الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطور الحيتان من وحي التطور الأحيائي (12)

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)

2020 / 7 / 20
الطب , والعلوم


تطور الحيتــــــــــان
من وحــي التطور الأحيائي (12)

عندما صرح العلماء بأن الحوت ربما يكون قد تطور عن حيوان بري يمشي على أربع؛ سخر منهم "الخلقيون" ولم يستطع العلماء الرد؛ في ظل وجود "حلقات مفقودة". ولكن منذ أوائل التسعينات، جاء الدليل الحاسم، وتحديداً في العام 1994، عندما اكتشف علماء الحفريات البقايا المتحجرة لحيوان اسمه: “أمبيوليسيتز نيتنز ” Ambulocetus natans، وهو حيوان يعني اسمه حرفياً: "حوت يمشي"، كان لساقيه الأماميتين أصابع وحوافر صغيرة لكن قدميها الخلفيتين ضخمتين بالنظر إلى حجمها. من الواضح أنه تم تكييفه للسباحة، ولكنه كان، مثل الفقمة، قادرا على التحرك بشكل أخرق على الأرض.
عندما يسبح، تحرك المخلوق القديم مثل سحلية، فيدفع إلى الوراء بأقدامه الخلفية ويموج العمود الفقري والذيل. بالضبط كما تفعل الحيتان الحديثة؛ حين تدفع نفسها من خلال المياه بضربات قوية من ذيلها الأفقي. لكن " Ambulocetus" لا يزال لديه ذيل يشبه السوط واضطر إلى استخدام ساقيه لتوفير معظم القوة الدافعة اللازمة للتنقل عبر الماء.
وتوالت من بعدها الفتوحات والاكتشافات الحفرية الأثرية، ففي السنوات الأخيرة، تم اكتشاف المزيد والمزيد من هذه الأنواع الانتقالية، أو "الروابط التي كانت مفقودة" وأصبحت "موجودة". وتوالت معها التحقيقات والتأكيدات العلمية التي اعتمدت على التحقق بنظائر الأكسجين في عظام الحيوانات؛ فتحدد ما تأكله وتشربه، وتحديد مقادير المياه المالحة والمياه العذبة بأجسادها، فلها نسب مختلفة من نظائر الأكسجين؛ ما قدم المزيد من الدعم لتطور الحيتان، ولنظرية التطور بوجه عام.
ولكي نستوعب تطور الحيتان؛ لابد لنا؛ أولاً؛ أن نفهم آلية "الانتقاء الطبيعي"؛ القادر على أن يخلق أنواعًا جديدة مغايرة تمامًا للأنواع السابقة، والتي يُكتب عليها الفناء (الانقراض)، تحت ما يعرف باسم "التطور الكلي". إذ يمكن أن تتحول الثدييات البرمائية إلى حيتان!
في الشكل المرفق: أول شيء يجب ملاحظته في هذا الرسم التوضيحي هو أن "أفراس النهر" هي أقرب الأقارب الحية للحيتان، لكنها ليست أسلافها. ففرس النهر كبير ومائي، مثل الحيتان، لكن المجموعتين قد طورتا هذه الميزات بشكل منفصل عن بعضهما البعض. وتطورت الحيتان الأولى منذ أكثر من 50 مليون سنة، من أقرب أقرباء الحيتان القديمة وهو حيوان حافر عملاق يقع بين الذئب والضبع اسمه: "باكيسيتس Pakicetus"، اقتات على السلاحف المائية؛ منحدرا من حوت أبكر (أحد الثدييات البرية بالمطلق) اسمه "إندوهياس Indohyus". و"الباكيسيتس" له جمجمة طويلة وأسنان آكلة للحوم الكبيرة. وهو لا يشبه الحيتان على الإطلاق. ومع ذلك، فإن جمجمته - خاصة في منطقة الأذن، التي يحيط بها جدار عظمي - تشبه تماماً تلك الموجودة بالحيتان الحية الآن.
ثم تطور "الباكيسيتس" إلى "أمبيوليسيتز" "البرمائي الشهير"، والذي عاش نمط حياة أكثر مائية. ساقيه أقصر، ويديه وقدميه متضخمتان مثل المجاديف. ذيله أطول وأكثر عضلية أيضًا. وأثبت تحليل النظائر بأنه شرب كلا من المياه المالحة والعذبة، والتي تتناسب تمامًا مع فكرة أن هذه الحيوانات عاشت في مصبات الأنهار أو الخلجان بين المياه العذبة والمحيط المفتوح.

ثم تطورت حيتان "أمبيوليسيتز" إلى الحيتان من نوع: "كاتشيسيتس Kutchicetus"، وقد أظهرت هذه الحيتان المائية تغيرات أخرى تشير أيضًا إلى أنها مرتبطة بشكل وثيق بحيتان اليوم. حيث احتوت عيانتها على مستويات أعلى من نظائر الأكسجين في المياه المالحة، مما يشير إلى أنه عاشت في الموائل البحرية القريبة من الشاطئ، وكانت قادرة على شرب المياه المالحة، كما يمكن للحيتان اليوم. طورت هذه الحيوانات الخياشيم التي تم وضعها أكثر وأكثر على طول الخطم. استمر هذا الاتجاه في الحيتان الحية، التي تحتوي على "فتحة" (خياشيم) تقع أعلى الرأس فوق العينين.
والملاحظ بأن الحيتان تحرك ذيولها حركة رأسية (لأعلى ولأسفل)، بدلاً من الحركة الأفقية (من اليمين لليسار)؛ كما تفعل الأسماك. وتفسير ذلك؛ لأن الحيتان تطورت من "الثدييات البرية" التي تمشي وتحني أعصابها الفقرية بشكل طبيعي من الأعلى للأسفل. يمكنك أن ترى هذا بسهولة إذا كنت تشاهد كلبا يركض. فسترى عموده الفقري يتدحرج لأعلى ولأسفل وهو يتحرك إلى الأمام. الحيتان تفعل الشيء نفسه؛ عندما تسبح. كما يكشف تشريح بعض الحيتان الحية عن بقايا "أرجل صغيرة" ضامرة داخل جدار جسمه؛ لتُظهر لنا "تُراثها الأرضيّ القديم".

وتحوي التفاصيل العلمية المدهشة لتطور عظام الحوض والعمود الفقري والزعانف... الخ؛ الكثير والكثير بما لا تتحمله مقالة، لذا؛ سنقتصر على ذكر الأنواع وصولا للحوت الأحدب الحالي.
وتطور "كاتشيسيتس" إلى نوع اسمه: "رودهوسيتس Rodhocetus". وتطور "رودهوسيتس" إلى "باسيلوسيرس Basilosaurus" (لم يظهر في الشكل). والذي تطور إلى "دورودون Dorudon". إلى " أودونتوسيتس Odontocetes". إلى "ميستيسيتس Mysticetes" الحالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسخف 10 كابلز في الإنترنت مع بدر صالح ???? | TOP 10


.. الصحة العالمية: الجائحة التالية مسألة وقت.. وهناك تعديلات قا




.. إدمان الإنترنت.. يهدد الصحة الجسدية والعقلية


.. إلى أين يقودنا إدمان الإنترنت؟




.. نازحة في غزة تغني بصوت شجي وتجذب تفاعلا واسعا على منصات التو