الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيرونيكس

يزيد عاشور
كاتب

2020 / 7 / 13
كتابات ساخرة


أذكره ذلك اليوم مهيب والاستثنائي في بيت عاشورحين تم استقباله بموكب ملكي بعد أن تناولته الأيدي بمنتهى الرقة والحرص والحذر من السوزوكي مع الكثير من الهرج والمرج
يا أخي شيل من تحت وأنا أحمل على جنب ..طول بالك على مهلك شوي شوي ..أي نعم بحنية الله يرضى عليك .. استغفرالله ياخي على مهل على مهل وهكذا الا أن ترّبع على طاولة وضعت في واجهة الصالون خصيصاً كي تُناسب مقامه الكريم مُقابل الكنبايات مباشرة ووضع على كتفه غطاء تم اعداده مسبقاً بلونه الأبيض المُطرز بورود حمراء وصفراء ناعمة حينها أجتمع الجيران والخلان كي يُشاهدوا الضيف الكريم
هكذا كان اليوم الأول لتلفزيون سيرونيكس الذي دخل بيتنا أول مرة
تناهشته عيون الجارات وهن ينظرن بشبق الى اطار خشب الزان الذي زين شاشته شبه الدائرية في المنتصف وقد رُصّعت جوانبه بأزرار سوداء لتوليف القنوات والتشغيل والتوقيف .. ومنهن من تجرأت فلمست تلك الأزرار بشيء من الحياء والشهوة
ولأنه لم يكن قد تم اكتشاف الريموت كونترول حينها فكان علينا أن نضغط على زر التشغيل كي نشاهد خيط أزرق ساحر يمر من مُنتصف الشاشة أول الأمر ثم تظهر بكل عبقرية صورة الأسود والأبيض المُتحركة ..سبحان من سخر لنا هذا !
لم يكن بث تلفزيون حزب البعث والنظام قد وصل الى الحسكة حينها وأكتفت الحكومة بتشغيل محطة تقوية كانت تبث من جبل عبدالعزيز المجاور وكان الأرسال عبارة عن مباريات قديمة من الدوري الأنكليزي حيث واجهنا صعوبة بالغة حينها بشرح الأمر لجارتنا خالة فهيمة في أن هؤلاء الذين يلعبون الكرة ليسوا رجال صغار القامة و قد تجمعوا داخل هذا الصندوق
مع الوقت تعلمنا بعض الأسرار فقمنا بتحويل الهوائي باتجاه جارتنا العراق حيث تابعنا كل تحركات صدام حسين حين يضحك وحين يأكل وحين يمنح دراجات هوائية لأبناء المدن الفقيرة ( ها ها هيء عطو دراجة وسلمنا على خوانك )
مع الوقت صار التلفزيون جزء من أفراد العائلة وبدأت هيبته تخف شيئاً فشيئ ونحن نضغظ زر التشغيل لنسمع صوت طررراق فتظهر الصورة وجررررك فتختفي الصورة الا أن وفي احدى المرات أختفت الصورة تماماً فحاولت أن أعبث بالأزرار ولكن دون جدوى وكل ما كان يحدث هو اضاءة خفيفة جرّاء احتراق اللمبات حيث لم تكن قصة الشرائح الألكترونية قد أُكتشفت بعد فتتوهج الشاشة بعض الشيء ثم ما تلبث أن تُظلم من جديد حتى ضقت ذرعاً بهذا السيرونيكس العرص فضربته على رأسه واذا بالصورة تعود من جديد وعين الله عليها
اكتشافي لسر اعادة تشغيل التلفزيون لم يقل أهمية حينها عن اكتشاف أديسون أو نيوتن وأنا الذي أكتشف سراعادة الروح للتلفزيون حينما يحرن ..بوكس على رأسه فيعرف أن الله حق ويعود للعمل ثانية وفي احدى المرات شعرت بالتكاسل من القيام لخبطه على راسه فضربته بالشحاطة القريبة مني فما كان منه الا أن رضخ لمشيئة الشحاطة وعادت أليه الحياة من جديد
وهكذا صرت كلما أريد أن أشاهد التلفزيون أضع بجانبي التفاح الأشوري الحامض والبطيخ الديري وزجاجة كراش وكل الشحاطات والصرامي الموجودة في البيت وكلما فكر هذا العكروت في أن يحرد أناوله صرماية فيعود للعمل من جديد حتى أن الأصدقاء اثناء زيارتي وبعد أن عرفوا سر التلفزيون صاروا يقومون بجمع الشحاطات والصرامي المكومة على مدخل باب البيت أو أمام التلفزيون ومن يومها صار للصرامي مهمتان في البيت المهمة الأولى صرماية والمهمة الثانية جهازأجهزة التلفزيون الا أن باغتته في احدى المرات صرماية غاضبة جعلته يصمت الى الأبد
وهكذا مثلما أستقبلنا الضيف الكبير بالترحاب ودعناه بالصرامي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو


.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق




.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس


.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم




.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب