الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر عن ثورة ١٤ تموز المجيدة

فاضل عباس البدراوي

2020 / 7 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


بعد وأد انتفاضة الشعب العراقي وقمعها بالنار والحديد، على يد حكومة نوري السعيد، تلك الانتفاضة التي اندلعت في خريف عام ١٩٥٦.أطلَّ السعيد من على شاشة التلفاز ومن إذاعة بغداد، منتشيا، بانتصاره على ارادة العراقيين، وهو يوجه خطابا قصيرا للعراقيين، لم يتضمن الخطاب أية وعود بالإصلاح وإقامة النظام الديمقراطي الدستوري الحقيقي، ولا عن خطط حكومته في تطوير البلد وتوفير العيش الكريم لأبنائه، إنما اختتمه بعبارة. دار السيد مأمونة. كانت هذه الجملة كافية لاستفزاز مشاعر العراقيين، خلّفت جرحا غائرا في قلوبهم. لم يمض سوى أقل من عامين على ذلك الخطاب، حتى تهاوت تلك الدار على رؤوس نوري السعيد وأركان النظام الملكي، بقبضة من ثوار تموز،، وثبُت انها كانت بالأساس متداعية.
في فجر ذلك اليوم الاغر، الرابع عشرة من تموز، كان الفتى فاضل نائما على سطح الدار، كعادة الناس في ذلك الزمن، وإذا به يصحو على ضجيج من الاصوات، صياح وعياط، لم يعبأ به بداية الأمر، متصورا أنها ربما شجار بين الجيران أو أحد.قضى نحبه، لما استمرت تلك الاصوات بالتصاعد نزل فاضل إلى غرفته، فتح المذياع، وإذا بمارشات عسكرية تبث، ثم أخذ المذيع يردد عبارة، هنا بغداد إذاعة الجمهورية العراقية، أصاب الفتى فاضل الذهول، ما هذا يا ربي؟ ثم يتلو المذيع بيانات عن تغييرات في المناصب العسكرية، تيقن عند ذاك بأن شيء قد حدث، ربما انقلاب لتغيير الوجوه، من يقول انه سينجح؟، بعد هذه الهواجس، وبين الشك واليقين، وهو متسمّر أمام المذياع، فإذا ببيان يُعلن فيه تشكيل حكومة جديدة، ما أن سمع فاضل بأسماء الوزراء، معظمهم كانوا من الشخصيات الوطنية المعروفة، تيقن عند ذاك، أنها ثورة نعم ثورة بالتأكيد. بعد فترة ليست بطويلة، فإذا بباب الدار يطرق، عند فتح الباب، وجد فاضل أمامه مسؤوله الحزبي الرفيق صبحي، هيا رفيق فاضل أرتدي ملابسك للخروج إلى الشارع، أنها ثورة، سرعان ما ارتدى ملابسه وخرج مسرعا، فإذا بالرفيق صبحي يسلمه رزمة من منشور، قليل في اسطره، دقيق في عباراته، يتضمن مناشدة لجماهير الشعب، يدعوهم لاحتضان الثورة والدفاع عنها، صادر عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، هذه وثيقة تاريخية تثبت أن الحزب كان على علم بالثورة قبل حدوثها وتم طبع المنشور ليلة الثورة، اسرع الرفيقان صبحي وفاضل بالخروج إلى شارع غازي، الكفاح حاليا، الذي لم يكن يبعد كثيرا عن الدار التي كانت تقع في محلة ابو سيفين الشعبية، ما أن وصلا إلى الشارع، حتى وجدا أن الشارع يغص بالجماهير، تهتف للثورة وقادتها، وعلائم البُشر والفرح تعلو على وجوههم، الواحد يحتضن الآخر وآخرون يصافحون ويهنئون بعضهم البعض حتى دون سابق معرفة أحدهم بالاخر، لكنهم اصبحوا في ذلك اليوم الأغر أخوة واصدقاء حميميين. عندما بدأ صبحي وفاضل بتوزيع بيان الحزب على الجماهير، تلاقفها الأيدي، عندما قرأ البعض اسم الحزب أخذوا يهتفون للثورة والحزب، تعيش الثورة ويعيش قادتها، بعيش الحزب الشيوعي يا يعيش، وهم يحتضنون ويقبلون الرفيقين.
هكذا تحول الانقلاب العسكري الذي قاده مجموعة من الضباط الوطنيين الأحرار ، إلى ثورة شعبية أطاحت بنظام المشانق والسجون والمعتقلات وكم الافواه واسقاط الجنسية عن المعارضين الاحرار وفصل المئات من التربويين المثقفين والأدباء والفنانين من وظائفهم، نظام جور الاقطاع، نظام الارتباط بعجلة المخططات الامبريالية والأحلاف العسكرية، فلولا الهبّة الجماهيرية من أقصى شمال العراق لأقصى جنوبه وهي تحتض الثورة، ربما كان بصعوبة بمكان أن يحالفها النصر.
هذه خواطر كتبها شاهد حي على يوم ثورة ١٤ تموز الوطنية المجيدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثورة دموية
طارق حسين ( 2020 / 7 / 14 - 10:31 )
ثورة 14 تموز ليست مجيدة، وانما جاءت بالبلاء للعراق والعراقيين، وزرعت بذور الفتن بين ظباط الجيش العراقي الذين استحسنوا التمرد من اجل الحصول على السلطة التي نعبدها نحن العرب. لقد كانت ثورة دموية وجبانة لانها ازهقت ارواح لم تحمل سلاح

اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة