الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرض اسمه العنف الأهوج

عواد احمد صالح

2006 / 6 / 28
حقوق الانسان


العنف الذي يطال العراقيين يوميا ويحصد آلاف الأبرياء ويقطع اوصال شجرة الحياة هو عنف اهوج بكل المقاييس .. انه عنف اعمى ومرض خطير ونوع من الفوضى العقلية ..ولعله يمتد ويرجع الى رواسب الطغيان الذي عاشه العراقيون خلال الحقبة البائدة حيث تعلم العراقيون أخلاق وثقافة العنف والفوضى .. ومسخت شخصياتهم وصودر تفكيرهم الحر وحريتهم الفردية .. فأخلاق الحرية غريبة على افراد عائلة كبيرة استعذبت طغيان الأب وجبروته وتعودت ان تسير في ركاب مايريد ويفعل وان لا تفكر خارج ما يفكر هو ويريد ..وهكذا كما يقول ادونيس " بدلا من ان يحيى الأنسان العراقي ويفكر كما لو انه محكوم بالحرية ، كان على العكس يفكر ويعمل ويحيى كما لو انه محكوم بالعبودية" . لنتأمل هذا القول الذي هو تحصيل حاصل لبناء نفسي - اجتماعي خطير غير سوي يهيمن على الحالة العراقية ويتضمن من جملة ما يضمن رفض ثقافة الحرية ثقافة الذات المحررة من كوابيس وسائل القمع والهيمنة ، الذات التي تعي خصوصياتها .. وبدلا من ذلك يتمسك سلوكا وممارسة بثقافة الأنصياع لجبروت مصطنع يصنعه او يبحث عنه في غياب كامل لوعي انساني سوي ومتوازن ..او هو يمارس نوعا من تدمير الذات وتدمير الآخر نتيجة لإحساسه المفرط بالضياع والتوتر .
لقد تعود الأنسان العراقي على عبادة الحاكم القوي المستبد الذي لايني بمناسبة وغيرها يسلخ جلود البشر كانها شياه ويلقي بهم في اتون محارق الحروب او المقابر .. وقام بعد غياب ذلك المستبد يمارس اساليبه البشعة تجاه ابناء جلدته تمثيلا وتمثلا .. فهو يقتل لمجرد القتل ويمارس التعذيب وتقطيع الأوصال بهدف التلذذ الوحشي والبدائي في اطار سادية مريضة ومتوحشة ومقرفة حقا ..انه بذلك يفقد حسه الأنساني وسوائيته الاجتماعية .. وامعانا في الغرق والأستغراق قام العراقي المغلوب على امره يقدم ولاءه ويبسط طاعته لنماذج غريبة من البشر طارئة على محيطة حقنته بوصفات عقائدية غريبة ومريضة لا ترى استمرارا للحياة الا بالسقوط في هاوية الموت ..تنظر اليها بمنظار اسود وقاتم معبأة بثقافة غاية في البدائية والغرابة تنحو لآقامة ملكها المتهالك على الخراب ونثار الجثث والجماجم ..
ان شرعة العنف التهمت آلاف الناس البسطاء والمغلوبين المنسيين وهم الذين يعنون لنا في مقاييس الأنسانية كل شيء مثلما التهمت النجوم من الصحفيين والكتاب والمثقفين والعلماء والاطباء وكبار اساتذة الجامعات .. بهدف تفريغ البلد من العقول المفكرة المدبرة والمتحضرة تمهيدا لكي ينصاع الناس او من يتبقى منهم لجبروت الغوغاء وسطوة القطيع .. ومثلما تهيمن على العقل الجمعي للانسان العراقي سلطة الماضي القريب او البعيد القائمة على مبدأ العنف والقتل فانه تتظافر عليه سطوة الطائفية المذهبية والعشائرية وشتى الولاءات والهويات الجزئية والثانوية التي تمعن في امتهان كرامة الأنسان : قتله وتقطيع اوصاله وتفتيت نسيجه الأجتماعي والنفسي .. للعنف الأعمى اوجه متعددة والوان متعددة ..انه مرض يستشري مثل النار في الهشيم ، لكن طريقه وهدفه واحد هو تدمير وقتل الأنسان ...
ولأمر ماحدث في التاريخ ان قامت شعوب بتدمير نفسها وحضارتها بهذه الطريقة بسبب الصراع المرضي والتناقض الذي تعيشه في داخلها .. ذلك التناقض الاشد خطرا من تناقضها وصراعها مع المحتل .. عندما يعي الشعب ان عليه ان يتخلص من كل عقد الماضي والحاضر ويتجاوزها مدركا ان عليه ان يتحرر من الأوهام المرضية ومنها موجة العنف الطائفي والقتل المجاني عند ذلك يبدأ الطريق الى الحرية الى الخلاص من الأحتلال الأجنبي ومن جميع رواسب ثقافة الولاء والعماء ....
ايها العراقيون ان خطر العنف يجر البلد الى شفا الهاوية انه ماثل امامكم فافعلوا أي شيء ففي ايديكم حبل النجاة .. بادروا قبل فوات الأوان ..

12-3-2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش




.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر


.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..




.. ما آخر المواقف الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى؟