الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاجعة بيروت .. التحقيق الدولي بين القبول و الرفض (لا تصير حرامي ، لا تخاف من القاضي )

رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)

2020 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


واحدة من تداعيات الآنفجار المأساوي لمرفأ بيروت ، هي الجدل الحامي حول البت فيمن يجب ان يحقق في الكارثة ، اسبابها و نتائجها و الحقائق المرتبطة بها .. هل يجب ان يكون لبنانيا صرفا , ام دوليا من قبل اطراف عدة محايدة ، تمتلك الخبرة و مصداقية النتيجة والقرار..؟
المجتمع الدولي و انصار ثورة 17 تشرين الأول اللبنانية و غالبية القوى و الاحزاب السياسية مع اتجاه اجراء تحقيق دولي بغية الكشف عن الاسباب و المسببات و المتورطين فيها عمدا او اهمالا كل حسب درجة تورطه و مسؤوليته .. و مقابل هذا الاتجاه هناك من يرفضون التحقيق دوليا و يقود هذا الاتجاه حزب الله اللبناني و حلفائه من ضمن الطبقة السياسية اللبنانية و معهم رئيس الجمهورية ميشيل عون.
و حجة الرافضون هؤلاء هي ان التحقيق الدولي في الكارثة تعد انتهاكا للسيادة الوطنية اللبنانية .. !! وكأن التدخلات الايرانية السافرة ( عبر جسر حزب الله ) في كل كبيرة و صغيرة من الشأن اللبناني لا يعد انتهاكا للسيادة اللبنانية و انها نابعة من عمق و أصالة التراث الأجتماعي و الثقافي الوطني اللبناني ..!
و هكذا فالواضح من السجال اللبناني بخصوص الرفض و القبول ( لتحقيق دولي ) هو اتجاهين ، اتجاه يرى في مسألة القبول الوسيلة المضمونة لكشف الحقائق بعيدا هن الاهواء و تحالفات المصالح السياسية الخاضعة لضغوط و تأثيرات نفوذ اصحاب المصالح المحلية والأقليمية .. و اتجاه يرعبه انكشاف و انفضاح كامل عورة الفساد المتفشي في الكيان السياسي و الاداري في لبنان .
حبذا لوكانت مؤسسة الحكم في لبنان تحظى بما يكفي من ثقة الشعب بها كي تتمكن فعلا من انجاز تحقيق نزيه يرضي و يقنع بنتائجه الشارع اللبناني الساخط .. لكن الثقة هذه معدومة ليس على المستوى الشعبي اللبناني فقط بل و على المستوى الدولي ايضا . اذن كيف يمكن الثقة بنتائج تحقيق لجنة تحقيقية معينة من قبل حكومة فاقدة لثقة الجميع ؟

ما حدث كارثة لم تلم بلبنان فقط بل اصابت المنطقة برمتها و تأثيراتها ستظهر تباعا . و الكشف عن كل الغاز ماحدث امر ملح و يهم الجميع ، فكل الحقائق ذات الصلة بالفاجعة اللبنانية يجب ان تكشف و يعلن عنها داخل و خارج لبنان ..
اجل، فالمسألة اكبر من كونها لبنانية و من دون تحقيق دولي جدي فاعل ، قد تمتد بتداعياتها الى كافة الاتجاهات شرق اوسطيا و اقليميا و دوليا بسبب المناخ السياسي المضطرب في المنطقة اساسا و ماتمر بها من توترات و صراعات عرقية حساسة و نزعات فاشية و عنصرية و مذهبية مقيتة مشبعة بالتطرف و الارهاب ، تحركها احلام احياء امبراطوريات و خلافات بائدة في المنطقة.
من الحقائق التي يحاول حزب الله اللبناني و بلسان أمين عامها انكارها ، مسألة سيطرة حزبه و ميليشياه على مرفأ بيروت و بواباته ، و حكاية ( بوابة فاطمة ) في ميناء بيروت ، معروفة لدى القاصي و الداني و كيف انها كانت مخصصة بالكامل لحزب الله يدخلون و يخرجون منها كيفما و متى ما شاؤوا من دون حسيب و رقيب خلافا لكل الاعراف و البروتوكولات الجمركية و الأمنية المتبعة في كل موانيء العالم ، هذه البوابة كانت المدخل الى اهم المواقع حساسية في الميناء و منها مواقع العنابر و صومعة لبنان الوحيدة لخزن الغلال و بينها عنبر 12 الذي احتوى خزين نترات الآمونيوم المعروفة باستخداماتها كسماد زراعي و كمادة خطرة في صناعة المتفجرات باشكال و قدرات منوعة بالاضافة الى امكانية تصنيعه كوقود للصواريخ ..
الأتجاه السائد حتى الان في ما قيل و يقال حول مسببات الانفجار انه حدث عرضيا ( قضاء و قدرا ! ) بسبب حريق شب في احد العنابر و امتد الى العنبر 12 – مخرن نترات الامونيوم ..! و تسبب في الانفجار الكبير .. هنا لا اريد التطرق بالتفصيل الى ان المعروف عن استخدام بلورات نترات الامونيوم كمادة متفجرة تستوجب استخدام صاعق و مفجر لاحداث التفجير و هذا الاجراء هو المعمول به عادة في تفجيرالمقالع و فتح الطرق و غيرها من الامور . و لا بأس من القول ان الأنفجار نجم عن الحريق و حرارة لهيبه ، لكن كيف نشب هذا الحريق و ماهي اسباب اندلاعه و كيف و من اين امتد الى العنبر 12 ..؟
هل كان حريقا مفتعلا بفعل فاعل و بالحجم الذي لا يمكن السيطرة عليه في مرفأ دولي كبير كمرفأ بيروت الذي يعد واحدا من اهم عشرة مرافيء في حوض البحر الابيض المتوسط ، يفترض ان يتواجد فيه و ضمن ادارة مرافقه دائرة وفريق اطفاء بكامل تجهيزاته و على اهبة الاستعداد لمواجهة اي طاريءفي كل لحظة و و بحجم و امكانات يتناسبان مع سعة الميناء و مساحته ..!
حكاية الحريق هذه غامضة و مبهمة ، و مثل هذه الحرائق ( حرائق المخازن ) تثير دائما الشكوك و التساؤلات من قبيل ( ماذا يفعل سارق المخزن خصوصا اذا كان هو حامل مفاتيحها لإخفاء سرقته ؟ بالطبع يشعل فيها النيران .. هذه قاعدة معروفة لدى اغلب المحققين في قضايا حرائق المخازن . )
و ربطا بموضوع الحريق و الانفجار و كحقيقة ذات صلة بالموضوع اعلنت (الاستخبارات الروسية ) في تصريح رسمي يستند الى تأكيدات من خبراء في المواد المتفجرة و قدراتها التدميرية ، ان الكمية المتفجرة من مادة نترات الآمونيوم ليست ( 2.750) طن حسبما يذكر ، بل هي أقل من ذلك بكثير ، و تؤكد الوكالة و وفق تقدير خبراها ان الكمية المتفجرة لو كانت (2.750) طنا لكانت تدمر كامل مدينة بيروت و ضواحيها ، و اضافت الوكالة ان الكمية التي خزنت في البداية ( سنة 2013) كانت بالفعل (2.750) طنا ، لكن الظاهر ان كميات كبيرة من المخزون سرقت و حولت او بيعت لجهات اخرى و على الآغلب لاستخدامها كمتفجرات او وقود صواريخ قصيرة او متوسطة المدى .. و هنا ارى ضرورة في الاشارة الى ان مادة نترات الآمومنيوم كانت العنصر الاساسي في صناعة ما عرف بـ ( البراميل المتفجرة ) التي كان النظام السوري يسقطها من مروحيات الجيش السوري على الاهالي في البلدات و القرى الخارجة عن سيطرة النظام .
ان رفض اي طرف لاجراء تحقيق دولي بمشاركة عناصر لبنانية نظيفة في اسباب المأساة إن دل على شيء فهو يدل على خوف هذه الاطراف ان تكون واحدة من تداعيات هذا التحقيق انكشاف الكثير من الحقائق و الآدلة على تورطهم في الكثير الكثير من قضايا الفساد التي ادت الى ما آل اليه الحال اللبناني ، و يمكن القول و بإصرار ان الانفجار الكارثي لمرفأ بيروت ليس الا واحدة من نتائج هذا الفساد السياسي و الاداري المزمن الذي ينخر بلا رحمة في كيان المجتمع اللبناني ..
نعم ، ان موقف الرافضون للتحقيق الدولي يأتي و بكل تأكيد من رعبهم من انفضاح ماتبقى مستورا من سيرتهم السياسية المخزية ، و رفضهم هذا يذكر المرء بالمثل الشعبي القائل :
( لاتصير حرامي ، لا تخاف من القاضي ) ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا