الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات كردستانية.

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2020 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


فى يومٍ من أيامِ شهر مايو سنة 2007 كنتُ فى مدينة آربيل أهم مدن إقليم كوردستان فى العراق. يومها دعاني السيدُ نيشيرڤان برزاني Nechirvan Barzani زوج نبيلة برزاني إبنة مسعود برزاني حاكم إقليم كوردستان العراق للغداءِ معه فى مقرِ رئاسةِ حكومةِ كوردستان العراق. ورغم أن حديثَنا يومها كان عن مواضيعٍ تتعلق بالبترول والغاز الطبيعي ، فهدفُ العراق كان أن يستمع رئيسُ حكومةِ كوردستان العراق لوجهةِ نظري وإجابتي عن هذا السؤال : لو كنتُ فى موقعِه ، فماذا كنت سأفعل لتوفيرِ أكبر مردودٍ إقتصادي من ثروةِ كردستان العراق الهيدروكربونية (بترول و غاز) ؟ رغم ذلك ، فقد كان من المستحيلِ ألاّ يُسجل عقلي حقائقَ المكان الذى كنتُ يومئذٍ فيه. فبينما ينقسم المصريون بسببِ الدين لمجموعتين فقط : مجموعة المسلمين وكلهم "سنة" ولا يعرف أيٌ منهم هل هو شافعيّ أم حنفيّ ؟ ومجموعة المسيحيين ومعظمهم أقباط أرثوذوكس. فإن العراقيين ينقسمون لعددٍ كبيرٍ من الطوائف : مسلمين شيعة + مسلمين سنة + مسيحيين كلدانيين كاثوليك + مسيحيين يتبعون كنيسة المشرق الآشورية وكنيسة المشرق القديمة + مسيحيين يتبعون الكنيسة السريانية الأرثوذكسية + مسيحيين يتبعون الكنيسة السريانية الكاثوليكية + مسيحيون يتبعون الكنيسة الإنجيلية + بهائيين .... فى آربيل ، ذكّرتنى أشياءٌ عديدةٌ بإختلافِ فسيفساء ديموغرافيا (سكان) العراق عن مِصْرَ. وفى آربيل تيقنت أن شعبَ كوردستان مستمرٌ فى البقاءِ كجزءٍ من العراق لعجزِه عن الإنفصالِ. فإنفصالُ واستقلال كوردستان العراق سيحفزا أكراد تركيا و أكراد سوريا و أكراد إيران على سلوكِ نفسِ النهج وهو ما يكفي لدخولِ تركيا فى حربٍ واسعةٍ لإستحالةِ موافقة تركيا على إستقلال 25% من الأتراك (أي الأتراك الأكراد). لماذا أكتبُ كل ذلك ؟ الإجابة بمنتهى الوضوح : أنا أكتب هذا لدعوةِ قيادة مِصْرَ وأجهزة الدولة السيادية وكل مصري وكل مصرية للإقتناعِ بأن "التاريخ و الجغرافيا" كانا كريمين جداً معنا عندما مُيزنا بأنساق ديموغرافية (حقائق سكانية) تسمح بدرجة عالية جداً للتعايش المشترك السلمي والآمن : بشرط (مرة أُخرى : بشرط) أن نحمي هذه "الميزة" (التى لا فضل لنا فى وجودها) من أيّ عاملٍ أو عنصرٍ أو سببٍ لسلبِها قدرتها على تحقيقِ "التعايش المشترك السلمي". ولاشك عندي أن العدو الأكبر والوحيد لهذه "الميزة" هو ما تعبر عنه كلماتٌ مختلفة أهمها : التعصب الديني ، التعليم و الخطاب الديني الذى يُفرز عدم قبول الآخر ، تيار سياسي-ديني ينسف روح التعايش المشترك السلمي وأقصدُ تحديداً الإخوان و السلفيين وكل التيارات التى انبثقت عنهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل