الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنرال محمد بن زايد

عمر يوسف

2020 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


يحكى في الأدب الإيراني أن جنرالا مهيبا سقط طريح الفراش إثر مرض ألم به. كان الجنرال طاغية جبارا حتى أن الطاقم الطبي كان يضحي بمن يريد التخلص منه ليقوم بفحصه، فإن غضب الجنرال من نتيجة طبية بحتة أمر بقطع رأس فاحصه. هكذا، خشيه الممرضون والأطباء حتى وهو طريح الفراش ولم يقتربوا منه. أراد طبيب التخلص من الطاغية، ولكن في القضاء على هذا القضاء على ذاك من خلال حرسه الذين يرابطون عند غرفة الجنرال. كيف العمل؟ عمد الطبيب إلى خطة ماكرة، فقد تعلم في الدفاع عن النفس أن قوة الخصم يمكن أن تستخدم سلاحا للقضاء عليه بيد الخصم نفسه.

قصد غرفة الجنرال يحمل صورة يعتلي فيها الجنرال فرسا شامخة ويمسك البندقية بيد واحدة. تجرأ فخاطب الجنرال، أيها الجنرال المهيب، أنت الفارس المقدام الذي لا يوقفه شيء. عظيم أنت تحمل السلاح بيد واحدة فترمي به ولا تخطئ الهدف. أنت رمز في عالم اختفت منه الرموز، استمع إلي وانفض عنك المرض، فليس المرض بجدير بك. أنت الشجاع المغوار، أنت الوحيد الذي أحترم بين الجنرالات. انفض عنك المرض وانهض، فما يليق بفارس الرقاد. علم بني قومك كم أنت شديد واقطع منهم لسان كل رعديد يريد بك سقوطا. أنت نهضة هذه الأمة فانهض بفكر جديد وعلمهم أصول الخروج عن المألوف.

استمر الطبيب يوسوس للجنرال الذي عرف بزهوه الشديد بنفسه، فما كان منه إلا أن اقتنع. فعلا، أنا رجل عظيم قل نظيري بين الرجال. هات بندقيتي وأسرج الفرس. خشي الحرس على صحة الجنرال لكنهم لم يتمكنوا من ردعه، كيف لا وهو الذي إن قال بقطع رأس تدحرج من فوره، كيف لا وهم الذين لجمهم الخوف ورضوا بالجبن منذ اعتلى سدة الحكم.

أسرجت الفرس وانتفض الجنرال محموما بلهيب الزهو يغالب لهيب الحمى، كابر على مرضه واعتلى الفرس. أمسك البندقية بيد وزها بنفسه للحظة. لم يغفل الطبيب، هكذا يا سيدي يكون الأبطال، هذه صورتك المحفورة في الأذهان، انطلق ودع الخيل تعدو فلا يعجزك المرض.

زها الجنرال بعد، وعدا بالفرس. لم يقطع أكثر من مائة متر حتى انقطع منه النفس وسقط صريعا. وهكذا قتله الطبيب، ليس بسلاح بل بأناه المنتفخة وزهوه المتضخم بنفسه.
***

حتى بداية التسعينات، كان محمد بن زايد عروبيا قوميا، وما زال مقطع مؤثرا حين بثته أبوظبي للقاء تم بعد عقود بين أم من مخيم صبرا وشاتيلا وطفلتها التي تفرقت عنها إبان المجزرة، فغشيتها الفرحة حتى لكأن المشاهد يشعر وكأنها دخلت في نوبة هستيرية. فما الذي اختلف؟

الوطن العربي مصاب بمرض مزمن يدعى التقسيم. بدأ من يدعي أنه طبيب يداوي يوسوس للفتى الذي كان غضا. أنت عظيم ويجب أن تنهض. استمرت الوسوسة ببرقيات أرسلها الجانب الإسرائيلي ولم يكن الجنرال يلقي لها بالا. لكنه ذات يوم وجد أن والده توفي، وأنه عظيم حقا، فأطلق لزهوه العنان. الإمارات دولة عظيمة يمكنها أن تقود الشرق الأوسط. يمكن أن تكون بعظمتنا (يعنون الكيان الصهيوني). فلتقد العالم العربي وسنكون داعمها الرئيسي. سنكون معا أكبر قوتين في المنطقة. وهكذا، استمرت الوسوسة معتمدة على زهو الجنرال واعتداده بنفسه، فاستدعى الحرس يسرجون الفرس واعتلاها ويوشك اليوم على قطع الأمتار المائة.

كيف تمكن من ادعى أنه طبيب مداو من الإمارات؟ بغرور الجنرال بالطبع. فمن ناحية، قال الطبيب المزيف أن البلاد عظيمة ويجب أن تسيطر على المنطقة، لتجد أن الإمارات لا الكيان الصهيوني أصبحت العدو الأول للعرب والمسلمين.

كلما استزادت، وسوس الطبيب المزيف أكثر، غير فكرهم أيها الجنرال، الإسلام وصمة تخلف فتخلص منه، توسع في رقعتك وسندعمك. بين هذا وذاك، يكاد العرب الذين لم يتفقوا في حياتهم على شيء يتفقون على بغض الإمارات واعتبارها العدو الأول في المنطقة العربية، وهكذا أصبحت الإمارات خط دفاع عن الكيان الصهيوني، وأصبحت تقع بدلا منه في مرمى الهدف.

غرر الطبيب المزيف ذاته بالجنرال ممعنا في التغرير من خلال مستشارين مقربين من الجنرال. كن مثلنا! قوة عظمى في الشرق الأوسط. ومع أن كليهما هش إلا أن الإسرائيلي أقنع الجنرال مستغلا زهوه، بأن يسير على خطاه. بدأ التوسع الإماراتي في المنطقة العربية على حساب حيوات أزهقت ومساكن دمرت وبلاد أهلكت، فاستشرى عداؤها بين أبناء الشعوب العربية.

بمشورة الطبيب المزيف ذاته، انقلبت الإمارات على كل ما اعتبر ثوابتا فيما مضى. أقنع الطبيب المزيف ذاته الجنرال أن رفض المحيط لتدبيره الحكيم الرشيد الإلهي هو غيرة وحسد، فركل الفرس تجري به. داس في طريقه على الإسلام وفلسطين واليمن وليبيا والسودان وسوريا والقائمة تطول.

بدأت الإمارات كما طبيبها المزيف تدفن على عمق سنتيمترات قليلة قطعا أثرية مسروقة من هنا وهناك لتدعي تاريخا مفبركا بالقوة، فأصبحت مثار السخرية والضحك من كل عربي.

بدأت كما طبيبها المزيف تستقطب مرتزقة تارة تتجسس وتارة أخرى تقتل بإمرة الدرهم والدينار، فاستعدت الإمارات على نفسها أبناء العرب قاطبة.

بدأت كما طبيبها المزيف تروج لعلوم تبرع بها والعلوم منها براء، فانطلقت للقمر والمريخ في نكتة سمجة زرعت على كوكبها الطماطم والخس، فأصبحت الإمارات تسلية من لا يجد تسلية، ولاكتها الألسن موضوعا للتندر حتى في نميمة نسوة الحي.

استنزفت مليارات إماراتية في حروب غرر بها الطبيب لتزج نفسها فيها. لم يقف الأمر هناك، فقد اعتبرت الإمارات بقيادة الجنرال مجرم حرب في أكثر من صراع، كما أن منظمات حقوق الإنسان تدينها كيفما تلفتت. بعد أن كان الإسرائيلي يتربع على عرش جرائم الحرب أصبح لديه من يقوم بدوره فيتفرغ لجرائم حرب وتزييف تاريخ وسواها ولا يلتفت لجرمها أحد بفضل الجنرال.

يقول المقربون منه أن النوم يجافيه فينام بعين مفتوحة ولا يستقر به المقام في مكان خشية يد الغدر الذي بات قاب قوسين منه أو أدنى. ليس يعلم المغبون أنه قاتل نفسه، بمشورة الطبيب المزيف ذاته الذي بات يسيطر على المنطقة العربية من وراء حجاب بينما تتلقى الإمارات الصدمات عنه من كل حدب وصوب.

شارفت الأمتار المائة على نهايتها، ولن يلبث أن يسقط الجنرال صريع زهوه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟