الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تذابح الدمى

رشاد الشلاه

2006 / 6 / 27
الارهاب, الحرب والسلام


بإعلان مبادرة مشروع المصالحة الوطنية من قبل الحكومة العراقية، يكون جميع الفرقاء الطائفيين والقوميين والسياسيين العراقيين قد خطوا خطوة أخرى مهمة باتجاه إيجاد حل مطلوب لوقف نزيف الدم العراقي اليومي، عبر اللجوء لوسائل أخرى مصاحبة للحلول العنفية التي تأكد فشلها عند اعتمادها وسيلة رئيسة ووحيدة لوقف حالة التداعي الكارثي للحالة العراقية منذ تولي حزب البعث للسلطة في العراق عام 1968 من القرن الماضي، مرورا بإسقاطه على يد القوات الأمريكية وحلفائها قبل ثلاث سنوات، وحتى أيامنا هذه.

و مبعث الترحيب بهذه الخطوة، لم يأت فقط من حالة جزع المواطن العراقي بالواقع الكارثي اليومي، و بالتالي اللهاث وراء قشة علها تنقذ الوطن الغريق بالدم العراقي المتعدد المذاهب والاديان والاجناس، بل من قراءة لهذا التنوع الفريد من التوليفة العراقية، التي لا يمكن أن تتجسد عراقيتها وطنا وانتماءا مخلصا، إلا بإتلافها تحت ولاء خيمة الوطن الأرحب البديل عن ولاء خيمة العنصر والطائفة والقبيلة.

إن التفاصيل الإجرائية التي اعتمدتها مبادرة مشروع المصالحة الوطنية في آلياتها ومبادئها و سياساتها المطلوبة، تحتاج إلى التزامن في التنفيذ الجدي الحازم و الدؤوب والصبر في المعالجة من منطلق الحرص الحقيقى لانجاحها لا من منطلق رفع العتب وذريعة بذل المستطاع ولكن ليس في اليد حيلة!! وهي بذلك أي المبادرة، بحاجة إلى الإسناد الشعبي ودعم مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالأساس في الدفاع عن كرامة وحياة المواطن العراقي دون أي تمييز، وخصوصا التمييز الطائفي والديني والعرقي.

ومن هذا المطلب فان الدعوة التي نصت عليها المبادرة لعقد" مؤتمر لعلماء الدين لدعم عملية المصالحة وإصدار الفتاوى الداعمة لها على اعتبارها اعتصاما بحبل الله" هي دعوة على أهميتها، تبقى عامة غير ذي جدوى إذا لم تسبقها دعوة لعقد مؤتمر مصالحة لأصحاب المال والسلاح من الزعامات الطائفية السنية والشيعية العراقية المتذابحة، يتم فيه الاتفاق على ميثاق شرف بتحريم الدم المسلم أيا كان مذهبه، و كذلك دم العراقي غير المسلم، ليس من منطلق الوازع الديني و الإنساني فقط بل من واقع أن لا منتصر في حرب التصفيات والتصفيات المقابلة هذه. ولابد من الاعتراف من أن أمراء الذبح الطائفيين المستوردين والمحليين وبتزكية امريكية غبية كانت أم ذكية، هي من تتحكم في أرزاق المواطنين ورقابهم وبمستقبل العراق وربما المنطقة، ولا تدخر ميليشياتها وجيوشها المنقبة أية وسيلة وحشية في النيل من غرمائها إلا واتبعتها بدافع الحقد و الثأر أو الانتقام، و لا يغامر المرء شك في عدم إدراك هؤلاء الأمراء الجدد، أن صراعهم الطائفي هو خير سبب لمزيد من بؤس ومعاناة العراقيين، ولتبرير تأخير جلاء قوات الاحتلال.
فلماذا لا تسمى الأسماء بمسمياتها وتوضع الأيادي على الجراح، ففي العراق اليوم تهجير و خطف و قتل وقطع رؤوس بين أبناء الطائفة الواحدة وبين أبناء الطائفتين في ذات الوقت، وما تلك الدعوة إلا محاولة لإنهاء مأساة العراقيين الذين تحول بعضهم بإرادته، أو رغما عنه، و بتشجيع إقليمي سني وشيعي وعنصري، ودعم مادي كبير ومهول، تحول إلى دمى متصارعة متذابحة، وعسى أن تغني مبادرة مشروع المصالحة الوطنية المطروح من قبل أركان الحكومة الحالية، ذلك المشروع الذي يعده كثيرون فرصة أخيرة للعودة للولاء للوطن، وتفضيله على الولاء للقوى الإقليمية الطائفية المتصارعة على أرضه، تلك القوى المستعدة "للتضحية" بآخر نقطة دم مواطن عراقي في سبيل مصالحها الطائفية و القطرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي