الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المشهد السوريالي الفلسطيني

جبريل محمد

2006 / 6 / 27
القضية الفلسطينية


المشهد الفلسطيني الحاليـ سوريالي الى ابعد الحدود، احتلال يقصف ويدمر، يصادر ارضا ويستوطن، يبني جدارا عنصريا، ويخطط لعملية اعادة احتلال غزة، عدا عن تخطيطه المسبق لتنفيذ خطة التجميع والانطواء من طرف واحد وبما يخلق معازل فلسطينية يمكن تسميتها امبراطورية، مثل ميكرونيزيا، او امارة مثل موناكو،اسرائيل تعرف ماذا تريد وترسم لهدفها الخطط والبرامج وتتكيء على الدعم الامريكي المطلق لمشاريعها، والنوم العميق للنظام الرسمي العربي، والسيف المسلط على رقبة كل منتقد في العالم لسياستها العدوانية، فالعنوان العالمي هو (الحرب على الارهاب)، واي صوت سواه يجب ان يخرس .
في الطرف الآخر يناقش كهنة السياسة الفلسطينية كم سيطانا يمكن ان يقف على رأس شعرة من لحية وزير او ضابط امن او حتى رئيس، يستعيرون سيبويه ونفطويه والخليل بن احمد للوصول الى صياغات حمالة اوجه تحتمل التفسير المختلف على هوى كل طرف، مع ان كافة الامور تصيغ نفسها بنفسها لو نظرنا نظرة غير متفحصة وسريعة لما يدور حولنا.
حكومة مشكلة شرعيا بقرار رئيس سلطة وبناءا على قراءته لميزان القوى الداخلي بعد انتخابات نزيهة اخرجت من جعبتها موقفا شعبيا يرفض الفساد، فيما لا يمكن الوثوق والجزم بأن توجه الناخب الفلسطيني كان باتجاه فرض قصوية سياسية مغامرة تقفز فوق الوقائع ولا تدرس موازين القوى،ولكن الحكومة تصيح نحن مفوضون من الشعب على رزمة برنامجنا وليس على اولوية محاربة الفساد،وهي بالتالي تصبح صاحبة الحق في تقرير كافة السياسات بدءا من اعادة صياغة التاريخ الوطني وانتهاءا بفرض قرارات لا تستطيعها الان في ظل الحصار والضغوط المتواترة عليها.
ومعارضة تتحكم بغالبية الجهاز البيروقراطي الحكومي من الساعي حتى وكيل الوزارة، فيما تمارس احيانا اخس السبل لاستعادة ملكها المضاع وامتيازاتها التي هربت من بين يديها مع الفشل المدوي لحركة فتح في الانتخابات، وبات الموضوع ليس مواجهة اولمرت وسياساته، بل البحث في صلاحيات الرئيس وصلاحيات رئيس الوزراء، (المجال الحيوي لفتح، والمجال الحيوي لحماس)، اما احياء منظمة التحرير فهي بهار يرش على المواقف السياسية، والوصول الى برنامج اجماع وطني جديد هو مجرد شعار يغطي صراعا لاقتسام سلطة محدودة محاصرة وجائعة وعرضة للانتهاك كل ثانية من رصاصة مستوطن او قذيفة من سمتية تودي بحياة عائلة.
واليسار المغلوب على امره فقد البوصلة، فمنهم من استظل بظل الرئيس ومنهم من لا يستطيع حتى تقديم حل لاخراج الصراع من حالته الداخلية الى قراءة لاحتياجات الوطن، ويكتفي بتسجيل المواقف دون امكانية تحريك الشارع ضد صراع الديكة في غير اوانه.
حكومة تحاول تهريب الاموال لتغطي نفقات جارية لا تستطيع ان تقف على قدميها وتتلو تقريرا حول انجازاتها، ورئاسة تحاول امساك عنق المفاوضات لا تستطيع ان تفاوض لان الطرف الاخر في غير الوارد ولديه مشروعه الفردي الخاص الذي يوفر عليه عناء التنازل ويملك من القوة ما يجعله قادرا على ادامة الواقع الذي يفرضه.
وشعب ينوء تحت قتل وتعذيب وحصار وتجويع، ويسمع وعودا يحلم بها ليلا فتضحي مجرد صدقة لا حق، وتضحي انجازا لعملية تهريب صغيرة استطاعت ان تسد رمق بعض الفقراء او تسد بعض ديونهم المتراكمة.
قراءة الواقع الفلسطيني في هذه الصورة تثير الشفقة، فالموضوع ليس متعلقا بمواجهة حصار اسرائيلي امريكي وغربي، اضافة الى استكانة عربية رسمية للاوامر الامريكية، انه موضوع متعلق بقراءة حالة الصراع وميزان القوى، وقدرة الشعب المنهك على الاستمرار في ظل الجوع في مقاومته، انه التمتع بالمسؤولية التاريخية عن ثورة تحرر وطني لم تراكم حتى الان انجازات حقيقية تجعل المواطن الفلسطيني لا يشعر بالاحتلال او على الاقل يرى تقدما في حالة ما بين الحرية والاحتلال.
ليس الموضوع مقاولة سياسية يأخذها هذا الطرف الفلسطيني اوذاك على عاتقه، وبالتالي يخضع الامر لقياس النتائج بالربح او الخسارة، انه رؤية الممكن والمتوقع من نتائج، وبالتالي فان الحسابات النهائية ليست حسابات ربح هذا الفصيل او ذاك، بقدر ما هي حسابات مستوى التقدم في المشروع التحرري الفلسطيني.
يمكن لفلسطين ان تستغني عن النظام الرئاسي نحو نظام الحكومة البرلمانية، كحل، ومن الضروري ان تحدد الحدود بين المنظمة والسلطة، وان تحدد صلاحيات كل منهما، وان تكون المرجعية هي الام منظمة التحرير الفلسطينية، كذلك وببساطة يمكن القول ان التمنع الذي يجرىي في الحوارات سببه الخلط المتعمد بين السلطة كادارة لحكم خاص بالضفة وغزة وبين المنظمة كمرجعية للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.
فعلام اطالة الامد في الحوار والتصارع على كلمة هنا وفاصلة هناك، فلنبدأ بالمنظمة اولا، وبعدها تتبع السلطة وتفرعاتها. ولنتحمل مسؤولية اخلاقية تجاه شعب مستعد للتضحية باقصى طاقته، لكنه يطمح ان يرى ثمار تضحياته وطنا حرا لا تنازعا على الصلاحيات الموهومة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام