الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كابوس الطاعون الذي لا نهاية له ..

مروان صباح

2020 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


/ ثمة الكثير الذي يلهب وينفع البشرية أغلب الظن ، فبظهوره مجدداً يتيح للأجيال الجديدة إعادة هيكلة أنفسهم على مواجهة جديدة من التحديدات ، يعتبر الطاعون هو الكابوس الذي يقض مضاجع الناس في سباتهم ، لأن بإختصار إصابته دائماً خفية ، فالطاعون ليس بعادته تقديم تنبيه أو إنذار ، وثانياً لأنه سلالته تتأقلم مع كل جديد يطرأ على الحياة البشرية ، وبالتالي كما يتطور الإنسان في إنتاج اللقاحات ، ايضاً الأوبئة على اختلافها تتطور هي الأخرى وهذا إن دل ، يدل على أنها سلالة ليست بعدمية ، إذنً قبل المضي في فتح قوساً واسعاً ، نسرُد فوارق حول الطواعين ، بعضها ملموس وبعضها دامغ ، ونؤكد على شيء أساسي ، على الأغلب معظم الأوبئة ناتجة عن الحيوانات ، فبادئ ذي بدء ، تشير قائمة الطواعين والأوبئة عبر التاريخ بأنها طويلة وللتوضيح المفيد ، كل طاعون هو وباء لكن ليس بضرورة العكس ، وبالرغم من عدم حفظها في سجلات التاريخ ، إلا أنني سأتي على ذكر أغلبها ، بدايةً من طاعون اثينا الشهير وجستنيان اللعين والموت الأسود سيء السمعة وعمواس الحاصد وبالتالي هذه الطواعين تتشكل على شكل ورم تحت الإبط أو خلف الأذن أو داخل الجسم ، تتسبب بتقيؤ الدم للمصاب ، وهناك أوبئة مثل الحمى النازفة والكوليرا والجدري والتيفوس وإنفلونزا الإسبانية والإيدز وفيروس السارس وإنفلونزا الخنازير وإيبولا وأخيراً الفيروس الحالي كوفيد 19 ، فالحيوانات كما أشرنا كونها السبب الأساسي في نقل الفيروسات ، تتعرض وهي نائمة في فصول معينة من السنة إلى زيارات مباغتة من البراغيث ، تتسلل إلى الجسم وبالتالي تلوث الدم بالبكتيريا والجراثيم ، وطالما المراقبة والرعاية لتربية المواشي مفقودتين في النظام العالمي ، فمن المنطق أن تفتك الأوبئة بالمجتمعات البشرية والتى تعرف بقواه التدميرية حق المعرفة لدى الأطباء والمراقبين .

مسألة أخرى تعتبر أساسيه ، تجارب البشرية مع الطاعون والوباء كثيرة لكنها تبقى في دائرة المجهول ، وهذا يعود إلى الأنواع المختلفة ، لكن هناك حقيقة ثابتة ، لقد أثبتت جميع تجارب التاريخ التى تعاملت مع هذه الطواعين والأوبئة ، بأن الفحوصات المستمرة والإجراءات الوقائية وعزل المصابين ، كفيلة بعدم انتشارهم ، لأن الدرس الأول الذي يمكن أن يقتفيه المرء من الطواعين والأوبئة ، هو مدى جهوزية الحكومات لمواجهة مثل هذه الهجمات وإمكانيتها لوضع خطط في الحد من انتشارهم ، ولأن ايضاً حسب التجربة ، عندما ينتشر الوباء ، يفقد الإدارة امكانية التنظم وايضاً يمنعها عن تقديم الأفكار المناسبة والمعالجات السليمة ، وهذا بالفعل حدث مع الفيروس الأخير ، لولا الإدارة الحكيمة التى انتهجها العالم في وضع قوانين صارمة ، كانت الأمور أخذت منحاً آخر تماماً ، وبالتالي الخلاصة الأولى ، لو كانت الصين بكرت بإعلانها عن الفيروس ، بالتأكيد الانعكاسات الاقتصادية والنفسية للبشر كانت ستكون أقل مما حصل ، ومع ذلك ، بدأ علماء العالم ومعهم المفكرين باستحضار ماضي الطواعين ، وكان الأكثر حضوراً على طاولة الأمم فيروسي عمواس والموت الأسود ، فقبل اكتشاف الأمريكيتين ، كان فيروس الموت الأسود قد فتك بالشعب الصيني ، ولأن محاكاة الحكومة الصينية للفيروس آنذاك لم تكن بهذه القدرة أو بالأحرى ، لم تكن الحكومات في الماضي تولي إهتمام لصحة مواطنيها كما هو الحال اليوم ، وبالتالي سرعان ما انتقل حتى وصل إلى أوروبا ، إذن السؤال المركزي ، هل ما أتخذ من إجراءات حتى الآن كافية لمنعه من التمدد ، أما هو مقدمة إلى وباء أكثر فتكاً قادم على الطريق ، وبالتالي بغياب الإعلام الحر في الصين والإجراءات القمعية التى تحدان من معرفة الحقيقة هناك ، يتوجب على العالم فرض مزيد من الإحترازات الوقائية وعدم رفع التعليمات التى أقرتها من خلال مدونة البرتوكول .

بالطبع ، فإن الأسئلة الأخرى ، المتفجرة من الجوف الدفين لإرث الطواعين والأوبئة ، لا يلغي إحتمالية وجوده ، فطالما الدولة استعانت بمصطلح السيطرة ، إذن هو على قيد الحياة وفعال ، وأن مزاعم دحره ليس مؤكدة تماماً ، ولا ننفي بالطبع تلك التصريحات المبطنة التى تدفع البعض إلى إعادة مراجعة أحداث الموت الأسود في الصين ، لقد هجر الطاعون مدن كاملة وكانت الجثث منتشرة في مناطق واسعة ، متروكة لم تجد من يتكفل بدفنها ، بل وصل الأمر في أوروبا لدرجة بأن العائلة تلتقي مع بعضها البعض على الغداء وفي حلول المساء تفقد شخصاً أو أشخاص منها ، وبالتالي تحول الشعور بالموت والموت ذاته ، حدث اللحظة ، الذي أوقف الحياة بالكامل وأصبح الجميع لا يفكر سوى بالضحية التالية ، ولأن الفيروس الأسود يصنف بالرئوي ( الرئة ) ، ينتقل عبر الهواء والتنفس ، وهو خطير جداً ، كما هو حال فيروس اليوم ، بل يعتبر من أصعب الفيروسات ، لهذا ، ضرورة ارتداء الكمامة مسألة تعتبر أمن أممي وليس وطني أو قومي فحسب ، طالما حركة الإنتقال بين الأوطان المختلفة ستعود تفعيلها ، ولأن ايضاً الثابت في تاريخ الأوبئة ، دائماً كانت الصين الدولة التى ينتقل منها الأوبئة عبر السلع التى يتم شحنها من خلال البحر أو الجو وهذا يتطلب في المقام الأول ، إعادة دراسة والنظر في الأساليب المعتمدة في التخزين والشحن ، ولأن ايضاً ، طاعون اليوم يشبه طاعون الموت الأسود ، إذن الاستمرار بالإجراءات الوقائية مسألة تضمن عدم تفشيه بصورة أكبر .

مازالت هناك مناطق شاسعة في الصين ، تنتهج أسلوب حياتي غير صحي ، وفي حقيقة واقعها بعيدة عن التحضر ، فالعالم بعد الحرب العالمية شهد نقلات نوعية جديدة لطرق الحياة بالإضافة للمسألة الغذائية ، ويبقى النظام الغذائي أو تحديداً ، نوع الطعام هو المشكلة الأساسية بين الصينين وبالتالي هذه الأصناف المأكولة كانت ومازالت تساهم في إضعاف مناعة الإنسان ، بل سبب رئيسي للأمراض التى تتحول إلى أوبئة ، ايضاً ، ليس من الضرورة للبراغيث التى تنتقل من الحظائر الحيوانية إلى المجتمعات البشرية ، أن تعيش على جلد الإنسان أو داخل شعره ، بل يمكن لها العيش في الملابس أو أماكن النوم ، وهذه مسألة أخرى تشير على أهمية تعزيز ثقافة النظافة والتعقيم من جانب ، وايضاً من جهة أخرى ، ضرورة نشر ثقافة الغذاء الجيد والمناسب للإنسان وضرورة ابتعاده عن الأطعمة التى تسبب الأوبئة .

في خاتمة المطاف ، الصين الجديد الذي يعيد أمجاد تجارته من خلال مبادرة الحزام والطريق ، يبني طريق عملاق يمتد من جنوب الصين ويمر في الصين ذاتها ومن ثم يقطع كل من روسيا وبيلاروسيا إلى بولندا وألمانيا وفرنسا ويصل إلى أوزبكستان وباكستان ، من الخطأ تركه يتحرك بحرية دون وضع ناظم يدقق في الواردات التى يصدرها للعالم مع ضرورة إلزامه بقوانين حازمة تضمن نوعية الإنتاج وسلامة عمليات الشحن . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل