الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وزير الدفاع العراقي يعلن الحرب على الشيوعية

سعد الشديدي

2006 / 6 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


أغلب الظنّ ان سعادة وزير الدفاع العراقي الجديد السيد عبد القادر محمد جاسم قد خرج لتوّه من فيلم جيراسيك بارك, الذي يتحدث عن اعادة إحياء مجموعة من المنقرضات عن طريق تقنية الأستنساخ الحديثة. أو هو ربما احد اولئك الفتية الذين ضرب الله على "آذانهم في الكهف سنينَ عددا". خرج من كهفه ولم يعرف بعد ان الدنيا قد تغيرت وان الحال قد آل الى غير ما كان عليه. لذلك فقد ابتدأ نشاطه كوزير للدفاع في حكومة المالكي, عند لقائهِ الأول بالعاملين في وزارته, بالتصريح عن عزمه على محاربة الشيوعية. وما كان احدٌ ليستغرب هذا التصريح لو جاء في فترة الحرب الباردة ابان اشتداد الصراع بين معسكري الليبرالية والشيوعية. ولكان ذلك منطقياً ولما احتاج احدٌ ان ينكر على السيد الوزير ما قال. فقد كان من الطبيعي ان يعلن وزير دفاع دولة حليفة للولايات المتحدة, ولو على سبيل التملق والتذللّ, عن مقتهِ للشيوعية واصراره على محاربتها بكل الوسائل والسبل. ذلك ان الشيوعية كانت, آنذاك, العدو الأول لأمريكا زعيمة العالم الحر. وكان الأشتراك في سيرك محاربتها هو السبيل الوحيد لحيازة رضى العم سام والجلوس في السلطة لأطول فترة ممكنة.
ولكن الغريب في الأمر, واعتذر للقارئ عن افراطي في استعمال هذه الجملة في مقالاتي الأخيرة لأن العراق اصبح يعج بالغرائب التي ما كانت لتخطر على بال ولا على خاطر حتى في اكثر الكوابيس إيلاماً... الغريب ان السيد وزير دفاعنا لم يتناهَ الى علمه بعد ان الحرب ضد الشيوعية قد انتهت منذ زمن. وان الأتحاد السوفيتي الذي درس هو شخصياً في احد معاهده العسكرية قد انهارَ. في حين أصبحت المنظومة الأشتراكية في خبر كان, ولم يبق منها سوى العجوز كاسترو الذي تحوّلَ اخيراً من ثوري محترف الى مدمن على الكحول وتاجر مخدرات. والأغرب من كل ذلك ان السيد الوزير لم يسمع حتى هذه اللحظة ان الحرب التي تدور رحاها الآن, على ارض بلاده التي اصبح وياللفضيحة وزيراً للدفاع فيها, ليست ضد الشيوعية بل ضدّ الأرهاب الدولي. ذلك المتمثل بالتنظيمات الأسلامية المتطرفة الداعية الى القتل والذبح والسلخ وشرب الدماء.
والأكثر غرابة من كل هذاً ان احداً لم يستنكر او يستهجن ذلك التصريح او حتى ان يستفسر من سعادة الوزير عن فحوى تصريحه وماذا كان المقصود منه. ربما كان التصريح زلة لسان. فالسيد الوزير, كما تعرفون, ينتمي الى فئة العسكر الذين تربوا في عز رئيسهم القائد الضرورة الذي حرّم عليهم التدخل في الشأن السياسي. فأصبحوا اشبه بالأميين عندما يتعلق ذلك بالسياسة والتصريحات السياسية. الأمر الذي قد يبرر للسيد الوزير تصريحه الفضيحة.
أو ربما اختلطت الأمور في عراقنا الجديد على سعادته فبدأ يخلط بين الشيعة والشيوعيين. وهذا احتمال وارد نتجَ عن مجرد تشابه الأسماء لا اكثر ولا اقل.
ومن الممكن ان وزير دفاعنا الجديد يبغي من وراء تصريحٍ كهذا طمأنةِ التيار الأسلامي, بأحزابه التي وصل عددها الى نصف مليون حزب وميليشيا, من الشيعة والسنة, بأنه من جماعة ربعهم وانه لا يؤمن بمسخرة الليبرالية والديمقراطية التي يعيشها العراق الجديد. وأنه بدلاً من ان يقوم بتصفية الميليشيات التي سرقت كل شئ حتى حليب اطفال العراق الرضّع, فأنه سيقوم عاجلاً ام آجلاً بأعلان الحرب على الشيوعيين الذين سببوا كل هذه المشاكل في عراقنا الحبيب. فالشيوعيين هم سبب كل المصائب وينبغي الخلاص منهم فوراً كي يستريح الوطن ويسود الأمن والنظام. نقطة راس سطر.
لا نعتب على السيد الوزير ولا على الذي استوزره. بل نعتب على الحزب الشيوعي العراقي الذي سلّم لحيته هذه المرّة لنظام يعلن وعلى رؤوس الأشهاد بأنه سيقوم باقتلاعه من ارض العراق, متجاوزاً بذلك حتى نظام صدام حسين الذي قام بتصفية الشيوعيين من جوّه ليجوّه. واكتفى بعتاب اكثر من خجول على صفحات جريدته المركزية ولا ندري ان كان عتاباً للوزير نفسه ام للنظام الذي بدأ الشيوعيين يشعرون بانه ربما يهيأ لهم السكاكين والمراوح وقناني البيبسي لتعود حليمة الى عادتها القديمة.
أما كان الأجدر بالشيوعيين ان يخرجوا ليحرقوا وزارة الدفاع على رأس السيد الوزير ويثبتوا للعراقيين انهم قادرون على الدفاع عن انفسهم عند تعرضهم لأقل استفزاز؟
كيف للعراقيين ان يثقوا بحزب غير قادر على الدفاع عن نفسه؟ واذا كان هذا الحزب لا يستطيع الدفاع عن وجوده فكيف سيدافع عن جماهير الشعب العراقي؟
سؤال على الحزب الشيوعي العراقي ان يجيب عليه اذا ما اراد ان يشارك في صناعة تاريخ العراق في هذه المرحلة. لأن صناعة التاريخ لا تتمّ في المؤتمرات الحزبية بل في المواقف والردود الحازمة على ارض الواقع. واذا ما اراد ان يحافظَ على تاريخه الذي يفوق عُمر وزير الدفاع العراقي وعًمر ابيه. وعلى القطرة الأخيرة من الحياء التي ان سقطت فلن تعود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن