الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العالم الجديد أو الحضارة القادمة

ميسن تمورث

2020 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


أمام خطورة الوضعية الراهنة، وبناء على المعطيات والأرقام الصادرين عن المؤسسات والهيئات الرسمية، وطنيا ودوليا، والتي تشير في مجملها إلى توسع الفوارق الطبقية على خرطتي البعد الإجتماعي والبعد المجالي.

و إنطلاقا مما خلفته الجائحة الجديدة-القديمة، من إحتباس إقتصادي رمى بلهيب سلبياته على الطبقة الاجتماعية الوسطى، ساحقا ما تبقى منها، وغاصبا لما تبقى من كرامة للطبقات الاجتماعية المتواجدة أسفلها.

إن البشرية اليوم تعيش لحظة تاريخية، وربما هي لحظة حاسمة ومفصلية ؛ وهذا ليس فقط بسبب الفيروس الجديد "كورونا" بل لأن تبعات هذا الفيروس الجديد ومنذ انطلاقته الرسمية الأولى، يحضرنا للوعي بالعيوب والأعطاب العميقة التي تواجه عالمنا المعاصر والحضارة التي تقوده، والمعروفة إختصارا ب"النظام العالمي الجديد"، والذي هو نظام راسمالي، لا يتجاوز تاريخ ميلاده أواخر القرن 19 وبداية القرن 20.

ومع مراهنة هذا العالم المعاصر على التطور بدل التقدم، حيث يبحث على تطوير وسائل الإنتاج مع التناسي التام عل تقدم القيم الإنسانية-الكونية الجامعة، حيث أصبحت ايديولوجيته(العالم المعاصر والحضارة التي تقوده) مبنية على الشكل الآتي، كم سأحقق من أرباح أنا اولا، وكم ستحقق عائلتي من أرباح ثانيا ؛ وهذا هو جوهر النظام الرأسمالي المعاصر الذي يتطور دون أن يتقدم.

وبالرغم من كوم ان البشرية سبق لها وأن أثبت قدرتها على التأقلم مع مختلف الشدائد والمعضلات والأزمات التي عاشتها وعايشتها ، ليست القدرة فقط على التأقلم، بل القدرة على التغلب عليها ؛ إلا وإن المعضلات التي نعيشها اليوم، والتي ساعد الفيروس الجديد على إبراز جزء منها، هي أكثر خطورة من سابقتها، وبعيدا عن مظاهر "عنف و إرهاب" الدولة التي استعملته معظم حكومات العالم فمواجهة الفيروس الجديد، والتي لم تتبت نجاحها، يبقى السؤال، هل ستستعمل حكومات العالم نفس المنهج في مواجهة الإشكالات القادمة ؟ أم أنه حان الآوان لفتح نقاش جدي عقلاني ولا يقصي أحدا حول مصير العالم.


لقد أتبثت أبحاث الخبير في علم البيئة بجامعة ولاية أوريغون، الدكتور وليام ريبل، وتقرير انترستنتغ إنجينيرينغ، و تقرير "توقعات البيئة العالمية" الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة،
عن اقتراب كوكب الأرض من الانقراض الجماعي السادس في تاريخه، وبصيغة أخرى إن 50% من الموارد الحيوانية قد انقرضت أو بالأحرى قد ثم استهلاكها خلال 50 سنة الماضية نتيجة تطور ونمو عرض وقدرة الاستهلاك ، مما يجعلنا أمام شبه يقين أن 50% المتبقية فهي قاب قوسين أو أدنى من الانقراض، وفي ظل هذا الاستنزاف للثروات الطبيعة، يزداد ارتفاع معدلات الفقر وعدم المساواة بين البشر، وكما قال الامين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريس في منتصف شهر يوليوز 2020 "إن 26 شخصا يمتلكون نصف ثروات العالم"، وهو رقم يمكن وصفه بالمخيف والرهيب، خصوصا اذا ما قمنا بمقرانته مع الدخل اليومي لنصف سكان الأرض والذي لا يتجاوز 3 دولارات.

وإضافة على ذالك، فإنه أمام تحديات التلوث، الانبعاثات السامة، ثقب الأوزون والسباق التسلحي بين القوى الكبرى، فهي كلها عوامل تنذر بقرب زوال حضارة عصرنا هذا، وهي الحضارة التي جعلت من الولاية المتحدة الأمريكية القوة الأولى عالميا ولو انها في الأصل حضارة بريطانية انكلوساكسونية، وهنا نتحدث عن زوال للحضارة قد تزول معه البشرية، أو جزء منها.

فإذا كانت الحضارات السابقة قد استغرق زوال كل واحدة منها مئات السنين، فإن مؤشرات اليوم، تزكي الطرح الذي يدعي أن زوال النظام العالمي الحالي (الحضارة الراسمالي أو الحضارة الأنكلوساكسونية) قد لا يتجاوز 50 سنة القادمة حسب التقديرات.

وإذا أخدنا بعين الإعتبار الواقع الحالي للديموقراطية، والتي تشير الأرقام، إلى أن 50% من سكان العالم تعيش في نظام يشبه الديموقراطي وإنه فقط 3% هي التي تعيش في ضل نظام ديموقراطي، وإذا اضفنا على هذا فقدان سكان المعمورة الثقة في الديموقراطية، كما توضح ذالك تقارير الأمم المتحدة، حيث أن ثقة الناس في الديموقراطية قد تحولت من 70% في منتصف القرن الماضي إلى ما دون 20% في زمننا الحالي، إضافة لخطر الشعبوية، و مع الأزمات العالمية الحالية، سيكون من الصعب أمامنا كمجتمع إنساني توفير عالم جديد والمفاهيم الحالية، ونأخذ على سبيل المثال مفاهيم الديموقراطية التي أثبتت الأرقام أنها في حاجة جديدة إلى إعادة الصياغة والبلورة مع التحديات القادمة.

إن زوال حضارة أو نظام عالمي، وكما أثبته درس التاريخ، لا يكون العامل الرئيسي فيه دائما ضعف تلك الحضارة او ذاك النظام على المستويين الاقتصادي والعسكري أو فقط نتيجة لأحدهما، بل يكون دائما بسبب تمكين الفراغ من الأسس الاجتماعية وإبعاد مضامين التقدم البشري الإجتماعي والجماعي من جوهر التسيير والحكم.

إن الحضارة القادمة والتي ستقود عالم المستقبل عن طريق نظام جديد، بعد انهيار الحضارة الحالية والنظام الحالي، ستنطلق على أسس التقدم بذل التطور، مع أهداف رئيسية ونذكر منها، تحقيق التماسك الاجتماعي والجماعي بدل التماسك الاقتصادي، و الإنتصار للقيم الإنسانية بذل الإنتصار لقيم أسواق الراسمالي، والإعلان لجليل جديد من الشريعات تكون فيه السلطة الكفاءة والتحكيم للأرقام كبديل طبيعي لسلطة الخرافة والتحكيم للشعبوية ؛ وهذا ما ذهبت عليه جمهورية الصين الشعبية منذ ما يزيد عن عقد من الزمن.


وفي نهاية المطاف لا يمكن أن أضيف سوى، أن أزمات اليوم هي رسالة تحذير يجب التعامل معها بشكل عقلاني وفي إطار جماعي لا يقصي أحد، حتى نتمكن للإنتقال إلى العالم الجديد، عالم المستقبل، دون حدوث انفجارات أو اصطدامات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح