الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مايريده الغرب و ماتريده إيران

نزار جاف

2006 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لم تزل طهران تجذب الانظار إليها و تشد وکالات الانباء العالمية لإصطياد أي خبر مهما کان حجمه أو نوعه عن تطورات و مستجدات و تداعيات ملفها النووي، ولازالت دول الغرب و دول المنطقة تراقب بحذر ردود الفعل الإيرانية بشأن المبادرة الاوربية الاخيرة، وکل هذه الدول تتمنى أن لا تأخذ المسألة سياقا تصعيديا يقودها نحو مفترق أزمة مستعصية من المحال حلها إلا باللجوء الى خيار الحديد و النار.
زيارة السيد عبدالله غول وزير الخارجية الترکي لطهران و تسليمه رسالة للرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، و زيارة السيد منوشهر متکي وزير الخارجية الإيراني لبرلين ولقائه بالمسؤولين الالمان للتباحث معهم بشأن الملف النووي، حدثان کلاهما يصب في مجرى واحد وهو إيجاد حل مرضي لملف أزمة تخصيب اليورانيوم في إيران.
ومما لاشک فيه، إن إيران ولحد هذه اللحظة تلعب و تراوغ و تناور بصورة قد تکون أکثر من جيدة، وهي قد إستطاعت جر الغرب و حتى واشنطن من موقف متعنت نسبيا الى موقف قد يبدو فيه الکثير من الليونة و التساهل و الرفق، فيما يظهر أن الموقف الغربي قد ضربه أکثر من تراخ أو حتى تصدع من خلال إختلاف دول الغرب من زاوية"براغماتية"في کيفية حسم التعامل"النهائي"مع طهران، وقد يکون تأکيد الرئيس الامريکي جورج بوش على وحدة الصف بين أمريکا و أوربا بشأن الملف النووي الايراني، هو بحد ذاته تأکيد على وجود إختلاف ضمني من مصلحة جميع دول الغرب إخفاءه وعدم السماح لظهور تداعياته على السطح.
زيارة غول من جهة الى طهران، وزيارة متکي الى برلين، تؤکدان حقيقة مهمة، وهي أن طهران مازالت تمسک بزمام المبادرة لحد هذه اللحظة، ذلک إن لطهران علاقات أکثر من وثيقة مع کل من ترکيا و المانيا، ومثلما تفضل أن يخاطبها الغرب دوما عبر القناة الترکية، فإنها تفضل أيضا أن تخاطب الغرب کذلک عبر القناة الالمانية، ولها مع الدولتين مصالح متشابکة ليس من السهولة التضحية بها من أجل الولايات المتحدة الامريکية التي ترى في حلحلة الوضع السياسي الايراني و الخروج بمعادلة جديدة تکون فيها طهران رقما مصطفا في خانة واشنطن، أمرا مفيدا لها.
وعلى الرغم من التضارب الواضح بين کل من إيران من جهة، و السعودية و مصر من جهة ثانية بخصوص الوضع في العراق، لکن طهران إستطاعت من زاوية الصراع العربي ـ الاسرائيلي أن تضمن نوعا من التعاطف و التفهم الخاص من هاتين الدولتين المهمتين إقليميا، وهو أمر قد يکون له تأثير کبير في إضعاف خيار الحسم الامريکي عبر الحرب، مثلما قد يکون أيضا عامل قوة يضاف لرصيد طهران الآخذ في الإزدياد يوما بعد آخر.
ومع الاخذ بنظر الإعتبار أن واشنطن تسلک الان سبيل سياسة"القوة الناعمة"مع طهران و إنها تسعى لإتباع سياسة مزدوجة ترخي فيها الحبل من جانب، وتشد فيها من الجانب الاخر، فإن هذه السياسة سوف تکون عديمة الجدوى إن لم يتم تفعيلها على الارض، تماما کما تفعل واشنطن مع الغرب، إذ هي تفاوض و تحاور و تأخذ و ترد، لکنها في نفس الوقت تسعى في سرها لدفع برنامجها النووي خطوة أو حتى عدة خطوات الى الامام من أجل کسب موقع تفاوضي أفضل مع غرمائها الغربيين، فإن واشنطن مدعوة لنفس الامر ولکن في الداخل الايراني وتحديدا من ثلاثة نقاط مهمة و حساسة وهي الآذربايجانية و العربستانية و الکوردستانية، حيث أن الملفات الثلاث قابلة للإشتعال بوجه طهران و إحداث إرباک إستثنائي لها هي في غنى عنه حاليا.
وقد کانت الولايات المتحدة الامريکية مقصرة في إستغلال الاحداث الاخيرة في آذربايجان حيث شهدت تصعيدا خطيرا هو الاول من نوعه منذ أن قضى رضا شاه على جمهورية آذربايجان التي أقيمت عام 1946، وهو أمر قد دفع القادة الايرانيين الى الظن بعجز في سرعة التحرک الامريکية لإستغلال نقاط الضعف الاهم في الخاصرة الايرانية، لکن بقاء الاسباب التي قادت الى إشتعال آذربايجان، هي نفسها لتحريک المناطق العربية و الکوردية في إيران والتي تشهد قمعا منظما من قبل الحکومة الايرانية.
إيران تريد من الغرب أن تبقى معادلة إصطفاف القوى التي تمت بعد سقوط الجدار الاشتراکي، وهي تريد أن تبقى فعالة في الجنوب اللبناني وأن تبقى مالکة الخيار الاقوى في الشأن العراقي، کما إنها تبغي أن تبني تفاهما و تنسيقا"حضاريا"مع الغرب وتبين خلاله مالهم و ماعليهم، وهي قبل هذا کله تريد أن يکون في يديها وسيلة لفرض هذه الامور وقطعا ليست هناک وسيلة أفضل من الشبح النووي.
أما الغرب، فهو يريد أن يرى"آيات الله"في طهران من دون أظافر نووية، کما يحبذ عدم وجود أي إمتداد"عقائدي" و"تأليبي يقترب من الارهاب"للجمهورية الاسلاميـة في نقاط عديدة من العالم.
ومما لاشک فيه إن هناک تقاطعا في الارادتين، وفي إستمرار هذا التقاطع وديمومته سوف تتولد الاحداث التي تقود الى فک الطلاسم، وفي کل الاحوال، يبدو أن کل من واشنطن و طهران ماضيتان قدما الى الامام ولکن کل على طريقته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في