الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضية أكبر من إسقاط الأمازيغية من البطاقة -الوطنية-

كوسلا ابشن

2020 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


منذ خطاب أجدير والكثير من الامازيغ يعيشون أحلام اليقظة, ينتظرون بين حين وآخر "هيبات" القصر, أعتقادا منهم أنه بإمكان عملية التراكم الجزئي من مكتسب الى مكسب آخر قد يؤدي الى التغييرالموازن القوى والتحول المجتمعي ,وبهذا الشكل الميكانيكي في التحول , يحلم الاصلاحيين بتغيير موازن القوى لصالح القضية الامازيغية.
القصر أذكى في التعامل مع الضرورات و بشكل مخادع و بدون إرادة سياسية و لا إلتزامه بتطبيق بنود قراراته, فهو من حين الى آخر يتنازل ويتراجع لكنه لا يلبي مطالب الآخرين الا في حالتها الورقية . فمنذ تأسيس "المعهد الملكي للثقافة الامازيغية" 2001, وبداية إدماج اللغة الامازيغية اللاإلزامية في المدارس الإبتدائية العمومية (2003), بقيت هذه التنازلات الورقية بدون مصدقية و بدون فاعلية و من دون أهمية, بإعتبار إيركام, ما هي الا مؤسسة أكاديمية إستشارية غير فاعلة وغير تنفيذية, كما أن تدريس الامازيغية غير إلزامي وبدون تعميم لا على كل المدارس الابتدائية ولا على باقي المستويات التعليمية, وكانت الحصيلة من بدايتها حتى 2020, كارثية وتراجعت عملية الادماج كميا و كيفيا, و ما قول عميد "المعهد" إيركام احمد بوكوس "أهم إكراهات تدريس الأمازيغية في المؤسسات العمومية ضعف انخراط الوزارة الوصية في هذا الورش الوطني وتذبذب سياسة القائمين عليها وعدم وضوح الرؤية. وقد نتج عن ذلك تراجع جلي من حيث عدد المتعلمين والأساتذة والمفتشين" ظاهر القول صحيح لكنه يخفي الحجم الحقيقي للكارثة, كما يخفي المسؤول الحقيقي عنها. وهذا التطورالعبثي أطال كذلك المطالبة بقناة أمازيغية, وتمت الولادة القيسرية لقناة "تمازيغت" من ضلع القناة الاولى, بدأ البت الفعلي يوم 1 مارس 2010, ببث يومي من 6 سويعات, ومع 30% من برامجها باللغة العربية, مهمة القناة ترجمة بعض برامج القناة الاولى الى الامازيغية والإهتمام بالفلكلور الامازيغي, وجل موظفيها يجهلون اللغة الامازيغية التدوينية (المعيارية), شبه قناة في خدمة العروبة الاستعمارية, لم تقدم شيئ لصالح الامازيغية والامازيغ, وهذا ما يدل عن لعبة الجزئيات الرمزية للإستهزاء بالعقل الامازيغي.
إنعدام التطبيق الفعلي للقرارات وخطابات القصر هي في الاساس مقصودة من طرف القصر نفسه, من جهة أنه غير جدي في التخلي عن الاحادية الدولة (المفهوم الاستعماري), ومن جهة آخرى لجس نبض الامازيغ ورد فعلهم على انتكاسات عملية الجزئيات الرمزية المهدات من طرف القصر أو المكتسبات الملحة من الخارج, إن إتمام عملية التطبيق أو التراجع عنها يتم في إطار عملية الفعل و رد الفعل بين القصر (السلطة التنفيذية الوحيدة) والجماهير الشعبية الامازيغية, أما تصريح بوكوس حول الاكراهات وضعف الانخراط و..., هي كلمات فارغة, بوكوس يعرف جيدا مهامه ودوره, ومهام و دور موظيفي القصر (الوزاراء), و يعرف جيدا أن الجهة التنفيذية الوحيدة هو محمد السادس, وقراراته التنفيذية لا تناقش, فلو كانت عنده أرادة حقيقية لنفذت الجزئيات لبقيت هذه الجزئيات مكتسبات للقضية الامازيغية, ومن جهة أخرى ديمومة النضال الميداني الامازيغي بأشكاله النوعية والمختلفة لضغط على القصر, وفرض عليه تطبيق المكتسبات الجزئية.
كما أشرت من قبل تطبيق القرار من عدمه, يعتمد عن رد الفعل الجماهيري, وهذا ما بينته إحتجاجات 20 فبراير, رغم أكثر من عقد من المطالبة بترسيم اللغة والهوية الامازيغيتين, الا ان القصر لم يرضخ للنقاشات ولا للخطابات ولا للكتابات, وما أرغم القصر على الاسراع في الاعلان على حيثية الرسمية كان الفعل الجماهيري الميداني في كميته وكيفيته في مراحله المتقدمة, الذي أرعب القصر خوفا من أن يتحول الاحتجاج السلمي الى ثورة مسلحة قد تطيح بالنظام العرقي لأل علوي. الثورة التحررية الافتراضية أجبرت القصر على تغيير الدستور, والاعتراف الدستور ال علوي برسمية اللغة والهوية الامازيغيتين ( دستور 2011), الا أن تفيك حركة الاحتجاج من الداخل لأسباب معروفة, قدمت للقصرصك الإطمئنانية بإن شرارة الثورة الافتراضية قد خمدت ولم يبقى هناك مبرر للخوف, أدرك القصر أن الاحتجاج حدث عابر, لا يستحق المغامرة بالوحدانية لصالح التعددية مادام ميزان القوى لصالح الايديولوجية الشوفينية ووحدانية المثلث (العرق واللغة والدين), وبهذا دخل الترسيم بقعة الجزئيات الرمزية, و كما يوضحها الفصل الخامس من دون غموض " تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء. يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية" الترسيم الرمزي مرتبط بالقانون التنظيمي المنتظر العائق المفترض لإختراقها المؤسساتي, والذي تؤكده حاليا مناقشات إسقاط الامازيغية من البطاقة الشخصية.
اعتراف الفصل الخامس فضفاض ولا يضمن حماية الامازيغية ولا تنميتها و لا تطويرها مما يجعها شكلية في الدستور ال علوي, عكس اللغة العربية المتمكنة بكل الضمانات بإعتبار انتماءها الى الأمة العربية التي يؤكد عليها الدستور الكولونيالي, و"الدستور" مثله مثل الوثائق الرسمية الاخرى لا تملك قوة تنفيذية غير قوة رغبات القصر السلطة الاستبدادية الوحيدة, و"الدستور" يبقى حبر على ورق وواجهة للخداع والكذب على المجتمع الدولي الحقوقي وإسكات الامازيغي الحقوقي بالجزئيات الرمزية.
يتعامل القصر بعقلية صبيانية مع الشعب الامازيغي (أسكات بكاء الطفل بالوعد حتى يسكت و ينسى), وذلك بإحتواء تحركات النشطاء منهم بالوعود الجزئية الورقية, بهدف إبعاد المناضلين عن العمل الفعلي الميداني المؤثرسلبيا و المهدد لعملية الانتاج و زيادة أرباح الرأسمال المالي للقصر وكذا فرملة النضال الميداني المؤدي حسب الظروف الى المقاومة الشاملة للنظام الكولونيالي,ولهذا يعمل النظام على الحفاظ على المد واجزر في مسألة الجزئيات بهدف إذكاء الصراع الايديولوجي والسياسي بين الطرف المطالب بالعدالة الطبيعية والقانونية و بين الفيئات العرقية والوحدانية الكولونيالية, وهذا هو تكتيك النظام بتجزئة القضية ب"الهبات" أو المكتسبات الجزئية الرمزية لإسكات بعض الفاعلين وإحتواء العمل الميداني الأمازيغي كما قلت و جر المؤمنين بالجزئيات الورقية الى بيعة القصر, فالاعتقاد الخاطئ لدى البعض بوقوف القصر بجانب الامازيغ و لصالح القضايا الامازيغية, وما النكسات التي تتعرض له "المكتسبات" الامازيغية الا بسبب تعنت القوى الشوفينية العروبية, هو الاستنتاج الخاطئ في جوهره لأن القصر هو الاساس في إنتكاسات هذه الجزئيات, لكن من جهة أخرى فالقوى الشوفينية العروبية بمواقفها و منازلاتها العرقية تمد القصر بالدعم السيكولوجي في لعبة المد والجزر.
الوعي المغلوط لدى بعض الامازيغ عن دور القصر ومهامه وأهدافه الحقيقية, يجعلهم في الصف المعادي للقضية الأمازيغية من دون وعي, مثل المرضى النفسيين ب ( ستوكهولم سيندروم), يمجدون الاعداء على حساب القضية المصيرية لشعبهم. لم يدرك هؤلاء اللعبة القذرة التي يلعبها القصر, لم يدركوا أن القصر يوهم الأمازيغ بأنه خارج الصراع الاثنوثقافي وخارج الصراع الطبقي, وهذه اللعبة القذرة لم يدركها بعض الامازيغ من يهرولون الى القصر لمطالبة النجدة وحكامة أعلى الهرم لإنصافهم, ولم يدركوا أبدا ان القصر الاستبدادي هو المسؤول الأول عن إنكار الحقوق القومية الطبيعية للشعب وهو المسؤول عن تفقير الفقراء وإغناء الاغنياء, لم يدركوا أن القصر هو حامي العروبة الاستعمارية في البلد, وهو السلطة المستبدة الوحيدة في البلد, ولا وجود لسلطة عميقة ولا لسلطة موازية, هؤلائ الامازيغ بسبب الوعي المغلوط لم يدركوا ان ما يسمى بالحكومة, هي في الحقيقة مجرد بيادق و موظفين لدى القصر ينفذون ما يأمرهم به القصر, وهذه حقيقة صرح بها كل رؤساء "حكومات" القصر منهم عباس الفاسي, بن كيران و العثماني ومن كان قبلهم, الجهة المنفذة الوحيدة هو القصر, من دون مشاركة الموظفين "حكومة و برلمان" في عملية الاقرار و التنفيذ.
القصر يدرك أهمية اللعبة وهو تكتيك فاعل في زرع وعي مغلوط و مزيف عند بعض الامازيغ بأن القصر خارج الصراع القومي والطبقي, ولا يتحمل المسؤولية عن سياسة التمييز العنصري والاستبداد السياسي والاضطهاد القومي, الفعل الممارس من طرف "الحكومة" ولا دخل للقصر في ذلك, كما ان الهجمة الشرسة العنصرية ضد الامازيغ والقضية الامازيغية, فالقصر يوهم الامازيغ بأن هذا من فعل التيارات والجماعات الفكرية والسياسية ولا يتحمل مسؤوليته.
التكتيك الخبيث يرمي الى جعل الامازيغ أو البعض منهم ضحية الوعي الزائف أن تعتقد ان القصر لا يتحمل مسؤولية مآسي الشعب الامازيغي وإنكار حقوقه الطبيعية وما يتعرض له من التمييز العنصري, وإنما المسؤولية تتحملها الجهات السياسية والثقافية الأكثر مغالات في الشوفينية والتمييز العرقي, صحيح ان هذه القوى العنصرية كانت "حكومية" أو زواتية أو ثقافية تكافح ضد القضايا الامازيغية والامازيغ وتأجج النزاعات العرقية و تنشر الايديولوجية العروبية القاهرة المعادية للأمازيغ, الا أن فعلها لا يخرج عن إطار التعليمات والسياسات المرسومة داخل القصر.
ان "الهيبات" أو المكتسبات الجزئية قد تكون لها أهمية في مرحلة معينة من الصراع, الا أنها لا يمكن أن تحل القضايا المصيرية للشعب الامازيغي, فالجزئيات الرمزية أعطيت أو أكتسبت بسبب الضغوط الدولية على سلطة القصر العرقية الاستبدادية, لتبييض الملف الاسود للنظام أل علوي في انتهاكات الحقوق القومية للشعب الامازيغي,أو كانت هذه الجزئيات أستجابة للملفات المطلبية, فإنها تبقى رمزية بدون تطبيقها الفعلي. الجزئيات كيفما كانت رمزية أو وظيفية فهي في آخر المطاف لا تنصف القضية المصيرية للأمازيغ التي لا تعطى هيبة من طرف القصر و لا تكتسب بفضل قوى خارجية, بل تؤخذ عنوة وبالمقاومة الفعالة للشعب الامازيغي, فالسيادة و التحرر القومي لا يتجزء الى جزئيات مكتسبة والتاريخ القريب بين لنا قيمتها وحصيلتها الموضوعية التي لم تتعدى حبر على ورق, هدفها الحقيقي إعادة النقاشات الجزئية والصراعات الحلزونية الى نقطة الصفر, من دون نتيجة, ويتكرر المشهد المسرحي في ديمومة الصراعات الجزئية الهامشية من جيل الى آخر حتى الإغتراب الذاتي الآخير, ودفن القوم الامازيغي في مقبرة التاريخ وهذه هي استراتيجية القصر وأتباعه من الزمرة ابناء العروبة بالتبني.
نقد المكتسبات الجزئية لا يعني بالضرورة السلبية المطلقة للمكتسب الجزئي الوظيفي, وإنما معرفة ما ينطوي عليه هذا المكتسب من لبس وتفكيك محتواه وهدافه, و كذا ما قدرة الجزئيات المجردة في إنصاف الحقوق الطبيعية للقوم الامازيغي, و لأسباب المذكورة سالفا, وكما يريد القصر تصريفها, يتبين أنها تعيق النضال وتصرفه عن القضية الاساسية للقوم الامازيغي المتمثلة في التحرر من الاضطهاد القومي والاجتماعي, و ما الجزئيات في الحالة المذكورة الرمزية, لا تغير الواقع الموضوعي, بل تطيل أمد الاضطهاد والاستبداد وتعيق العمل النضالي الامازيغي وتطوره بتوجيهه الى صراع عقيم عوض التوجه الى الجماهير الشعبية الامازيغية للدعاية الفعالة و تنمية الوعي الذاتي الامازيغي.
الخطأ المنهجي لبعض الامازيغ يسيئ الى أهمية القضية الامازيغية ويقزمها الى جزئيات رمزية لا ترقى الى طموحات الشعب التحررية, ويبعدها عن ديناميتها المحركة للفعل النضالي الهادف, من هنا كان من الضروري نقد الخطأ المنهجي والتصور المغلوط, لأنه لا يتوافق مع الواقع الموضوعي, وان القصر حامي العروبة الاستعمارية المعادي لتحرر الشعب الامازيغي لا يتنازل عن ايديولوجيته وسياسته العرقية الشمولية ولو في حالة الجزئيات, الا لسبب تكتيكي مرحلي (اللعبة الخبيثة), للعب على وطر الصراعات الفئوية الغير المنتهية و تمديد واقع الانتهاكات الحقوقية ضد الامازيغ.
بناء على هذا ومن قناعة مصلحة أمازيغية, يجب التعامل بحذر وتعقل مع الجزئيات الرمزية المحبوسة في الارشيف الزمني, والاهتمام بالواجبات الضرورية إزاء القضية الاساسية وتوجيه الجماهير الشعبية الى التحول النوعي والجذري والفعلي في قيادة النضال الثوري عوض أساليب انتظارية الجزئيات الرمزية (الورقية), وقد اثبتت تجربة جنوب افريقيا, أن القضاء على التمييز العنصري لا يتم الا بثورة تحررية مسلحة تخوضها الجماهير الشعبية ضد سيطرة النظام الابارتهايدي و من اجل الدفاع عن أرضها وهويتها وخيراتها واستقلالها.

كوسلا إبشن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا