الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نفسية التشفي

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)

2020 / 7 / 21
العولمة وتطورات العالم المعاصر


نهلل -كعادتنا- ونحن لا ندري بأن الاقتصاد العالمي قد بدأ رحلة التصدع وأن عددا من الدول تمهد المسرح لتحولاتٍ اقتصادية قد تكون درامية على كافة شعوب العالم. قاصدا بهذا التمهيد أصدقائي المثقفين المستنيرين؛ موضحاً لهم بأنني لستُ من "الشمتانين" بما هو آتٍ للدولار أو اليورو أو الين أو اليوان، في المرحلة الراهنة أو التي تليها على أقل تقدير، رغم نقدي للقائمين على الاقتصادات العالمية. فلا يفرح في بلاء الآخرين سوى العاجز المريض الجاهل.
وصحيح بأنني من بين ملايين البشر الذين ينتقضون الكثير من السياسات الأمريكية حول العالم، وليس في منطقتنا المنكوبة بأدمغتها فقط، لكن الفرق بيني وبين هذه الملايين أنني لا أتمنى زوال أمريكا؛ كما يتمنى الجميع؛ فأنا لا أنكر الكثير من أفضالهم، خاصة؛ في المجالات العلمية والتقنية واستكشاف الفضاء، ولكي نحصر بعضاً (أقول بعضا وأعنيها) من انجازاتهم في هذه المجالات سنحتاج إلى مئات المجلدات (أقول مئات المجلدات وأعنيها أيضا)، وسأكتفي هنا بدواء فيروس "سي" الذي أنهك الكبد المصري، ودواء "الفياجرا" الذي حافظ على ماء وجه "الرجولة العالمية" وهذا "النِت" الذي نتواصل من خلاله، أما عن أبحاث الفضاء وأهميتها المصيرية للجنس البشري كله؛ فاسمحوا لي أنا لن أستطع الحديث عنه البتة؛ لأنه يحتاج إلى أدمغة غير أدمغتنا بالكلية، هذا بخلاف تطبيقات "النانو" الثورية في جميع المجالات الحياتية والبيئية وغيرها الكثير والكثير. كما أنني على دراية بالآثار الكارثية للبشرية جمعاء ومستقبلها من جراء انهيار أمريكا قبل أن تنجز الإنسانية مشاريعها البحثية في جميع المجالات بدءً من الرعاية الصحية حتى استكمال مرحلة الاستطلاع المخصصة لاكتشاف الفضاء. ويكفي أن الدولار مع أصحابه الحالين أفضل بكثير مما لو كنا نحن أصحابه؛ وإلا كان مصيره هو البعثرة على بطوننا وما أسفل بطوننا في حانات الشرق والغرب، فعلى الأقل ينفقه أصحابه الحاليين على الأبحاث العلمية ودعم المؤسسات الخيرية، في أغلبه؛ فلك أن تعلم بأن أمريكا كانت تدعم منظمة الصحة العالمية وحدها بمبالغ سنوية تتراوح بين 400-500 مليون دولار!
ويمكن أن ينحصر اعتراضي على بعض سياسات أمريكا في: توسعها المفرط في استخدام أسلوب "الفتونة" والبلطجة السياسية ضد معارضيها في كثير من الملفات الموسومة بحقوق أصحابها، ودعمها للجهاديين الإسلاميين/الإرهابيين في أكثر من بقعة حول العالم؛ فمكنتهم، مثلاً؛ من معادلة ميزان الرعب ضد السوفييت (بصواريخ ستينجر)؛ ليتحكموا في مصير الشعب الأفغاني؛ وباتوا كورم سرطاني يصعب استئصاله من هذه المنطقة الموبوءة بهم حتى الآن وأطاحوا بها في غياهب التاريخ الماورائي، ولازالت تدعمهم في منطقة الشرق "الأوسخ" وشمال أفريقيا.
وما يثير الاشمئزاز ويبعث على القيء؛ ما انتشر مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي، التي أضحت تنشر الجهل وتكرس للخرافة عندنا، بدلا من تعليم هذه الشعوب النقد الموضوعي البنَاء والمدعوم بالبيانات والحجج والبراهين؛ وتركها لأسلوب الشماتة والتشفي الذي لا يليق بالأنفس الذكية. فما أن تواترت بعض الأخبار عن عزم أكثر من 20 دولة بإعداد خطوط مقايضة تتجاوز الدولار؛ إلا وراح مؤمني منطقتنا -كعادتهم- يغرقون في أفراحهم؛ كما فرح أسلافهم بنصر الروم؛ ومثل هذه المشاعر السلبية التي تجعلنا نقف لنراقب الناس (بمنتهى الجهل) بدلا من مراقبة أنفسنا؛ لهي بالخصال غير السوية الناتجة عن تفاقم حالاتنا المرضية الناشئة عن إحساسنا بالعجز الذي لازال يغذي عقدة النقص فينا؛ فبدلا من انشغالنا بعُملتنا الغارقة في أوجاعها الاقتصادية؛ نراقب الدولار أو اليوان أو الروبل؛ بشيء مَرَضيّ من الشماتة والتشفي وربط هذه المشاعر بـ "مكر الله!" وبدلا من أن نتعلم أصول علم الاقتصاد وربطه بقواعد "الجيوبولتيك" وأن نفهم حتى أبجديات الجغرافيا السياسية البديهية أو حتى أي شيء عن أي شيء آخر؛ حتى يتثنى لنا أن نكتب الحقائق ونتناقش بحرفية ووعي! ولكن كيف؟ فهذه هي خصالنا الدونية؛ ولن تتغير ما بقيت مثل هذه الأدمغة؛ وبقيَ معششاً بها هذا الفكر العدواني "الغِللاوي" البشع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي