الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كارثة بيروت بين الهجمة على حزب الله والحقائق

علاء الدين الظاهر
استاذ رياضيات

(Alaaddin Al-dhahir)

2020 / 8 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تابعت منذ اللحظات الاولى الانفجار المدمر الذي حل ببيروت على المحطات الغربية والاسئلة كثيرة تدور في رأسي عن من وراء هذا الحادث الاجرامي. ما ان تحولت الى القنوات العربية حتى وجدت اصابع الاتهام توجه الى حزب الله كونه قد خزّن عتادا ومتفجرات في مرفأ بيروت ولا تزال هذه الاتهامات توجه اليه بصيغة او اخرى. بالمقابل قامت القنوات المؤيدة لحزب الله بإتهام اسرائيل ومنها كان اتهاما من مراسل العراقية في بيروت الذي ادعى ان لأسرائيل بلا شك يد في التفجير. لم اصدق هذه الادعاءات في كلا الحالتين.
اسرائيل تحسب حسابا لأي عملية وانفجار بمثل هذا الدمار الهائل كان يعني ردا عنيفا من حزب الله وعقوبات غربية قاسية. قبل اسبوع قتلت اسرائيل في سوريا احد كوادر حزب الله المتقدمين لكنها ارسلت رسالة الى حزب الله عن طريق دبلوماسيين غربيين تقول فيها بأنها لم تكن تعرف بوجود هذا الشخص في الموقع الذي قصفته. استنفرت اسرائيل قواتها في المناطق الحدودية مع لبنان واجبرت سكانها بدخول الملاجئ تحسبا لرد حزب الله. بالمقابل لم اجد سببا يدعو حزب الله الى تخزين سلاحه في مكان مفتوح مثل مرفأ بيروت وله ألف مخبأ في جنوب وشرق لبنان.
لم تمض فترة قصيرة حتى نفى المراسلون الغربيون اي علاقة لحزب الله بالتفجير واسرائيل هي الاخرى نفت اي صلة لها به وقال وزير خارجيتها بأن الامر حادث ليس إلا. تبين ان 2750 طن من نيترات الامونيا قد تم انزالها من سفينة روسية كانت تحمل هذه المواد متجهة الى موزمبيق وإن سبب ايقاف هذه السفينة في نهاية عام 2013 في مرفأ بيروت بأمر قضائي يعود لمخالفتها نظام الملاحة البحرية. تم خزن نيترات الامونيا هذه في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت. ما ان توقفت السفينة في المرفأ حتى غادرها قبطانها وملاحيها بسبب الجوع وعدم دفع رواتبهم. دائرة الكمارك اللبنانية ارسلت عدة كتب رسمية تطلب من وزارة العدلية تحذر فيها من خزن هذه المواد الخطرة التي قد تستعمل في المتفجرات ولكن الهدف الاصلي من استخدامها هو في الاسمدة الزراعية. هناك رسالة مماثلة من مدير مرفأ بيروت الى احد القضاة. العدلية اللبنانية قالت ان الموضوع يعود لوزارة المواصلات وضاع الامر في بيروقراطية قاتلة واللامبالاة المعهودة في الدول العربية عموما ولبنان على وجه الخصوص. لا علاقة لحزب الله بهذا لا من قريب او بعيد ولو اراد لما تركها في الميناء واستولى عليها بطريقة او اخرى دون ان ينتظر اكثر من ستة سنوات ونصف. اي تحقيق دولي لن يجد نتيجة اكثر من هذه. في كارثة مثل هذه يجب ان نتعلم من الاخطاء وأن لا نلجأ لإستغلالها ضد الخصم لأن هذا وهذا وحده يؤدي الى تعمية الحقائق وإضاعة الفرصة من تعلم الدروس. اقول هذا رغم اني ادرك ان تعمية الحقائق ستستمر من قبل نفس الاطراف لخمسين عام قادمة.
اعدت مشاهدة فيديو الانفجار لما لا يقل عن اربعين مرة. كان هناك حريق لم يتحدد سببه لكن ليس من المستبعد ان يكون شخصا ما قد رمى بسيجارة في جو حار او يكون هناك تماس كهربائي في مبان قديمة لم يتم صيانتها منذ سنوات. بعد الحريق لاحظت على مناطق قريبة من الارض شرارات متعددة ثم تبعها الانفجار المدوي الذي (هو بعُشر قنبلة هيروشيما) وقد تم حساب سرعة ما يعرف بموجات الصدمة الى مكان التصوير بأنها لا تقل عن 1364 كيلومتر في الساعة. سبب الشرارات قد يكون كما جاء في التقارير الاولية هو وجود مخزن للالعاب النارية لكني ارجّح تماسا متعددا بين الاسلاك الكهربائية التي تعرّت بسبب الحريق. ووفقا للخبراء فإن حرارة عالية وشرارات مثل هذه هي التي ادت الى قدح نيترات الالمونيوم وإن سايلو القمح حال دون دمار اكبر وعدد اعلى من القتلى لأن السايلو تلقى الصدمة الاولى.
هل هناك اهمال؟ نعم وهذا الاهمال جنائي واجرامي. لكن من هو المسؤول ومن يتحمل المسؤولية؟ ان من الجبن بمكانة الالقاء باللوم على موظفين صغار وترك المسؤولين الكبار في وزارتي العدل والمواصلات دون محاسبة. يجب ايضا محاسبة كل الوزراء الذين تبوأو هاتين الوزارتين منذ نهاية 2013 وحتى اليوم وبالادلة ويجب مساءلة رؤوساء وزارة هم نجيب ميقاتي وتمام سلام وسعد الحريري ورئيس الوزراء الحالي.
هل هناك فساد مالي ورشوات؟ نعم لكن حزب الله ليس طرفا فيه ومن يريد ان يوجه هذه التهم يجب ان يوجهها للفاسدين الحقيقيين مثل الذين سرقوا مليارات الدولارات التي منحت لإعادة اعمار لبنان بعد حرب 2006 بينما دفع حزب الله التعويضات للمتضررين بعد ايام من توقف الحرب بآلاف الدولارات والتي حصل عليها بلا شك من ايران. كل من لا يضع الساسة الموارنة والسنّة الموالين للسعودية واميركا واسرائيل في قفص اتهام الفساد يجب ان لا يتحدث عن الفساد ابدا. الفساد موجود في لبنان منذ استقلاله ووجوهه معروفة.
بدلا من توزيع الاتهامات الكاذبة، امام لبنان مشاكل مستعصية سيواجهها ايا كان في الحكم. الدول العربية النفطية في وضع مالي سيئ بسبب انهيار اسعار النفط. اقتصادات الدول الغربية في حالة لا تحسد عليها مما يعني ان المساعدات المالية التي ستتوفر لإعادة بناء بيروت ستكون محدودة. وفي كل الاحوال يجب ان لا تمنح للساسة لأن مصيرها سيكون في بنوك سويسرا. هذه المساعدات المالية يجب ان ترتبط بإصلاحات سياسية ومالية واقتصادية تحقق طموحات الشعب اللبناني بكل فئاته وأن تذهب الاموال مباشرة للمتضررين لإعادة بناء مساكنهم ومحلاتهم.
سيكون من البلاهة بمكان بالاعتقاد بأن مرفأ طرابلس سيعوض عن مرفأ بيروت اثناء عملية اعادة بناء الاخير او اعادة بناء بيروت. توفير الغذاء والتجارة ايضا ضروري وهذا يعني اولا ان يتم توسيع موانئ طرابلس وصيدا وصور رغم المحاذير من اعتراضات اسرائيل على توسيع الموانئ الجنوبية. هذه خيارات استراتيجية لا بد منها. في هذه الاثناء ليس هناك مفر من فتح الطرق البرية مع سوريا لتوفير معدات ومواد البناء فضلا عن الغذاء. لا معنى لإستمرار الحرب في سوريا فقد انتصر النظام ويجب التركيز الآن على حل سياسي في سوريا. إن انفجار بيروت يدعو الدول العربية الى التخلي عن هذه الصراعات المدمرة التي لم تجلب خيرا لأحد وتسدل الستار نهائيا عليها وتنهي هذه الحقبة الاشد ظلاما في منطقتنا وتتوجه نحو دعم حل عادل للقضية الفلسطينية في ظل الاستهتار والتعنت الاسرائيلي ـ الاميركي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوكرانيا تطالب بعضوية الناتو.. كيف سترد روسيا؟ | #الظهيرة


.. شبكات | المعارضة تتقدم نحو ريف حماة وعودة للحديث عن اتفاق أس




.. شبكات | ترمب: أطلقوا الرهائن الآن وإلا فانتظروا -الجحيم- في


.. شبكات | -فرسان الأقصى- لعبة تحاربها إسرائيل وحظرتها بريطانيا




.. القسام: كمين مركب ضد جنود وآليات الاحتلال بحي الجنينة شرق رف