الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطابع الفاشي لنظام الإسلام السياسي في العراق-القسم الثاني

صوت الانتفاضة

2020 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


((يجب ان لا نعتقد ان ما يصح لإيطاليا يجب ان يكون صحيحا، يجب ان يلائم جميع البلدان الأخرى، فقد ترتدي الفاشية اشكالا متنوعة في بلدان مختلفة)) تولياتي.
حكم صدام حسين بأسم "الامة العربية" وقاد حربا ضد الإسلاميين في إيران، وأطلق عليه القوميون العرب بأنه حامي "البوابة الشرقية للوطن العربي"، ثم أطلق الصواريخ على إسرائيل فسمي ب "صلاح الدين العصر"، لقد شكل نظام حكمه فاشية عسكرية ودكتاتورية قل مثيلها، لكن وكما يقال فأن الأنظمة الفاشية المستبدة لا تسقطها الا فاشية أكبر منها، فتحركت الالة العسكرية العملاقة لأكبر نظام فاشي في العالم "الولايات المتحدة الامريكية" لتحتل العراق 2003، ولتزيح وتسقط نظام صدام ودولته، وتحل جيشه ومؤسساته الامنية، وتحاكم وتشنق وتسجن كل رموزه وشخصياته امام العالم، ثم لتبدأ بصنع فاشية أخرى، بمقاسات دينية "إسلامية"، فجمعت الالة العسكرية الامريكية مجموعة ((متشردون وجنود مسرحون وزبائن سجون مطلقو السراح وهاربون من الاشغال الشاقة ونصابون ومشعوذون ومتسكعون ونشالون ومحتالون ومقامرون وقوادون وأصحاب مواخير))ماركس. لا يملكون اية قيم او اخلاق، سماسرة ومنزوعي الضمير وتافهون، الخسة والجبن والدناءة والغدر هي صفاتهم، ولائهم الابدي لمصالحهم ولا غير ذلك، لقد تعب الامريكان حتى جمعوا هذا الخليط من القاذورات، ليؤسسوا به نظام حكم فاشي اخر، انهم انعكاس واضح وقوي وحقيقي جدا للسلطة في أمريكا، في زمن هذه الشرذمة ((بدا ان الدولة قد عادت الى أقدم اشكالها فحسب- الى السيطرة البدائية العديمة الحياء- سيطرة السيف والقلنسوة الكهنوتية)) ماركس، وقد شكلت حقبتهم أسوأ ما مر به العراق، او كما يقول ماركس بحق ((لو ان حقبة من التاريخ طليت بلون رمادي على رمادي لكانت هي هذه الحقبة بالضبط)).
بدت أوجه التقارب واضحة بين الفاشية كنظام سياسي يميني متطرف وبين سلطة قوى الإسلام السياسي في العراق، فقد غرسوا شعاراتهم في المجتمع بشكل جديد، بدل "الامة" أصبحت "الطائفة"، وبدل الحرب الخارجية "مع إيران او إسرائيل" تحولت الحرب الى الداخل "اقتتال طائفي، وقومي في بعض الاحيان"، وبدل رمز "القائد الضرورة" أصبح الرمز "السيد القائد" او "المرجع الأعلى"، وبدل "الزيتوني والسفاري والبسطال الأحمر" استبدل "بالعمامة –السوداء والبيضاء والخاتم والمسبحة"، وبدل أيام "الزحف والنخوة والقدس" استبدلت بإيام "الغديرية والشعبانية والاربعينية"، وبدل "الجيش الشعبي" صار "الحشد الشعبي"، وبدل كلمة "سيدي،" صارت كلمة "مولاي" زيادة في العبودية، وبدل "رفيق فلان" صارت "سيد فلان او شيخ فلان"، وبدل دكتاتور واحد "القائد العام للقوات المسلحة" اصبح لدينا مجموعة من قادة الميليشيات والعصابات، وبدل الجيش الواحد، صارت جيوش كثيرة؛ تم استبدال كل شيء تقريبا، شكليا فقط، لم يتغير المحتوى او المضمون، لقد سيطروا بشكل تام على الجماهير، وكأن الامريكان يتكلمون بلسان حال هتلر عندما قال ((ان مهمتنا هي ان نقدم للديكتاتور، عندما يحضر، شعبا ناضجا على مستواه)) فهم جاءوا بهذه الزمرة التي غيبت كل الوعي، واوصلت الجماهير الى المستوى التي تطمح له.
الان لنقارب بشكل أكثر وضوحا بين الفاشية والإسلام السياسي في العراق، مستعينين بذلك بمقالة نيقوس بولنزاس "الفاشية والبورجوازية الصغيرة"، لكن ليس بشكل تام او "توأمة" حرفيه:
((طابع معادي للرأسمالية "إعلانات ضد "الغنى الفاحش")). قوى الإسلام السياسي برجال الدين والخطباء تنادي برفض "الثراء الفاحش"، لكن السرقة والنهب هما العنوانان الرئيسيان لحكمهم.
((للأيديولوجيا الفاشية طابع تأليه الدولة، كما انها تعطي أهمية لتمجيد هذه الدولة التي "لا يساوي الفرد خارجها شيئا")) الحكم إسلامي في العراق منذ 2003، وطائفة واحدة احتكرت الحكم، وبدأت بتأليه "دولتها"-مع ان الأفضل قول "تأليه سلطتها" بسبب عدم وضوح قضية "الدولة" في العراق ما بعد 2003-، وعُرّف الانسان داخلها بحسب انتمائه للطائفة هذه او تلك، والتي لا يساوي الفرد خارج "طائفته" شيئا.
((في الأيديولوجيا الفاشية طابع معاداة التشريع، فالقانون والقاعدة هما قيادة الزعيم)) دستور 2005 الذي شُرع هو شكلي محض، ولا أحد يحتكم له رغم رجعيته وتخلفه، فالقوانين تصدر عن قادة الميليشيات والمراجع الدينية، وهو يوضح التدخل الكثيف لسلطتهم، حتى تبقى الجماهير رهينة اراءهم "قوانينهم وقراراتهم"، بالتالي فأن هذه الجماهير تنظر الى هؤلاء القادة والمراجع على أساس انهم المشرعين من باب "الشرف" و "الواجب" الملقى عليهم.
((الطابع العنصري)) وتم استبدالها ب " الطائفي" بشكل عام، وقد تم ترسيخ هذا الفهم على مدار 17 سنة من حكم الإسلاميين، حتى يولد عداء ليس للرأسمالية كنظام، انما ان هذه الطائفة او تلك هي السبب في المشاكل التي نحن فيها، وهو ما ساعد الفاشية الإسلامية على البقاء أطول فترة ممكنه في السلطة.
((الطابع الظلامي والمعادي للثقافة)) وهذه النقطة قد تكون العلامة المميزة لنظام الإسلام السياسي في العراق، فاستحداث نظام ثقافي يلائم ما تطمح له هذه القوى، هو الأساس الذي عمل عليه الإسلاميون، فكان نظام ثقافي تجهيلي وعدواني بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، خلقوا "فنا وادبا" غارقا في الرجعية والظلامية، يمجد الطائفة ورموزها، ويستذكر "بطولات" ملوك الطوائف.
هذه بعض النقاط عن الفاشية والتي وجدنا انها تلتقي مع تفكير "فاشيو" زمرة الإسلام السياسي في العراق، الى جانب ذلك هناك " الذكورية الفجة ومعاداة الحركات النسوية" وهي سياسة واضحة دأبت عليها هذه القوى، خصوصا بعد الخروج اللافت للنساء في انتفاضة أكتوبر 2019، وقيام هذه القوى وعصاباتها بحملة خطف وقتل للنساء، غير سن القوانين المناهضة لهن "القانون الجعفري".
ان انتفاضة أكتوبر 2019 كانت قد عرت هذه السلطة، وكشفت فاشيتها بشكل تام، فقد قتلت وخطفت وعذبت وهددت وارهبت الشبيبة، ولا زالت، بكل قوة، مستخدمة القوات الحكومية تارة، والميليشيات والعصابات تارة أخرى، وهم سيان، فلا فرق بينهما "جيش، ميليشيا، عصابة"، وقد أوضحت هذه الانتفاضة أيضا ضعف هذه السلطة وخوائها، لأنها استخدمت القوة المفرطة امام تظاهرات سلمية، وهو ما دل على ركاكة هذه السلطة الفاشية، وهي كما يقول تروتسكي بشكل رائع ((لا تقدر البورجوازية على الاحتفاظ بالسلطة بوسائل وطرق الدولة البرلمانية التي خلقتها، فهي محتاجة الى الفاشية كسلاح للدفاع -–الذاتي، على الاقل في اللحظات العصيبة)).
((في الختام، يجب ان لا يظن المرء ان الجماهير- وقد احكم الفاشيون تنميطها وتنظيمها وتأثرها بهم- ستتحرك في يوم مشرق مبتعدة عن الفاشية بصورة عفوية وكأنه امر بديهي، لتنتقل الى جانبنا، الى جانب الثورة البروليتارية. بل يجب ان نبحث عن هذه الجماهير ونقوم – بتنظيم- انتقالها الى جانبنا)) بالميرو تولياتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في