الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعى بحركة رأس المال

على نجيب

2006 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


ثلاث قضايا تهمنا عند التعامل مع ما يسمى ظاهرة العولمة : أولاها حرية التجارة، وثانيتها حرية حركة رأس المال، وثالثتها قضية نقل التكنولوجيا.
غير أننا يجب نكون مدركين من أول الأمر أن سياستنا في هذه المسائل ترتكز أساسا على أننا كبلد في العالم الثالث نستهدف رفع مستوى المعيشة ورفع الدخل القومي، مع الإبقاء على قرارنا الاقتصادي أكثر ما يكون استقلالا بما يخدم غرض النمو. وهو باختصار إحداث أكبر قدر من القيمة المضافة محليا، محسوبة بالأسعار العالمية، وإبقاء هذه القيمة المضافة داخل اقتصادنا والحيلولة دون تسربها للخارج. وفي كل هذه القضايا نحن بالضرورة نتعامل مع العالم الخارجي في إطار المعاهدات والنظم التي تم الاتفاق عليها كمنظمة التجارة العالمية أو اتفاقيات الملكية الفكرية. وفي مسألة حرية التجارة من البديهي أن نتوقع أن المنافسة الخارجية وحرية الاستيراد من شأنها إحداث ضغوط قد تضر أوجه الإنتاج خاصة الصناعي. ومن الواجب أن نحدد أي الصناعات التي سوف ترتفع بإنتاجيتها وتحديث معداتها وطرق إنتاجها. بل نحدث فيها توسعا استثماريا ونطمئن إلى أنها سوف تتمكن من مواجهة الاستيراد الحر، بل والتوجه للتصدير.
غير أننا نكون مقصرين لو تصورنا أن كل الهيكل الصناعي الإنتاجي يمكن أن يتطور بالسرعة الواجبة لمواجهة حرية الاستيراد. بل من السذاجة الضارة تعريض هيكلنا الصناعي لمثل هذه المواجهة فليس من الممكن أو المرغوب فيه رفع شعار زيادة إنتاجية العمل في كل الصناعات.
إن ذلك لا يستلزم معدل استثمار لا نقدر عليه فحسب، بل أيضاً من شأنه زيادة البطالة التي لا يمكن إنقاص معدلها إلا باستثمار لا نقدر عليه حاليا. بل يجب المحافظة على أوجه الاستثمار التي تعطي أعلى إنتاجية بأقل قدر من الاستثمار المالي. وباختصار توجيه الاستثمارات الكثيفة إلى الصناعات الجديدة المتقدمة تكنولوجيا والحفاظ على الصناعات القديمة التي تحق قيمة مضافة بأقل قدر من رأس المال. ومن ناحية أخرى تعميق التصنيع بما يقلل من الحاجة لاستيراد ما يسمى مستلزمات الإنتاج التي تحتوي على أعلى قيمة مضافة يتم تحقيقها في الخارج مما يجعل الاقتصاد القومي يتحمل فاتورة استيراد غير محتملة، وفي نفس الوقت يعجز عن التصدير. حيث إن اليمة المضافة المحققة محليا ضئيلة للغاية.
قد يبدو أن مثل هذه السياسة لو اتبعت من شأنها الخروج على مبدأ حرية التجارة ويضعنا في تناقض مع الاتفاقات التي وافقنا عليها وهذا غير صحيح، إن اتفاقات منظمة التجارة العالمية فيها كثير من البنود التي يمكن استخدامها لتقييد الاستيراد لحماية صناعة محلية أو لمعالجة العجز في الميزان التجاري أو لمواجهة الدعم التي تتمتع به لبعض الواردات من حكوماتها.
ويجب أن ندرس كل شروط تلك الاتفاقية واستغلال أي بنود أو ثغرات تحمي الإنتاج المحلي. ويجب أن نكون مدركين المنافسة ونتائجها التي تقول بها كتب الاقتصاد عن التدمير البناء. أي تصفية الصناعات الضعيفة غير القادرة على المنافسة لمصلحة تلك الأكثر تقدما، مثل هذا الكلام قد يكون له جدوى في اقتصاد بلد واحد أما أن يتم التدمير في اقتصادنا والبناء في اقتصاد الآخرين، فذلك ما يجب أن نتوقاه بكل الطرق. أما بالنسبة لحرية حركة رأس المال، فإن وسائل الإعلام وأحاديث المسئولين تبشر وتدعو وتحبذ وتأمل في أن يتم جلب أكبر قدر من الاستثمارات الأجنبية لرفع معدل الاستثمار والتنمية في الاقتصاد المصري.
وفي هذه المسألة يجب أن نعي نقطتين. أولهما ما هو الموضع المرسوم من قوى الاحتكارات العالمية والدول التي تهيمن على الاقتصاد العالمي حالياً، الوضع المرسوم لمصر. ففي بداية الخمسينيات تم تغيير قوانين الاستثمار التي وضعت في الأربعينيات وحددت حداً أقصى لملكية الأجانب لرءوس الأموال في الشركات المصرية. وتم تغيير تلك القوانين بما يسمح لملكية الأجانب لأغلبية الأسهم.
فماذا كانت النتيجة لم تحضر رءوس أموال أجنبية.
ولقد تغيرت القوانين في السبعينيات وجعلت ملكية الأجانب دون حدود ودون أني نتيجة أيضاً.
مصر ليس مخططا لها مجئ رءوس أموال أجنبية تساعد على رفع معدل الاستثمار والتنمية.
فمصر أخطر من أن يكون اقتصادها ناميا في هذه المنطقة من الشرق الأوسط لأسباب جيوسياسية ليس مكانها هذا المقال. ولنر ماذا فعلت رءوس الأموال الأجنبية في السنوات القليلة الماضية.
للأسف لا توجد إحصاءات معلنة لأرباح المضاربات الأجنبية في البورصة التي تم تحويلها للخارج.
وإن المرء ليعجب من زخم الدعاية للبورصة وسوق المال كأنها مركز للتنمية الاقتصادية في حين أنها لا تقوم حالياً إلا بدور المضاربة التي يستفيد منها الأجانب وبعض المضاربين الطفيليين.
أما الاستثمارات التي تمت في منشآت إنتاجية، فهي أساسا في الأسمنت الذي يحقق إنتاجه ضعف معدل الأرباح الذي تحققه صناعة الأسمنت في البلاد الأخرى وليس غريبا ما يقال عن أن أحد المصانع يجرى عرضه في الإنترنت بما يزيد على 40% فوق السعر الذي تم البيع به.
لأن سعر المصنع قيم على أساس تكلفة المصنع المثيل. في حين أن معدل الربح في صناعة الأسمنت المصري أعلى من معدلاتها العالمية.
وسوف لا نشير إلى رأس المال الأجنبي الذي اشترى شركة المراجل بغرض تصفيتها أو شركة الألومنيوم الذي يريد تأجير أقسام الدرفلة فيها بغرض السيطرة عليها بقيمة الإيجار حتى دون استثمار.
أو شركة سيماف لإنتاج عربات السكة الحديد التي وصلت إلى أسوأ حالة بعد حجز مستحقاتها لدى مصلحة السكة الحديد .. الخ.
رأس المال الأجنبي سوف لا يساعد على زيادة القدرات الإنتاجية في الاقتصاد المصري، بل العكس.
ويجب أن نكون على وعي بخطورة الدعوة إلى حرية رأس المال الأجنبي في الاقتصاد المصري.
ولعل من المناسب مراقبة سوق المال ووضع النظم سواء الضريبية أو تقييد حركة سحب رأس المال المضارب في البورصة .. ولعله من الواجب إعمال مبدأ الشفافية في رصد حركة رءوس الأموال المضاربة .. وكشف أثرها الضار على الاقتصاد القومي.
أما بالنسبة لمسألة نقل التكنولوجيا، فلعل أنسب ما نتناول به هذه القضية عنوان كتاب يوزع في بداية المرحلة الثانوية لتعلم اللغة الإنجليزية.
وكانت ترجمة اسمه «تعلم الكلام بالتكلم». التكنولوجيا لا تعطى ولا تنقل. الذي ينقل هو منتجات التكنولوجيا كالتليفزيون والتليفون المحمول.
بل حتى أحدث الآلات الإنتاجية، إنما التكنولوجيا في جوهرها هي اقتان صناعة الأشياء. إذا أردنا أن تكون لدينا تكنولوجيا وأن توجد لدينا قاعدة تكنولوجية فيها أقوى الكوادر البشرية من العلماء، فذلك لن يتم باستجلاب الخبراء الأجانب. أو حتى إقامة أحدث الصروح التكنولوجية التي تحوي أحدث الأجهزة. بل أن نقرر أن تقوم بإنتاج ما نريد إنتاجه مستخدمين القدرات البشرية المصرية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية