الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شخصيات والكوميديا السوداء ....الجزء الرابع

عبد الرزاق حرج

2006 / 6 / 27
أوراق كتبت في وعن السجن


بغداد ذاكرة المدن الذي كتبها التاريخ في مسامير الآسطوره المعلقه في دواوين الاحياء والآسواق والمقاهي والطقوس والشوارع والزوارق والسفن وتداخل وجوه البشر في لغاتها ولهجاتها المتباينه والخيال والحبر والماء والدم ...قديما تسمى > العكد > ...لكن حين ولدت مدن وأحياء وشناشيل وغسل ثيابها وطهرها نهر > دجله> أكتست ثوب الطهاره والسلام سميت > بغداد >...سميت مدنها بأسماء تجارها وقوادها وعوائلها وأوليائها وطقوسها الدينيه وأشقيائها ,,بغداد الرصافه ,,البتاوين والسعدون وأبي نؤاس والنضال ودار السلام والكراده وبغداد الجديده ومدينة الثوره والشعب وحي أور والصناعه والقاهره والآعظميه وحي الجامعه وشارع فلسطين والنهضه والشيخ عمر وباب الشرقي وشارع الجمهوريه والشورجه وحافظ القاضي والخلاني والصدريه والكفاح والفضل ..تقطعها الجسور التي ترضع من نهر > دجله > ,,وأطرافها ممتده الى بغداد الكرخ ,,,كرادة مريم والقصر الجمهوري والمجلس الوطني والصالحيه والكريمات والشواكه وساحة الشهداء وسوق حمادي والجعيفر والرحمانيه والتكارته وعلاوي الحله والكاظميه والحريه والشعله وحي العدل والمنصور واليرموك والقادسيه والبياع وحي الرساله والدوره والميكانيك وأبي دشير ...حين تستيقظ من منامها وتدفع عن عيونها النعاس المدن .. تسمع القرويات الجميلات في أصواتهن النشطه وخشخشات > الحجول > الفضيه على أرجلهن الزاحفه على طراوة الشوارع المتدفئه في لحاف الليل ولمعان> خزاماتهن > فوق أنوفهن وهن محملات > قدور > الحليب والزبد والقيمر ..ننتزع أردية النعاس على هذه الآصوات العذبه ..نركض مبكرين في ملاقات هذه البياعات الفقيرات لكي نشتري الفطور الطيب الى أبائنا كي يذهبوا الى العمل مسرعين ..تدب الحياة في المدن صباحا بعدما ودعها الليل وأسراره الخفيه ..تسرع طوابير الناس الى أعمالها ..عمال وعسكر وعتالين وفقراء ومتسولين وأشقياء وموظفين وتجار وسواق وبياعين الخضر والفواكه والآسماك وأصحاب المهن الحرفيه وزعيق السيارات الكبيره والصغيره الحامله البشر وأكداس الشحنات الغذائيه والآلات المهنيه وصفارات القطارات الصباحيه تعوي وتطالب في الانتباه كي تتوقف السيارات المسرعه أمام سير هذه القطارات الحديديه ...من هنا ولدت عائلة > خليل ماشاء الله > المتمرده في طبيعتها الفطريه ..رحب التاريخ أن يسجلهم في رحاب العلم والمعرفه والشجاعه في الدفاع عن الفقراء في وجه حكومة القريه ولصوصها المعتوهين ..نشأ خليل ما شاء الله في بيوتات وحارات الشواكه والكريمات وضفاف دجله وزوارقها العائمه في هذا النهر العظيم ..تدرج في الدراسه وأصبح من الآوائل في المدارس في سبعينات القرن الماضي,,, حازه على شهادة أحد المعاهد العلميه والفنيه بكل تفوق مع تفوقه في رياضة > الكراتيه > والتايكواندو > أصبح أحد أبطالها في الآنديه الرياضيه الكرخيه وحازه على جميع الآحزمه لهذه اللعبه الشرسه بكل أقتدار بقامته الطويله وكفوفه ككماشة حديد ,,,درس تاريخ الفلسفات الآسلاميه وثوراتها ومفكريها والآديان ولغاته ,,,كان يتمنطق بلغة > هادي العلوي > ويجادل في فلسفة > حسام الآلوسي > ويسوق ألآمثله والآراء من كتابات > الطيب التيزيني > التاريخيه ويعرف العرب ومراحلهم التكوينيه من خلال كتابات وأفكار المفكر الكبير > حسين مروه > ..كان متأثرا في الثورات الآسلاميه التي حدثت في العصور الآمويه والعباسيه والعثمانيه ..كالثورات التي حصلت أنذاك ..أمثالها ..الثوره اليزيديه والآسماعليه والقرمطيه والمهديه, ويعشق أشعار > مظفر النواب > بجنون ولاعب ماهر وذكي في لعبة الشطرنج ,,, هذه الثقافه الذاتيه أصبحت محاوره الرئيسيه في يومياته وجداله في الحوارات التي كانت تجري في السجون ..كان دائما يذكرنا في المستقبل القريب حول الظاهره الدينيه وأنتشارها في تجليات المشهد السياسي الجديد وأسلمته الحزبي على عموم بلداننا الآسلاميه ...أعتقل من قبل ألاستخبارات العسكريه عام 83 ..أستخدم ضده أثناء التحقيق ,,حيونت الجلاد ,,لكن بقيت هذه الشخصيه أمام الجلاد منتظمة ألآفكار ولم تنهار بالرغم أنتمائه الى اليسار الرسمي حديثا في بداية الثمانينات ..حكم عليه من قبل محكمة الثوره سيئة الصيت > بالمؤبد>..عام 84 بعدما ترك طفلا في رحم أمه يريد أن يولد !!!.. من المصادفات الغريبه ,,عام 85 كنت في زنزانات الآعدام ...في أحد الآيام دخلت علينا وجبة شبابيه جديدا محكومه بالآعدام ..وزعوا على زنزانات الآعدام فردا فردا من قبل الحرس > محنه وأبو سعديه > ,,,بعدما خرجوا الحرس من قاطع الآعدام ...أطل أحد الوجوه القديمه في زنزانات الآعدام المدعو > حامد الحلاوي > الذي بقى أطول فتره في زنزانات الآعدام قدرها ثمانية سنوات في قامته المربوعه والقصيره على واجهة البوابه المشبكه والحديديه وقال ...أخواني هولاء الشباب جاءوا من مديرية الامن العامه وكلهم من تنظيمات حزب الدعوه ...وسوف يتحدث أليكم من زنزانتي المدعو > أسماعيل ما شاءالله > عن الآخبار الآخيره من خلال جرائد النظام التي توزع في غرف الآمن على الموقوفين بعد قليل ...أستوقفني هذا الآسم وبات بي الفضول يدفعني أن أشاهد هذه الشخصيه الجديده ومن حسن الحظ ..كانت زنزانة >أسماعيل > مقابل زنزانتي ..زحف الوقت في دقاته الثقيله وأنا أترحم من الزمن أن يغيب أرقامه الثقيله وينشط وتيرته لكي يقرص ويستفز أعمدت عقاربه الصبيانيه حتى يركع الزمن المخفي ويظهر الشخص المطلوب ...أثناء حوارات النفس ووجهي لصيق باب الزنزانه ,,,وقف شبيه> خليل ما شاء الله > ..بكل شئ في قامته ووجهه الطولاني ذو الآنف النحيف القريب على الفم المخطوط على شفتيه جمه من الشعر الكثيف ولحيه غزة الفكين التي أضعفها الجوع وعيون صغيرة الحجم التي حدد نظرها داخل غرف التحقيق ..تكلم بهدوء وبصوت رفيع تتخلها بعض تقاطيع التعابير الغير متناسقه في الصوت بعد السلام والتحيه على كافة نزلاء القاطع ..سرد ألآخبار بكل تفاصيلها ,,بدأت الآسئله والآجوبه من قبل الطرفين حول مجمل القضايا التي يدار رحاها في الوطن ,,جاء دوري في الآسئله ..قلت له ..أخ أسماعيل ,,السلام عليكم ..قال وعليكم السلام ..قلت له ..أريد أسألك سؤال وأنا في حيره من أمري ..قال ,,تفضل ...قلت ..هل أنت أخ >خليل ما شاء الله >,,توقف على الاجابه بعض الوقت وهو ينظر لي بعيونه التي سرق مداها حبس غرف التحقيق ...قال لي ..أنت من أين تعرفه ...قلت له ..يعني أنت شقيقه ...وأكملت الحديث ..تعرف أخ أسماعيل ..لقد حكم عليه في المؤبد عام84 ...قال لي ..ويديه تدفع الباب ,,لا لالالا ..غادر بسرعه عن الباب ودخل الى داخل الزنزانه ....يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هذا ما قاله فادي الخطيب عن المثلية الجنسية..


.. الأمم المتحدة تغضب إسرائيل.. قرار يدعم أهلية فلسطين بالعضوية




.. الاحتلال الإٍسرائيلي يلقي منشورات للسكان والنازحين بضرورة إخ


.. الشرطة الهولندية تتخفى في الكوفية الفلسطينية لاعتقال طلبة جا




.. السودان.. مركز الملك سلمان للإغاثة يشارك في علاج 600 من مرضى