الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلدان في الذاكرة

نعمى شريف
دكتورة مهندسة مدنية باحثة وكاتبة

(Noama Shareef)

2020 / 7 / 28
الادب والفن


Dr. Noama Shareef - Frankfurt
يقولون لك...أنت محظوظه جدا..تتنقلين بين المطارات كما يحلو لك....تقتنصين أجمل الفرص وتشتمين عبق ورائحة المدن الجديدة التي هي حلم الكثيرين.....الطرق مفتوحة أمامك في الوقت التي هي مغلقة أمام الكثيرين...يقولون ويقولون....
ليتهم يعلمون حجم الالم الذي يرافق حزم أمتعة المغادره...ولحظات الوداع ... حجم الحب الذي يقدم لك بكلمة من طلاب او جيران او أصدقاء أعزاء كانوا أهلا.....حجم الالم لحظة لقائهم اخر مرة لوداعهم .....لحظة تخليك عن اشيائك البسيطة...عن سيارتك التي كنت تعتبرأنها وسيلة مواصلات ليس الا لتدرك بلحظة انها جزء من عائلتك ... لحظة استلامك لهذا الحجم من الهدايا التذكارية التي تجعلك تقف عند كل تفاصيلها... من وشاح صلاة مطرز الى كتاب يجمع صور البادية الرائعه الى الواح من الصابون العطرة الى قيلادة مفاتيح وفنجان يحمل اسمي الذي قل من كتبه بشكله الصحيح.. الى عطور وملابس تقليدية وأشياء أخرى يصعب حصرها..في كل هدية نبضة قلب....لتسجل لحظات غالية لا تقدر بثمن...
ليتهم يدركون وجع الأشياء التي تحدث معك قبل مغادرتك لاخر مرة... عبور ذلك الشارع لاخر مرة... احتساء القهوه في ذلك المقهى المحبب لأخر مرة...تزويد سيارتك بالوقود لأخر مرة.....لقاؤك لاصدقائك لأخر مرة....
وليتهم يعرفون ذلك الشعورالذي يعتصرالقلب وانت تغادربطريق باتجاه واحد إلى المطار... هو طريق سريع يسير بك في اتجاه واحد ولايعطيك الوقت لتتامل من نافذة السيارة ولا تفكر بشيئ حتى اللوحات التي تمر امامك بلمح البصر تقول لك رافقتك السلامة ..ولا تأبه بك....ليتهم يدركون شعورك وانت في المطار تبرزبطاقة سفرك ذهابا فقط من دون عودة على غير العادة... يبدو أن الاشياء التي تحدث اخر مره قبل مغادرتك هي أيضا على غير العادة... طاقم المطار يتعاطف معك ويمرر لك وزن زائد على غير العادة...تقدم لك المساعدات في كل شيئ بدون طلبها...كل ذلك مع ابتسامة عريضه ورحابة صدر ما يجعل المغادرة اكثر الما..!!!!!
وتبدأ الخطوات سريعة باتجاه نهاية المطاف.... وتبدأ الدقائق بالعد التنازلي عشرون دقيقة...ربع ساعة...عشر دقائق....ويكسر هدوء اللحظات ورهبتها رنين الهاتف.....تزدحم الإتصالات لتؤكد لك مرة أخرى... انت باقية في القلوب.....يكسر زخم هذه الأصوات صوت أخريعلن أن الطائره جاهزة للاقلاع...اصعدوا الطائرة...اربطوا الأحزمة....وتصعد الطائرة والنظرات تلاحق المكان من نافذة صغيرة... يبتعد ويصغر ويصغر حتى يتلاشى من وراء الضباب....
ويبدأ شريط الذاكرة باستحضار تفاصيل كل مامضى في هذا المكان بحلوه ومره...ويبدو أن الساعات الأربعة ونيف التي مضت قبل إعلان الطائرة هبوطها في مطار فرانكفورت لم تكن كافية للمرورعلى كل التفاصيل....
ليتهم وليتهم يعلمون ان الانسان هو أجزاء مبعثرة هنا وهناك ولكنة يسيطيع ان يبني دائما لنفسة أوطانا جديدة في القلوب....
عمان في الذاكرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????


.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ




.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش