الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة الاداء الحكومي (4) : ماذا فعل عبد الكريم قاسم بالعراق؟

احمد جليل البياتي

2020 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


يتشابه النظام العسكري والدكتاتوري بأن هيكليتهما الأدارية قائمة على الاوامر الغير قابلة للمنافشة. "نفذ ثم ناقش" شعار حزب البعث الصدامي مثال على ذلك. هذه الهيكلية الادراية تتناقض مع هيكلية المجتمع المدني والديمقراطي القائم على التناقض في الافكار والرؤى والجدال اليومي الغير منتهي حول افضل السبل لأدارة الموارد وتقديم افضل الخدمات. النظام العسكري بطبيعته يتعارض مع حرية الفرد والمجتمع ولذلك غالبا ما تكون حرية الفرد والمجتمع بما في ذلك السوق والتجارة والتنقل مسلوبة في المجتمعات التي يحكمها الجيش فكل شيء يأتي من بقرار من الزعيم والقائد الضرورة. مؤسسة الجيش والشرطة تكون قوية في هذه المجتمعات الى ابعد حدود وكل ما دونها يراوح مكانه حتى يشمله الزعيم والقائد بمكرمة. تركيز السلطات بيد القائد او جيشه او حزبه يمنع بالضرورة من بناء مؤسسات دولة فاعلة ومستقلة وقوية. بالمقابل, المجتمع الحر يمنح افراده حرية الاختيار والعمل والتنقل وحق الانتماء للجيش فلا خدمة ألزامية في الجيش. من الملاحظ ان المجتمعات الحرة تفتقر للخدمة الالزامية مما يضفي الطابع المدني على المجتمع. المجتمع الحر, بعكس المتعسكر, يمنح لأفراده حرية التجمع والتعبير وبناء الشركات والسفر ولا يفرض على المعامل ما تصنع, كل شيء يتم بناء على طلب السوق وحاجته. بالتأكيد هذا لا يعني ان المجتمع الحر لا يعاني من مشاكل, بالعكس يعاني العديد. اهمها عدم وجود سلطة مركزية قويه, مما يدفع بعض افراد المجتمع لتقبل الحكم العسكري أو حتى التمهيد له على امل بناء دولة قوية كما يعتقدون. التجارب العالمية تؤكد ان المجتمع الحر على علاته افضل من اي دول عسكرية.
بداية عقود التسلط العسكري في العراق بدأها بغير قصد, المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم. بأعتقادي ان الزعيم لم يكن يعلم بخطورة خطوته وما ستؤول أليه الأمور, وبالتالي ليس من ألانصاف تحميله مسؤولية ما حدث بعد الانقلاب على الملكية. لا يعني هذا أن الملكية كانت هي الخلاص, فالملكية كانت سيء بقدر ما قبلها, الاقطاع وأنتشار الفقر والجهل وغيرها كانت من اسباب السخط الشعبي العارم ولكن الأنقلاب العسكري لم يكن هو الحل. " لا يمكن لمجتمع ان يكون سعيدا" والغالبية من من اعضاءه فقيره وتعيسه" كما يقول أدم سميث. بالنتيجة, المجتمع العراقي عاش عقود من الظلم والتسلط, حتى اصبح نظام العسكري القمعي هو المعتاد وبالتالي بمجرد ان سقط الصنم, صنع العراقيون اصنام اخرى مختلفة يطوفون حولها راجيين منها الخلاص لانها الهيكلية الادارية التي اعتادوا عليها.
مسؤوليتنا اليوم كمواطنين هو التوقف عن مدح ما قام به عبد الكريم قاسم بعدما ما عرفنا عواقبه وأن نركز على عواقبه الوخيمة. الجيش الامريكي حاول السيطرة على مقاليد الحكم بعد استقلال الولايات المتحدة رغبة في بناء دولة قوية على انقاض الحكومة والبرلمان الضعيف, ولكن وقف جورج واشنطن وهو القائد العسكري بالضد من الانقلاب العسكري مما سمح لأمريكا بأن تحافظ على مدنيتها وان يختلف مصيرها عن مصير الكثير من ثورات الاستقلال حول العالم والتي انتهت بسيطرة الجيش عليها وبالتأكيد تراجع مستوى الحريات والاقتصاد والاهم تراجع مستوى الانتماء للبلد. قال جورج واشنطن في خطابه الذي كتبته لقادة الجيش, نحن قاتلنا من اجل الحرية والاستقلال وليس من اجل السيطرة على الحكم.
المجتمع الحر له ادواته الاقتصادية والمؤسساتية والتعلمية والادارية التي تمهد الطريق امام المجتمع للأنتقال بسلاسة الى الحرية والاستقلال, وهذا ما يفتقده العراق مما يجعله في منطقة وسطى ما بين العودة الى الدكتاتورية أو التقدم نحو الحرية. لذا من الواجب على الحكومة استحضار وتكوين ادوات المجتمعات الحر لغرض ضمان استمرار حركة المجتمع نحو الحرية والمدنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات