الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين في أدبيات الحزب الديموقراطي الاشتراكي بألمانيا . بين روزا لوكسمبرج وكاوتسكي

معاذ محمد

2020 / 8 / 10
الارشيف الماركسي


إن تحليل روزا لوكسمبورج للظاهرة الدينية ظل داخل إطار الرؤية المزدوجة التي حددتها الماركسية الكلاسيكية : " المعاناة الدينية هي في آن ، تعبير عن معاناة واقعية من جهة ، واحتجاج على المعاناة الواقعية من جهة أخرى " .

وإن كانت تحليلات كاوتسكي المتعمقة في تتبع الطابع الاحتجاجي للمسيحية البدائية في كتابه ( الدين والصراع الطبقي في المجتمع الشرقي العبودي القديم ) مقاربة لتلك النظرة ، فإن روزا قد استفادت علي نحو أدق من :

1- نقد ماركس لبرنامج " غوتا " الخاص بحزب العمال الديموقراطي الاشتراكي بألمانيا 1875 :
حيث يقول ( إن الحزب الألماني يطالب بأن يكون أساس الدولة الروحي والأخلاقي قائم علي حرية الاعتقاد .. لم يكن بالإمكان تحقيق هذه الرغبة إلا على النحو التالي : ينبغي أن يكون في وسع كل امرئ أن يلبي حاجاته الدينية والجسدية على السواء دون أن يحشر البوليس أنفه في الموضوع )

فماركس قد أدان حرية الاعتقاد البرجوازية التي لا تعني سوي التساهل مع جميع الأنواع الممكنة من المعتقدات الدينية التي تبشر بالجبن و الهوان والضعة " باختصار بكل مزايا الرعاع "

ويضيف : ( كان على الحزب أن ينتهز الفرصة ويعلن أنه بالعكس يسعى جاهداً إلى تحرير الضمائر من الأوهام والخرافات الدينية . ولكن بعضهم عندنا يمتنع عن تجاوز المستوى البرجوازي )

2- نقد إنجلز لبرنامج إرفورت - الذي وضعه كاوتسكي و برنشتاين - ومطالب الحزب الديموقراطي الاشتراكي في عام 1891 : فكان من ضمن المباديء التي طالب بها " إعلان أن الدين شأن خاص . وإلغاء جميع النفقات من الأموال العامة للأغراض الكنسية والدينية . واعتبار الجماعات الكنسية والدينية جمعيات خاصة تنظم شؤونها بشكل مستقل تمامًا "
ويقول إنجلز ضمن ما يجب أن يدرج كتلميح أو بشكل غير مباشر ( الفصل التام بين الكنيسة والدولة . تعامل الدولة جميع الطوائف الدينية دون استثناء على أنها جمعيات خاصة ، يجب حرمانهم من أي دعم من الأموال العامة ومن أي تأثير على التعليم العام . ولا يمكن منعهم من تشكيل مدارسهم الخاصة من أموالهم الخاصة لتعليم هرائهم فيها )
علي هذا فإن ثورية روزا كانت أكثر اتساقاً من الاتجاهات الاصلاحية و التحريفية في الحزب الديموقراطي الاشتراكي ، كما أن الرؤية الانتهازية لهؤلاء لم تحدد المسار المنضبط في التعامل مع الدين ورجاله .
فالطابع الاحتجاجي النقدي للمسيحيين الأوائل كما بينته الماركسية الكلاسيكية لم يؤثر في رؤيتها للتعتيم علي الصراع الطبقي الذي مارسه الدين في العصر الإقطاعي و الكنيسة الرأسمالية بعد ذلك ، ولكنه أثر في تلك الرؤي التحريفية فأبعدها عن التحرر السياسي من الدين بإقصائه من العام إلي الخاص ، وحصرها في النقد البورجوازي الذي يعبر عنه ماركس في " المسألة اليهودية " : ( لم يحرر الإنسان من الدين بل منحه الحرية الدينية )




وأخيراً فإن هذا المضمون الاجتماعي للدين اقتصر علي زمان محدد و طابع مجتمعي خاص ، وفي هذا تتفق روزا مع كلاً من إنجلز ولينين

- في وثيقة ( مشروع تبني العقيدة الشيوعية ) يجيب إنجلز عن سؤال : كيف سيتصرف النظام الشيوعي إزاء الأديان القائمة ؟ . قائلاً " إن جميع الأديان المعروفة حتي الاّن كانت تعبيراً عن مراحل من التطور التاريخي لشعوب منفردة أو مجموعات من الشعوب ، غير أن الشيوعية هي تلك المرحلة من التطور التاريخي التي تجعل كافة الأديان القائمة دونما أهمية وتلغيها "

- وفي ( نصوص حول الدين ) يقول لينين : " قد حدث في التاريخ أن استعار النضال الديموقراطي ونضال البروليتاريا شكل نضال فكرة دينية ، لكن هذا الأمر تواري منذ زمن طويل ، أما الاّن ، فكل دفاع أو تبرير لفكرة الإله حتي في أكثر أشكالها رهافة وصدقاً ، فإنها تبرير للرجعية "

- كما تقول روزا في ( الكنيسة والاشتراكية ) : " من يدعم المستغلين والمضطهدين ويحاول تكريس النظام المجتمعي المشين القائم اليوم ، هو عدو لدود للشعب ، سواء ارتدي جبة القسيس أم بزة الشرطي "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية