الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن بحاجة الى ...

اياد نجم
كاتب و باحث

(Ayad Najm)

2020 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


مع قرب كل موسم انتخابات تبدأ الخطابات الطائفية و القومية بالظهور و تبدأ هذه اللعبة السيئة بتصدر المشهد .

يحضّر الحماة و المدافعون عن الطائفة و القومية انفسهم لكل ما من شأنه ان يثير الانقسام ويعمقه في المجتمع فيظهرون بخطابات تصعيدية ويرفعون سيوفهم و يدقون طبولهم فحتى ابسط الاحداث يمكنها ان تشكل فرقاً فيتم تحشيتها و رسم سيناريوهات لها و جعلها مادة للانقسام .

الحقيقة ان مشكلة الطائفية والقومية قديمة لدينا ولك ان تراجع تاريخ بغداد في القرن الخامس الهجري مثلاً لتقرأ الفضائع بين الطائفتين اذ تتمنى انك لم ترها و لم تقرأها ، ولك ان تراجع تاريخ الاستباحة للايزيديين لتجد ما يقرب من 35 حملة ابادة كما يقول بعض الكتّاب.

فالمشكلة اذن قديمة و لكن الجديد في الامر ان السياسيين يوظفونها اليوم بشكل جيد لمصالحهم فيجعلون الشارع حلبة لصراع الديكة فيما يكونون هم المقامرون الذين يكسبون دوماً في حين تخرج الديكة مدماة و منهكة و ربما تفقد عيناً او يكسر لها جناح كما فقدنا اعيناً وكُسرت لنا اجنحة .

و حل المشكلة يكمن في ان نفكر قليلاً في الطائفة او القومية التي ننتمي لها هل كان ذلك الانتماء خياراً لنا ام اننا ولدنا هكذا ؟

و اذا كنا ولدنا مسيحيين او ايزيديين او شيعة او سنة او كاكائيين دون ان نختار و دون ان تكون لنا شجاعة ان نراجع هذا الانتماء (فمواجهة الحقيقة امر صعب) اقول اذا ولدنا كذلك دون خيار فهل ذلك مبرر كافٍ للاستعداء و التقاتل و التباري.

نحن بحاجة الى مواجهة المشكلة التي ندفع ثمنها باهضاً و يكاد يكون يومياً نحن بحاجة الى مواجهتها و ليس تغييبها بكلمات الود الكاذبة و شعارات الاخوة المستهلكة و حين نواجه هذه المشكلة سنكون قطعنا نصف الطريق.

التاريخ يقول ليس امامنا من سبيل سوى الايمان بالمواطنة كمنهج للتخلص من اعباء المسميات و الانتماءات وحين يؤمن الجميع بالمواطنة وحين تكون المواطنة احد اهم قيمنا الاجتماعية و حين تنُفذ المواطنة الى تشريعاتنا و قوانيننا سيأمن الجميع و سينعم الجميع.

فكل طائفة الان تتوجس من الطائفة الاخرى و كل قومية تتوجس من القومية الاخرى و كل ديانة تتوجس من الديانات الاخرى وهكذا ستبقى تلك التوجسات مادة سياسيو الطوائف لتصدر المشهد و العودة الى الحكم .

تلك حقيقة ان بعضنا يتوجس من البعض الاخر و الحل هو في سيادة القانون الذي لا ينظر الى هويتك بل ينظر اليك كمواطن ويعاملك على هذا الاساس وهذا الامر ليس سهل التحقق ولكنه الطريق الوحيد الذي سيخلصنا من اعباء الماضي و يحقق تعايشاً حقيقياً.

المشاكل التي نعيشها لا تتحملها الطبقة السياسية لوحدها بل المسؤولية تضامنية كما يقولون فالشعب يتحمل جزء من المسؤولية ، و اذا آمن الناس بقيمة المواطنة وحق الاخر في الحقوق التي ارى انها استحقاق طبيعي لي حينئذ سيحدث التغيير.

فالتغيير المطلوب في أساسه و حقيقته قيمّي و بحاجة الى انقلاب قيمّي في المجتمع ، يعني اننا بحاجة الى اعادة التفكير في حل مشاكلنا عبر تغيير نمط التفكير ،
اذ كنا نتمترس خلف قادتنا السياسيين ونظن انهم حماتّنا من الاخر و اتضح ان ذلك غير مجدٍ ابداً و انه ازهق الكثير من الارواح و خرب البلد لذلك علينا ان نكّف عن ذلك و ان نفكر بحلول اخرى نابعة من قيم اخرى غير تلك التي اعتدناها و دافعنا عنها طيلة ما مضى.

ما يجمعنا هو الانسانية وهي رباط وثيق يشعر كل انسان صالح به و ما يمزقنا هو التشبث بمقولات الانقسام التي تحتويها أدبيات هوياتنا الاخرى لذلك علينا ان نفكر بعقلانية و نخيط جراحنا النازفة و ننطلق من جديد مملؤين ثقة بالاخر و حباً انسانياً له فالكراهية لا تولد سوى كراهية و الاستعداء لا يولد الا استعداءاً و ذلك سيبقينا في ذات المستنقع و ذات المشكلة.

25-7-2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل