الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحب الحر في أعمال ارتسيباشيف

جودت هوشيار
كاتب

2020 / 7 / 18
الادب والفن


الحب هو احد الموضوعات الرئيسية في اعمال الكاتب الروسي ميخائيل ارتسيباشيف (1978-1927) ، كما هو الحال في أعمال معظم الكتّاب الآخرين . ولكن ارتسيباشيف عالج هذا الموضوع بطريقة اصيلة ومتفردة للغاية .
يرى ارتسيباشيف ان الانسان مزيج متناغم من الجسد والروح . ولا ينتهك هذا التناغم على نحو طبيعي ، الا الموت . ولكن البشر ايضا ينتهكونه على نحو متعسف بنظرتهم الوضيعة الى العالم.
الحب – حسب ارتسيباشيف – هو اتحاد الذكر والانثى لعوامل فسيولوجية في المقام الأول ، وليس بسبب التقارب النفسي بينهما . الكاتب يرفض اسطورة الحب الافلاطوني . ويرى ان مهمة المرأة هي امتاع الرجل . وعليها ان لا تخجل من هذه المهمة، التي ليس فيها ما يخجل ، بل ان الأمر طبيعي تماماً .
الحب الاسمى، الذي يربط الذكر بالانثى ،والروحي بالجسدي ،ينقذ الناس من الشعور بالوحدة والكآبة والانانية ، وهو مهم باعتباره اتصال حياتين واندماجهما في حياة واحدة .
سانين : إبن الطبيعة وداعية الحب الحر
رواية " سانين " من أهم أعمال أرتسيباشيف × وهي رواية مثيرة ومشوقة ، تأخذ بانفاس القاريء ، وتتسم بجرأة فكرية تبعث على إعادة التفكيرفى الكثير من المسلمات والأعراف التقليدية .
سانين – البطل الرئيسي للرواية - انسان ذكي وصادق تماما ، ومتحرر من كل القيود المادية ، وهو مثل فيلسوف متشرد يسخر من المعايير والأعراف الأخلاقية التي عفا عليها الزمن ، ويفندها بمهارة .ويحب الحياة بكل مظاهرها ، ويكره كل ما يحدها او يشلها او يقتلها ، ويؤمن بفكرة رئيسية مفادها : ان كل ما يجلب السعادة له وللآخرين ، ولا يضر أحداً هو أمر طبيعي .
يقول "سانين : " لقد وصمنا رغبات الجسد بالحيوانية ، وبدأنا نخجل منها ، ووضعناها في شكل مهين، وخلقنا وجودا أحادي الجانب.ان الأشخاص الضعفاء بطبيعتهم ، لا يلاحظون ذلك ، ويقضون حياتهم في الاغلال ، إذ كبلتهم نظرتهم الزائفة الى الحياة والى أنفسهم ، وهم يتعذبون لأن الطاقة المحبوسة تسعى للانطلاق الى الخارج ، والجسد ينشد الفرح. وهم يعانون من الازدواجية طوال حياتهم ، ويتمسكون بكل قشة في مجال المثل الأخلاقية الجديدة ، وفي النهاية ، يخافون أن يعيشوا ، أو يعبروا عن مشاعرهم ، رغم توقهم الى ذلك . انا احلم دائما بذلك الزمن السعيد عندما لا يحول شيء بين الانسان وسعادته ، و يستسلم بحرية ودون خوف لجميع الملذات المتاحة له .
. لقد كان العصر الذي عاش فيه الناس لبطونهم فقط ، فظًا وبربريا وبائسًا . وعصرنا - الذي يخضع فيه الجسد للروح ولا يحظى بالاهتمام اللازم – باهت وبلا معنى . ولكن الانسانية لم تعش عبثاً : فهي ستطور ظروفا حياتية ة جديدة لن يكون فيها مكان للفظائع او الزهد ".
ويقول في موضع آخر من الرواية :" : « إني أعرف شيئًا واحدًا هو أني لا أريد أن تكون حياتي شقية. لذلك يجب على المرء أن يرضي رغباته الطبيعية قبل كل شيء. إن الرغبة هي كل شيء. ومتى انقطعت الرغبة انقطعت الحياة معها. وإذا قتل المرء رغباته فإنه يكون قد قتل نفسه ".
في كل إمرأة شيء أصيل وجميل
ارتسيباشيف صوّر النساء في أعماله بمهارة فائقة ، وحاول أن يجد في كل امرأة شيئا أصيلاً وجميلاً ، شيئا غير موجود في الأخريات. وهذا يضفي على نساء ارتسيباشيف جاذبية خاصة .
ارتسيباشيف يصف انماطا مختلفة من النساء ، ولكن معظم بطلات اعماله بريئات وساذجات ، يفقدن براءتهن على صفحات اعماله . والاهم من ذلك ان الكاتب لا يصور فقدان البراءة كنوع من السقوط ، ولا تبدو هؤلاء النساء للقاريء ساقطات اخلاقيا ، او ان اياً منهن قد فقدت كرامتها او شرفها ، ولا افضل السمات الروحية التي تتصف بها .
ماذا يبقى لدى الرجل من مشاعر سامية ، اذا حرم العالم من الجمال الانثوي الذي يشبه الى حد بعيد زهور بواكير الربيع في جماله وتأثيره ،
يعتقد أرتسياشيف ان ثمة سمة اخرى ينبغي ان يتصف بها الحب ، وهي الحرية : لا ينبغي ان يكون الحب مرتبطا بأي شيء : لا بالعنف والإكراه ، ولا بالمال ، ولا بالأحكام الاخلاقية المسبقة ، ولا بالقيود الرسمية . الحب تحت تأثير العنف يصبح غير طبيعي ، وهوغير مقبول .
يمكن قول الشيء ذاته عن الحب مقابل المال . رغم ان ذلك لا يثير اشمئزاز الكاتب بشكل واضح . بطلة قصة " تمرد " بائعة هوى . القصة من حيث الحبكة تكاد تكون مشابهة لرواية تولستوي " البعث" . واذا كان تولستوي يرفض البغاء ، ويعده من اخطر آثام البشرية ، فان ارتسيباشيف لا يرفضه ، معتبرا ذلك وسيلة لكسب المال وان كانت غير طبيعية ، لأن بائعة الهوى لا تضر احداً ، رغم انها عنصر معاد للمجتمع . ويلمح الكاتب الى ان اولئك الرجال ، الذين يرتادون بيوت البغاء ليسوا في الواقع افضل من بائعات الهوى .
هل الزواج يقتل الحب ؟
تناول الكاتب موضوع الحب في قصة اخرى بعنوان " الزوجة " وهي مكرسة لمشكلة الزواج . الكاتب لا يقبل الزواج لأنه يشكل عقبة كأداء امام الحب ، ويعتبر السبب الرئيسي لجعل العلاقة بين شخصين محبين لبعضهما البعض عادية ومملة بسبب العيش المشترك .
ويعتقد الكاتب ان الافتقار الكامل للحرية لكلا الشريكين أهم عائق في السعادة الزوجية . الحب يجب ان يكون حرا ، وحيث لا توجد حرية لا يوجد حب . الشريكان في الزواج يرتبطان بروابط قانونية واجتماعية ودينية قوية ، مما يؤدي الى ضياع مفهوم الحب .
يرفض ارتسيباشيف الاعتقاد السائد حول العفة لكل من الرجال والنساء. وهو يربط مفهوم العفة بمفهوم الغيرة - كلاهما له جذر واحد: غريزة التملك. يعامل الرجل الغيور المرأة كشيء خاص به ، وهو أمر غير مقبول بالطبع .
تجدر الإشارة إلى أن ارتسيباشيف عندما يصور الحب بهذه الطريقة - التي قد تبدو صادمة ومرفوضة للوهلة الأولى - انما يكشف جوهره، وهو لا ينكر مفهوم الحب ذاته ، ولا يقلل من جاذبيته .فالحب شعور سام وقوي ، وقد سعى ارتسيباشيف الى فهم هذا الشعور للعثور على جذوره ووجد هذه الجذور فعلاً : الحب كالسعادة يكمن في اعماق المحب ، ولا يعتمد على عوامل خارجية . الحب لا ينشأ في السماوات ، بل في داخل الانسان نفسه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع