الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
البطش والقمع سيرتدّان على أصحابهما
لجنة المتابعة الوطنيّة
2020 / 8 / 2مواضيع وابحاث سياسية
تزداد معاناة شعبنا الأردنيّ الأبيّ، يوماً بعد يوم، وتتردَّى أحوال البلاد الاقتصاديّة والسياسيّة بتسارع. وذلك بسبب طبيعة نظام الحكم الفرديّ المطلق، الذي تتفاقم نزعته الاستبداديّة على نحوٍ غير مسبوق وقليل المثال في العصر الحاليّ.
ولقد استغلَّ النظام جائحة كورونا ليفرض «قانون الدفاع» فيحصِّن به سياساته الجائرة المعادية للشعب والبلاد، ويتابع إفراغ مؤسَّسات الدولة مِنْ مضامينها الصوريّة ويحوِّلها إلى هياكل خاوية على عروشها؛ فلم يسلم مِنْ ذلك لا البرلمان ولا القضاء.. ولا حتَّى الحكومات التي لم تكن يوماً سوى واجهات صوريّة.
وتعامل النظام مع جائحة كورونا بمبدأ «رُبَّ ضارَّةٍ نافعة».. طبعاً ضارَّة للشعب والبلاد، ونافعة للطّغم الماليّة وللفئة القليلة المنتفعة بالسلطة.. كلّ فردٍ منها بحسب اقترابه مِنْ مصدر القرار المطلق.
بقوّة «قانون الدفاع»، الذي يُفتَرَض أنَّ غايته المعلنة هي مواجهة الجائحة وحماية المواطنين منها، جرى تحميل الأغلبيّة الشعبيّة.. العمّال في القطاع الخاصّ، والفلّاحين، وموظّفي القطاع الحكوميّ، وأفراد وضبّاط الجيش والأجهزة الأمنيّة، تكلفة مكافحة كورونا.. حيث – كما هو معروف – تمَّ حجب العلاوات، وخفض الرواتب بنسب وصلت إلى ٧٠% وبما يزيد حتَّى على ما يفرضه قانون الدفاع بـ ٥٠%، كما أُلقيت أعدادٌ كبيرة من العمال في آتون البطالة والفاقة.
وهكذا، فبالإضافة إلى جائحة كورونا التي ألمَّتْ بالجنس البشريّ كلّه (ومِنْ ضمنه الشعب الأردنيّ)، فقد اُبتُليَ الشعب الأردنيّ بجائحة أخرى خاصَّة هي جائحة الاستبداد المتزايد والنَّهب المنفلت مِنْ كلّ عقال.. التي ابتلاه بها النظام.
كما عملت السلطة الحاكمة، بجشعٍ قلّ نظيره، على زيادة التحصيل الضريبي بأنواعه، وأطلقت يد البنوك وكبار التجار وشركات الاتّصالات لتتحكم بالشعب الأردنيّ وتنهبه وتجوّعه مِنْ دون أيّ رادعٍ قانونيّ أو أخلاقيّ.
واستمرت السلطة كذلك في اتِّباع سياسة الاستدانة من المؤسسات الماليّة الدوليّة مِنْ دون حسيب أو رقيب، فتجاوز الدين العامّ الناتج الوطنيّ الإجماليّ. الأمر الذي حمَّل الاقتصاد الأردنيّ أعباءً إضافيّة ثقيلة تفوق طاقته.
ثمّ تحت مزاعم محاربة الفساد، جرت معركة عصابات ضارية غايتها تصفيه بعض حيتان الفساد لصالح حيتان فساد أكبر منهم حجماً وأكثر نفوذاً. وبقيت رؤوس الفساد الكبرى في مأمن من المحاسبة والملاحقة.
وتحت ذريعة «قانون الدفاع» تجري الآن ملاحقه كلَّ صوتٍ وطنيٍّ معارضٍ، حتى لو كان خافتاً، ويجري الضغط على صاحبه وترهيبه ثمّ اعتقاله وتوفيقه واصطناع أساليب استبداديّة منحطّة لإهانته وإذلاله.
وبالذريعة نفسها، يجري تكميم وإسكات الصحافة ووسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بالإرهاب والقمع والتهديد بالفصل والطرد والإغلاق وتسليط قانون الجرائم الإلكترونية العرفيّ على ألسنة الناس وعقولهم.
وبعدما تمّ تجريف الحياة السياسيّة، خلال عقود من الزمن , بالأساليب البوليسيّة الممنهجة، وتزوير إرادة الشعب بانتظام، فقد تمّ خلال العقود الأخيرة تحجيم النقابات المهنية وتدجينها.. باختراقها من الداخل، والتدخل السافر في انتخاباتها، وشراء ذمم نشطائها وقادتها. الأمر الذي حوَّل هذه النقابات إلى هياكل صوريّة مفرغة من المضامين الوطنيّة، وحتَّى من الشكليّات الديمقراطيّة الزائفة.
وكان آخر استهداف للنقابات هو الاعتداء السلطويّ السافر على نقابة المعلمين الذي استند إلى حجج واهية غير قانونيّة وغير دستوريّة. وكلّ جريمة هذه النقابة هي أنها قامت بواجبها تجاه أعضائها وخاضت نضالات مطلبية شاقّة حققت بها مكاسب جديدة للمعلمين وللعمليّة التعليميّة بمجملها، في مواجهة المصالح والاكاديميات الخاصّة المتنفِّذة التي تثأر منها الآن.
إنَّ هذه الهجمة الظالمة على نقابة المعلمين لن تقود إلا إلى تأزيم الأوضاع في البلاد فوق ما هي متأزّمة. واليوم أو غداً، ستكتشف الرؤوس الحامية في السلطة (أو حولها) أنَّه لا بدَّ مِنْ تخفيف حدّة التوتّر، ولا بدّ مِنْ تنفيس الاحتقانات المتزايدة. ومِنْ أجل ذلك، لا بديل عن إلغاء كافة القرارات الجائرة والمخالفة للقوانين و إطلاق سراح اعضاء نقابة المعلّمين ومجلس أدارتها، و سراح جميع معتقلي الراي والتعبير.
إنَّنا، في «لجنة المتابعة الوطنية»، نرى أنَّه يجب على النظام وقف تجاوزاته الفظّة والمتواصلة على الدستور والقوانين وعلى الشعب؛ وعليه أنْ يفهم بأنَّ شرعيّة الحكم تُستَمدُّ من الشعب فقط وتقوم على احترام الدستور والقوانين، وأنَّ القمع والاعتقال وتكميم الأفواه لن تسكت النّاس.. بل ستزيدهم معارضةً لسياساته وأساليبه الاستبداديّة، ولن تحلّ أزمته أو تفكّ عزلته.. بل ستزيدهما تفاقماً واستعصاءً.
يا ابناء شعبنا الأردنيّ العظيم
إنَّ رأس النظام، بسلطاته الفرديّة المطلقة، وخياراته الشخصية والسياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي لا تنسجم مع مصالح الشعب والبلاد، هو من يتحمّل المسؤوليّة عن هذا المنعطف الخطير الذي يهدّد كيان الدولة ومصالح الشعب الأردنيّ ووجوده. الأمر الذي سيضعف البلاد أمام المخطَّطات الصهيونيّة التي تُدبَّر لها في إطار صفقة القرن وكلّ الخطط التي تستهدف الشعبين الشقيقين الأردنيّ والفلسطينيّ.
والحكم الفرديّ المطلق أصبح الآن خارج الزَّمان وخارج التّاريخ، ومِنْ حقّ الشعب الأردنيّ – مثل الغالبيّة العظمى مِنْ شعوب العالم – أنْ يحظى بنظام حكم ديمقراطيّ حقيقي يقوم على المبادئ الأساسيّة التالية: الشعب مصدر السلطات، والفصل بين السلطات، واقتران المسؤوليّة بالمساءلة، واشتراط الانتخاب الديمقراطيّ الحرّ والنزيه لكلّ صاحب قرار أساسيّ في الدولة.
الأردن ليس ملكيّة خاصّة لأيٍّ كان، بل هو وطن له شعب وهو لشعبه. والشعب الأردنيّ، برغم القمع والبطش المتصاعدين، شعبٌ حُرّ وسيّد على أرض وطنه. وكلَّ أساليب الاستبداد التي يستخدمها النظام، أو يمكن أن يستخدمها، لن تجعل الشعب الأردنيّ يكفّ عن العمل مِنْ أجل حقوقه هذه، ومِنْ أجل استعادة بلده، وحكم نفسه بنفسه، وتقرير مصيره مثل كلّ الشعوب الحيّة.
الشعب الأردنيّ لا يطلب المستحيل أو ما هو غريب أو غير معقول؛ بل يطلب ما هو موجود ومحقَّق في الغالبيّة العظمى مِنْ بلدان العالم، وما تنصّ عليه المواثيق والعهود الدوليّة.. ومنها «العهد الدوليّ الخاصّ بالحقوق المدنيّة والسياسيّة».
لم يبقَ لدى الشعب الأردنيّ ما يخسره سوى فقره وجوعه وذلّه ومهانته وقيوده؛ ولذلك، فقد حان الوقت لينزع الخوف مِنْ قلبه، ويكفّ عن الوقوف متفرجاً على بلاده التي تمّ نهبها وبيع مقدّراتها وإفقارها وإغراقها بالدّيون ويراها الآن تضيع أمام عينيه.
أخيراً، نحمِّل السلطة الحاكمة المسؤوليّة كاملة عن أيّ تعامل غير ديمقراطيّ مع الاعتصام الذي دعا إليه المعلّمون غداً.
عاش الأردن عزيزاً سيّداً
وعاش شعبنا الأردنيّ العظيم
لجنة المتابعة الوطنيّة
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من
.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال
.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار
.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل
.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز