الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مختبرات في حياتي

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)

2020 / 7 / 23
سيرة ذاتية


في إحدى جولاتي داخل أروقة "نظرية التطور" بالعام 2007، وجدتُ إجماعا بين العلماء على أن أقوى الأدلة على التطور من سلف مشترك؛ متمثلاً في تسلسل الحمض النووي والنسخ الجيني المتشابه بجينومات العديد من الكائنات المختلفة، بما في ذلك البشر؛ وقد عززت جميعها صحة نظرية التطور. وكان هذا الموضوع يشغل بالي حد الجنون؛ لصلته الوطيدة برحلتي الشاقة/الشيقة في بحثي العام عن "الحقيقة".
فسال لعابي، وأنا أضع رحلي؛ لأتعرف على أساسيات علم "الأحياء الجزيئي"، والذي يهتم بشكل رئيسي بفهم التفاعلات بين الأنظمة المختلفة للخلية، بما في ذلك التفاعلات بين DNA و RNA، والتركيب الحيوي للبروتين، وشدني فيه ضرورةالتعرفعلى "كيفية تنظيم هذه التفاعلات".
ووجدتُ بأن مجرد الإلمام النظري لا يكفيني ولا يسد شهيتي للوقوف على الحقيقة المؤكدة التي لا تدع بجانبها أدنى شك؛ فرحت أبحث بين المتخصصين عن أشخاص يمكنهم مساعدتي بالتعرف على الجوانب المعملية داخل أحد المختبرات؛ وعثرت على بروفيسور أوكرانيالجنسية؛ بواسطة فني معمل سوداني يعمل بأحد معامل كلية العلوم الزراعية بجامعة سرت "التحدي إبانها"، ورحب بي هذا البروفيسور الرائع بشدة؛ لما وقف على حقيقة شغفي بالعلم رغم بُعدي عن التخصص.
وتوالت الزيارات التي جمعتنا ذات مرة بدكتور أردني الجنسية، وفي مرة أخرى بدكتور عراقي الجنسية. وتعرفتُ من خلالها على عالم "الخلية" وأبحر بي، هذا البروفيسور المتمكن، من خلال جدارها حتى غصنا في نواتها، ولم يتركني حتى فهمت التفاعلات بين الأنظمة المختلفة للخلية، بما في ذلك التفاعلات بين الحمض النووي، والحمض النووي الريبي. وكنتُ شغوفاً – بشكل خاص- بالتعرف على محطة توليد الطاقة داخل الخلية (المَيْتوكوندريا) وآلية عملها. وتعرفت على الأسس الجزيئية الكمية (المعقدة) لعملية النسخ وترجمة المادة الوراثية.
وكنت أعرف سلفا أن أحد الاختلافات الجوهرية بين DNA و RNA هو السكر. وكان لي شرف المشاركة في جمع وعزل ومعالجة المكونات الجزيئية لخلايا البكتريا الزرقاء وذبابة الفاكهة والفئران. وفصل الحمض النووي لعمل تحليل جزيئي له. وتعرفت على الجينات بمعلوماتها الوراثية والبروتينات بأحماضها الأمينية المتكورة على نفسها، والإنزيمات بكيميائيتها العجيبة. بعد أن ألبسنيالقفازات لحماية العينات مني !! وتعلمت منه طرق حفظ العينات بالثلاجة. وأشركنيفي عمليات النسخ والتهجين والبلمرة. واستخدام الـ"PCR" في كشف تسلسل الحمض النووي. ودراسة أنماط رسم الخرائط الجينية، وأخبرني بأنه يمكن أيضًا استخدام الـPCR في الاختبارات الأبوية، حيث يتم مطابقة الفرد مع أقاربه، لكن لم تسعفني الظروف على متابعة مثل هذه الاختبارات، لكنني ألميت بالأسس والطرائق المخبرية لها.وأنا في الحقيقة لا أذكر الآن الخطوات العملية بالضبط، لكن ما أذكره أننا قمنا بطحن العينة لاستخلاص الحمض النووي، وقمنا بإزالة الدهون الغشائية؛ بإضافة منظف (لا أذكر اسمه). وعزلنا الحمض النووي بإزالة البروتينات عن طريق إضافة مادة اسمها "البروتاز" أو "البروتياز". وأضفنا"الإيثانول البارد"؛ لأن الحمض النووي غير قابل للذوبان في مثل هذه الكحوليات، وإزالة الملح القابل للذوبان فيها (الكحوليات). ثم وضعناه على جهاز الطرد المركزي "سنتر فيوج" على ما أذكر لتجميع الحمض النووي مع بعضه.
وما أذكره من تحليلات الدم هذه - غسل خلايا الدم الحمراء بمنظفات وأصباغ (لا أذكر أسمائها) سوى منظف "أنيوني" كان يطلق عليه SDS أو DSD؛ وذلك لتعطيل طبقات الدهون، وإذابة الأغشية، كما ويربط الشحنات الإيجابية للبروتينات "الكروموسومية". وعلى ما أذكر كان لكلوريد الصوديوم دوره في تثبيت الحمض النووي والحفاظ على حلزونه المزدوج. وتخزينها في الثلاجة لمدة 24 ساعة حتىحصلنا على الحمض النووي الذي أردناه.
ولقياس كمية الحمض النووي تم استخدام عدة صيغ رياضياتة كنت قد دونتها في أوراقي المعملية التي لم أعثر عليها حين فكرت في كتابة هذه المقالة؛ حيث كانت ستذكرنا بالكثير. وما أدهشني في هذه المشاهدات المخبرية أنها قدمت أدلة إضافية قوية مؤكدة عن كمية المعلومات التفصيلية (غير المحدودة تقريبًا) والمخزنة في الحمض النووي وبروتينات الكائنات الحية حول تاريخها التطوري العام.
وذلك التشابه العجيب بين العوالم الخلوية بخلايا الكائنات الحية على اختلافها؛ وما اختلافاتها المميزة تلك؛ سوى أنها مجرد تعديلات في الأجيال المتعاقبة. وما تزايد الاختلافات اللانهائية والتنوع و"الانتواع" في صور الحياة وأحيائها؛ إلا ثمرة العملية التطورية للجد "البكتيري الأكبر" صاحب الخلية السيتوبلازمية (بدائية النوى) عبر ملايين السنين. الأمر الذي أقنعني بقوة بصحة هذه النظرية العبقرية "فرويدية الأصل".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف التنظيمات المسلحة الموالية لإيران من التصعيد في رفح| ال


.. إسرائيل - حماس: هل ما زالت الهدنة ممكنة في غزة؟




.. احتفال في قصر الإليزيه بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الف


.. بانتظار الحلم الأوروبي.. المهاجرون يعيشون -الكوابيس- في تونس




.. حقنة تخلصكم من ألم الظهر نهائيا | #برنامج_التشخيص