الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللهاث خلف السراب تكتيك سئمناه

عبدالباسط سيدا

2006 / 6 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


التقى في الآونة الأخيرة وفد يضم ثلاثة من مسؤولي الأحزاب الكردية في سورية مع نائبة رئيس الجمهورية الدكتورة نجاح العطّار، شقيقة عصام العطّار المعارض السوري المنفي.وما أُعلن بعد الإجتماع من قبل الجانب الكردي هو أن الحديث قد تطرق إلى وجوب إغلاق ملف الكرد المجردين من الجنسية؛ هذا مع العلم أن الرئيس نفسه قد سبق له أن أكد ضرورة حل هذه المشكلة؛ كما ان المؤتمر الأخير لحزب البعث قد اتخذ قراراً بخصوص حلها. ومن هنا لانعلم حقيقة مسوّغات العودة إلى موضوع محسوم رسمياً - حسب مزاعم السلطات ومروجيها - مع نائبة لاتمتلك بكل تأكيد صلاحيات رئيسها.
بالإضافة إلى ذلك صرح الجانب الكردي المشارك في اللقاء - مع ملاحظة الصمت المطبق بخصوص هذا اللقاء من قبل الجانب الرسمي- هو أنه قد تم الإتفاق على لقاءات أشمل من جهة المشاركة والمناقشة؛ لقاءات لانعلم ما إذا كانت ستتم أم لا، ولكن بالإمكان استشفاف نتائجها - هذا إذا حدثت- منذ الآن، وذلك استناداً إلى معرفتنا بالهيمنة الشمولية للأجهزة الأمنية على مفاصل القرار السلطوي في سورية، هذه الأجهزة التي لم ولن تفكر في يومِ ما بحل سياسي ديمقراطي عادل للمسألة الكردية في سورية، طالما أنها مستمرة في دورها الراهن، هذا الدور المتمثّل في تطويع الداخل بكل مكوّناته لصالح فئة همها الأول والأخير هو البقاء في موقع الاستبداد والاستغلال، وبأي ثمن.
فنائبة رئيس الجمهورية هي في الأساس مشروع تجميلي خائب لوجه لم تعد تنفع معه أية رتوش تزيينية. وهي تجسّد عبر موقعها الرسمي لا الشخصي - وهذا الأخير نحترمه ولانتناوله بأي نقد- جملة مفارقات وتناقضات تطبع بميسمها وشماً هستيرياً على سلوكية نظام فَفََد على مستوى الداخل الوطني كل مقوّمات البقاء، لا المشروعية التي لم يمتلكها في أي وقت.
إن دعوة ثلاثة من قادة الأحزاب الكردية – من دون الآخرين بناء على اعتبارات لسنا بصدد التفصيل فيها هنا – من قبل السلطة للتباحث في قضية جزئية تخص الجانب الاجرائي من سياسية الاضطهاد المزدوج الشمولي، سياسية كانت السلطة الحالية نفسها - وليس غيرها - هي التي وضعت أسسها، واستمرت في تطبيقها - وما زالت - بعقلية إقصائية متعالية، لاترى في الكرد سوى مادة للتبعية والنهب والقمع والإلغاء بكل معانيه. إن دعوة من هذا القبيل إنما هي سعي مكشوف من قبل السلطة للمصادرة على احتمالات الحوار الجاري راهناً بين فصائل المعارضة السورية على اختلاف انتماءاتها القومية والدينية، سواء في الداخل أو الخارج.
كما إن هذه الدعوة تستهدف في الوقت ذاته زرع بذور الشقاق والخلاف ضمن الصف الكردي نفسه؛ وهو الأمر الذي كان - وما زال - محوراً رئيساً من ضمن تلك التي تشكل قوام سياسة سلطة البعث السوري في الميدان الكردي. خاصة إذا وضعنا في حسابنا أن السلطة ذاتها كانت تسعى إلى وقت قريب لإعطاء تصور زائف مؤداه أن الكرد في سورية يمثلون جسماً غريباً - لابد أن يقتلع حسب برنامج البعث نفسه- لاذ بالبلد طلباً لآمان. وقد تمكنت السلطة نفسها من تمرير توجهها هذا بتصريحات كردية، أُبعد أصحابها بناء على صفقات أمنية؛ وظل الشعب الكردي في سورية يناضل، ويثبت للقاصي والداني أن حقه المشروع لاتختزله طروحات هجينة كسيحة. وما انتفاضة الثاني عشر من آذار 2004 سوى محطة ناصعة من محطات نضال هذا الشعب. كانت بفضل عذابات وتضحيات آلاف مؤلفة من الوطنيين الكرد الذين آلوا على أنفسهم الدفاع بشرف عن قضية شعبهم، من دون أن يدور في خلدهم أي تقدير أو تعويض في يوم ما؛ بل كانوا يتحمّلون عذابات الفقر والملاحقة بأريحية تنمّ عن مدى إيمانهم الصادق بمشروعية ما نذروا أنفسهم من أجله.

إن إقدام السلطة السورية على مثل هذه الخطوات في أجواء معاناتها من عزلة دولية وعربية ووطنية داخلية، نتيجة ممارساتها الخاطئة التي تعد الحصيلة المنطقية للأزمة البنيوية المسدودة الآفاق التي تعيشها - وهي أزمة تتصل بطبيعة السلطة السلطة المعنية نفسها - ، إنما هي سعي ً منها للتهرّب من الاستحقاقات الوطنية، استحقاقات التغيير الديمقراطي الشامل التي تظل وحدها موئل الضمان، والأمان للشعب السوري بأكمله من دون استثناء.
ولعل المرء لايحتاج إلى فطنة إستثنائية ليدرك العلاقة بين اللقاء الكردي مع النائبة الحالية لرئيس الجمهورية في دمشق، واللقاء الذي كان بين عبدالحليم خدام النائب السابق للرئيس نفسه وأمين عام سابق لحزب كردي، وذلك في إطار المؤتمر التأسيسي لجبهة الخلاص الذي انعقد بلندن مؤخراً 4/5-6-2006.
فلقاء دمشق كان من دون شك محاولة من جانب السلطات هناك بقصد الإلتفاف حول ما قد يتمخض عنه لقاء لندن من تواصل كردي أوضح مع المعارضة، خاصة إذا ما قررت هذه الأخيرة التحرر من منظومة البعث الايديولوجية. وما يجمع بين اللقاءين هو سعي المنظّمين هنا وهناك من أجل استمالة الكرد، وكسب ودهم، من دون أي التزام بسياسة واضحة المعالم، راسخة الأسس. سياسة ترى أن الكرد هم بالفعل شركاء في الوطن والمصير، يتقاسمون الحقوق والواجبات مع الجميع على قدم المساواة قولاً وعملاً. أما أن نكتفي بوعود هلامية، وجمل إنشائية لاتحدد المدلولات، ولاتشخص المسؤوليات، فهذا معناه اننا لم نصل بعد إلى مستوى التعامل الجدّي المطلوب مع القضايا الوطنية، تعامل يستلزم قبل كل شيء وجود عقلية وطنية ناضجة، تبحث في عوامل الأزمة، وتسعى من أجل وضع حلول جذرية لها. حلول تلتزم بالمعالجة السببية لا العرضية التي ربما أفلحت في التعمية الآنية، لكنها سرعان ما تغدو جزءاً عضوياً من الوضع المأزوم نفسه.

أما على الصعيد الكردي، فقد قلناها مراراً، ونعيدها تكراراً، أنه لا يجوز لأية جهة كانت ، حزبية أو مستقلة، أن تستفرد بلقاءات تخص المصير الكردي العام. بل لابد من التشاور والإتفاق حول الخطوط العريضة قبل وبعد هكذا لقاءات. هذا إذا أردنا أن نتوصّل إلى ما فيه خير الكرد، وخير السوريين جميعهم. فالمسألة الكردية في سورية كانت – وستظل- جزءاً من المسألة الوطنية الديمقراطية العامة على مستوى البلد بأسره؛ تعالج ضمن الإطار الوطني العام على أساس ديمقراطي، يقر بالخصوصيات، ويحترم التعدديات بأسمائها وانتماءاتها المختلفة. وبناء على ذلك، نرى أن المسألة المعنية لم ولن تحل عبر صفقة أمنية، أو مناورة سياسية، لاتؤدي سوى إلى البلبلة، وتكريس مناخ إنتفاء الثقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا دخلت شرطة نيويورك قاعة هاميلتون بجامعة كولومبيا حيث يت


.. وزير الدفاع الأمريكي يقول إن واشنطن ستعارض اقتحام رفح دون خط




.. وقفات احتجاجية في جامعات الكويت للتضامن مع غزة


.. وزير الخارجية الأمريكي: إسرائيل قدمت مقترحات قوية والكرة الآ




.. الجيش الإسرائيلي ينشر مشاهد قال إنها لتجهيز فرقتين للقتال في