ أغبى التلاميذ
يكتُبُ في دَرْسِ "الإنشاء"
قصصاً قصيرة.
منذُ "الصَفِ" الثالثِ المُتوَسّط
كنتُ أعرفُ "اوفيليا" و "كورديليا" ، وأوديب ، وألِكترا ،
و نيتشة .. و "هكذا تكلّمَ زرادشت".
في "الرابعِ العامّ"،على أعتابِ "الثانويّة"،
كانَ طَرّادِ الكُبيسي يتحدّثُ لنا عن أدونيس ، و مجلة شِعر ، وعن محمود درويش
و عن "سرحان الذي يشربُ القهوةَ في الكافتيريا "
ويقولُ لنا أنّ "الشوقيّاتَ" هيَ "خَرْطِيّات"
وليستْ شِعراً
ويُوَزِّعُ علينا ، مجّاناً ،"ديوانَ" شعرهِ اليتيم
"أوراق التوت".
في السادسِ الإعداديّ
كُنّا "وجوديّونَ" .. كُلُّنا ..
و "ماركسيّونَ" .. كُلُّنا ..
في الوقتِ ذاته
ولَمْ يَكُنْ هناكَ كتابُ ذَكَرَهُ كولن ولسن ، في "اللامنتمي" .. الذي يرى رؤى ..
وفي "ما بعدَ اللامنتمي" .. الذي لا يرى شيئاً ..
لَمْ نَقُمْ بقراءتهِ لاهِثينَ .. منَ الغلافِ إلى الغلاف ..
من دون كيشوت ، وطواحينهُ ، و حروبهُ التي لا تنتهي ، بسيفهِ الخشبيّ ،
إلى ثُقْبِ الجدارِ الذي لا يُنسى
وتلكَ الجُملةُ المُدهِشة : "هذا فمُكِ الحقيقيّ" ..
في "جحيم" هنري باربوس ، المترامي الأطراف.
في "الصفِّ" الأوّلِ – كُليّة -
كانَ خزعل البيرماني
يتحدّثُ لنا عن نظرياتِ "فيكَسل"
وعن دهاليزِ المدرسةِ النمساويّةِ في الإقتصاد .
في الثاني - كُليّة - كانَ ابراهيم كُبّة ، يدخُلُ كالماردِ إلى قاعةِ الدَرْس ،
وبسبعِ لُغاتٍ ، حيّةٍ وميّتة ،
كانتْ تنهالُ علينا الأفكارُ و "المفاهيم"
من أرسطو ، ونقودهُ التي لا تَلِد .. إلى فلاديمير أليتش لينين ، والإمبرياليّة أعلى مراحل الرأسماليّة.
في الثاني - كُليّةً - أيضاً ..
نصفُ الطلاّب ، لَمْ يكونوا قد تعَرّفوا على نصفِ الطالباتِ بعد ..
وعندما كان أحدهم يُريدُ أنْ يتّصِلَ بزميلتهِ ، من تلفونِ الشارعِ ،
كانَ يرتَجِف
وإذا رَدّتْ عليهِ بعد طولِ إنتظار
يكادُ يبولُ على نفسهِ
من شدّةِ الخوف.
في الثالثِ - كُليّة -
كان هاشم السامرائي
يُبرهِنُ لنا بـ "التفاضلِ والتكامُلِ" قانونَ الطَلَب
ويقيسُ "مَيْلَ" المُنحنياتِ
مِنَ اليسارِ إلى اليمينِ ، ومِنَ الأعلى إلى الأسفَلِ ..
قبلَ أنْ "يميلَ" الكثيرونَ ، يساراً ويميناً ، ومنَ الأعلى إلى الأسفلِ ، بوقتٍ طويل.
بعدَ الخامسِ - كُليّة -
ودونَ أنْ "نَرْسِبَ" في مادةٍ واحدة ، على أمتدادِ خمسِ سنوات ..
ساقونا إلى الثكنات ، جُنوداً "مُكَلّفين" ،
لنُقاتِلَ "العُصاة"
في شمال "الوطن".
في الزمانِ "القديم"
كانَ الطالبُ يُريدُ أن يقرأ عن كُلّ شيء ، و يعرفَ كُلّ شيء.
في الزمانِ الحاليّ
الطالبُ لا يقرأُ ، ولا يكتُبُ ..
ولا يعرِفُ لماذا لا "ينزِلُ البعيرُ عن التلِّ مساءً"
في "القراءةِ الخلدونيّة".
في الزمانِ "القديم"
لمْ نكُنْ "ننجَحُ ، إلاّ بشَقِّ الأنفُس .
أمّا الآن ، فلا يَرْسِبُ أحدٌ ، إلاّ بشَقِّ الأموالِ ، والأنفُسِ ، والثمراتِ ..
و بَشِّرْ الصابرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم


.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع




.. هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية