الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبادرةُ (الحزام والطريق) ربطُ العالم بالواقع

علي جاسم السواد

2020 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


العراق
آب- 2020
إذا كان الغرب قد تمكن من اكتشاف الشبكة العنكبوتية الإنترنت ،التي تمثل تحولاً تاريخياً على المستوى الافتراضي أشبعت رغبة العالم في العقود الأخيرة من القرن العشرين، فإن الرغبة المرحلية للعالم الآن تتشبث بمشاريع واقعية تنعكس بشكل إيجابي على النهوض الاقتصادي ،والعمراني وتحقيق رفاهية الشعوب، وتلك الرغبة تحركت مؤشرات بوصلتها باتجاه الصين ،التي أطلقت مبادرة اقتصادية واقعية عبر مبادرة (الحزام والطريق) العالمية.
هذا المشروع الجبار الذي يعدّ وريثاً شرعياً لطريق الحرير القديم ،الذي تم انشاؤه في القرن الثاني قبل الميلاد، يمثل هدفا جمعيا بخدم مصالح الدول التي يمر عبرها هذا الطريق الاستراتيجي من خلال ربط الصين بالعالم عبر أكبر مشاريع البنى التحتية على كوكب الأرض ،لأنه يتيح إنشاء مئات الموانئ ،وطرقات السكك الحديد ،والعديد من المناطق الصناعية ،والمراكز التجارية بما يرافقها من حركة تجارية هائلة في (126) دولة آسيوية وأوربية ومن أميركا الجنوبية ،فضلاً عن استثمار المئات من مليارات الدولارات.
مبادرة (الحزام والطريق) التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ العام 2013 تمثل أكبر تحالف عالمي على أسس اقتصادية وتجارية ،بعد أن حققت المبادرة استجابة دولية لم تشهدها أي تحالفات منذ انتهاء الحرب الباردة، ففي العقود الماضية كانت خطى دول العالم تتسارع صوب التحالفات العسكرية والسياسية ،خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبداية مرحلة صراع القطبين (الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي) ،التي زادت حدته وفق استراتيجية كسب الحلفاء بتقديم الدعم العسكري والثقل السياسي الدولي ،خاصة بين أروقة المنظمة الدولية، وبالنتيجة فإن جميع الدول الصغيرة التي بنت تحالفاتها على الأسس العسكرية ،ظلت مرهونة بمدى المساعدات والدعم العسكري ،ما جعل قرارها السياسي مرهوناً أيضاً بسياسة الدول الكبرى.
وباتت تلك التحالفات أكثر هشاشة بعد أن تخلت تلك الدول عن الكثير من حلفائها لتحقيق مصالحها، وهذا الأمر دفع أغلب الدول إلى تغيير تحالفاتها السياسية والعسكرية ،خاصة في مجال التعاقد على منظومات الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة.
ولكن المفهوم الدولي الاستراتيجي تغيير بطريقة مذهلة بعد إطلاق الصين لتلك المبادرة ،وبعد أن كشفت المعطيات التاريخية عن أن الرهان الاقتصادي والتنموي ،هو المكسب الحقيقي لديمومة التطور والتقدم، وهو ما دفع العديد من الدول خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب أمريكا من الاندفاع بقوة والاستجابة إلى مبادرة (الحزام والطريق) وإبرام اتفاقيات اقتصادية كبيرة مع الصين في مختلف المجالات التجارية والتنموية والعمرانية والاقتصادية، وهي اتفاقيات تضمن لتلك البلدان التطور والنمو بعيداً عن الانفاق المالي الكبير لشراء معدات وأجهزة عسكرية وأسلحة لا جدوى منها.
إن السياسة الاقتصادية الصينية الانفتاحية تمثل فرصة ثمينة لجميع دول العالم ،سواء من تمتلك اقتصادات قوية أو الدول النامية التي تحتاج إلى من يساعدها للنمو، وهو ما يجعل مبادرة (الحزام والطريق) مشروعاً نهضوياً يرفع من النمو الاقتصادي العالمي وفق شبكة واقعية ملموسة تحسها الشعوب من خلال مشاريع البنى التحتية والمشاريع الصناعية الكبيرة.
أضف إلى ذلك أن نجاح هذه المبادرة له آثار ليس اقتصادية فقط ،وإنما سيزيد من فرص القضاء التدريجي على التطرف العالمي من خلال ما يوفره من فرص العمل لملايين الشباب العاطل ،ما يؤدي إلى خلق بيئة عالمية مستقرة بعيداً عن الصراعات الفعلية على الأرض أو المغذيات المتطرفة عبر مواقع التواصل الافتراضية.
لذلك فإن هذا المشروع يعد المنفذ الاستراتيجي للعديد من دول العالم للتغلب على العقبات الاقتصادية ،التي جاءت حصيلة الصراعات والحروب الناتجة عن تحالفات عسكرية لا جدوى منها ،خاصة بعد أن بات الاقتصاد العالمي مهدداً بشكل كبير بسبب تفشي جائحة كورونا ،التي تعصف بالعالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع