الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألف مبروك انتصرنا !

علاء الزيدي

2003 / 4 / 24
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


صدى السنين  ( 1 )

 

أتساءل مع نفسي ، في أحيان كثيرة ، من الأيام التالية للإطاحة بالنظام البعثي البائد في التاسع من نيسان ( أبريل ) الأغر : ما الذي دعاني والكثير من أبناء شعبنا إلى مغادرة وطننا الحبيب ، قبل ثلاثة وعشرين عاما ؟
إذا استثنيت مواطنينا العراقيين المهجرين والمسفرين ، من عرب وكرد فيليين وقليل من ذوي الأصول الإيرانية ، الذين ألقى بهم النظام المنهار في ما وراء الحدود العراقية الإيرانية ، في ظروف لا إنسانية ، محتجزا أبناءهم وآباءهم وبعض بناتهم في سجونه المرعبة ، و دون أن يعثر لهم على أثر  بعد هذه السنين الطويلة ، فإن كثيرا من العراقيين ، ومنهم أنا ، هاجروا في سياق عملية اختيار طوعية وإن كانت تعبيرا عن تراكم تهجيري إجباري غير مباشر ، كان بطله الأول والأخير ذلك النظام البعثي غير المأسوف عليه .
هاجرنا اختيارا إذا . كان يمكننا أن نقاتل حتى الموت في الأهوار التي لم تكن قد جففت بعد . كان يمكن أن نستميت في مقاتلة النظام حتى الشهادة ، كما فعل الشيخ صالح هادي الحسناوي ، ذلك المؤمن بالله بعمق ، وتلميذ الحوزة الصدرية ، لكن ، أيضا ، من بدأ كفاحه عضوا عاملا في الحزب الشيوعي العراقي . كان يعرف بالشيوعي المؤمن ، تمييزا له عن الشيوعي التقليدي .. الملحد ! كان المثل الأعلى لصالح دوايه ( هكذا كانت كنيته ، فهو من ناحية الدواية الباسلة ) بعد الرسول الأعظم وأئمة أهل البيت صلوات الله عليهم ، رجل عض على أسماء رفاقه بالنواجذ ، فلم يبح بها ، حتى لحظة التسامي ، اسمه حسين محمد الرضي ، أو سلام عادل .
كان يمكن لنا أن نموت صبرا في سجون حزب البعث العربي الفاشي الرهيبة ، بعد أن تنتهك أعراضنا أمام عيوننا ، بغية انتزاع أي اعتراف على آخرين أبرياء أومنخرطين في مسيرة الكفاح الدامي . كان بإمكاننا أن نتخلى عن خيار المواجهة والمعارضة ؛ نلوذ بالصمت أو نمارس التقية ، حتى لو اضطرتنا إلى الانخراط في صفوف البعث الفاشي .
كل هذه الخيارات كان أمامنا . فاختار كل منا ما بدا له أنه قدره وقضاؤه . أنسحب هنا من الجو العام ، الذي لا أحيط بكل تفاصيله بطبيعة الحال ، لأدلق نفسي على الورق ما دمت أدعي أنني أعرفها إلى حد ما . مع شيء من الإشارة إلى أسماء ، بعضها نجوم وضاءة في سماء الحياة والممات ، أرنو إليها بشوق جارف إلى التحليق نحو أعاليها ، وهي تتألق و تومض ، من بعيد . وبعضها ترمق بنظرات وعبرات حزنا على حالها . وبعض تراهم مذبذبين ، لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء .
في الخامس من تشرين الثاني ( نوفمبر ) عام 1980 ، قررت أن أغادر العراق بجسدي ، لإحساسي التام بأنني لم أعد أطيق البقاء . فهذه الحرب الطاحنة التي تدور في داخل الأراضي الإيرانية لا أهضمها ولا أعي دوافعها وأسبابها . لماذا يعتدي العراقيون على جيرانهم المسلمين الآمنين . لماذا ينهبون حتى الأمتعة البسيطة ويعتدون على أعراض من يتاح لهم الإمساك بهن ، حتى العجائز . ودعوني أكون صريحا : صحيح أن صدام المقبور أو المتخفي الهارب هو الذي شن الحرب ، لكن الصحيح أيضا أن وقودها الناس والحجارة . من الذي سرق ونهب كل ما في مخازن ميناء المحمرة وبيوتها حتى أنابيب المياه وصورة الإمام علي عليه السلام . من الذي اعتدى على أعراض العربيات الآمنات اللواتي لا ناقة لهن في الحرب  ولا جمل ، وإن كانت بلادهن محتلة مرتين ، مرة من طهران ومرة من بغداد !
أحسست في بلدي المطحون بالطغيان والحرب وغلواء المشاعر العنصرية و أغاني ألف مبروك انتصرنا كبرت الفرحة وكبرنا الغجرية بالاختناق الشديد ، حتى سعد جدنا الذي رايته من عدنا لم يفلح في إقناعي بلاعبثية الحرب . كنت بحاجة إلى نسمة هواء نقية ولو في صحراء الزبير أو ( تخوم ) المطلاع ( وعذرا روح الصحاف أو ظلال عباءته النسائية المهفهفة لهذه الاستعارة ، فالكلمة الجذابة تؤخذ ولو من أفواه المجانين ! )

--------------------------------------------------------

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواهب غير مفيدة للمجتمع ???? مع بدر صالح


.. تونس : لماذا كل هذه الفيود على الحريات؟ • فرانس 24 / FRANCE




.. بعد حرب غزة.. هل ستفوز حماس إذا أجريت انتخابات؟ شاهد كيف رد


.. بسبب التصعيد الإسرائيلي في رفح.. تزايد حدة التوتر بين القاهر




.. أمير الكويت يصدر مرسوما أميريا بتشكيل الحكومة الجديدة | #راد