الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى المئوية لمعركة ميسلون

كايد الركيبات
(Kayed Rkibat)

2020 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


قبل قرن من الزمان وتحديداً في 24 تموز 1920م، انهار الحكم الملكي الفيصلي في سوريا، نتيجة انهزام قوات المملكة العربية السورية في معركة ميسلون، وعلى الرغم من الدور الكبير الذي لعبته القوى الاستعمارية ممثلة في (فرنسا وبريطانيا) في القضاء على الحلم العربي بإيجاد دولة قومية مستقلة، فقد أثرت الكثير من العوامل الداخلية في تحقيق هذا الحلم العربي، وأبرز هذه العوامل والمؤثرات ما كان من طبع متجذر في بعض النفوس المريضة من أبناء جلدتنا، يقدم مصالحه الخاصة على المصالح العامة، ويفضل التقرب من المستعمر والوقوف بجانبه على الوقوف بجانب المصلحة العليا للأمة.
فقد اهتم الفرنسيون منذ وصولهم الأراضي اللبنانية بمسألة تجنيد العملاء من السوريين واللبنانيين على حد سواء وبذلوا في سبيل ذلك الأموال لشراء الذمم، وكلفت وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية الكابتن لويس ماسينيون Louis Massignon للإشراف على هذه المهمة، وبذل الكولونيل كوس Cousse الذي كان يشغل منصب المعتمد الفرنسي في دمشق جهوداً أثمرت في اختيار الشخصيات المؤثرة في الرأي العام والتي يمكن أن تقبل التعاون معهم، ونشط السماسرة في هذا المجال وكانوا يعملون بشكل علني.
وقدم الفرنسيون المعونات المالية للصحف التي تؤيد توجهاتها، وتناكف السياسات الحكومية العربية، مثل صحيفة الحرية، والنادي، والسلام، وتمكن الفرنسيون من إقناع الطوائف الصغيرة في سوريه كالعلويين، والدروز، لتأييد السياسة الفرنسية، وتوصلوا لعقد اتفاق مع الدروز يبين حقوقهم وواجباتهم في ظل حكومة غير الحكومة العربية الفيصلية، وتمكن الفرنسيون أيضاً من التوصل لاتفاق مع بعض شيوخ قبائل البادية السورية، كالاتفاق الذي عقدوه مع الشيخ مجحم بن امهيد.
وفي اتفاق آخر بين الفرنسيين وشيخ من شيوخ الشعلان تضمن حصول ذلك الشيخ على مليون ونصف فرنك فرنسي، وغض الطرف عن أخذه الخاوة على البضائع التجارية التي تمر بمنطقته في منطقة (عذرا) قرب دمشق، لقاء تأييده للفرنسيين، وعدم المشاركة في معركة ميسلون، وتعهده بحفظ الأمن في محيط مدينة دمشق عند دخول الفرنسيين لها، وبدت نتائج هذه الاتفاقية أكثر وضوحاً خلال أحداث معركة ميسلون، إذ يذكر فوزي القاوقجي والذي كان قائداً لسرية من سرايا الجيش العربي أن الملك فيصل بن الحسين كلفه بقيادة سريته وسرية رشاشات، وطلب منه تنظيم قوات البدو التابعة لقبيلة الشعلان التي أرسلت للمشاركة في مواجهة القوات الفرنسية في معركة ميسلون، وعند البدء في الزحف نحو المعركة لم يرسل شيخ الشعلان رجاله حسب الاتفاق، واكتفى بإرسال نجله وعشرين فارساً فقط، وعند بدء معركة ميسلون وانهزام الجيش العربي طلب نجل شيخ الشعلان من فوزي القاوقجي تسليم ما بحوزته من السلاح والخيول، متذرعاً بانهزام الجيش وعدم قدرتهم على المقاومة، مما اضطر فوزي القاوقجي لاتخاذ أساليب الحيلة معه، والإيقاع به، وبقوات البدو التي لحقت بهم لتستولي على سلاحهم، وأصبحت جهود قوات سريتي فوزي القاوقجي تنحصر في الدفاع عن نفسها من خطر قوات البدو التابعة لشيخ قبيلة الشعلان، بدل المواجهة والاشتباك مع الجيش الفرنسي.
ومن جهة أخرى لم تكن محاولات تجنيد الانجليز والفرنسيين لعملاء لهم داخل الحكومة العربية خافية على الأمير فيصل فبعض هؤلاء العملاء كان يشغل مناصب وزارية وبعضهم في إدارة الوظائف العليا. وقد يكون هذا ما دعا ساطع الحصري للقول: "ان الوقائع الأخيرة كانت تدل دلالة واضحة على أن علاء الدين الدروبي كان متفاهماً مع الفرنسيين وان تخلفه عنا بدمشق عند خروجنا إلى الكسوة كان ناتجا عن هذا التفاهم"، وفي هذا الصدد يقول الرياشي: "وان كان نوري السعيد والعراقيون والحجازيون الذين رافقوا فيصل وكانوا درعه الأقوى لا يقبضون، فهنالك ذوات كبار، وكبار جداً قبضوا".
وفي الجانب العسكري لم تكن قوات الجيش بعيدة عن الوقوع في شرك العمالة الأجنبية، حتى أن بعض الضباط كانوا يعلنون تعاونهم مع الفرنسيين ويتباهون بأنهم مسجلون لديهم ويتقاضون منهم رواتب. وكانت سياسة الأمير فيصل في التعامل مع هؤلاء العملاء تقوم على المداراة وعدم المبالاة .
ومن أكبر النتائج التي حققها الفرنسيون من هؤلاء العملاء حسم معركة ميسلون؛ فمعركة ميسلون من مرحلة التخطيط لها وحتى نهايتها بالنتيجة الكارثية على الحكم العربي، كانت تدار بدفع الأموال للعملاء.
فقد تمكن الفرنسيون من إلحاق قوات متطوعة بقيادة شخص يكنى أبو داود من قرية (حلوى) للمشاركة في معركة ميسلون كانت مهمتها الفعلية مهاجمة الجيش العربي من الخلف، فأصبح الجيش العربي بين نيران الفرنسيين ونيران هذه القوات المتطوعة المدفوعة من الفرنسيين، ومن طرف آخر جند الفرنسيون متطوعون بقيادة شخص اسمه حسين الشماط من منطقة (سرغاية) لقطع الطريق على الجناح الأيمن من الجيش العربي، ومهاجمته في وقت واحد مع الفرنسيين، مما اضطر قوات الجيش العربي للانسحاب، وتعقبهم حسين الشماط ومن معه، فقتلوا كل من لحقوا منهم، وأجهزوا على الجرحى من عناصر الجيش العربي، وسلبوا ما معهم من سلاح وذخيرة، أما المتعاونون مع الفرنسيين من سكان مدينة دمشق، فقد قاموا بقطع أسلاك الهاتف ما بين دمشق وميسلون، لقطع أخبار المعركة عن العاصمة.
ونتيجة هذه الهزيمة المتوقعة للجيش العربي، دخل غورو Henri Gouraud دمشق دخول الملوك القاهرين، تقله مركبة تحيط بها كواكب فرسان العرب على خيولهم.

0796642590








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران