الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الزمن العراقي الردئ قادة التخلف يتحكمون؟

طلال شاكر

2006 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


التزلف والرياء والمداهنة... صارت بأمتيازجزء من المسار السياسي العراقي المتهاوي حيث تكاثر القادة السياسيون،والمحللون والمختصون والاعلاميون والشيوخ والملالي وايات الله وحججه فملئوا كل زاوية ومنعطف وسكة حتى ضاقت بهم السبل والشعاب وغدت الدولة ومؤسساتها مرتعاً خصباً لذوي الافق الضيق والمتخلفين عن الركب الحضاري ولطلاب السلطة والنفوذ والجاه والطائفة والعشيرة فاختلط الحابل بالنابل وبحزن اقول ان السلطة الجديدة لم تعد قادرة على تقديم وعد واقعي يتخطى مسلك الحكومات السابقة واخفاقاتها المنهجية في معلجة التحديات المؤجلة وبالذات الارهاب وتداعياته المدمرة وبأمكان المواطن المغلوب أن يقرأ ابرز العناوين ليدرك كل التفاصيل؟. ومثالاً لاحصرا نأخذ البرلمان العراقي الجديد الذي هو( عنوان لكلمة الشعب عبر ممثليه)، سوف يفزعك الموقف ويطيح بامالك حينما ترى تلك الالوان والاصناف من السياسين الذين يمثلون كتلهم المختلفة، وهم يتواجهون كأنداد خارج سياق الاختلاف والاجتهاد والديمقراطية، وهم يقتسمون اسلاب وطن مغدور يتصارعون على تركته التي لم يتفقوا على مقدارالحصص التي ياخذونها كغنائم لاقتسامها دون تساهل أو تفريط، وما ان يبدأوا بخطبهم
البرلمانية المترعة بالتمترس الطائفي والاثني، حتى تجد نفسك غريباً، وكأنك في بلد فارقتك به كل صلة وانتماء، حيث تستشكل عليك حل طلاسم رطانته، فالملاسنة السياسية، والتموضع،والبرغماتية والمزايدات تستنفذ اخر امالك واحلامك الجميلة وانت تصغي الى جدال مرهق ومناكدات مملة وتربص محسوب، انها صورة بلا ملامح لبلد منقسم قسراً وليس متعدداً ديمقراطياً برغبة اهله وأرادتهم، لكنه يقاوم احتضاره وموته على يد ابنائه الضالين، انها الصورة النقيضة والمفترضة للدكتاتورية، لكنها الصورة اللاديمقراطية، انها ديمقراطية الغلو، وديمقراطية الطائفة وديمقراطية الاثنية التي تتعامل مع قيم الديمقراطية وتستغلها لنشر مفاهيم التعصب والانغلاق بغلاف ديمقراطي مزعوم، بدلاً عن قيمها الحضارية والانسانية، ناهيك عن قتامة المواقف التي تثقل وتعرقل اعمال واهداف البرلمان، من قبل كثرة من البرلمانيين الذي يتكلمون بلسانين وبوجهين،وبخاصة اولئك الذي ن يتحدثون عن (المقاومة) والاحتلال بدون انسجام سياسي يستجيب لواقع الحال وضروراته، فعندما يتحدثون عن الارهاب لاتلمس مصداقية في موقفهم منه، وفي ذات الوقت لايقدمون تفسيراً موضوعياً عن مشاركة القوات الامريكية والعراقية في خطة امن بغداد الذي تستهدف القضاء على الارهابين وركائزهم، في حين يجري شتم هذه القوات المحتلة ليلا ونهارا، طبعاً هذه ازدواجية المنافقين والمداهنين وليست رسالة سياسيين صادقين يقدرون شرف المسؤولية وأمانتها، ومن هذه الالوان والاصناف تضيق مقاعد البرلمان وتفيض...طبعاً لايخلو البرلمان من النجباء والاحرارالذين يكافحون بكل مصداقية وشجاعة في ثنايا زمن صعب وظروف مريرة...



ولايبدو الوضع خارج البرلمان الجديد مغايراً، فالتصريحات، والتهديدات، والتنظيرات (حمل وشيل) فلاتخلو فضائية عراقية وعربية من لقاء او حوار او اتجاه معاكس... وهذا لايعني ابداً خلو الحالة من اتجاهات ايجابية تحمل قيمة الاحساس بالمسؤولية والمواطنة وشرف الغاية من قبل عراقيين احرار. في الحالة الراهنة قد نتحمل الى حد بعيد بعض التنظيرات والاراء والشتائم (ونفوتها) عندما تصدر من ناس على قدر حالهم وهم في كل الاحوال لايقدمون ولايؤخرون، ولكن الامر يأخذ أبعادا خطيرة قد تقلب الوضع على راسه عندما يكون صاحبها قائداً للمقاومة، اويأخذ اوامره من السماء، او يكو َن آية اوحجة او هو سليل عائلة مقدسة، اويمثل هذه الطائفة اوتلك القومية اوشيخ عشيرةكبيرة ، اوقائداً لجيش سماوي.. وتكتمل صورة المشهد العراقي بقوافل خطباء الجمعة الذين يتدخلون حتى في خصائص الالكترونات والجينات والبورصة،انها الصورة الملتبسة للواقع العراقي ومخاضه العسير بكل تناقضاته. فمثالاً لاحصراً يتصدر السيد مقتدى الصدر قائمة المنظرين، بفتاويه وتصريحاته وتوجيهاته المثيرة والاستفزازية،رغم انني من الذين لايجدون في تصريحاته مايغاير طبيعة الرجل وثقافته وتكوينه وطباعه ورسالته.¨

بيد انني اغوص في اعماق حزني ومرارتي على وطن هولاء رجاله وهولاء قادته يتقاذفون مصيره بلا حرص وبلامسؤولية، بعد ان قدم اغلى واعز التضحيات ومايزال من اجل كرامته وانعتاقه من نير الدكتاتورية وظلمها وغطرستها، ليبتلي بمتغطرسين وظلمة وارهابين، وظلاميين جدد يستعلون عليه
من موقع متعسف ورؤية شمولية مموهةبمنطوق ديني وخطاب استعبادي مذل،والناس تتصاغروتلوذ بالصمت تجنباً لبطش الجبارين الجدد، وكم من فرسان الحرية الشجعان دفعوا حياتهم ثمناً لكلمة حرة في وطن ظنوه قد تحررمن الظالمين،ليفاجئوا بقتلة تفزعهم الكلمة الحرة والموقف الشريف . من هذا المنطلق


اقول ان اصغر الدكتاتوريين واحطهم سوف يكبرويستبد عندما يتراخى الموقف الحرازاءه، وعندما تصدح كلمات النفاق والتزلف والرياء مدحاً وردحاً لشخصه، عندها والعياذ بالله يصبح الملا اية الله وحجة الله، والارهابي قائداً وطنياً والطائفي يتكلم بأسم العراقيين . لاادري كيف نتستأمن مستقبل البلاد والعباد ولانخاف عليها وزعيم تيارسياسي أوشعبي كماشئت سمه وقدمه، واسع التاثير والانتشاركمقتدى الصدر يستخف بكرة القدم وبلاعبيها ومحبيها الى حد تحريمها، وهي اللعبة ألسامية التي صارت جزءً من تراث الشعوب وقيمها وتقاليدها وثقافتتها الابداعية لاسيما ونحن في خضم انطلاقة بطولة العالم لكرة القدم التي تجري في المانيا وكما نرى ذلك الجهد والنشاط التي تقوم به الحكومات والشعوب ووسائل الاعلام من اجل استقبال هذا المهرجان الانساني الثقافي الذي ينشر ثقافة المحبة والسلام بين مختلف الامم .ان كرة القدم رسالة تحضر واحد اساليب الرقي بالنفس والبلد الذي لايملك فريق وطني لكرة القدم يفتقد الى هذه الرسالة النبيلة، ولك ان تتصورعزيزي القارئ اي بلاء سينزل على العراقيين اذا تولى تيارمقتدى الصدر المسؤوليات الرئيسية في ادارة الدولة، فالى اي مصير اسود سيؤول اليه البلد ، وماهي قائمة الالعاب والمنشئات الثقافية والابداعية التي سينحرها..؟
بكل أسف أقول نحن نواجه نوازع الاستبداد وكره التمدن والانفتاح الانساني التي تستحوذ على رؤى بعض القادة الجدد التي رفعتهم الاقدارالمرة وفساد السياسة الى هذا المصاف الذي به يتحكمون بمصير العراق، لكن الغريب والمحزن هي تلك المعاملة الخاصة التي يحظى بها هولاء المتجبرون من الصحافة
والسياسيين والدول بوصفهم شخصيات مؤثرة ، وفي ذات الوقت يجري التغاضي عن انتهاكاتهم
وعن فسادهم وخروجهم عن مبادئ العرف الانساني والقانوني، الذي لايحترمونه ولايعترفون به، في حين تفتقد البلاد الى مرجعية سياسية وطنية تستطيع حماية الحقوق الوطنية للعراقيين من شرور هولاء وميليشياتهم المنفلتة وافكارهم الغبية، ولاادري أين هو دور وموقف المثقفين والمتنورين من تيار مقتدى الصدر وهم يرون تنظيرات قائدهم المفجعة تتواتر بلاروية وحسن تقدير.........
فهل ياترى الصدريون؟ يعدون أنفسهم لخلق دكتاتورجديد يستعبدهم ويذل العباد..، من خلال تمجيده وتمجيد ترهاته ورفع صوره في كل موقع وزمان وجعله حجة الاسلام والمسلمين ليقدس الله سره..؟ كيف سيميزون انفسهم عن اولئك الذي ظلموا شعبنا ولماذا يصرون على رفع مقتدى الصدر وتنظيراته الى مكان يزيده غلواً وعسفاً، ليس لي عتب على الرجل فهذا هو ديدنه .... وهومجبول على رؤية المدنية ومظاهرها معادية للدين وابتعاداً عنه. أن مجرد ان يطلق مسؤول اوقائد سياسي تصريحات غير متوازنة
تخص حياة الناس واختياراتهم وخصوصياتهم ويحددبها طريقة تفكيرهم وتفصيل نمط عيشهم وحياتهم ارتكازاعلى الدين وانطلاقاً منه، سوف يحيل حياة الناس الى جحيم وقلق وخوف ،في وقت يحتاجون فيه الى الامان والكلمة الطيبة من القادة والمسؤولين. أن بقاء عصرالنهي وفتاوي التخلف والموت والارهاب، سيعني التراجع والبقاء في اعماق الظلام والانحطاط ولاامل في دولة عصرية و مجتمع مدني حر في ظل هذه الاوضاع المشينة.
لكني في الحالة هذه اوجه نقدي وادانتي الى أصحاب الامر والنهي والذين هم في موقع القرار السياسي الذين لايقدرون عظم مسؤوليتهم عندما يساهمون بصناعة المستبدين وحمايتهم وعندما يغضون الطرف عن انتهاكاتهم وظلمهم،كما احمل تلك الثقافة المتهاوية بمثقفيها التي تستعذب خلق المارقين والمتجبرين وتمحض الى نشوئهم وامتدادهم لغايات سياسة ضيقة، برغماتية ومتهافته في وسائلها واهدافها، ولعل مثل الحكومة السابقة دليلاً على سوء تلك الصناعة، وترويجها على يد من اوكلنا لهم امرنا مجبورين،اني اقر
بالحاجة ألسياسية للكتل والاحزاب والشخصيات الى المناورة والتنازلات والى المهادنة احياناً، ولكن ليس على حساب شعب وعلى حساب قيم ، وعلى حساب وطن وحساب شعب مجروح..
أن أية تنظيرات وأجراءات ومواقف تناهض المشروع الوطني التحديثي بأسسه المدنية والحضارية من قبل اي قائد سياسي، مهما كان لونه وانتمائه، لاتلق الرد والموقف الحازم من الراي العراقي الحر، سيكون سكوتاً مهيناً كسكوت العبيد والمستذلين، وسيغدو اشد خطراً من التنظيرات العلنية لقادة التخلف والاستبداد. ومن هذا المنطلق تقف امام وطننا وشعبنا العراقي مهمة التخلص والانفكاك من ارث وثقافة زعيم وقضية بمعناها الاستبدادي التي استغرقتنا واستعبد تنا قروناً، والتي استولدت قادة متعسفين اهانوا البشر وحطموا البلاد، ومثال المتجبر صدام مازال مائلاً بكل سوءه. ان بناء ثقافة وتقاليد جديدة قائمة على وعي يرفض الظلم ويرفض عبادة الزعيم الملهم المقدس الذي يملي علينا نوازع استبداده وعسفه، ثقافة معززة بأرادة حرة تتصدى للارهاب الفكري والسياسي والاجتماعي اياً كان مصدره وانتمائه ولونه ورجاله، ستكون مهمة المهمات بوصفها غاية وطنية نبيلة تستحق الكفاح والتضحية، واذا ما تركنا الامر لثقافة التوحش والافتراس لتكبر وتنتشر فذلك سيكون بلاشك صدى موحش لصوت ثقافة تدعو وتسعى الى تشييع وطنناً الى مثواه الاخير....
وفي الختام اقول ،مع كل ذلك السوء وحلكة المحنة التي نعيشها، فما زال الامل ندياً بين اضلعي، و مازالت ثقتي كبيرة بتلك القوى العراقية الحية التي مافتأت تغالب النكوص وتتحدى الطوفان الظلامي والارهابي الذي يجتاح بلدنا بهمة الشجعان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب