الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلقمة واحدة ابتلعت الصين إيران ...

مروان صباح

2020 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


/ ما يتعامى عنه هو تلك الحقيقة المضيئة التى أشارت على نوع العلاقة التى يعتقد أحد أطرافها بأنها تكاملية ، لكن سرعان ما سيكتشف أنها ابتلاعية وكل ما تحمل ليس إلا بضعة من الجرعات لحماية النظام من السقوط ، فبعد دخول الأمريكان الي العراق 2003م ، توصلوا إلى قناعة بأن المنطقة العربية والإسلامية تحتاج لقوى عالمية لكي يتم السيطرة عليها وبالتالي جاء الرئيس اوباما بفكرة تقاسم المنطقة مع الروس والأوربيين ، وهذا التفاهم ليس بجديد ، بل يعود إلى أيام اجتماع يالطا ، المدينة الواقعة في أوكرانية ، عُقد الاجتماع الثاني قبل شهور قليلة من إستسلام الألمان ، كانوا قد اجتمعوا في طهران قبل عامين من ذلك التاريخ وحدد الاجتماع الثاني كيفية توزيع التركة الألمانية بين الثلاثي الكبار ، أمريكا وروسيا ( السوفيات ) وبريطانيا ، وأنشأوا بعد ذلك ، تجمع أطلق عليه الأمم المتحدة لكي يتحكموا في حياة البشرية وعلى الرغم من أن الروس كان لهم الفضل في زعزعت الجيش ألماني في مناطق شرق أوروبا والتى شهدت مقاومة ألمانية غير مسبوقة ، إلا أن الأمريكان خرجوا من الحرب بنفوذ أوسع وهيمنوا على العقلية البشرية بحكم التكنولوجيا المستدامة والتى حاكت على الدوام النفس البشرية ، لقد قبلت واشنطن بتقسيم ألمانيا وهي تعلم أنها ستتوحد في المستقبل لصالحها ، وبالرغم من بسط الجيش السوفياتي سيطرته حتى حدود بولندا ، لكن مع إنهيار الإتحاد ، تحولت بولندا قاعدة كبيرة لحلف الناتو ، أما التركة الألمانية ، من ثروات ومعدات ، تنازلوا الأمريكان والبريطانيين عنها للسوفيات ، لأنهما أخذوا الأفكار والخبراء .

القوى التى انبثقت عن مؤتمر يالطا انخرطت في مهمات عسكرية متعددة في العالم ، وبالاخص المناطق التى تعتبر إستراتيجية ، فاليوم على سبيل المثال ، روسيا لها وجود ما يقارب 1500 جندي من شركة فاغنز يقاتلون في ليبيا وتعود ملكية هذه الشركة إلى شخصية مقربة من الرئيس بوتين ويعتبر يفغيني بريغوجين من الأشخاص الذين يعتمد عليهم بقيام المهام الصعبة ، ايضاً شركته تقوم بأعمال في مناطق أخرى ، مثل أفغانستان وسوريا واوكرانيا وتعتبر الذراع السري لوزارة الدفاع الروسية ، بل ايضاً قاتلت هذه القوات سابقاً في مولدوفا ، الدولة الواقعة بين أوكرانيا ورومانيا ، واستطاعت انتزاع منطقة ترانسنيستريا التى تتمركز فيها حتى الآن قوات روسيا ، أما سكانها يطالبون بالالتحاق بالإتحاد الروسي ، ومن جانب آخر ، دعمت موسكو تاريخياً غزو ارمينيا في أذربيجان ، ويعود التوتر هناك بالأخص في منطقة باكو إلى عام 1918م القرن المنصرم ، ودعمت انفصال أبخازيا في جنوب اوسيتيا وجورجيا وضمت جزيرة القرم وتدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا ، بل ذهبت وزارة الدفاع الروسية إلى تأسيس قواعد عسكرية في كل من مولدونا وأرمينيا وحولت القرم إلى قاعدة كبيرة تطل على البحر الأسود ، بالطبع من خلال مساهمتها في القتال في سوريا ، عززت وجودها العسكري ووسعت قواعدها وأنشأت قواعد أخرى حتى وصلت أعداد قواتها إلى 70 ألف جندي وضابط ، وهذا ما تحاول صنعه في ليبيا ، وبالتالي سيتيح هذا الموطئ القدم لها في المستقبل التمدد في شمال أفريقيا وأفريقيا العمق وايضاً تهدف في محاصرة أوروبا الغربية من المنطقة الجنوبية وبالتالي بذلك تكون قد أطبقت سيطرتها على الطاقة التى تغذي أوروبا ، في المقابل تسعى تركيا فعل ما يفعله الروسي في عديد من المناطق التى باتت تتقابل معه في أغلب الميادين .

كان الرئيس أوباما قد أسس إلى سياسة الشراكة الجديدة للصراعات الدولية ، فأصبحت واشنطن تتفرج أكثر مما تصنع ، وهذه الشراكة سمحت إلى قوة أخرى التمدد في أماكن كانت محسومة للأمريكان ، لكن ما جعل الأمريكي العودة إلى إتفاق يالطا ، هو تخوفه من دول بدأت تطل برأسها ، قد تهدد المنتصرين في الحرب العالمية ، وهذا يفسر كيف حاصرت الولايات المتحدة الامريكية ايران ، في المقابل انقضت الصين عليها ، فإتفاق الصيني الإيراني التى أعلنت الأولى عن قيمته ب 400 مليار دولار وسيتم تنفيذه على مدى 25 عاماً ، يُعتبر إحتلال ناعم لأنه سيمكن الشركات الصينية من السيطرة على كافة مناحي الحياة ، مثل البنوك والبنية التحتية والمواصلات والسكسك الحديدية والاتصالات والموانئ ، والموانئ ستكون حكايتها حكاية ، كما أن الإتفاق منح الصين وجود كبير في المصانع العسكرية بل بالأصل الصين كانت هي التى تطورت المنظومة الصاروخية بشكل عام ، وسيمنحها الاتفاق ايضاً التدخل في جهازين الأمن والاستخبارات وبالتالي يعتبر هذا الاتفاق جزء من نفوذ الصين الاقتصادي والاستراتيجي عبر أوراسيا التى أطلقت عليه مسمى حزام واحد طريق واحد وبالتالي الرئيس الصيني الحالي ، استحضر طريق الحرير السابق وأعاد هيكلته من جديد ليكون الأقوى ، لأن الصينيون كانوا قبل 1820م يمتلكون الاقتصاد الأكبر في العالم ، لكن التكنولوجيا والثورات الصناعية أنهت هذا التفوق ، كما أن حصلت الصين من إيران على تمويل نفطي بأسعار مخفضه لسنوات طويلة .

الأخطر من ذلك ، بالتوقيع على هذا الإتفاق ، تكون الصين باشرت في وضع موطئ قدم حديث في الشرق الأوسط ، وعلى مقربة من حقول النفط ، لأنها سيمكنها الاتفاق من بناء موانئ على طول بحر عُمان ، فالجندي الصيني سيصبح متمترس في نقطة استراتيجية يراقب مبدئياً خط الإمدادات النفط والسلع إلى العالم ، بعد ما بنت الصين ميناء في مدينة حيفا إسرائيل ، موقع تجاري وصناعات مشتركة بينهما وايضاً بنت موانئ على طول البحر النهدي وعبدت طريق الحرير عبر باكستان ، إذن باختصار الإتفاق الصيني ، نقل الإيراني من التبعية المتذبذبة لروسيا إلى الصين ، بل حقيقة الإتفاق ، كل ما صنعته الثورة الايراني الخمينية ، نقلت تبعية إيران من واشنطن إلى بكين بعد ما تم استنزاف موارد الجمهورية من البشر والنفط في حروب مجنونة ، أعادت بفضلها المنطقة إلى العصر الحجري وعلى الأخص ، العراق وسوريا ولبنان .

الخلاصة ، من يملك القدرة على تبصر الحقيقة لا يلجأ إلى ظلها ، جميع القوى الدولية أو الاقليمية تحمل مشروعين متكاملين باستثناء العرب ، اقتصادي ووجود عسكري مبني على مصالح الأمني القومي وما بعد القومي ، فعندما تتجه إيران إلى الشرق أو عندما ينادى حسن نصرالله أمين حزب الله في لبنان ، تعالوا نجرب الشرقيين ، أي الصينين ، أو عندما يردد من يسموا أنفسهم بالمقاومين العرب ، بضرورة إقامة تحالف مع الصين كقوة صاعدة في العالم ، يتساءل المرء هنا ، يا ترى ، هل هؤلاء يعرفون حق المعرفة ما هو الفارق بين الرأسمالية الغربية والاشتراكية الشرقية أو النيوليبرالية وحدود التباين والتقارب بينهما ، بالتأكيد لا علم لهم بالفرق ، لأن هذا التخبط بالاتجاهات كان قد وقع به الرئيس عبد الناصر ، بالطبع يعود لعدم إمكانية الدولة العربية ، تبني مشروع يعتمد على الذات كما حصل مع الصين ، وبالتالي لماذا يستغرب البعض ، أن تبتلع الصين بلقمة واحدة إيران أو الأخيرة تُدمر العراق ، فالابتلاعات والتدميرات كثيرة ، طالما المبلوع والمدمر مستسلم ورافض أن يكون مؤهل وحر . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا