الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل فلم صاحب المقام للكاتب ابراهيم عيسى

سامي القسيمي

2020 / 8 / 9
الادب والفن


يتناول فيلم "صاحب المقام" قصة يحيي، وهو رجل أعمال شاب يبني مجمعا سكنيا في أحد المناطق التي يتواجد بها مقام لشخص يدعى "سيدي هلال"، ويحذره أحد شركائه من هدم المقام، ولكنه لا يبالي ويقوم بالأمر، وبعد ذلك تبدأ حوادث سيئة، منها دخول زوجته في غيبوبة، فيبدأ في محاولة استرضاء الأولياء.

الفلم يناقش الخرافات ويوضح كيف أن المؤمن تسيطر عليه الأسطورة وطلب الشفاعة عند الأولياء الصالحين وهنا يخص المجتمع المصري والذين هم يؤمنون بالأولياء ويطلبون الشفاعة منهم لدرجة أنهم يكتبون معاناتهم وطلب الرضا والشفاء برسائل ويضعونها بالضريح كوسطاء تقربا إلى الله ليحقق امنياتهم!.

الفلم يحمل الكثير من الأفكار والرسائل ولكن سأتطرق لبعض المشاهد التي شدتني والتي تحتاج لتسليط الضوء عليها ولن أتطرق لبعض الجوانب الأخرى النقدية أوالفنية منها.

شخصية الممثل بيومي فؤاد التوأمان أحدهما أسمه "حليم" والآخر "حكيم" إشارة بأن حليم الإنسان المتأني الذي يستخدم عقله والآخر حكيم يعلم اكثر من غيره بماذا يفكر المتدينون والأهالي وهما العينان التي يرى من خلالهم "يحي".

الحوار الذي في بدايات الفلم عندما تناقشا التوأمان حليم وحكيم و"يحي" بأن لابد من هدم الضريح لبناء الكومباوند حيث أن السلفيين حاولوا فيما مضى أكثرمن مره هدمه ولكن الأهالي منعوهم من ذلك، إشارة بأن السلفيين يتسمون بالعنف والدعاية الكاذبة وهذا يتضح من اقتراحات حليم ليحي وممكن أن يتحولوا لذباب الكتروني لتنفيذ اجندتهم وذلك بوضع تعليقات وحملات بمواقع التواصل الإجتماعي أو السوشيال ميديا وعمل معركة بين البسطاء من كلا المذهبين عن طريق قادتهم الذي يأخذون المال ويحرضون فقرائهم للقتال ضد المذهب المختلف.

فكرة يحي ببناء مسجد مكان الضريح داخل الكومباوند لإرضاء الأهالي فرد عليه حكيم "بأن ذلك غير ممكن بسبب أن الناس العاديين والغلابة مش عينفع يدخلوه"، إشارة الى أن الهدف هنا مادي وليس ديني الى جانب أن المسجد سيكون فقط لأصحاب الكومباوند وليس مفتوحا لمن هب ودب إشارة أخرى بأنه ليس بيت الله وإنما مبنى لإرضاء الموروث الديني والتقاليد والحفاظ الصوري للمجتمع.

مشهد يحي عند قراءة الفاتحة والدعاء بالضريح وعند خروجه لم يجد "الجزمة" التي وضعها عند دخوله إشارة بأن المكان أو المسجد أو المقام ليس مكانا مقدسا فهو معرض للسرقة وليس محمي من الله فما بالك الأولياء.

إحضار يحي للمنشد إلى مكتبه ليس للإتعاظ والروحانيات وإنما هي كقصص ماقبل النوم أو موسيقى هادئة لتساعده لينام.

دخول يحي المسجد والضريح والكنيسة كلها إشارات بأن يحي غير متدين أو ملحد لأنه كان مشتتا لايعلم من يدعوا له هل إله المسلمين أم الصوفيين ام المسيحيين. وقد تكون إشارة من الكاتب بأن الديانات الابراهيمية التوحيدية كلها تدعو الى نفس الإله.

استبعد الكاتب اليهود كديانة ابراهيمية ثالثة حتى لايكون هناك لبس وتضارب ومنع ورقابة .. الخ. فهذا الاستبعاد سياسي بحت.

عندما سأل يحي صديقه المسيحي "إزاي أقرأ الفاتحة بالكنيسة، رد عليه: "لو حافظ البقرة اقراها" إشارة إلى النية وأن الإله واحد والاديان الإبراهيمية واحد ومكملة. وليس خطأ أو حرام من قراءة القرآن بالكنيسة أو الانجيل بالمسجد. وهذا امتداد للفكرة السابقة. وفكره أخرى بأن أصدقائه ومنهم صديقه المسيحي غير ملتزمين بالدين.

مشهد العاهرة "هنادي" التي تابت منذ ثلاثين سنة وموتها المفاجئ بمجرد أنها علمت أن الله أستجاب لها أخيرا ولتوبتها وعندما كان يبحث يحي عن السيدة هنادي وسأل أحد الباعة الدائمين في المنطقة عنها علقت أحد السيدات بعد ردها له عن عنوانها وقالت له "بس أنت جاي متأخر تلاتين سنة" – مع ابتسامة ساخرة، إشارة إلى أن المتدين لايتقبل توبة العاهرة رغم مرور سنوات طويلة ورغم أنها تابت توبة خالصة ودليل ذلك أن الناس يعرفونها بالحجة رغم أنها لم تحج أبدا. وتتضح الصورة أكثر أن رد السيدة ورغم أنها مؤمنه وهذا يظهر من خلال الحجاب ورد السلام وانها بعمر السيدة هنادي يعني كانت معاصرة لها ومن الطبقة الفقيرة المتدينة ولكن تعاليم دينها وقبول الانسان الآخر أو توبته مهما كانت غير موجود فعندما تمزج ثقافة الشارع والعرف والدين فسينتج كائن بحالات نفسية مستعصية تنعدم منها خلايا التفكير والحرية وتقبل الآخر والضمير والإنسانية.

الرسائل المكتوبة منها ماهو مهم ومنها ماهو خطر ومنها ماهو سخيف والأخير جسدت بشخصية "سعيد" فكان طلبه الزواج من الملاك الطاهر إيمان. فقط تحققت أمنيته ولكن رغم أنها تحققت ولكن يتمنى بأنها لم تكن ولم تتحقق والدليل أن سعيد قال "أنها كانت طيبة ونسمة وزي الفل ولكن بعد كده تحولت فبقت نكديه ومنانة وطلباتها كتير" .. الخ. ولايستطع تطليقها لأنه يحبها! فهي أصبحت كاللعنة لاتزول او من غير الممكن تجاوزها وممكن أن نسميها قدرا لأنها جاءت بتحقيق الأمنية من الوسيط الإمام الشافعي!

فلو تحققت أمنياتك أو لم تتحقق فلن يعيد مراجعته من قبل الله لا إيجابا ولاسلبا ولكن مع مرور الأيام تتحقق ماتنوي اليه وهذا ماوضحه صديق أبيه الممثل "محسن محي الدين" حينما سألة يحي "هل الرسائل للإمام الشافعي بتنحل؟" قال: "المشاكل مبتنحلش مسيرها تنتهي وبساعتها بتنحل".

يحي وحواره مع الممثل" محسن محي الدين " قال: "أنني لا اذكرك ولكن أذكر أن لي صورة مع والدي في هذا الجامع" إشارة أن ابيه لم يكن يهتم بتعليمه الدين والصلاة وتعاليم الدين فكأن ابيه كان علماني بصورة متدين ليحقق غاية أو هدف معين.

ويتضح من خلال الحوار أن شخصية الممثل "محسن محي الدين" وشغله السابق بوزارة الأوقاف أن والد يحي كان إنسان متدين ويعكس هنا قول "حكيم" فبداية الفلم عندما قال ليحي معاتبا "انت مش مثل ابوك .. إلى آخر الحوار"، التضاد هنا إشارة توضح بأن أبيه رجل كان يتعامل مع جميع الأديان والمذاهب دون تفرقة وذلك حتى يحقق غايته ويكسب الأموال وياخذ مايشاء برضاء الكل وهنا أبيه مثال للسلفي الوسطي من غير لحية.

رد "محسن محي الدين" على "يحي" عندما قال: " أنا مش فاكرك" فقال له: العقل مبيفتكرش ولكن القلب مابينساش إشارة الى أن الدين بالقلب ومسلم به وبديهي ولا يحتاج الى تفكير وعقلانية بمعنى آخر أؤمن بالوراثة ولا تفكر.

بالطبع الكاتب كان حريصا جدا بتناول الشخصية حتى لاتخرج من الإطار الديني وخصوصا في مشهد النهاية وحتى تمرره الرقابة فأنا اعتبر أن الكاتب كان موفقا بتوصيل الرسالة للعقلانيين أوالذين بقى فيهم ذرة للتفكير ليسمح لهم بالتفكير والتحرر من هذه الخرافات والأساطير.

باعتقادي بأن الكاتب توفق بايصال الفكرة للطبقة المثقفة الوسطى ولكن ليس للطبقة الفقيرة أو غيرالمثقفة مع أنها هي الهدف الأول. ولكن الإنسان البسيط الذي يؤمن بالخرافات والأساطير بمجرد مشاهدته بداية الفلم سيستاء ويغضب ولن تصل له الفكرة أبدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??