الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستشار الكارطوني ومسكر الماحيا

الحسان عشاق
روائي وكاتب صحفي

2020 / 7 / 24
الادب والفن


تحضيرات مكثفة ككل مرة للدورة العادية للمجلس الجماعي، كل شيئ يعد بعناية فائقة لخلق الجو المناسب لممثلي الشعب لتفريخ التنمية، اعادة الحياة للحقول المحروقة، والافق الضائعة في الجفاف، تذبل النهارات وتموت على شرفة الانتظار، اقناع عقول مند الاف السنوات منهكة بالترقب على شفير الهاوية، تحفر في الارض بالأربع لتشم رائحة الوجود والمعنى وتجني الخسارات، الحياة صعبة مصنوعة من الضغائن والتكالب السياسي الارعن، القرية المنسية تنجب يتامى في الظهيرة الفائضة ، يتسكعون في نفايات التدوير الكلامي، ينتظرون خيرا عميما ينزل من السماء، قيل لهم في اخر اجتماع موسع ان يصبروا، بعضا من الوقت ليحرث الهواء ويفقس ارغفة، سيسوى النهر قمحا وبساتين ، والغيمات الشاحبة مطرا مذرارا، انتظروا اعواما لا شيئ تحقق سوى السخام واليباب، لفظوا اخر انفاس الطمأنينة على مستقبل معفر بالتدجين، يمشون في الطرقات راكبين غيمات الخيال، على اجنحة الوجوم والحنق اتكأوا فصولا، بعض الوعود تتعثر بالخطوات اللاهثة، حقن مضادة لاستمرار التسويف والمماطلة لم تعد تنفع، الفضيلة لا تولد في زوايا العهر، سرقة الفرح من عيون الناس سمة ممثلي الشعب لا يعرفون للطهر قرابة، ينقلبون دفعة واحدة حال الوصول الى المراد، الساكنة مجرد فراغات يملأها المسؤول النابت فوق الاكتاف، بلا جدوى يقفون كإشارات المرور في طريق مقطوع، يولد الاسى والاسف من كمشة الوعود الخرقاء على شعلات الامل الخابية ، والافئدة مصابة بالعطب لم تعد منجما للصبر، واذان المسؤول الصغير مثقوبة الفهم محاصر بمعاول القلق الطاغي، والجماجم المثخنة بالخيبات لم تعد تطلق الضحكات المسربلة الطيبوبة والاحترام ، شيخ معمم في العقد الثامن تقريبا استمع كثيرا لوصايا التهدئة، تعود اطلاق النار في خيالات مشبوهة، اتكأ على العكاز وسفه الاقوال المبطنة، انفلت من قطيع الغباء المقدس ، لم يأتوا ليعقروا امام محراب الكذب، مسح اللحية البيضاء بيديه المليئة بالأخاديد، شاهدة على سنوات من الكد والعمل الدؤوب وانذارات الخسارة، حدج المستشار الكارطوني بنظرة ثاقبة، طفل غر لم يغادر بعد قماط النضج، رفع العكاز عاليا توقفت الضربات على الصفائح المائية الفارغة.

- كل مرة كتعطوينا نفس الوعود

- واش خزنا عليكم شي حاجة راه الجماعة فقيرة

- ملي عارفين مكاين والو علاش كتكذبو على الناس

- هاد شي لي عطا الله

- ديرو خدمتكم ما قادينش قدموا الاستقالة...؟

- الله اسامحك...انا راني في المعارضة

- اوا علاش كتلاوح خلينا نهدرو مع الرئيس والاغلبية

لم تفتح مسالك ولا طرقات ولا ماء شروب ولا كهرباء، الساكنة في الارياف تعيش اقسى درجات العزلة والتهميش، سقطت من المفكرات والحسابات السياسية، المطالب تركل في نجاسات الظنون ، على مدار الاعوام تقيم في زوابع وتقلبات الفصول المتشابهة، نساء يلدن في غفلة ولا طبيب، القابلة امرأة مسنة مطرزة بالاوشام، تفهم في الوجع والصراخ المنفلت من المشيمة ، يمرض الاطفال وتتلى على الجراحات أبيات التوابل وبعضا من الملح و محلول الزعتر البري، لا سيارة اسعاف لنقل المرضى العجائز ولا الاموات، المسلخ البشري مفتوح ليل نهار، على مقصلة الواقع المر يسفك الايمان، حيرة الوجوه تتنكر لكل الهة الارض والسماء ، لا مدرسة ليرتوي العطشى الصغار من برك الفهم والانفتاح، كل طفل مشروع راعي او عاطل او منحرف، وكل فتاة وعاء للتفريخ او للتفريغ ، الله شاهد ان لهم في الخيال والانتظار متنفس عميق ، لم يغرقوا ابدا في طوفان الفرح، و الافئدة ربيع مزهر و الوقت يتسع لزفير الموت، كل الذين زاروهم في موسم الاستدراج كانوا اشباحا، خفافا مثل غبار صيفي، فقاعات في سطل ماء سحب للتو من قعر البئر، لم يخسروا شيئا سوى اشهرا وبضعة وعود منداه من اللهاث والمسكنة، الابتسامات العريضة لم تصنع فطيرة ولم تستنبت بصلة ولا حبة بطاطس، لم يكسروا الجرار والدلاء على حفلة العطش ، لم يرقصوا على ايقاعات لتبادل تحايا وطقوس الميلاد والختان، لا شيء يعكر صفو حياة الضنك سوى غضب السماء ، ونذره الماء والكلأ للمواشي، يطوف عمي حدو في الغابة بحثا عن الوحيش ، لا ارانب ولا حجل ولا قنافذ، القناص اتى على الطيور والزواحف، انقرضت حيوانات كثيرة والبقية في الطريق، حتى الزعتر البري لم يعد ينبث، الغابات تناقصت مساحاتها، تجار الفحم يقطعون الاشجار ليلا، شاحبا مهزوما يتعقب الحفر والجحور، النحل هاجر الغيران وتاه الطريق في برية الملكوت. يرفع لائحة احتجاج الى السماء، الاطفال يتضورون من جوع انشب المخالب القاسية في الابدان الفتية والرخوة، تركهم في الصباح نيام على البطون الفارغة، رأى في الطريق بائعة اللبن والتين الطازج، الامازيغي يخجل من بيع الحليب واللبن وحتى التين الشوكي، تجار الرصيف اغلبهم عرب نزحوا من مدن مختلفة، عربات خبز وزبدة بلدي، عجوز يحمل ديوكا من الارجل مختلفة الالوان، رؤوس تتدلى في الهواء ، مقاهي تجيش بالزبناء رغم الحرارة المفرطة، يقايضون العطالة ونداءات التلهي والنسيان ببراريد الشاي المنعنع الثرثرات العالية، سحابات الدخان ترتفع في الهواء، وقف فوق القنطرة قابضا بعنف على الحواجز الفولاذية كأنما يحاول انتزاعها، تدلى وجال بالبصر يسبر مغاوير المكان، الماضي دولاب من حكايات وقصص غريبة وعجيبة، يلحس الايام الخوالي تحت سماء عارية، يتأمل فتية صغار يسبحون في برك مائية صغيرة ، يغطسون فترتفع موجات الوحل، ما تبقى من نهر استنزفته الابار والبساتين المرتمية الاطراف. لم تبق لا اسماك ولا اشجار القصب ولا الدفلى ذي الرائحة الزكية في الليل. محزن ان تعيش فوق الارض اشبه بفار.
يسرع الخطى الى مقر الجماعة، يحس بالإعياء الشديد الارجل تكاد تخذله، رأى جمهرة غفيرة من الناس اشبه بمظاهرة مضمخة بشهوة الحرائق، القفة ايقظت كل هؤلاء، ثمة ناطور يهش بعصاه الخارجين عن الطابور ، الرؤوس تأكلها الصلابة والضجر والخوف من ضياع العطايا، ساد الهرج والمرج والدهشة تسبح على الوجوه، موظف يقرا لائحة الاسماء المنعم عليها، استطالت القراءة كعتمة ليل لا ينتهي، حدو مقيد مربوط الى مصير مجهول، المستشار الكارطوني وعده خيرا، طرق بابه بالأمس متكئا على الخجل وغصة في الحلق، شكى ضيق ذات اليد ورمضان على الابواب، شغلته اقداح المسكر الشعبي عما يليق، اسرج التأوهات خلف الريح ، قفة رمضان هدية من اولي الامر ، تسد جوع بعض الليالي ، شاهده قادما مترنحا من وادي تانوبارت، مستعيرا ملامح مقطبة تستجيب للزمن الطائش بحثا عن هدنة وقيمة للنفس، قضى الليل بطولة يكرع كؤوس الخمر المصنع محليا( ماء الحياة) مستخرج من التين المخمر في قلل خزفية، بعد مدة يتم طبخه في طنجرة الضغط وتقطيره عبر انابيب طويلة تمر عبر المياه الباردة الى قنينات، كل ليلة تشرب الانخاب تدفئ عظاما كالحة، عشرات الرؤوس متحلقة حول قنينات الماحيا، يحرسون الوادي الذي تحول الى مكب للنفايات وقنوات الصرف الصحي، اشبه بنواطير معبد قديم تنقصهم الملابس والقلنسوات، ممثل الشعب يهزمه الادمان كل مساء، يقاوم وجودا مستهلك عالقا بين الغياب والإياب، بين الرغبات المحمومة في الثراء و الترقي الاجتماعي، في وعيه يختصر الماضي والحاضر في بضعة كلمات، يحتاج الى فرصة، فرصة صغيرة ليمشي فوق صرخة الولادة، الانفة متروكة في المزاد العلني. لا يتوانى في البصاق في وجه اشباح غير مرئية، يجدف على الله احيانا، يزجره الساقي بكلمات قاسية( ان يترك الله)، ينتظر أن تموت الشتيمة و تتلاشى، يفرغ في الجوف كؤوس الماحيا، الكثير من العطش في الجسد والعروق اليابسة، تبلغ الأنانية الدرجة الصفر، للخمرة بعض المراسم لا تحتاج الى اللغط والفوضى، تحتاج الى الكلام العاقل والموسيقى الصادحة، يرقص الكارطوني على انغام موسيقى الشيخات، يخلع قميصا يلوح به في الهواء، بلا رقص وتصفيق تبقى السهرة خالية من الصلاحية، في الخمر يتذوق طعم الابهار ، تأخذ الفكرة شكلا آخر للبقاء صاحية في الاذهان. لا حرج ان اطلق للسان العنان، يتفوق على الندماء بالمستوى الدراسي تخرج من الجامعة ، انخرط في العمل السياسي بدون فهم، لديه طموح عريض طويل، يريد ان يتسلق الدرجات. يهرب من الفقر، يشرب خمورا مستوردة في حانات مصنفة، يجالس علية القوم.

- غير صوتوا عليا غادي نجيب ليكم الرزق العظيم

- شور على راسك عنداك تقج ..واش يحساب لك الجماعة كلها فلوس غير جي وعمر شواري وجر لبغل

- كاين الخير

- راك كتحلم

كراسي مرقعة ازيلت عنها الاوساخ على عجل، زجاج النوافذ مهشم، شاهد على تاريخ حافل باللكم والسب والشتم والتكسير المتعمد، الاختلاف في الافكار والتوجهات غالبا ينتهي بالعراك، لا قيمة لحكم الاغلبية في المجالس المحصنة بالجهل والامية، كل دورة يحصل التراشق على نقط جدول الاعمال، لتقام وليمة لنحر الهدوء وخلق الفوضى ،ترقص المعارضة على حبل النسف، خطة لتنقذف الاغلبية على امواج الابتذال ويزوغ النقاش الى ابجدية التراشق بالكراسي واللكمات، لا حاجة لمقارعة الفكرة بالفكرة، تفنيد الحجة بالحجة، ولا خطب معلوفة تزيح السعار عن الافواه العطشى الحاملة بذور الارتواء في الخلايا، المستعيدة لوصايا الاثراء النابتة في اعناق الايام ، مزهرية بها ورود بلاستيكية وسط المائدة المستديرة، باض عليها الذباب، نزفت الالوان مند سنين مضت، متوارثة مجلسا بعد مجلس، شاهدة على العقم والجدب واسالة اللعاب على رنين الدراهم، خارجون عن السيطرة كالخفافيش يباغتون الفريسة لمص الدماء، تاريخ مبتذل وحقير يعيد نفسه باسم الحرية الساذجة، الكارطوني يرغي ويزبد، يكفن جثة الضمير، ينفخ في صور الانبطاح والتبعية العمياء، يطمر عقارب الارعواء يستنبت انيابا، ينتفخ مثل ديك رومي، توقفت اللباقة والكياسة عند انقطاع البرسيم، اقالة الرئيس الهرم رمي به الى الزاوية، مصلوب في نوافذ المغضوب عليهم، من طقوس الكلام المبرنق يرمي في الهواء صفارات انذار وحرب وقنابل من دخان، يرفع فوق الرؤوس رماح ونبال وهدير من ضجيج، لم يسمعه الجمع يمضغ صوت المواطن المقهور، مطالب ملحة مركونة فوق الرفوف، الكارطوني في مفترق الطرق، يغازل وميض ايام مكتظة بالرغبات، ورم وهيجان لزج في الحوباء، يضيع الكلام في خرائط الاتهامات، تنتفض الاغلبية وتطالب بسحب العبارات، يشهر امحمد القبضة وتحمر العيون، يزمجر ويسقط الكرسي ويلفع الصمت القاعة البائسة، لكمة واحدة تنهي الهجمات والاستفزاز، رجل السلطة يقف سدا منيعا، الدم يتخثر في الاوردة، امحمد اقدم مستشار بالمنطقة ، عاصر رؤساء دخلوا اثرياء وخرجوا فقراء ومنهم من شرف السجون ومنهم من ينتظر نوبته ليساق الى المسلخ، السياسة لا تورث سوى الديون للجهلاء ضحية العشق الأبيقوري للكرسي، الاذكياء يعرفون كيف يغرفون من المال العام بدون ترك ادلة الادانة ، يتعرى الكارطوني امام مرآة المجلس، تسقط امواج من الشهوات من أماكن موبوءة بالفراغ ، احلاما عظاما يتقييء فوق موائد الحانات، الساعة تشير الى الواحدة بعد الزوال، تنعي في قلق تدخلات مرتجلة مشكوك في قيمتها، تقلب في اوراق قديمة للإطالة عمر التجاذب، وجوه الاعضاء مسربلة بالصمت كأنهم مسلوبي الارادة، هناك اعضاء كالحجر لا يتحركون لا يحسنون من شيئ سوى ملا البطون ومد ايادي للاستعطاء.

- السي الرئيس راه صوتنا على النقط كاملين نوض نتغداو

- راه لغدا واجد في القهوة غير صبروا شوية كلشي معروض

- ما قلتي عيب

يترنح على الطريق، يجر المعطف مثل جيفة متقيحة، يشتهي زجاجات فاغرة الافواه، على شرفات حبل غسيل مجفف ينشر الاكاذيب، يدركه حدو الراعي متهالكا يفرك الحلق الناشف بصابون الانفاس، قبل ان يختفي في المكاتب، ينصب القامة الراجفة، السنبلات الخضر في الصدر تكبر وتزدهر الحديقة بالآمال، الكارطوني سيرتب الفوضى في الامعاء المزغردة، قفة واحدة تكفي لتسكين عصافير البطون لأيام، بدا يعدد المحتويات، قمع سكر وشاي القافلة، كيس طحين وقنينة زيت النسر، سيوصي الزوجة بالتقتير (ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) سمع فقيه الدوار يكرر الآية على المسامع، وجبة واحدة في اليوم تكفي، يمضغ ما تبقى من صراخ الجوع، مده بالبطاقة مرتعدا غائر العيون، امره بالانتظار في الطابور، لاحقه حتى اختفى عن الانظار، ما اصعب الانتظار وفي البطن جوع متكلس، رقص الاطفال فرحا حول الراس، فرك اليدين وشعر براحة داخلية، افترش الارض تحت ظل شجرة وراح في سبات عميق، الذباب يرعى في صفحات الوجه، نبض يرفرف بين الحلم العريض المغمس في زوايا الضجر والصمت الجميل، ساحر يحمل في كفه الامنية وفاكهة الشبع، استفاق مذعورا في حضرة الحنان، تشتعل الأنامل في الجسد، تشرئب الرؤوس وتمضمض كلمات تمجد اسم الله، النهار يزحف نحو صلاة العصر، لا يدري كم ساعة نام، تذكر المستشار الكارطوني والقفة الموعودة، احس بغصة قاسية في الحلق، سالت على الخد دمعات، الاولاد يموتون جوعا، اراد النهوض لم يستطع الوقوف، الجوع يفتك بالأمعاء يحس بالدوار الشديد، لا يتذكر اخر وجبة اكلها، اسنده شابان وحملاه الى حيث عربة مجرورة بحصان اسود، يتثاءب يصارع العياء، شيع باب الجماعة رآه مغلقا، تنبت الحسرة في رطوبة الموقف، حودي العربة الشاب المفتول العضلات يدخن بشراهة، سحابة السيجارة ترتفع في الهواء، ناوله رغيفا محشوا بالسمك المصبر وكاس شاي، افرغ كاس الشاي في الجوف دفعة واحدة، احس بالحياة تدب في الاحشاء زالت الغشاوة، رائحة السمك تفتح شهية الناقهين، صورة الابناء تنتصب امامه. اغرورقت عيناه بالدموع.

- كل يا عمي حدو... كل الخير موجود

- دراري جيعانين

- كل... دراري راه وصلهم الخير من عند لجواد

-آآآآآآآآآآآآآآه

لاح الاولاد من بعيد، يتقافزون، يتراكضون بصخب ورشاقة، لعن المستشار الكارطوني في الخيال، سرق حصته في الاعانات ليشتري قنينات خمر، من خراب الأنفس المحطمة يبني مجدا سياسيا، والاصابع الموبوءة بالرعاش لا تستقيم الا بكؤوس الماحيا، في الجلسات يتلوى بالأكاذيب ويزرع بين الناس الخيبات، تعلم مند الصغر الخنوع، قضى دهرا شريد الليالي، عاشر تجار الحشيش والخمور، احب لعبة المطاردة بين الامن والمطلوب للقانون، لقمة العيش في قرية منسية اصعب بكثير ،تتلمذ على ايدي قاع الطرق والنصابين، لم يكن امامه من خيار سوى سلك الطريق الخطأ لتسكين دودة الادمان، لهث أعواما وراء الوهم المعتق ، مثل العقعق تجدبه القروح، كل يوم يموت بسيف الحقيقة في الازقة والحارات، لم يف بالوعود المنثورة على قارعة الاستمالة، تكبر كومة العتب تزمجر في الوجه اقفال الخيبة، متمنطقا بأسورة الأهواء، والنزوات الشقية تملأ سلال الرذيلة، تتيبس الاغصان على عتبة السواقي، متوهما بمسكه وإتقانه جدوة المعرفة المقتحمة، يتفوق على الاخرين بالجدالات وفك رموز الاحجيات الصعبة، النديم صفعه حين رماه بالاتكالية والعيش على نفقة الجهلة، ظل صامتا كعود الثقاب المستعمل، يمارس الخنوع والابتسامات الصفراء، اصبحت كل المواضيع متشابهة، ولم يعد يملك ثروة الكذب النافقة، يطل على مشارف الكاس الاخير في الهزيع الاخير من الليل، القنينات لفظت انفاسها الاخيرة.
الكاعب ذات الضفيرة تنام في المخيلة، راودها ببضعة كلمات مقدودة من سلطة الثناء والجمال، رمته بقبلة في الهواء، لم يلتقطها بالسرعة المطلوبة، تحسس القلب كي لا يذبل من فيض القبح، من يومها لم تنطفئ النيران المشتعلة وتعاظمت اللهفة المصلوبة في النياط ،كل ليلة ينقلب في مطارف مشتعلة، ضائع وسط المتاهات والحسابات، الشابة حديثة الانتساب الى طابور المطلقات، عيون القناصين متربصة ترمى عليها الاوجاع، فوق السيقان الملطخة بنار الاشتهاء للهاربة من عقد النكاح الفاشل، يسرج الكارطوني أوتار القيثارة المحمومة بوجع الحرمان، يشتهي كل فتيات الحي وخارج الحي، يستدرج الحالمات الى حظيرة الاحلام، يفرش للواحدة منهن جنات تجري من تحتها الثراء، ينفخ الروح في شرايين تاهت عن الفردوس وتراكمت فوق بلور الدماغ الهزائم المثبطة للعزائم، تستدرج بلباقة الى اخبار عصر الزواج والامومة والحرية، يهيج ثورة من الرغبات والشهوات، يود السباحة في بحر المحرمات والمشي فوق الاجساد العارية، يلبس الطربوش والجلباب ويمسك بالمسبحة، يقف في الصفوف الامامية وراء الامام ،لا يلبث على حال يعيش تناقضات فجة، عقل مخروم شوهه الافيون البشري، ينتشي بالخرافة والدجل وينتسب الى الحزب الشيوعي المفكك الافكار والمرجعية، انضم في لحظات البحث عن الذات الى احزاب البطنة، انهار من الشك تتدفق كالشلالات من قنوات مهشمة في الحوباء، بالحشيش والراح والافخاذ البضة يخدش مفاصل الوقت الصعب، متشوق لحنو الصدور المشتهاة على عجل ودفء الاحضان.

- راني باغي نتزوج

- الا باغي المعقول سير عند الوالد هدر معاه ولا سيفط امك عند امي

- واش حنا مازالين صغار الا اتفقت انا واياك هذا هو الاساس

- ما نقدرش ندير شي حاجة بلا خبار الوالدين

- باغية ديري البراح...نربطو علاقة في الستر وما يكون غير الخير

يسقي عطشا متكلسا في العروق ،اول الغيث قبلات مسروقة في الظلمة، تخلص دفعة واحدة من ذهان التخيل، يترقب في لهفة وشوق عملية المد والجزر، ضمها للمرة العاشرة خلف الابواب الموصدة، اسدلت الرموش وهدأت من الروع حين تسللت اليد الى مستودع الاسرار، في وادي تانوبارت افترشها على ضوء النجوم، المخدوعة تسللت من السطح بعدما غافلت الاباء، قفزت الى زقاق جانبي، والتقطها من السقوط على الارض، الفارس الشهم يخاف عليها من الاذى، لا تعلم انه الاذى، البسها جلباب رجالي وطاقية وصندل مطاطي، يمشيان جنبا الى جنب مثل شابين، ابتعدا عن الضجيج العظيم للمقاهي وغاصا في الظلمة، اقتحم الأغصان العطشى بالكلمات الطازجة، قال له النديم في الجلسة السابقة حين فاتحهم بأمر المطلقة ، اضرب الحديد وهو ساخن، حمامة تحاول الطيران بعد الهرب من القفص، صخب هائل وارتجاج ، خصلات الشعر تتعرى للنسيم العليل ، يرمق الظلال العابرة والاشباح ،تأوهت وضبطت ايقاع القلب على العرس القريب، تمدد بالقرب منها حاضنا كفها، مبحرا في السماء يلاحق النجوم، القت رزمة الحلم على مصراعيها محاولة التحليق والطيران ، رشته بماء الغنج والدلال قبل ان تقيس حرارة الحب، يستوي واقفا منفعلا غاضبا، الحاح يحدث شرخا في النشاط ، الكلام عن الزواج والحلال افسد لحظات الانتشاء، صب كاسا من مشروب الماحيا، انتهى المشهد الغرامي بعد شهر، الشابة حامل التحاليل لا تكذب، طرقت الباب ترجوه ان يسترها ويحفظ كرامة الاهل، امطرها بالكلام النابي، انهال عليها باللكمات، مسرحية الدم والشتائم ما تحت الصرة، الفرجة مضمونة فوق رؤوس الجماهير ، لم يبق غير نفس ضئيل واصابع ممسكة بالتراب وحفنة من الدمع والآهات والانين، تنكر لقضمه النهود والقبلات الحارة، القلب المخادع يهرب من طرقات العاصفة، لم يعد راهبا في اديرة التعبد حيث قرا علانية آيات العشق ، والفجار منذ الزمن الغابر يتلاعبون بوضاعة وخسة بغباء النعاج الضالة ، المأساة ليست في انكار حمل من صلبه فحسب بل توقيع الطعن في الكرامة والشرف، تحلق الناس في الزقاق، مضغوا سيرة الشاب الارعن، قطعوا الاباء الذين لا يحرسون البنات، لعنوا التصرف الاخرق لممثل الشعب، المخدوعة تصرخ بكل قواها، الكلب ولغ في الاناء واستنبت بذرة جديدة في الرحم ، غادر بدون اكتراث. تتفكك الاخلاق والقيم امام الجيران وكبار السن و تتحلل ، الكارطوني جرثومة مسقية بالفسق والفجور.

- ما شي حشومة تحمل البنت وتغدر بها رجع فين هارب

- الله يلعن لي رباك

- سكايري الخانز ...اللقيط

يقبض على جمرة الكلام اشبه بأسطوانة مشروخة، يلوي الحروف المغمسة بالزمهرير ومن سراب وهم يغازل الجيوب، يتناسل ظمأ الانهزام في الصدر، طفل متهور على موائد الانكسار ،رؤوس صمت الاذان تحدق في عراء الجدران ، الدورة العادية تسبح فوق التراشق الشقي، الكلمات معلقة على حائط يبصق الظلال، مهرج يقف في ساحة لا لقاء قفاشات طمعا في بضعة دراهم وتصفيقات، يستنبت الاستغباء الظاهر في الصخور هربا من الافلاس ،الرئيس الجديد القدوسي امره باختصار واحترام الوقت، يزرع لغمين في الراس العفن، تولد في لحظة القصف مصيدة، ركز طويلا في وجه امحمد الغاضب دوما تسرب في نومة الخوف، وتعفن الهواء في الرئة، ينكمش ، يضمحل وتضيق القاعة، يكرع في لحظات الاختناق الشديد صهيل الحانات وقعقعة القناني ، يسمع لعنات كبار الحي ساعة الهرب، طواف النساء على النساء لجمع مبلغ عملية الاجهاض، الام تتسول والدة الشابة لكي لا تطرق باب العدالة ، الا تفتح باب القصاص، تبوس الارجل والاكتاف، يفعلها الصغار ويغرق فيها الكبار ، الفعلة ستظل تضيئ في ذاكرة الوقت طويلا في رقعة القيح والسخام، سيتذكرون تفاصيل انتفاخ البطن، والنذل الذي عافها ومزق الشرف الى اشلاء، يمططون الحديث ويضيفون بعضا من المستملحات لحوض غير صالح للاستعمال، الطبيب كان كريما قبل بنصف المبلغ لاجتثاث الجرثومة الخبيثة من الرحم، الشابة ضحية شاب نزق ورقيع . تقشر الوجه من طبول الحيرة وبيباس ملامح الكارطوني القاسية، والرب نام مند سنين على عرش ويلات بني البشر.
الصباح مليء بالوجع، يحشر المئات في متاهة العجز، باقات الفرح تتدلى من الاكتاف، يشيع بنظرة حيرى عمي حدو نائما تحت الشجرة، يخاف من نقطة التفتيش ان يضبط متلبسا وتكبر الفضيحة، يحس بثقل قفة رمضان المهربة، يتعرق ،يلهث، يزفر بحجم القهر الموشح بالخداع، لم يعد الرب مقدسا ولا قيمة للأخلاق استبدل كل شيء جميل بالمال ، تتسرب الفرحة حين قبض ثمن السلع من اول دكان ، الرجل كان على شفا سحابة متشردة، شرب كاس شاي وظل صامتا، رفعت الايدي تباعا، التصويت بالإجماع، الديمقراطية العددية انتصرت، عاريا يمشي من القاعة، مسكر الماحيا ينادي مثل الاله يحفز كل شيئ فيه، ركب بمعية سائق الجماعة، الشمس في كبد السماء، جلسا الى اول طاولة في اول مقهى، دخن بشراهة ولعن الرئيس والاغلبية، شربا في الوادي زجاجات جعة وخمر احمر قاني ، السائق يشتكي تراجع حصص البنزين، اتهموه بسرقة البنزين من خزان السيارة وبيعه في السائقين، وفي هذا يستعمل صفيحة ماء وانبوب مطاطي ويقوم بحشوه في الخزان وشفط البنزين. سنابل الخوف يانعة ، والرئيس الجديد قاسي حد الطرد، والنهب في مؤسسات الشعب ايمان وجنة، حتى النقل السري حرم منه، حصار يضر بأنفاس الحياة الرغدة المؤقتة، الجيوب مليئة بالعجائب والغرائب، تنهش ما تبقي من حلم القرية النامية، الخمر فكاك العقد والالسنة. كل واحد يحمل اوزاره من أثقال النهب والحرام.
سيظل محاصرا حتى نهاية الولاية، امحمد اصدر الحكم نهارا جهارا، الانقلاب المنتظر لن يأتي، ضائع وسط المتاهات منسي على اطراف الطريق، الشهادة الجامعية لا تفيد في شيئ، هزمه حفنة جهلة بالثبات على المواقف، هزموه دون ان يفتحوا الفم، الصمت له ثمن في المجالس، والصمت حكمة، لكن لا ينسب الى الساكت قول، رأى كيف ترفع الايدي وتستوي الطبخة وتختم بالتصفيق ، تركل الافكار في الدواخل وتتفتت مثل الغبار في السماء ، مسمار جحا صقلته المطارق، الكل يعرف انه تاجر بدون اصول تجارية، يمثل دور مستشار تقدمي تحركه الغيرة على احوال البلاد والعباد، وجدوه يقدم الولاء للفاسد والجلاد، قطعة مبادئ طازجة معدة للبيع في مأدبة اللئام، الراس لم يتعلم الوقوف في وجه العواصف، يمشي وسط الناس مثل تابوت فارغ، ضحية صدى ماض ملوث، الام ترملت في وقت مبكر، عاش الحرمان وسافر في قوافل العلم، حين يهزمه الوقت يهرب الى حضن الام، بعد عام اكتشف بالصدفة ان الحضن مشترك، يقطف الغريب السحر والجمال والصحة، خيال يذوب ويذوب، في الايدي قائمة امنيات مزروعة في الحوباء، اشتد العود وهاجر من القرية الى المدينة، سبح في بحر العلم والمعرفة، انفتحت في الاوردة انشغالات كبرى، طرق باب اول حزب، جذبه الرمز المسجى فوق اليافطة العريضة، وجد قامات تنحني واخرى تنتظر نوبتها للانحناء، الكراسي سرقت الكرامة والعزة، نبتت في الراس فكرة الترشح لتمثيل الشعب، الثراء في السياسية، السياسية امرأة لا تتهجى اسرار الامس ، تركض الفكرة تحت الوسادة تتسلق الجسد، تبرعم في اقصى الراس، تحت الابطين الغام وقنابل من حروف، جس النبض في اول تحرك، الندماء باركوا الخيار، الاوطان الممزقة بالفقر والجهل مكان ارحب لتسلق الطامعين، حشد قطيع الضباع، ما الذي ترتجي منك البلاد وهذه الجماجم والطرق، كلهم يمثلون دور الملائكة ويصبحون العدم، يتشدقون بحل الاشكالات ويصبحون اساس الاشكال، يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون في الكذب والرياء وسرقة اموال الشعب، العضوية مرآة للبشر المتسلق الباحث عن مكانة بين الارض والسماء، يصافح ويحتضن ابناء الحي، المهتدي المنتظر يخرج من بالوعات الوادي، بشر مسكون بالانتظار يتطلع الى الترف خارج تضاريس الايام الصعبة ، يبحثون عن جنات الوهم، عوى الكلب في الوادي فاستيقظ مرعوبا، متعثرا بدموع الاباء، بكت امامه بحرقة تنتف الشعر وتخدش الوجه بالأظافر العشرة، تجمهر الجيران وتراكضت الاسئلة وراء الاسئلة، المتعلم يريد بيع منزل الورثة، يريد رميهم الى الشارع، نداءات ساكنة دور الطين من أجل الفطور، الكلب ديس الخيشوم في بقايا جيفة منتنة، السوق الاسبوعي فارغ الا من شجرات الكاليبتوس، غزوات العقل القضيبي تضغط على الدماغ، ثمة ربيع بطيء يضيئ الدماء، سمسار الحزب وعده بمنصب مهم في الدواوين، يسكر بإكسير السلطة المسيلة للعبرات، شاهدوه في التلفاز جنبا الى جنب الوزير، ايام الصقيع وشرب مسكر الماحيا اصبحت من الماضي، استبدل الندامى القدامى بندامى اخرين تقليعة الزمن اللقيط، يكرع كؤوسا من الخمور الباهظة الثمن ويدخن سجائر بطعم الابهة، في الوزارة عاين كواعب وقيان يركبن ظهور الاحصنة، جاء في العطلة الاسبوعية محمولا على اجنحة العظمة، محملا بالوعد و الوعيد، صاح صرت مهما بما يكفي ايها الرفاق لنحاكم الخونة واللصوص، الوحش الساكن في الدماء لا يستريح، دبج عشرات الرسائل موقعة على عجل نكاية بالرئيس والاغلبية، يبتغي القصاص والافتحاص، ثروات الجماعة تسرق في واضحة النهار، رمال وادي تانوبارت تنهب تملا جيوب الفاسدين، يصرخ في غيابات الفراغ، ضاقت به الشوارع والازقة وتضائل امام الاصدقاء بعد عام.

- وااا سي فرتلان وفين اللجنة وفين المحاكمة...؟

- ما بقات لا ادارة لا والو... كلشي فاسد

- انت سوقك خاوي..انت مستشار كارطوني

يشرب خمرا معتقا في الحانات المصنفة، لم يتعلم ان يربي الشفاه على الصمت، ينفت كلاما منقوعا بالحقد والكراهية، يستظل بإيقاعات تتراقص على حبال المشانق، حبة الانتقام صعبة على البلع، المجلس كالبنيان المرصوص، الحلقات الضعيفة غير موجودة، صعب اختراق أفكار غير قابلة للاستبدال والتقاط ذبذبات الحوارات الثنائية الصامتة، لا حاجة لفك شيفرة التقاطبات واشعال براكين التغيير، الاغلبية تنام على مطارف الانسجام المريح والمربح، حارب الاعداء سرا وعلنا، يعود في كل غزوة حشو الادمغة بالترهات والاباطيل فاشلا مثقلا مهزوما، يعاني من شد عضلي والتهاب في الحنجرة واللسان، في غفلة طار بساط الريح، تكسرت الاجنحة ونادى الوداع، اقيل الوزير وسقطت جميع مسامير الديوان، انتفض ضد الاقالة في الجمع العام الحزبي، ملعون من يقطع رزقا، ملعون من يشرد الملمعين وحملة الابخرة والمجامر، لا صوت يعلو في القاعة الا صوت من تعرضوا للفطام قبل الارتواء الكبير، تكسرت مخالب من جاؤوا باسم خدمة الفقراء والوطن المذبوح من الوريد الى الوريد بلا سكين ، الوطن النازف المسروق الخيرات كسلة خبز في قارعة الطريق، كتبت شهادة الوفاة وسحب سلاح حزبي مغشوش، الكارطوني حصان لا يصلح سوى لجر العربات، عاد الى القرية تتلاطم في النفس اللجوج الخسارة العظيمة، ترامت امام الاعين اطراف الطعنة، التحق في اول يوم بجيش المنبطحين المغيبين عن الوعي، نفايات بشرية لم تعد تصلح للتدوير، يقرفص وجع الانكسار فوق النظرات الشاردة، رماح العبارات المنثورة على الهواء تقترب من اسرة الخيبة، شرب حتى الثمالة على سنة المتخمين برائحة الفقر والافق المسدود، رمى البدلة الزرقاء وربطة العنق، لم تعد تظهر علب سجائر المارلبورو فوق موائد المقاهي، تراجعت الخطب الرنانة والشعارات الجوفاء، التحريض على الاحتجاج لانتزاع الحقوق المهضومة لم يعد ورقة رابحة، المفتشون عن خبايا السقطات يزفرون في سحنات التفاصيل قفاشات، تعلم لكي لا يكون مخصيا يقف متلعثما امام باب المسؤول، منكص الراية قدم بعضا من الاعتذار فهز عروش الدخان. ينتظر دوره في تقبيل اعقاب السجائر، الجيوب فارغة لا يملك من متاع الدنيا سوى اضمامة صور، وضحايا بالعشرات سلب مالهم ولوث عرضهم، يبصق في حضوره الناكتون والشامتون، بعد اشهر استسلم وافترش السمع والطاعة، سلام على مستشار فاسد انتهازي متخم بالذنوب، صاح امحمد رافعا يده في الهواء متوعدا، طاطا الكارطوني الراس واكمل المسير الى وادي تانوبارت برفقة الندماء، لا حاجة الى قرع طبول الحرب ومواجهة مستشار قوي البنية، بضربة واحدة يمكن ان يرسله الى العناية المركزة له في العراكات الدامية باع طويل، صوت المغنية الامازيغية يزهر في الوادي، الشريط الصوتي يعيد عقارب الوقت الى الوراء، على حافة الشوق والاحتراق يرقص الكلام المقتحم، مسكر الماحيا يمنحه فرصة للدفيء، يئن الحلم الموءود في الشجيرات العطشى بالبستان، مشكوك في ولائه للحزب ، لم يقبل في طابور المقربين جدا، لم ينفع التزلف والتملق والانبطاح في صدأ السخرة، مسافات الانهزام تلد العثرات تلو الاخرى ، الدمع في المآقي مهشم كما الجرة المندفعة في الفراغ، لاحت صورة الفتاة المخدوعة رجته ان يستر عرضها، راها تقترب منه حاملة مدية حادة، يخرج عمي حدو من بين الاشجار متعرقا لاهثا زاحفا من الظلمة تتدلى يداه الطويلة الاشبه بسيقان الكروم يستعد للأطباق على الرقبة، امرأة عجوز اخد منها مبلغا ماليا لتحصل على رخصة بناء حجرة تقيها من الحر والشتاء وهجمات اللصوص، تحمل روث البهائم تسرع لتدفعه في الفم النتن، تلميذ وعده بمنحة لاستكمال الدراسة فخذله، تمتد يداه الى حجر يرفعه في الهواء يهوي بقوة على الجمجمة، يستفيق مذعورا من غمضة عين، يركض عاريا الى الضفة الاخرى للوادي، يتفرق الندماء من الدهشة كل في اتجاه كمن راوا عفاريت تخرج من وسط البرك الموحلة، واقفين يشيعون الممسوس في الظلام، اختفى وراء اشجار الكاليبتوس في السوق الاسبوعي.

انتهت يوم 24-7-2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو


.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد




.. بسبب طوله اترفض?? موقف كوميدي من أحمد عبد الوهاب????


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم