الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رقصة خطرة مع الصحافة العربية

منى الطحاوى

2006 / 6 / 28
الصحافة والاعلام


أن تكتب للصحف العربية كأنك تلعب الحجلة في حقل ألغام.
من يناير 2004 حتى أوائل هذا العام مارست لعبة الحجلة في عمود أسبوعي في صفحات الرأي في جريدة الشرق الأوسط التي تصدر في لندن، وهي جريدة مملوكة للسعودية تقرأ عبر العالم العربي. ثم اصطدمت بلغم دون أخطار أو إنذار، وقل ظهور عمودي شيئا فشيئا، ثم توقف عن الظهور تماما، فقد منعت من الكتابة.
لا أحد يبلغك أنك منعت من الكتابة في صحيفة عربية،خاصة في جريدة المفروض أنها المقر الليبرالي للكتاب المحظور عليهم الكتابة في الصحف الأخرى، وهذا ما تصور الشرق الأوسط نفسها به.
للأسف أن تجربتي ليست فريدة، وعندما قلت لصحفي قديم أنني لم أخطر رسميا بالحظر الذي فرض علي، ذكرني أنه أكتشف أنه عزل عن رئاسة تحرير جريدة مصرية عندما قرأ الخبر في جريدة أخرى. وقال صحفي مصري آخر أنه كان "محظوظا" فقد أعترف له رئيس تحرير الجريدة التي كان يكتب لها أن النظام المصري أتصل بالأمير السعودي الذي ينشر الجريدة وطلب منه منع صديقي من الكتابة.
ربما كان هذا ما حدث في حالتي، منذ الانتخابات البرلمانية المصرية في العام الماضي التي تمخضت عن سيطرة حزب الرئيس حسني مبارك الوطني الديموقراطي سيطرة كاملة على المجلس التشريعي ،قام النظام المصري بتصفية حساباته مع خصومه خاصة أولئك الذين دعموا حركة إصلاح صغيرة ولكنها عالية الصوت التي نظمت مظاهرات احتجاج لم يسبق لها مثيل في شوارع القاهرة.
في العام الماضي انتقلت من نيويورك إلى القاهرة لمدة أربعة أشهر لأشارك في حركة الإصلاح وأقوم بتوثيقها، وكرست كثيرا من أعمدتي الأسبوعية في الشرق الأوسط لهذه الحركة.
في نهاية إقامتي وقبيل مغادرتي مصر إلى نيويورك استدعيت إلى أمن الدولة بسبب مقالة كتبتها انتقد فيها ما وقع من عنف وتزوير في الانتخابات البرلمانية، وكان المقصود من الاستدعاء تحذير يعني "نحن نراقبك".
خلال الشهرين الماضيين تعامل النظام المصري بوحشية مع النشطاء والصحفيين من دعاة الديموقراطية. فضرب وسجن الكثير من الرجال والنساء. وتناولت في كتاباتي لما حدث. وأتهم العديد من المحتجزين قوات الأمن بتعذيبهم في السجن.
المشكلة مع صحيفة الشرق الأوسط إلى جانب مسايرتهما للأنظمة العربية على نحو يدعو إلى القلق أنها تدعي الليبرالية وهي دعوى واضحة الزيف.
قبل حظري من النشر أطلقت الشرق الأوسط موقعا بالإنجليزية لتظهر للقراء في الغرب كم هي ليبرالية.. وعاني الموقع مما يعرف باعراض ياسر عرفات، فالزعيم الفلسطيني الراحل كان يصدر أحيانا بيانات باللغة العربية، ويصدر بيانات على نقيضها باللغة الإنجليزية، فالصحف العربية تخضع لخطوط حمراء فيما يتعلق بانتقاد الزعماء العرب، وتتجاوز هذه الخطوط عندما تكتب باللغة الإنجليزية.
وكتبت عمودا أحمل فيه على النظام المصري لسماحه لقوات الأمن بضرب المتظاهرين المسالمين والتحرش الجنسى بالصحفيات. وقد حظر نشره في الجريدة العربية التي أنشر فيها ومن موقعها بالعربية ولكنه ظهر بأكمله في موقعها بالإنجليزية.
قليل من الصحف في العالم العربي يمكن أن توصف بأنها مستقلة حقيقة، فمعظم الصحف أما مملوكة للدولة أو تخضع لسيطرتها أو يملكها أشخاص على علاقة وثيقة جدا بالدولة، وناشر الشرق الأوسط هو أبن شقيق الملك السعودي.
الخطوط الحمراء الرئيسية في الشرق الأوسط بسيطة للغاية، فحظر النشر يشمل الأسرة المالكة السعودية ثم حلفاء المملكة في الخليج (باستثناء قطر التي تنافس المملكة فلا حظر على ما يوجه إليها من انتقاد)، ثم حلفاء المملكة العرب الآخرين.
ويحتل النظام المصري مكانة داخل هذه الخطوط الحمراء، وفي إمكانه أن يطلب من الشرق الأوسط أن تسكت أي ناقد له.
إذن لماذا أتجشم الكتابة في الشرق الأوسط؟ بعد أن تحولت من التقارير الأخبارية إلى كتابة الرأي في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، لم أشاء مخاطبة الجمهور الغربي، وإذا كان الأمر يتعلق بالإصلاح ومحاربة التشدد الديني يجب أن يكون الحوار الرئيسي فيما بيننا نحن العرب والمسلمون، ومن هنا كانت الحاجة إلى الخوض في حقول الألغام أعني الصحافة العربية.
ما يشبع الرضي في نفوسنا أن نعلم أن الأنظمة العربية والصحف الموالية لها أن تعتبر بعضنا مصدر إزعاج بشكل يكفي لمنعنا من الكتابة، ولكن ما يشيع الأسى بشكل مواز أن نرى الحواجز التي تقف بيننا وبين أخوتنا العرب.
انترناشونال هيرالد تربيون
منى الطحاوى معلق سياسى مقيمة فى نيويورك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة متفاقمة للفلسطينيين وتعثر التهدئة بسبب مواقف نتنياهو 


.. مصرع المئات بعد فيضانات مدمرة في أفغانستان ?




.. مشاهد لنسف الجيش الإسرائيلي بقايا مطار ياسر عرفات الدولي شرق


.. حزب الله: هاجمنا 3 أهداف إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة وثك




.. يوم ملتهب في غزة.. قصف إسرائيلي شمالا وجنوبا والهجمات تصل إل