الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجربة يحيى السماوي من منظار آخر , قراءة في كتاب (مرافئُ فِي ذاكرةِ يحيى السماوي)

علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)

2020 / 8 / 5
الادب والفن


حين قرأت كتاب (مرافئُ فِي ذاكرةِ يحيى السماوي) للأستاذ لطيف عبد سالم وجدت بين السطور وفي ثنايا الأفكار كاتبا يمتلك ملكة اللغة الكتابية بوضوح , حيث تبدو شخصية الكاتب واضحة إلى حد تشعر أنه يحدثك مباشرة ويتوجه إليك بكلامه وجها لوجه ثم أنك تجد لغة لا شيَّة فيها , لغة تأخذك في رحاب التصورات الخاصة للكاتب بخصوص موضوعه , ثم أن الكاتب لا يعدم أسلوبا يميزه عن غيره وهنا لا بدّ من القول أن كاتبنا يكتب بأسلوبه هو ؛ أسلوبه الخاص , تراه معتدا بنفسه غير معني بالضوابط الأكاديمية وكأنه يريد أن يخبر قارئه أن النص المكتوب الجدير بالصدق الكتابي ـ إن صح التعبير ـ هو ذلك الذي يكون ابن لحظته ووليد ظرفه غير آبه إلا إلى ظرفه الخاص ومنطقه الداخلي , وحسب الأستاذ لطيف أن هذا الاتجاه يعد اليوم من أبرز ما يميز الكتابة الحديثة , فالنص اليوم ما عاد خاضعا لسلطة القوانين وليس هناك من يمكن أن يملي عليه قوانينه وما كتابات المفكرين والنقاد من أساطين الفكر ما بعد الحداثي إلا دليل على ما نقول فلو أنك تصفحت أيّا من كتابات دريدا أو بارت أو بول دي مان لوجدت أن هؤلاء يكتبون بفهم خاص ورؤى خاصة تجعل من نصوصهم تتأبى الانصياع لأي منطق سوى منطق القراء المتجددة .
ومن هنا فإن على قارئ (مرافئ السماوي) أن لا يستحضر مسطرته النقدية ولا يهيئ عدسته الفاحصة بحثا عن منهجية نقدية أو ضوابط متعارفة عليها عند النقاد فالرجل منذ البدء يخبرنا بأنّه يكتب أفكاره هو , يدون ما وجده في عالم السماوي , ويسطر ما التقطه قلمه من ذلك الضنك العراقي الذي ترجمه يحيى السماوي في مسيرته الشعرية , وعليه يمكن أنْ نعدّ كتاب الأستاذ لطيف خروجا عن سلطة النقد وعرفياته التقليدية إن حوكم وفق هذه النظرة .
ويمكن القول ـ أيضا ـ أن الصدق والموضوعية الذاتيين أهم ما يمتاز به الكتاب فقد سعى كاتبنا بجهد لا يخفى على القارئ الفطن إلى معالجة موضوعه من خلال الاقتراب من عالم السماوي والنظر إليه عن كثب ليراقب ويقرأ ويحلل ويستنتج ويوثق تفاصيل حياته الشخصية والأدبية بطريقة ذاتية إلى درجة أننا قد لا نجد بين ما كتب عن السماوي من مقالات وبحوث ما يماثل ما كتبه الأستاذ لطيف وفق المنحى الذي سلكه وهذا وحده يكفي أن يكون الكتاب مرجعا في موضوعه , إذ تتبع الكاتب حياة السماوي بطريقة المحلل الذي يتنقل بين النوازع النفسية للأديب والمثرات الاجتماعية التي أثرت في تكوينه الإبداعي بطريقة ماهرة حتى ليظن القارئ أن كاتبنا يعرف كل شيء عن شخصية السماوي وبيئته .
ومرافئ في ذاكرة السياب كتاب صيغ على أساس المقالات ينقلك كاتبه بسلاسة بين مرافئ السماوي بدءا من مدينة السماوة حيث نخلها الذي خلد أغنية (نخل السماوة) وخلدته ومرورا بشطها الأخاذ الساحر وانتهاء بشاعرنا يحيى السماوي سليل ذلك النخل الذي امتشق قلمه الشعري ليعيد رسم صورة مدينته بما يتلاءم وثقافته الشعرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟