الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقطت السياسة وعاشت كورونا

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2020 / 7 / 24
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


الركود والإنكماش العالمى الذى أصاب الطبقات الرأسمالية كان نتيجة طبيعية لسيادة النظرة الرأسمالية إلى وباء كورونا فيروس، كان الإنسان والمجتمع هما آخر ما تفكر فيه الأنظمة الرأسمالية إلا إذا كان وراءهم منفعة تصب فى مصالح الطبقات الحاكمة، ومثال أيطاليا وبعدها أمريكا والبرازيل وغيرهم يؤكد أن السياسة الرأسمالية قبل أو بعد سيطرة كورونا على العالم الأقتصادى لم تتغير، بل زادت فى توحشها والواقع اليقينى لكل عين هو أن العالم قد أستطاع التعايش مع كورونا فيروس بعد أنتهاء الظهور المفاجئ لفيروس يليق بتكنولوجيات عالمنا المعاصر، وأستطاعت بعض الدول القيام بالكثير من المراجعات لحساباتها القديمة لمواجهة وباء تصرفت معه بغباء فى بداياته وأستهانة بتأثيراته غير المرئية على الأقتصاديات العالمية.

رأينا خلال السنوات الماضية مدى التصلف والجبروت الرأسمالى لترامب والمؤسسات التى تساعده وتعمل معه ويعمل من أجلها، عندما كان يتعامل مع ولى العهد السعودى ويقدم نفسه للعالم وللسعودية بأعتبار أنه الكايبوى الأمريكى الذى يحمى كل نظام يدفع له الأتاوة المقررة، تماماً مثل نظام المافيا والعصابات الإجرامية الرأسمالية التى بدأت تتساقط من داخلها لأنها فقدت مصداقيتها امام العالم كله، بمعنى أدق أمام الشعوب الفقيرة التى بدأت تفكر فى السياسات الدولية الفاسدة، ورغم ذلك أستمر الغباء الترامبى لينتفع من موتى كورونا لصالح المؤسسات الصحية وفشلت حساباته وكشفت كورونا غباء الرئيس الأمريكى.

من الواضح بروز توازن على المستوى العالمى فى التحالفات لكنها تحالفات أظهر وباء كورونا هشاشتها، بل وبروز حكام يريدون فرض نظامهم الجديد على الجميع وطبعاً بالأشتراك مع تحالفات وتنظيمات خفية لدول يهمها زرع فوضى من نوع آخر،
مشكلة الدول والمجتمعات الحالية أنها لا تملك بديلاً ذا كفاءة عن النظام الرأسمالى المسيطر على الفكر السياسى والأقتصادى، فالصين وكوريا الشمالية والجنوبية هما البلدان الذين يملكون نظاماً شمولياً ذا ديكتاتورية أنيقة لذلك لا يمكننا القول بأنهم بلدان ناجحة أو فى أستطاعتها قيادة العالم، فى الوقت الذى تعيش شعوبها كالقطيع وفقاً لأيديولوجية أسميها: " ديكتاتومالية" بمعنى أنها أيديولوجية دكتاتورية مالية مثل الرأسمالية والأختلاف الوحيد أن الرأسمالية تخدعك وتقول أنها تمارس الديمقراطية، بينما الأيديولوجية الجديدة لمحور الصين وروسيا والكوريتين هى نظام ديكتاتومالية القائم على الدكتاتورية المالية، تلك الدكتاتورية المالية التى يمسك بزمامها رؤساء الحزب والقادة ومن يريد لهم قائد البلاد أن يكونوا أغنياء الدكتاتورية الجديدة.

إذن كورونا أصبحت جزء لا يتجزأ من النظام العالمى الحالى الذى يحاول الأستفادة منها على حساب شعوبهم، فأمريكا مثلاً أصبحت على حافة الهاوية الأقتصادية والتى بسبب العجرفة وسلوكيات رئيس أمريكا الراقص التى ترتقى إلى سلوكيات قادة طالبان وداعش، بل ينظر إليه أيضاً بعض المثقفين على أنه الأبن العاق للرأسمالية التى تنتظر يوم أنهيار أركان نظامها العنصرى، وأعتقد فى صميم فكرى أن الرأسمالية أنتهت كنظام وحل مكانها الرقصمالية الجديدة التى يتعايش معها بأبتهاج كل الأيديولوجيات السياسية والعقائد الدينية والإقتصادية، لأن نظام الرقصمالية الجديدة يتيح حرية الحركة وتبادل الأدوار بعد أن أزهق راقص أمريكا ترامب على آخر نسمة حياة فى رأسماليات بلاده بعد أن صدق نفسه أنه يرقص أفضل من كورونا وسيستغلها لصالح الرقصمالية الجديدة، لكنه فشل وبدأت تتراجع أمريكا العتيدة رائدة وقائدة العالم نحو هاوية الرأسمالية.

عصرنا الحديث يفرض على العلماء البحث عن كل ما هو جديد لمواجهة كل مرض وكل وباء وليس معنى أكتشاف مرض أو فيروس يسمى الأيدز، أن يتصارخ المثقفين والإعلاميين ويقولوا نحن الآن على أعتاب حقبة جديدة من التاريخ ما قبل الأيدز وما بعد الأيدز، هذا تفكير يريد تحجيم العقول فى فيروس أو وباء كورونا لم ولن يستمر أكثر من سنة أو سنة ونصف واضعين فى الأعتبار الدول المتخلفة سياسياً ولم تنظر بعين الأعتبار والحذر من خطورة التراخى واللامبالاة بصحة شعوبهم، تحجيم العقول ينتج عنه التركيز على ذلك الوباء والتقصير فى واجبات وسياسات أخرى تنسف بشكل حقيقى كل الجهود التى كانت تبذل فى ميادين العلم والمعرفة والأقتصاد والبطالة وغيرها.
وهذا بالفعل ما حدث من عباقرة لا عقول لها إلا السياسة التى تعاقب الفقير وتكافئ الأغنياء فى نظام عالمنا الرقصمالية العالمية، ذلك النظام الذى يرقص ويتراقص برؤوس الأموال أمام عيون الأنظمة الفقيرة ليغريها بقروض بنك النقد الدولى، حتى تقع فريسة بنك الرقصمالية العالمية لتتزايد ديون الشعوب الغلابة وتتراكم عليهم كورونات فيروسات لا شفاء منها، بل أصبحت رؤوس الأموال مجرد لعبة فى أيدى الأغنياء يتلاعبون بها لتحقيق أكبر المكاسب والأنتصارات ويتراقصون على أنغام صعود وهبوط أسواق البورصة العالمية.

لكن العلماء كواجب علمى عليهم البحث فى المناطق المجهولة التى أظهر كورونا فيروس جهلهم بها، ويتحتم عليهم الدخول إلى المناطق الغير مأهولة حتى هذه اللحظة عن كيفية قدرة الفيروس على الحياة لفترات زمنية مختلفة وأنتقاله الحر بأساليب مختلفة لم يعهدها العلماء من قبل، هذا وغيره من أعمال البحث الطبيعى فى حياة الباحثين والعلماء ومناهج البحث الواجب أتباعها وفقاً للواقع الجديد الذى يحتاجه الوباء، وليس هناك ثوابت علمية يسير عليها العالم بل منذ بدأت النهضة وعصور التنوير وكل شئ فى تغيير مستمر نحو أكتشاف العوالم المجهولة.

التعايش هو الحل، هذه الكلمة هى المفتاح الذى يحتاج كل إنسان يمارسه فى واقعه اليومى وينسى الفلسفات العقيمة، نعم التعايش هو مفتاح الحياة الحقيقية لمن يفهم واقع الحياة الإنسانية بعيداً عن نظام الرقصمالية!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هندسة المناخ: الولايات المتحدة تختبر نظام مراقبة لمنع التلاع


.. كاميرا CNN تجول في صور اللبنانية وتلتقي بعض السكان.. ماذا قا




.. عاجل | الجيش السوري ينسحب من حماة... والجولاني يعلن إخراج آل


.. كيف عاقبت النرويج شركة إسرائيلية بسبب الضفة؟




.. وزارة الدفاع السورية: قواتنا أعادت انتشارها خارج مدينة حماة